الأربعاء، 27 فبراير 2013

قنبلة صالح لمؤتمر الحوار


 ظهر رئيس اليمن المخلوع علي عبد الله صالح   في كلمته اليوم، بميدان السبعين في المهرجان الذي عقده  حزب المؤتمر بمناسبة غير واضحة لا يمكن ان تكون سوى مناسبة خلع صالح من رئاسة البلاد،  وكأنه يرسل التطمينات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا  حول تحالفاته مع ايران ومع المتمردين الحوثيين الشيعة في شمال البلاد، وحول التزامه بالمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن بشأن انتقال السلطة. وذهب المخلوع ابعد من ذلك عندما قال انه سيقف هو والمؤتمر الى جانب الرئيس الإنتقالي عبد ربه منصور هادي. 

لكن كل ذلك لا يهم. فصالح شخص معروف بكذبه ومراوغاته وهو دائما يقول شيئا ويفعل شيئا آخر..ثم ان صالح اصبح منذ تم تسميته في بيان لمجلس الأمن الدولي كمعيق للمبادرة الخليجية يتصرف كصاحب ثأر مع رئيس البلاد الشرعي. بل وذهب ابعد من ذلك وفي سخرية واستهزاء بالشرعية الدولية بتشكيل لجنة للتحقيق مع رئيس البلاد ومع سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية بشأن شكاوي اليمن بصالح الى مجلس الأمن.

ومن غير المفيد، على ضوء ما سبق، أن يتم التركيز على   ما قاله  صالح اليوم في مهرجان السبعين. فالأهم منه هو الهتافات التي رددها الحاضرون والذين قيل بانهم اعضاء في المؤتمر الشعبي العام والتي يقول احداها   "الشعب يريد علي عبد الله صالح." 

ففي سياق الصراع الدائر على رئاسة المؤتمر الشعبي العام بين المخلوع ورئيس البلاد الشرعي، فإن مثل هذا الهتاف هو بمثابة رسالة موجهة للرئيس هادي وتعني كما اراد منها صالح اعلان حدوث طلاق بائن بين المؤتمر الشعبي العام من جهة والرئيس هادي من جهة ثانية وهذا الإعلان ليس جديدا.  فكل ما قاله أو فعله المؤتمر خلال الأيام القليلة الماضية يحمل ذات الرسالة لهادي.

وتعني هذه الخطوة من قبل صالح رفع غطاء الشرعية عن الرئيس هادي ومنعه من ترؤس مؤتمر الحوار الوطني الذي يتوقع أن يبدأ في 18 مارس بالتزامن مع الذكرى الثانية للمجزرة الرهيبة التي ارتكبها صالح بحق شباب الثورة.  

وحيث ان الرئيس هادي لا يمكنه رئاسة المؤتمر مكتفيا بالشرعية الإقليمية  والدولية أو عن طريق الإرتماء في احضان اخوان اليمن الذين لايملكون سوى تمثيلا رمزيا في المؤتمر وقد يسببوا له مشاكل أكبر اذا تحالف معهم وخصوصا وانهم يدخلون مؤتمر الحوار باجندة غامضة، فإنه ليس امام الرئيس هادي خلال هذه الفترة القصيرة وقد حدد المؤتمر الشعبي العام خياراته سوى العمل على تقوية شرعيته وذلك بعدة طرق أهمها:

- الإنسلاخ بالأجنحة والشخصيات المؤتمرية المؤيدة للمبادرة الخليجية وللشرعية الدولية.

- ان يعدل في نظام اختيار رئاسة مؤتمر الحوار الوطني سواء من حيث الآلية أو النسبة المطلوبة للفوز وبحيث تصبح عملية الإختيار عن طريق انتخابات تنافسية

والمهم هو ان ترتكز شرعية هادي كرئيس لمؤتمر الحوار على دعم الطيف السياسي وبما يمكنه من العمل كصمام أمان ليس فقط لنجاح مؤتمر الحوار ولكن ايضا لتنفيذ مخرجاته، وعلى هادي ان يحذر من شراء طريقه الى كرسي رئاسة المؤتمر لإن هذا هو ما تريده القوى السياسية المرتزقة 

الخميس، 21 فبراير 2013

حتى ينجح مؤتمر الحوار الوطني

تشكل القضية الجنوبية أهم قضية في الحوار الوطني..وسيتوقف نجاج مؤتمر الحوار الوطني المفترض أن يبدأ في 18 مارس القادم على  الطريقة التي يتم التعامل بها سياسيا مع الحراك الإنفصالي العنصري المدعوم من ايران قبل واثناء مؤتمر الحوار.

ولا بد، حتى ينجح مؤتمر الحوار الوطني، من تحجيم الصوت الإنفصالي على الصعيدين الداخلي والخارجي .. وهذا لا يمكن ان يتم على الصعيد الداخلي الا بتقوية الصوت الجنوبي الوحدوي ودعمه بقوة حتى يتمكن من التوسع في الفراغات التي سيخليها الحراك الإنفصالي العنصري المدعوم من ايران من الان وصاعد. 

اما على الصعيد الخارجي، فان المطلوب هو عمل دبلوماسي متميز لا يمكن ان يقوم به الوزير الحالي ابو بكر القربي الموالي للإسرة المخلوعة ولا الجهاز الدبلوماسي الموالي في معظمه لرئيس اليمن المخلوع. 

ولا بد أن تركز جهود الدبلوماسية اليمنية الهادفة للحفاظ على الوحدة ونجاح الحوار الوطني على: أولا، تجفيف منابع الدعم للحراك الإنفصالي بكافة أنواعه. وثانيا، ضمان عدم تحول بعض العواصم العربية والعالمية الى مراكز للتآمر على اليمن.. 

وحيث ان الخطوتين تتطلبا قدرات مادية فإن هذه فرصة تاريخية نادرة للذين نهبوا الجنوب وخيرات الجنوب والذين استفادوا من الوحدة سواء أكانوا تجارا أم قادة عسكريين أم اسر سياسية فاسدة أن يعيدوا للجنوب بعض ما نهبوا وفي ذات الوقت ليكفروا عن جرائمهم بحق الوحدة اليمنية..

الجمعة، 8 فبراير 2013

اليمن واشكالية السيادة

مع تنامي عدد العمليات التي تنفذها الطائرات الأمريكية بدون طيار داخل اليمن والإرتفاع المهول في عدد الضحايا الذي تتركه مثل هذه العمليات تزداد تساؤلات اليمنيين حول مفهوم السيادة ومدى امتلاك الدولة اليمنية لسيادة كاملة. 

وقد طرح علي   فهمي فؤاد الأغبري السؤال اليوم بقوله "نسمع في وسائل الاعلام عن الطائرات بدون طيار الامريكيه التي تجول في سماء يمننا الحبيب وتنزل صواريخها علي من تسميهم بالارهبيين... السؤال هو هل هذا الشي يجعل من اليمن تقف علي صفوف الدول ناقصه السياده (مع ذكر السبب)؟؟؟؟؟ وبالأخذ بالاعتبار المبررات التي تصدرها بلادنا علي لسان المسؤلين."

وجوابي هو أن السؤال مهم ويحتاج الى ندوة تناقشه. ولكني بعجالة شديدة أقول هنا ان الأمر اخطر من أن يكون نقصا في السيادة. فالطائرات الأمريكية بدون طيار التي تعربد في سماء اليمن وتقتل ابنائه خارج اطار القانون اليمني والقانون الدولي ليست سوى جزئية صغيرة ضمن شبكة من الجزئيات التي تجعلنا نتسائل ان كنا كيميين قد صرنا في مرحلة الدولة أم اننا ما زلنا نعيش في مرحلة ما قبل الدولة

وبداية ليكون واضحا لدينا جميعا أن السيادة تنبع من داخل الدولة لا من خارجها بمعنى ان اكتمال سيادة الدولة على الصعيد الداخلي هو الذي يكسبها صفة السيادة على الصعيد الخارجي وليس العكس. 

وبالنسبة للحالة اليمنية فإن هناك العديد من الظواهر التي تجعل الدولة اليمنية في وضع أقل من دولة ناقصة السيادة وذلك للأسباب التالية على سبيل المثال لا الحصر:

1. في عام 2001 وضع الرئيس المخلوع اليمن في تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية في اطار الحرب على الإرهاب واعطى الولايات المتحدة الحق في تنفيذ عمليات بطائرات بدون طيار داخل الأراضي اليمنية بهدف القتل خارج القانون. وعندما احتجت بعض الأطراف الداخلية والخارجية على ذلك بعد تنفيذ اول عملية سارع نظام صالح الى التأكيد بان تلك العملية تمت برضاه وانه سيسمح لأمريكا بشكل مستمر بتنفيذ عمليات مماثلة..

2. في عام 2004 بدأ التمرد الحوثي في شمال البلاد ليشكل ضربة قوية أخرى لما يمكن ان يطلق عليه مجازا فقط "سيادة الدولة" وادى عجز نظام صالح عن وضع نهاية للتمرد سلما أو حربا الى المزيد من الإضعاف لسيادة الدولة اليمنية في بعدها الداخلي.

وقد بلغ هذا التمرد مداه مع قيام الثورة الشبابية وبحيث اصبح التمرد الحوثي صاحب السيادة الفعلية على جزء كبير من اراضي الجمهورية. 

3. شكلت الجماعات الإرهابية على نحو متكرر تحد للسيادة اليمنية وبلغ هذا التحدي ذروته باستيلاء تلك الجماعات على مدن ومحافظات كاملة وباعلان الحكومة اليمنية بشكل متكرر عجزها عن مواجهتها.  

4. تشكل القبائل اليمنية المستقلة باراضيها وشئونها عن الدولة اليمنية تحد تاريخي للدولة اليمنية. وبلغ التحدي ذروته من خلال العلاقات الدولية التي اسستها هذه القبائل وحصول مشايخها على الدعم المالي من تلك الدول. 

5. تشكل الأحزاب والحركات اليمنية بمختلف اشكالها امتدادات لأحزاب وحركات في دول اخرى. فالأحزاب القومية على سبيل المثال بمختلف اشكالها  شكلت دائما وما تزال تشكل انتقاصا لسيادة الدولة اليمنية لإن ولائها دائما كان اما للقاهرة او بغداد او دمشق.

6. في مطلع عام 2010 وضع المجتمع الدولي اليمن تحت وصاية دولية في عديد من الجوانب وخصوصا الإقتصادية.

7. يشكل الحراك الجنوبي ذو الطبيعة الإنفصالية تحد كبير ليس فقط لسيادة الدولة اليمنية ولكن لإستمرارها ايضا..

8. وضعت المبادرة الخليجية التي وقعت عليها مختلف الأطراف اليمنية اليمن تحت وصاية دولية واضحة لمدة عامين وجاءت قرارات مجلس الأمن الدولي التي تم اتخاذها بالإجماع لتؤكد ذلك ولتعطي مجلس الأمن الدولي الحق في اتخاذ اجراءات انفرادية بما في ذلك تلك التي تقع في اطار الفصل السابع دون الحاجة الى اذن من الحكومة اليمنية.

وللتقريب فقط فان وضع اليمن اليوم يشبه وضع المانيا واليابان في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مع الفارق بأن اليمن لم تخض حربا مع المحور ضد الحلفاء..

شكرا للثورة فقد اعطتنا بعض ما نستحق

بعد اربع سنوات تأخير صدر مؤخرا قرار رئيس جامعة صنعاء رقم (43) لعام 2013 بترقيتي الى درجة استاذ مشارك. لم تكن هذه الخطوة ممكنة بدون الثورة الشبابية الشعبية التي شهدتها اليمن ابتدءا من 11 من فبراير 2011  والتي اطاحت بواحد من أسوأ الأنظمة في تاريخ اليمن، واطاحت معه بأسوأ قيادة عرفتها جامعة صنعاء وهي أقدم وأكبر جامعة في الجمهورية اليمنية ..

كان علي عبد الله صالح الأمي الذي وجد نفسه رئيسا في غفلة من التاريخ يكره العلم والعلماء ويحاربهم ولم يكن يأنس سوى للأميين من امثاله ولذلك عمل على محاربة العلم  والعلماء والوطنيين والشرفاء واتخذ من الجهل والبلطجة اعمدة لحكمه وهو ما قاد في النهاية الى نهاية مخزية لنظامه.. 

وصحيح ان الحق لم يؤخذ بالكامل بعد، وأن العدالة ما زالت ربع عدالة، وان النظام الذي ثار اليمنيون من أجل بنائه لم يتحقق ولا حتى بنسبة 10 في المائة، الإ ان الصحيح أيضا أن الثورة مستمرة وأن العجلة قد دارت وأن عزيمة واصرار الشباب ونفسهم الطويل هو الضمانة الأقوى لتحقيق ولو بعض ما يصبو اليه اليمنيون..

الاثنين، 4 فبراير 2013

مؤشرات مبكرة على فشل الحوار الوطني

يتطلب فهم ما يجري على الساحة اليمنية اليوم تجاوز  مصطلح "الحوار الوطني" الخادع والتركيز على أن  ما يحدث اليوم وما سيحدث غدا هو "تفاوض" صعب حول الكثير من القضايا  الوطنية الحساسة بين أطراف معروفة تاريخيا بالتشدد في المواقف والفشل في حل المشاكل بالأساليب السلمية. وما يزيد  من تعقيد الأمور أن الكثير من القضايا التي سيتم التفاوض حولها تبدو وقد ركبت بطريقة تجعلها غير قابلة للتجزئة  وبالتالي غير قابلة لتطبيق مبدأ التنازلات المتبادلة. ضف الى ذلك ان التفاوض سيتم  بين أطراف لا تجلس حول مائدة التفاوض وانما تفاوض عن طريق وكلاء. 

انواع التفاوض

بشكل عام، هناك نوعان من التفاوض : الأول، تفاوض تعاوني يسعى من خلاله المفاوضون الى الوصول الى حلول جادة للمشاكل القائمة بنية صادقة ودون ضرر ولا ضرار. ويعتمد هذا النوع من التفاوض على التعاون الكامل الذي يبديه كل طرف مع الأطراف الأخرى  سواء من خلال تبادل المعلومات وتوضيح المواقف أو من خلال اساليب وتكتيكات بناء الثقة الأخرى وهي كثيرة.

والهدف في النهاية لدى كل مفاوض هو  تحقيق مصالح الأطراف المشاركة في التفاوض على اعتبار ان الضمان الوحيد لتنفيذ مخرجات التفاوض هو تحقيقها لمصالح جميع الأطراف. ويمتاز هذا النوع من التفاوض بأن النتائج التي يتم التوصل اليها تتصف بالثبات وغالبا ما تقوم الأطراف المشاركة في التفاوض بتنفيذ ما تم الإتفاق عليه لإن لكل طرف مصلحة في تنفيذ تلك النتائج. 
 
اما النوع الثاني، فهو التفاوض التنافسي الذي  يسعى من خلاله كل طرف الى الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب على حساب الأطراف الأخرى حتى لو اقتضى الأمر توظيف اساليب المكر والخديعة والترغيب والترهيب وتضليل الأطراف المشاركة وشراء ممثليها والتجسس عليها وافتعال الأزمات وغير ذلك من الأساليب المعروفة.

ويعاب على هذا النوع من التفاوض انه  يقود الى الفشل قبل التوصل الى نتائج أو انه يفضي الى نتائج غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع. فسرعان ما تكتشف الأطراف التي تعرضت للخديعة أو تم شراء مواقف ممثليها مقدار الغبن الذي تعرضت له وتلجأ نتيجة لذلك الى تصعيد مطالبها التفاوضية  ورفض  تطبيق النتائج التي تم التوصل اليها  وفي كل الأحوال فإن الخلافات تصبح اكثر عمقا لإن الثقة المتبادلة بين الأطراف تصبح شبه معدومة.  

تفاوض تنافسي

تشير كل اجراءات التحضير للحوار الوطني الى ان كل الأطراف تفاوض تنافسيا في مرحلة "التفاوض حول التفاوض." فقد تم اتباع المنهج التنافسي في عملية تشكيل اللجنة الفنية للتحضير للحوار الوطني وتم توظيف ذات المنهج في اعداد الوثائق وتوزيع نسب التمثيل  ثم في اختيار  الممثلين عن  فئات الشباب والنساء والمجتمع المدني. وبات من الواضح ان تعيين عضوين في اللجنة الفنية في الحوار في مواقع بالغة الأهمية في الدولة لم يكن محض صدفة  بقدر ما هدف ومنذ البداية  الى وضع مئات المليارات تحت تصرفهما  بشكل أخل باي توازن  يتطلبه التحضير. كما بات من الواضح ايضا  من خلال فعاليات الحراك الجنوبي وخطابه السياسي  والشروط المسبقة التي يضعها انه يفاوض تنافسيا. 

وليس هناك اي شك في ان الأحزاب ستوظف المنهج التنافسي في اختيار ممثليها الى مؤتمر الحوار الوطني بدليل مراوغة كل حزب في  تسمية مرشحيه. وبغض النظر عن القائمة التي سربها المؤتمر الشعبي العام باسماء ممثليه والتي امتلئت بالبلاطجة (وهذه ايضا سمة للتفاوض التنافسي)  وما اذا كانت هي فعلا قائمة مرشحيه أم لا ، فإن الشيىء شبه المؤكد في ظل بقاء المؤتمر الشعبي العام اسيرا لصالح وأسرته وعدم حدوث اي تحول في بنيته التنظيمية أو الثقافية أو القيادية أن المؤتمر سيفاوض تنافسيا لإن الحزب  الذي ظل يفاوض تنافسيا منذ انشائه في عام 1982 لا يمكن ان يفاوض تعاونيا حتى لو رغب في ذلك لإن هذه النقلة تتطلب نقلة بنيوية وثقافية داخل الحزب. 

عصا الخارج

سيعتمد اي نجاح ممكن للحوار الوطني في ظل التفتت الداخلي  الذي يزداد يوما بعد آخر، وفي ظل مؤشرات الفشل التي تتراكم يوما بعد آخر، على عصا  وجزرة الخارج. لكن  الخارج صاحب العصا  الغليضة يمتلك مصالح من جهة وحلفاء داخليين من جهة ثانية. وصحيح ان الخارج لن يتبنى  سوى خيارات اليمنيين لكن تلك الخيارات لن تمثل بالضرورة خيارات كل او أغلبية أو حتى قطاع اجتماعي  له ثقله. فللخارج مصالحه غير الواضحة حتى الان والتي قد تتناقض مع ما يعتقد الكثير من اليمنيين انه مصالحهم. وهكذا يبدو مستقبل اليمن  مفتوحا على الكثير من الخيارات ليس من بينها حتى اللحظة خيار بناء دولة المواطنة المتساوية التي تتسع لجميع اليمنيين.     

