الخميس، 17 ديسمبر 2009

حوار يصعب عقده ويستحيل نجاحه

وجه الرئيس علي عبد الله صالح منتصف الأسبوع الحالي رسالة الى مجلس الشورى الذي يعين هو شخصيا اعضائه جاء فيها: "استشعاراً بالمسؤولية الوطنية واستجابة لكافة الدعوات المقدمة من القوى الخيرة في المجتمع، ونظراً لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا؛ فإننا ندعو إلى حوار وطني جاد ومسؤول بين كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني يوم 26 ديسمبر 2009 حول كافة القضايا التي تهم الوطن تحت سقف الشرعية الدستورية والالتزام بالثوابت الوطنية، وذلك بما يحقق اصطفافا وطنيا واسعا إزاء مجمل القضايا المطروحة على الساحة الوطنية، وتنفيذا لذلك يتم إجراء الحوار تحت قبة مجلس الشورى". ودعا فخامة الرئيس في رسالته، أعضاء مجلس الشورى، والأحزاب والتنظيمات السياسية المسجلة في لجنة شؤون الأحزاب، بحيث يمثل كل حزب رئيسه والشخص الثاني في الحزب، واثنتان وعشرون شخصية من العلماء يتم اختيارهم من جمعية علماء اليمن، ورؤساء الكتل البرلمانية والمقررون، والمسؤول الأول من كل منظمة من منظمات المجتمع المدني الفاعلة، واثنتان وعشرون شخصية من المشايخ والشخصيات الاجتماعية، وأمناء عموم المجالس المحلية في محافظات الجمهورية إلى المشاركة في الحوار" (انظر صحيفة السياسية في 15 ديسمبر 2009).

لكن الحوار الذي تم الدعوة اليه يبدو غامض الأهداف والقضايا ويفتقر الى الشروط الكفيلة بنجاح عقده، وبنجاحه اذا عقد بالفعل. ولعل أهم المشكلات المتصلة بدعوة الرئيس للحوار تتمثل في الاتي:

أولا، كان يفترض ان تاتي الدعوة الى الحوار بعد تشاور واسع مع القوى السياسية حول الأهداف والاليات والكيفية التي يتم من خلالها منح التمثيل للقوى السياسية على الساحة. لكن ما حدث هو ان الدعوة الى الحوار الوطني قد جاءت كما يقول الإعلامي اليمني عبد الله الحرازي، "من مجلس الدفاع الوطني" وهومجلس عسكري يفترض ان يبقى بعيدا عن السياسة الا اذا كان المقصود توجيه رسالة الى القوى السياسية على الساحة. ويتفق المحامي فيصل الخليفي رئيس منظمة نسكو لمحاربة الفساد في الراي مع الحرازي متسائلا "ما فائدة حوار يفرض فيه القوي رأيَه وقوته على الآخرين؟" ثم يجيب على سؤله مؤكدا "إن هذا مما يُؤجِّجُ نارَ العنف والعداوة بين المتحاورين" وكبديل لحوار الفتنة يدعو الخليفي الى "الحوار الذي يكون بالتي هي أحسن" و "أن يكون الحوارُ بعد الاتفاق على الأصول، ثم الفروع؛ لأن الحوار في الفروع قبل الاقتناع بالأصول ضياع للوقت."

ثانيا، اختيار الرئيس لمجلس الشورى ليكون مظلة للحوار، وان كان لا يخلو من ذكاء غريزي، الإ انه يجعل احتمال عقد الحوار ضعيفا واحتمال نجاح الحوار ان تم اكثر ضعفا. لقد كان بامكان الرئيس، كما يقترح الصحافي فواز منصر، اختيار مجلس النواب على اعتبار ان الأخير يتمتع ببعض الإستقلالية عن الرئيس ويمكنه ان يمرر ما يتم الإتفاق عليه على شكل قوانين ملزمة للجميع. ويبدو ان اختيار الرئيس لمجلس الشورى ينبع من رغبته بالسيطرة على الحوار من الفه الى يائه. فما سيتم التوصل اليه في النهاية ان اتيح لحوار فاقد الشروط النجاح ان يعقد، سيكون ذا طابع غير الزامي. وما دام الحوار سيجري، كما يقول الحرازي، "تحت قبة للأموات لا تختلف عن قبة المهدي الا بطهارة الأخيرة باعتبارها مسجد"، فانه لا امل مطلقا في تحقيق تقدم. ويتساءل الحرازي "هل سيكون الحوار لقراءة ياسين على البلاد؟؟" لكن الأكاديمي اليمني عادل الربيعي لا يرى مشكلة في عقد الحوار تحت قبة مجلس الشورى على اعتبار ان المجلس وان كان معينا فانه يعكس تمثيلا وطنيا. ويمكن الإضافة بان مجلس الشورى لا ينقصه الكفاءة بقدر ما ينقصه الفرصة للعب دور على الساحة الوطنية.

ثالثا، يعقد الحوار في ظل احتدام الحرب الدائرة في صعدة وهو ما يقلل من فرص نجاحه. و مع ان الحرازي يعتقد انه اذا صدقت النوايا "يمكن الحوار في ظل جهنم الحمراء وليس فقط في ظل الحرب" الإ ان ملابسات الدعوة الى الحوار تشير الى غياب النوايا الحسنة ايضا.

رابعا، مهما تفائل الإنسان فان اقصى ما يمكن للحوار المنتظر تحقيقه هو كما يقول الإعلامي العاطل عن العمل زيد السلامي "استهلاك" المزيد من الوقت في حين، والحديث ما زال للسلامي "ان البلاد تسير الى الهاوية والفاسدين لم يصحوا بعد من غفلتهم ..صعدة سقطت بيد الحوثي، وسيادة الدولة انتهكت، وابين سقطت بيد الفضلي وخالد عبد النبي والضالع ويافع وردفان ولحج لا وجود للدولة فيها وفوق المؤسسات الحكومية يرفرف علم دولة اليمن الديمقراطية الشعبية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق