الاثنين، 29 يوليو 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية (غير مسلسل 17)



بعد مذبحة جنود الإمارات في معسكر صافر بمحافظة مآرب اليمنية في الجمعة الأولى من  شهر سبتمبر (جمعة 4 سبتمبر 2015)، وبعد يوم واحد من إقالة سعد الجبري وزير الدولة المسئول عن ملف استخبارات اليمن (10 سبتمبر 2015)، كانت السعودية على موعد مع جمعة أخرى، لا تقل سخونة عن سابقتها (جمعة 11 سبتمبر 2015).  كانت الجمعة الثانية من سبتمبر في ذلك العام تصادف أيضا الذكرى الـ14 لهجمات الـ11 من سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والتي نفذها 19 إرهابيا 15 منهم يحملون الجنسية السعودية. 

سقوط الرافعة   

أعلن قبل غروب شمس يوم الجمعة الـ28 من شهر ذي القعدة 1436 هـ، والموافق الـ11 من سبتمبر 2015، سقوط إحدى الرافعات العاملة في الجهة الشرقية من الحرم على رؤوس الحجاج. كانت الرافعة تعمل ضمن مشروع توسعة الحرم الذي تنفذه شركة بن لادن. وقد أدى سقوطها، رغم تباين وسائل الإعلام حول العدد الفعلي، إلى مقتل 111 حاجا بموجب احد التقديرات، وجرح 238 حاجا آخرين.

وبالطبع، فإن العدد النهائي للضحايا والجرحى، وهم من الحجاج الذين وصلوا مبكرين، لم يعلن في ساعتها ولحظتها ولكن تم الوصول إليه بالتدريج كما يحدث عادة في مثل هذه الحالات. وقد أثار سقوط الرافعة العديد من الأسئلة للأسباب التالية:


أولا، أن زمن سقوط الرافعة ورغم تباين التقارير في تحديده قد حدث تقريبا في الوقت ذاته الذي وقعت فيه الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، إذا ما أُخذ في الاعتبار فارق التوقيت بين نيويورك ومكة المكرمة.

ثانيا، وقع سقوط الرافعة في الحرم المكي في ذات اليوم الذي وقعت فيه هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 الإرهابية، وإن اختلفت الأعوام.

ثالثا، مثلت العلامة التجارية المميزة "بن لادن" قاسما مشتركا بين الحادثتين، وذلك لكون الرافعة مملوكة لمجموعة "بن لادن" والتي يفترض أن أسرة "بن لادن" التي ينتمي إليها أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة الإرهابي والذي تقول السعودية والولايات المتحدة بأنه العقل المدبر لهجمات الـ11 من سبتمبر 2001، هي المالك والمسير للمجموعة.

كما مثلت الماركة أيضا قاسما مشتركا بين الحادثتين وحادثة ثالثة وقعت في نوفمبر 1979، وهي قيام جهيمان العتيبي والمئات من أتباعه باستغلال أعمال التوسعة في الحرم المكي والتي تنفذها شركة "بن لادن" لإدخال أسلحة تم توظيفها فيما بعد في الاستيلاء على الحرم ومقاومة رجال الأمن لمدة أسبوعين قتل خلالها المئات، وربما الآلاف، من قوات الأمن والمعتمرين وأتباع جهيمان.   
    
رابعا، لم يخل حادث سقوط الرافعة التي وصفت بأنها اكبر وأضخم رافعة حديدية على مستوى الشرق الأوسط، ولا يوجد منها سوى نسختين في العالم، من تشابه مع سقوط برجي مركز التجارة العالمي. ففي الحالتين كان هناك مسألة الارتفاع والسقوط. وكما أن برجي مركز التجارة العالمي كانا الأطول في أمريكا والعالم لفترة، فقد كانت الرافعة هي الأكبر في الشرق الأوسط. ويعد المسجد الحرام الأكبر في العالم وأعظم مسجد في الإسلام.

وفي الحالتين هناك قدرا كبيرا من الرمزية. فكما أن برجي مركز التجارة عدا رمزا للهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم، فإن الحرم المكي مثل رمزا للمكانة الدينية للمملكة ولهيمنتها الروحية على العالم الإسلامي. ويكفي القول أن المسلمين يتخذون المسجد الحرام قبلة لهم عند الصلاة. وإذا كان استهداف برجي التجارة قد أريد منه استهداف القوة الاقتصادية لأمريكا، فإن سقوط الرافعة قد أريد منه بشكل أو بآخر استهداف المكانة الدينية والروحية للسعودية بين المسلمين.

خامسا،  رغم اختلاف وسائل الإعلام حول أرقام ضحايا حادثة الرافعة، فقد لوحظ أنها دائما اقتربت من عدد الأدوار في احد البرجين. فالرقم 107 مثلا والذي تكرر كثيرا في التقارير يقل بـ3 فقط عن عدد الأدوار في كل برج والبالغ 110 أدوار. ثم أن الرقم 111 مثلا والذي يقرأ 11 من اليمين ومن اليسار أو من الوسط لا يزيد عن عدد الأدوار في البرج الواحد وهو 110 سوى بواحد ناهيك بالطبع عن أنه يحاول التذكير بما حدث في عام 2001 بطريقة تخلو حتى من اللياقة.  
فريق الملك

أظهرت طريقة التعامل مع حادثة سقوط الرافعة وجود انقسام واضح في فريق الملك سلمان إلى معسكرين على الأقل باتجاهين مختلفين: فريق الديوان الملكي بقيادة سلمان ونجله ومستشاريهم؛ وفريق الدولة الأمنية العميقة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن نايف. وفيما يتصل بالفريق الأول، فقد سارع الملك سلمان، كما هو ديدن آل سعود دائما عندما يقعون في مأزق، إلى إلقاء النقود على جثث الموتى وجروح المصابين. فقد وجه الملك في هذه الحالة بالذات بصرف مليون ريال سعودي (حوالي ربع مليون دولار أمريكي) لأقارب كل متوفي، ولكل معاق بشكل دائم، ونصف مليون ريال سعودي (حوالي 125 ألف دولار أمريكي) لكل واحد من المصابين الآخرين.  كما وجه الملك أيضا باستضافة اثنين من ذوي كل متوفي من الحجاج القادمين من الخارج في العام القادم، وكذلك المصابين الذين لم يتمكنوا من استكمال مناسك الحج لهذا العام.
  
واتخذ الملك ثلاثة إجراءات بحق "مجموعة بن لادن" المنفذة لمشروع التوسعة تمثل أولها في منع سفر جميع أعضاء مجلس إدارة مجموعة بن لادن، والمهندس بكر بن محمد بن لادن، وكبار المسئولين التنفيذيين في المجموعة و"غيرهم ممن لهم صلة بالمشروع" وذلك حتى يتم الانتهاء من التحقيقات وصدور الأحكام القضائية. ونص الإجراء الثاني على منع الشركة من الدخول في أي منافسات أو مشاريع جديدة حتى انتهاء التحقيق وصدور الأحكام. وكلف الملك بموجب الإجراء الثالث، وزارة المالية والجهات المعنية بمراجعة جميع المشاريع الحكومية التي تنفذها المجموعة، والتأكد من التزامها في جميع تلك المشاريع بأنظمة السلامة.

فريق الدولة الأمنية

تبنى فريق الدولة الأمنية العميقة الذي كان يعرف جيدا ماذا يعني حدوث مثل هذه الأمور وكيف ينبغي التعامل معها عندما تحدث إلى تبني إستراتيجية تركز على الخروج بأقل الأضرار للدولة وأجهزتها الأمنية من جهة، ولشركة بن لادن ذاتها من جهة ثانية. وقد سارع هذا الفريق بإلقاء المسئولية في سقوط الرافعة منذ اللحظة الأولى وقبل أن يبدأ أي تحقيق، على ثالوث "العواصف الشديدة والرياح القوية والأمطار الغزيرة." وجاء في بيان صدر بعد الحادثة مباشرة باسم رئاسة الحرم المكي والمسجد النبوي مثلا ما يلي:

"إنه في تمام الساعة الخامسة وعشر دقائق من عصر الجمعة، ونتيجة للعواصف الشديدة والرياح القوية والأمطار الغزيرة والحالة الجوية على العاصمة المقدسة سقط جزء من إحدى الرافعات بالمسجد الحرام على جزء من المسعى بالمسجد الحرام والطواف."

وكما أن الأوامر بالتحقيق لم تمنع الإعلان اليقيني مقدما عن سبب السقوط، فإن الإعلان اليقيني عن سبب السقوط من قبل رئاسة الحرم أو حتى الدفاع المدني لم يمنع من استمرار التحقيق رغم التناقض الواضح بين التوجهين.  ومع أن الملك وجه، وهو يعلن التعويضات المقدمة منه شخصيا، بأن لا يحرم ذوي المتوفين والمصابين من المطالبة بـ"الحق الخاص قضائيا" بعد انتهاء التحقيقات، إلا أن المسارعة إلى نفي الشبهة الجنائية وتحميل ترويكا "العواصف الشديدة، والرياح القوية، والأمطار الغزيرة" المسئولية حتى قبل أن يبدأ التحقيق، كان يعني عمليا أن الملف قد تم إغلاقه.
   
ردود الفعل

بحسب البروتوكول الذي كان متبعا حينها في السعودية، فقد سارع  الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والدكتور شوقي علام، مفتي مصر إلى نعي ضحايا الرافعة، وتقديم أحر التعازي إلى أسر الضحايا وإلى خادم الحرمين الشريفين والمملكة العربية السعودية والأمة الإسلامية جمعاء، ودعا ثلاثتهم الباري عز وجل بأن يحتسب ضحايا الرافعة بين الشهداء.

وفيما يخص قرار التعويضات، فقد انتقدت الصحفية فريدة النقاش رئيسة تحرير صحيفة الأهالي المصرية، لسان حال التجمع اليساري في مصر، طريقة المقايضة التي اتبعها السعوديون عبر وسائل الإعلام وقبل أن يتم الانتهاء من التحقيقات، مؤكدة كما نقل عنها، بأنه "ليس هناك ما يعوض أسرة أو زوجة أو أطفالا عن هذا الموت المفجع لأهاليهم." وكان بإمكان الصحفية النقاش أن تنتقد كذلك أسلوب القفز إلى نتائج حتى قبل حتى أن تبدأ التحقيقات، لكنها إما لم تفعل أو أنها فعلت لكن لم ينقل عنها ذلك.   

وانتهت التحقيقات وفقا لما أوردته وسائل إعلامية سعودية إلى ما يلي:

"أن السبب الرئيسي للحادثة هو تعرض الرافعة لرياح قوية بينما هي في وضعية خاطئة، وأن وضعية الرافعة تعتبر مخالفة لتعليمات التشغيل المعدة من المصنع، التي تنص على إنزال الذراع الرئيسية عند عدم الاستخدام، أو عند هبوب الرياح، ومن الخطأ أن تبقى مرفوعة، إضافة إلى عدم تفعيل واتباع أنظمة السلامة في الأعمال التشغيلية، وعدم تطبيق مسئولي السلامة التعليمات الموجودة بكتيب تشغيلها، يُضاف إلى ذلك ضعف التواصل والمتابعة من مسئولي السلامة بالمشروع لأحوال الطقس، وتنبيهات رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، وعدم وجود قياس لسرعة الرياح عند إطفاء الرافعة، إضافة إلى عدم التجاوب مع عدد من خطابات الجهات المعنية بمراجعة أوضاع الرافعات، خصوصاً الرافعة التي سببت الحادثة."

وكانت هذه النتائج هي بالضبط ما حاول فريق الدولة الأمنية تجنب الوصول إليه لما يمكن أن يكون له من تأثير سلبي على الدولة والأسرة الحاكمة، لكن ما دام الملك وفريقه قد أصروا على الوصول إلى نتائج، فقد حصلوا على ما أرادوا. والغريب أنه تم التوصل إلى تلك النتائج كلها خلال ساعات ودون أن يضطر أحد إلى مغادرة المكان الذي يجلس عليه. ولم تنتج قناة الجزيرة بعد برنامجا عن الحادثة، لكنه من المؤكد أنها ستفعل ذلك في الوقت المناسب.   

الأحد، 14 يوليو 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 16)

في يوم الخميس الثالث من سبتمبر 2015، غادر الملك سلمان ونجله محمد ولي-ولي العهد وزير الدفاع المملكة المغربية حيث كان ملك السعودية يقضي أجازته السنوية متوجهين إلى الولايات المتحدة الأمريكية  في أول زيارة رسمية  يقوم بها الملك منذ توليه السلطة. وجاءت الزيارة بعد أن قام ملك السعودية بابعاد الكثير من المحسوبين على سلفه الملك عبد الله ومعظمهم كانوا مقربين من الإدارة الأمريكية.

وذكرت تقارير إعلامية نشرت قبل الزيارة وأثنائها بان الملك سلمان سيعقد لقاء قمة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتناول العديد من الملفات وفي مقدمتها  ملف الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وسبل تفعيل مقررات قمة "كامب ديفيد" الأمريكية الخليجية التي  عقدت في مايو 2015، وتخلف الملك سلمان حينها عن حضورها، وملفات اليمن وسوريا والحرب على القاعدة وداعش.



وقد أستأجر السعوديون، كما ذكرت وسائل إعلامية فندق الفور سيزونز في جورج تاون (احد أحياء العاصمة الأمريكية واشنطن)، بالكامل قبل وصول الملك ليكون مقرا لأقامته، وأعادوا تجديد الديكور ونشروا السجاد الأحمر في كل مكان وأضفوا مسحة ذهبية على كل شيء بما في ذلك المرايا ومعالق القبعات.

وفي حين حرص أوباما على أن تتم زيارة الملك سلمان قبل أن يبدأ  الكونجرس في مناقشة الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع إيران، فقد ذكرت تقارير أن اوباما كان قد حشد بحلول الـ3 من سبتمبر 2015 دعم 38 عضوا في مجلس الشيوخ ما يعني أن تعبير السعوديين عن شكوكهم حول الاتفاق في الجلسات الخاصة أو العامة لم يعد يحمل الكثير من الأهمية.

وفي يوم الجمعة 4 سبتمبر 2015، وقبل ساعات فقط من استقبال الرئيس أوباما للملك سلمان ونجله محمد في البيت الأبيض لإقناعهم بأهمية الاتفاق النووي الذي أبرمته دول الخمسة زائدا واحد مع إيران، توالت الأنباء السيئة من أرض المعركة على ساكني فندق الفور سيزونز الواحد تلو الآخر.

مذبحة الإماراتيين

بدأ يوم الجمعة الـ4 من سبتمبر 2015 بإطلاق أطراف الداخل في اليمن صاروخا روسيا ارض-ارض من نوع توشكا على معسكر صافر بمحافظة مآرب والذي كان قد جهز حديثا لاستقبال قوات التحالف والقوات اليمنية الدائرة في فلكها، ويبدو أن الصاروخ قد أصاب مخزنا للأسلحة داخل المعسكر مما أدى إلى تفجرها. وقد قتل نتيجة ذلك العشرات من جنود حكومة المنفى ودول التحالف، واحرقت عشرات الآليات وعدد من طائرات الاباتشي.

وأعلنت رئاسة هيئة الأركان العامة في حكومة المنفى في البداية مقتل 33 جنديا يمنيا وإماراتيا في المعسكر نتيجة  انفجارات في مخزن للسلاح، فيما أعلنت الإمارات العربية المتحدة بشكل أولي مقتل 22 من جنودها بصاروخ ارض-ارض، ثم قامت بعد ذلك برفع عدد  القتلى إلى 44 جنديا، ولم تكن تلك هي الحصيلة النهائية. وكان مقتل أكثر من 50 جنديا إماراتيا يمثل أكبر صفعة تلقتها الإمارات في تاريخها، لكن مقتل ذلك العدد لم يحدث خللا سكانيا في النهاية، كما توقع البعض.

وفيما تضاربت الأنباء بشأن الكيفية التي قتل بها هذا العدد الكبير من الجنود، فقد سارع البرلمان العربي إلى نعي الجنود الإماراتيين الذين سقطوا في الهجوم في حين انه لم يكن حتى ذلك اليوم قد نعى الآلاف من المدنيين اليمنيين الذين قتلوا ظلما وعدوانا، وأتصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بنظيره الإماراتي للتعزية، وكأن الجنود كانوا في رحلة سياحية إلى مدينة مآرب، وأعلن الأردن، بحكم علاقة النسب التي تجمعه بالإماراتيين، وقوفه إلى جانب الإمارات وتضامنه معها.  

وأعلنت الإمارات الحداد لمدة ثلاثة أيام، وأكدت أنها ستواصل ما وصفته بـ"دعم الشرعية" في اليمن رغم ما حدث، ومهما كان الثمن. وغرد محمد بن زايد ولي عهد ابو ظبي على تويتر قائلا "إن أبناء الإمارات ماضون في إزاحة الظلم والضيم عن إخوانهم في اليمن." وكان من الغريب أن يتحدث واحدا من عيال زايد عن إزاحة الظلم والضيم عن اليمنيين في حين أن تاريخهم كأسرة حاكمة يعج بالظلم والانتهاكات وباستغلال العمال الفقراء وقتلهم وتعذيبهم أحيانا حتى الموت.

لكن ما أعلنته الإمارات يومها شيء وما مارسته بعدها شيء آخر. فقد جاءت مذبحة الجنود الإماراتيين تحديدا في وقت كثر فيه الحديث عن خلافات سعودية إماراتية، ناهيك بالطبع عن خلافات الإمارات مع الإخوان المسلمين ومع دولة قطر. ولذلك أخذت الأطراف التي يفترض أنها تحارب في جبهة واحدة تتبادل التهم فيما بينها، وتلقي كل منها اللوم على الأخرى. وظن عيال زيد أن مقتل 50 من جنودهم يجعلهم أصحاب "مظلومية" ويعطيهم الحق في إدارة الأطراف اليمنية وخصوصا حكومة المنفى. ولما لم يبالي احد بتوقعاتهم، فقد شكوا في الجميع وحقدوا على الجميع بما في ذلك الرئيس اليمني السابق، وعملوا على الانتقام من الجميع.

وتؤكد مصادر أن محمد بن زايد اسر إلى بعض خلصائه بعد صعود بن سلمان إلى ولاية العهد أنه سيحول مدينة مآرب طال الزمن أو قصر إلى مقبرة للإخوان المسلمين في اليمن تماما مثلما حول حافظ الأسد مدينة "حماة" إلى مقبرة لإخوان سوريا في مطلع ثمانينيات القرن الماضي.   

مقتل سعوديين وبحرينيين

أعلنت أطراف الداخل اليمني في ذات اليوم القضاء على 16 من جنود العدو السعودي في كمين بالقرب من موقع مشعل الحدودي في السعودية. وقد أعلنت البحرين يومها مقتل 5 من جنودها على الحدود الجنوبية مع السعودية، بينما ذكرت إذاعة الرياض وبما يناقض الرواية البحرينية، بأن 5 من الجنود البحرينيين و10 من الجنود السعوديين قتلوا في محافظة مآرب اليمنية نتيجة، وهذا على خلاف الرواية الإماراتية، انفجار في مخزن للأسلحة يجري التحقيق في أسباب حدوثه. وأكدت الرواية البحرينية، التي من الواضح أنها كانت الرواية الصحيحة بحكم أن البحرين لم ترسل أي جنود إلى اليمن منذ بداية الحرب وحتى الآن، رواية أطراف الداخل بشأن الكمين الذي نفذوه بالقرب من موقع مشعل الحدودي.     

اقتحام الجعملاني
 
حققت قوات الجيش واللجان الشعبية (القوات الموالية لأطراف الداخل) في يوم 4 سبتمبر 2015 انتصارا ثالثا تمثل في اقتحام  معسكر الجعملاني في مديرية مكيراس بمحافظة البيضاء وإصابة واسر العديد من المقاتلين الموالين للتحالف. وقالت "وكالة يقين" التابعة للحوثيين (أنصار الله) أنه تم قتل 30 ممن وصفتهم بـ"الإرهابيين" واسر 10.  وكانت مواقع قد ذكرت في الـ2 من سبتمبر، أن القوات الموالية لأطراف الداخل قد تقدمت نحو معسكر الجعملاني شرق مديرية مكيراس من محورين وأن القوات الموالية للتحالف حاولت الالتفاف عليها، إلا أنها تصدت لتلك القوات وألحقت بها خسائر فادحة مما اضطرها إلى التراجع.

وانتهت قمة واشنطن بين ملك السعودية ونجله من جهة، والرئيس الأمريكي من جهة أخرى والتي ناقشت الاتفاق النووي مع إيران  والعديد من الملفات الأخرى باحتفاء إعلامي وتأكيد على تجديد التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية. ودعا العاهل السعودي  الرئيس الأمريكي أوباما إلى زيارة السعودية خلال عام 2016  لوضع اللمسات الأخيرة على الإستراتيجية التحالفية الجديدة بين السعودية والولايات المتحدة للقرن الواحد والعشرين.  ولوحظ أن الملك سلمان، وعلى عكس الدعايات والشائعات قد ظهر في الملاحظات التي أدلى بها الزعيمان بكامل قواه العقلية وفي غاية التركيز. كما أنه استقبل على هامش الزيارة في فندق الفور سيزونز اثنين من رؤوسا أمريكا السابقين وهم الجمهوري جورج دبليو بوش (بوش الأبن)، والديمقراطي بيل كلينتون.

وأشار البيان الصادر عن القمة بين الزعيمين، وهذا أهم ما فيه بالنسبة لأوباما، إلى أن السعودية تدعم الاتفاق النووي مع إيران. وكان هذا الموقف يقوي بشكل أو بآخر موقف الرئيس أوباما في مواجهة الكونجرس حتى وأن كان قد سرب قبل لقاء القمة بأنه قد ضمن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ إلى جانبه مما يجعله قادرا على تعطيل أي اعتراض يبديه الكونجرس على الاتفاق.

وبالنسبة للملف اليمني فلم يظهر الجانبان أي تناقض في المواقف. وتضمن البيان الصادر عن القمة،  فيما يتصل بالحرب على اليمن، ما يمكن اعتباره النواة التي بني عليها اتفاق ستوكهولم الذي سيتم توقيعه في نهاية عام 2018:

"وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان على ضرورة الوصول إلى حل سياسي في إطار المبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 وابداء الزعيمان قلقهما من الوضع الانساني في اليمن، واكد خادم الحرمين الشريفين التزام المملكة العربية السعودية بتقديم المساعدة للشعب اليمني والعمل مع أعضاء التحالف والشركاء الدوليين بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للسماح بوصول المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة وشركائها بما في ذلك الوقود للمتضررين في اليمن والعمل على فتح الموانئ اليمنية على البحر الأحمر لتشغيلها تحت إشراف الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الواردة من الأمم المتحدة وشركائها، ووافق الزعيمان على دعم ومساندة الجهود الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة."

وبينما توجه رئيس حكومة المنفى هادي من مقر إقامته في الرياض في يوم 5 سبتمبر     2015 إلى ابو ظبي لتقديم واجب العزاء، فقد أعفى الملك سلمان في 10 سبتمبر سعد بن خالد الجبري من موقعه كوزير دولة، وهو الموقع الذي عين فيه  في 24  يناير من ذات العام. وذكر المغرد السعودي الشهير مجتهد أن الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي في ذلك الوقت، كان يعتمد على الجبري في تسيير 80% من أعمال وزارة الداخلية، وأن الجبري كان مسئولا عن ملف الاستخبارات فيما يخص اليمن.  

الثلاثاء، 9 يوليو 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 15)



في ظل تنامي أزمة النازحين السوريين وأزمة اللجوء بشكل عام وبلوغ الحملة الإعلامية حول اللاجئين السوريين ذروتها في مطلع شهر سبتمبر 2015 ، وجهت بعض وسائل الإعلام سهام اللوم بشأن مآسي اللاجئين السوريين إلى السعودية ودول الخليج ليس فقط لأنها دول غنية، بل أيضا لأنها لعبت أدوارا هامة في ظهور واستمرار الصراعات في المنطقة. وفي سياق هذا التأطير الإعلامي للمأساة (إلقاء اللوم على السعودية ودول الخليج)،   كتب الصحفي البريطاني من أصل فلسطيني عبد الباري عطوان على موقع "رأي اليوم" الذي يرأس تحريره:

"انهار من الحبر والدموع تتدفق هذه الأيام تباكيا على مأساة اللاجئين السوريين الذين يركبون البحر والشاحنات المبردة بحثا عن البقاء، وليس حياة كريمة، بعد أن تآمرت قوى عديدة، داخلية وخارجية، بحسن نية أو سوئها، على تدمير بلادهم، وقتل مئات الآلاف منهم.
المفارقة الكبرى أن الدول العربية، والخليجية منها بالذات، التي صدعت رؤوسنا عبر إمبراطورياتها الإعلامية والتلفزيونية الجبارة بدعمها للشعب السوري، وحرصها على تحريره من الطاغية، وتوفير الاستقرار والرخاء له، وتنفق مليارات الدولارات على تسليح معارضته، هذه الدول لم تستقبل لاجئا سوريا واحدا، وأغلقت حدودها في وجههم، وأشاحت بوجهها إلى الناحية الأخرى."  


وبعد أن يقارن بين مواقف الدول العربية المعدمة والدول الأوروبية الكافرة التي يرى أنها تفتح أبوابها للاجئين السوريين من جهة، وبين مواقف الدول الخليجية المتخمة والتي يؤمن حكامها وشعوبها بالإسلام، وتغلق أبوابها أمام النازحين السوريين، من جهة ثانية، يتوقف  عطوان عند ما حدث للنازحين في مخيم الزعتري في الأردن، فيقول:

"من زار مخيم الزعتري في الأردن في بداية أزمة تدفق المهاجرين السوريين عبر الحدود بحثا عن الأمان من القصف، سمع قصصا مرعبة عن الذئاب الهرمة، المتخمة جيوبها بالمال، التي كانت تحوم حول المخيم مع سماسرة اللحم البشري بحثا عن فتاة قاصر لشرائها، بغرض متعة محرمة بلباس شرعي مزور، وهناك العشرات من التقارير والأفلام الوثائقية التي تؤكد ما نقول.
حولوا الصبايا السوريات إلى سبايا، بينما حكوماتهم تشارك بالمجازر وتصب الزيت على نار الأزمة، ليس حرصا على الشعب السوري، مثلما تدعي، وإنما للثأر وإشفاء الأحقاد من رئيس سوري وصفهم بأشباه الرجال لتقصيرهم في مواجهة مشاريع الهيمنة الخارجية الذي ثبت بالدليل أنهم طرف رئيسي في تسهيلها وتمريرها، ولتورطهم في مخططات تفتيت هذه الأمة وتقسيمها على أسس طائفية تحت ذرائع متعددة."

وبعد استدعاء عددا من صور المعاناة التي يلقاها النازحون السوريون في محاولاتهم الحصول على ملجأ آمن في أوروبا، يكتب عطوان متسائلا عن سر سلبية علماء الدين الذين كانوا قد أصدروا فتاوي تنتصر للسوريين وتدعو للجهاد في وجه النظام، عندما يتعلق الأمر بالفظائع التي يتعرض لها النازحون السوريون، وعن السبب في امتناعهم عن إصدار فتاوي تلزم دول الخليج بإيواء النازحين:
  
"توقعنا، وبعد أن شاهدنا أطفال سوريا وأمهاتهم جثثا تقذفهم أمواج البحر، أو أشلاء متحللة في شاحنات مجمدة، أو حرائر تتسول المرور عبر البوابات الأوروبية، توقعنا أن نسمع أو نقرأ فتاوى لشيوخنا الأفاضل مثل القرضاوي والعريفي والسديس والعودة والعرعور تلزم الدول التي يقيمون فيها بإيواء هؤلاء الضحايا، وتنتصر لهم ولمعاناتهم، مثلما انتصروا لهم في وجه النظام، ودعوا إلى الجهاد من اجل إنقاذهم، ولكن هؤلاء صمتوا صمت القبور، وما زالوا، فلماذا لا يطالبون السعودية وقطر والإمارات والكويت بنجدة هؤلاء؟ أليسوا مسلمين؟ أليسوا من أبناء المذهب السني؟" 

وفي الـ7 من سبتمبر 2015، وجهت سارة حشاش الصحفية بالبرنامج الإعلامي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية انتقادات لدول الخليج الغنية لا تختلف كثيرا في مضمونها عن ما ورد في مقال عطوان، ورأت أن موقف دول الخليج تجاه اللاجئين "شائن تماما." ونشرت رويترز في 8 سبتمبر 2015 تقريرا كتبه الصحفي محمد طاهر بعنوان "لماذا توصد دول الخليج أبوابها في وجه اللاجئين السوريين؟" وتساءل فيه عن السر في "تدفق اللاجئين السوريين غربا" وانقطاع طرقهم بشكل تام "شرقا" نحو دول الخليج الغنية.  

ويقتبس تقرير رويترز عن عبد الله العذبة رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية قوله، في تبرير لموقف قطر من اللاجئين، أن قطر بلد صغير ولا يستطيع استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين لأسباب وصفها باللوجستية، لكنها تقدم الدعم المالي للاجئين في تركيا والأردن وشمال العراق. أما عبد الخالق عبد الله، الأكاديمي الإماراتي المتخصص في العلوم السياسية، فقد برر موقف بلاده بالإشارة إلى أن 90% من المقيمين في بلاده هم من الأجانب، ولعله يعني أن نصف مليون سوري مثلا يمكن أن يحدثوا خللا في التركيبة السكانية ويحولوا الإماراتيين إلى أقلية في بلادهم. وقدم الكويتي فهد الشليمي تبريرا سمجا لسياسة بلاده يخلط بين "اللجوء" و"السياحة" حيث ذكر أن اللاجئين السوريين يعانون من "مشاكل عصبية ونفسية" وأن ارتفاع تكلفة المعيشة في الكويت يجعل من الصعب على اللاجئين العيش فيها.  

وفي 11 سبتمبر 2015، تناقلت وسائل إعلام تصريحات نسبت إلى مسئول في وزارة الخارجية السعودية يرد بها على الانتقادات الموجهة لبلاده بشأن موقفها من اللاجئين السوريين، وكان ابرز ما جاء في تلك التصريحات ما يلي:  

-"المملكة العربية السعودية لم تكن ترغب في الحديث عن جهودها في دعم الأشقاء السوريين في محنتهم الطاحنة، لأنها ومنذ بداية الأزمة تعاملت مع هذا الموضوع من منطلقات دينية وإنسانية بحتة، وليس لغرض التباهي أو الاستعراض الإعلامي، إلا أنها رأت بأهمية توضيح هذه الجهود بالحقائق والأرقام، رداً على التقارير الإعلامية وما تضمنته من اتهامات خاطئة ومضللة عن المملكة."
-"استقبلت المملكة منذ اندلاع الأزمة في سوريا ما يقارب المليونين ونصف المليون مواطن سوري، حرصت على عدم التعامل معهم كلاجئين، أو تضعهم في معسكرات لجوء، حفاظاً على كرامتهم وسلامتهم، ومنحتهم حرية الحركة التامة."
- "منحت المملكة لمن أراد البقاء منهم في المملكة، الذين يبلغون مئات الألوف، الإقامة النظامية أسوة ببقية المقيمين، بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم، حيث تجلى ذلك بوضوح في الأمر الملكي الصادر في عام 2012."
- "جهود المملكة لم تقتصر على استقبال واستضافة الأشقاء السوريين بعد مأساتهم الإنسانية في بلدهم، بل وامتدت جهودها لتشمل دعم ورعاية الملايين من السوريين اللاجئين إلى الدول المجاورة لوطنهم في كل من الأردن ولبنان وغيرها من الدول."
- الجهود شملت تقديم المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع حكومات الدول المضيفة لهم، وكذلك مع منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية، سواء من خلال الدعم المادي أو العيني."

ولم تكن التصريحات السعودية لتنجح في إقناع النقاد حتى وإن بدأت باستحضار تعبيرات عاطفية مثل "الأشقاء السوريين"، "منطلقات دينية وإنسانية بحتة." أما زهد التصريحات بـ"التباهي" و"الاستعراض الإعلامي" فقد جاء مناقضا ليس فقط للأنماط السلوكية المطبقة في السياسة الخارجية السعودية، ولكن أيضا لفكرة التصريحات ذاتها والأسلوب الذي اتبع في صياغتها.

وقد سارعت منظمة العفو الدولية إلى الرد على التصريحات السعودية بالتشكيك في الأرقام التي أوردتها التصريحات والتأكيد على أنه لا يوجد طريقة يمكن بها التيقن من مصداقية تلك الأرقام. وكانت المنظمة محقة تماما في هذه النقطة لأن رقم الـ2.5 مليون سوري كان مبالغا به إلى حد كبير. وبالمثل، فان الحديث عن استيعاب مئات الآلاف من السوريين في سوق العمل السعودي لم يخلو من تهويل.  وذهبت المنظمة في تبرير عدم قدرتها على التأكد من صحة الأرقام التي أوردتها الخارجية السعودية، دون أن يجانبها الصواب، إلى أن المملكة لا تسمح  للمنظمات المعنية بحقوق الإنسان بدخول أراضيها، ولا تجيب حتى على الاستفسارات وطلبات المعلومات التي ترسلها إليها تلك المنظمات.

وهناك من رأى بأن منح المملكة حق الإقامة للنازحين السوريين كعمال أجانب يجعلهم عرضة للطرد في أي وقت، وذلك بعكس إضفاء وضع اللاجئين عليهم، والذي يجعل من الصعب على الحكومة السعودية  طردهم   قبل أن تستقر الأوضاع في بلادهم. وقد أثبتت الأيام صحة هذا النقد ونفاذ بصيرته. فسرعان ما بدأت المملكة، وإن بأساليب ملتوية، بطرد السوريين واليمنيين وغيرهم عن طريق فرض ضريبة "الرؤوس" على المرافقين وسياسة "السعودة" لبعض القطاعات، ثم أوقفت الحكومة السعودية قبول أبناء السوريين واليمنيين ممن قدموا إلى المملكة بسبب الحروب في بلادهم في المدارس والجامعات السعودية العامة، وانتهى الأمر  بحرمان النازحين إلى السعودية من اليمنيين والسوريين من أي خدمات مجانية.  

وكان طرد السعودية لعشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين عن طريق سياسات التضييق المختلفة وبالتزامن مع الحرب التي تشنها على بلادهم والحصار البري والبحري والجوي الخانق الذي تفرضه عليهم حدثا كاشفا لتناقضات السياسة الخارجية السعودية ولمقدار النفاق الذي تنطوي عليه.  وبينما أدعت السعودية، وما زالت تدعي حتى اليوم، أنها تشن حربا على اليمن استجابة لطلب من "الحكومة الشرعية"، فإن تلك الحكومة ذاتها قد طالبت القيادة السعودية مرارا وتكرارا باستثناء اليمنيين من السياسات الدراكولية القاتلة التي تفرضها على الأجانب تقديرا للظروف الاستثنائية التي أوجدتها الحرب  وما ترتب عليها من انهيار اقتصادي، لكن السعودية المستعدة بطريقة عجيبة لإنفاق مئات المليارات على عمليات قتل اليمنيين وتدمير بلادهم وفرض الحصار عليهم، لم تكن مستعدة في المقابل لأن تستثني اليمنيين المغتربين فيها من سياسات التضييق والتطفيش والطرد.  

وصحيح أن السعودية تبرعت لوكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى التي تعني بالسوريين وخصوصا في عهد الملك عبد الله غير أن مثل تلك التبرعات التي كانت تصل أحيانا  إلى مئات الملايين من الدولارات كانت تهدف في الأساس إلى الدعاية الإعلامية رغم ادعاء السعودية زهدها في هذا الجانب، وبناء النفوذ للسعودية وحلفائها داخل تلك المنظمات والوكالات، وشراء المواقف واستخدام تلك المنظمات كقنوات للحصول على المعلومات، وفي النهاية لم يكن يصل للاجئين السوريين في نهاية المطاف سوى الفتات.