 



السبت، 2 فبراير 2013

المنتظر من الرئيس أوباما خلال فترة رئاسته الثانية

صادق مجلس الشيوخ الأمريكي اواخر الشهر الماضي على تعيين السيناتور الديمقراطي جون كيري (69 عاما) وزيرا لخارجية الولايات المتحدة الأمريكية وبدا واضحا من خلال حصول كيري على 94 صوتا من اصوات اعضاء مجلس الشيوخ المئة انه يحظى بدعم غير عادي من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتولي وزارة الخارجية. وباستلام كيري لموقعه تبدأ عجلة السياسة الخارجية الأمريكية في  الدوران من جديد بعد ان دخلت في حالة بيات شتوي خلال الأشهر القليلة الماضية.
 

واذا صحت الأنباء ان اول زيارة سيقوم بها كيري الى خارج الولايات المتحدة ستكون الى منطقة الشرق الأوسط وتحديدا الى مصر واسرائيل، فإن هذا يؤشر الى ان ادارة اوباما ستعطي هذا الملف خلال الفترة القادمة أولوية على ما عداه من الملفات وهي أولوية يستحقها بقوة في مرحلة ما بعد الحرب على الإرهاب. فغير خاف على احد ان الصراع الفلسطيني الإسرائيلي شكل وما زال يشكل احد عوامل تغذية العنف والتطرف في  هذه المنطقة.
 

لكن الشرق الأوسط وعلى رغم أهمية الملف الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن اختزاله في ملف واحد أو في قضية واحدة.وربما كان ملف الثورات العربية أكثر الملفات خطورة في هذه المرحلة. وينبغي بداية الإقرار من قبل ادارة أوباما ان التعامل الأمريكي مع الثورات العربية خلال الفترة الرئاسية الأولى  قد أتصف، ان لم يكن على الصعيد النظري فعلى الصعيد العملي،  بالتذبذب وغياب التماسك والإتساق وبدت الولايات المتحدة وكأنها تتحدث باكثر من صوت وتطبق أكثر من استراتيجية وهو ما انعكس سلبا على الدول التي شهدت الثورات. 

فثورة اليمن مثلا ما زالت تراوح على مفترق طرق. والخيار ليس بين بناء نظام ديمقراطي أو نظام استبدادي ولكنه بين بناء نظام واللانظام. أما ثورة مصر فإنها تواجه خطرا حقيقيا بأن يقلب الإخوان المسلمين الذين يسعون للهيمنة على كل منافذ السلطة للديمقراطية ظهر المجن وأن يعيدوا انتاج نظام مبارك وان بنسخة أسوأ بكثير. وتواجه ثورات ليبيا وعلى نحو أقل تونس مخاطر بدورها ان لم تكن سياسية فاقتصادية واجتماعية. أما سوريا فقد حولها ال الأسد الى مسلخ للشعب السوري سيكون من الخطأ ان يكتفي المجتمع الدولي بالتفرج والإدانة.
 

وما تحتاجه الثورات العربية في الدول التي تجاوزت عنق الزجاجة خلال المرحلة القادمة هو سياسة خارجية أمريكية متسقة تعطي أولوية لبناء ديمقراطيات مستقرة وليس لإرضاء أصدقاء أمريكا لإن سياسات ارضاء الإصدقاء على حساب حقوق الشعوب لن تقود في المستقبل سوى الى المزيد من الكوارث تماما كما فعلت في الماضي. وبالنسبة للحالة السورية تحديدا فإنها توشك أن تتحول الى اختبار حقيقي  لمصداقية ادارة أوباما ولمدى قدرتها على قيادة المجتمع الدولي بقوة للقيام بكل ما يمكن القيام به لوضع نهاية للمذابح التي يرتكبها النظام الفاشي في سوريا وتجنيب هذا البلد والمنطقة بشكل عام الوقوع في حالة من العنف المزمن الذي يمكن ان ينتشر بسهولة من بلد الى آخر.
 

واذا كان الرئيس أوباما ما زال يتمسك بمبدأ التعامل بصدق ووضوح مع اصدقاء أمريكا في المنطقة، فإن عليه أن يشجع بقوة الحكومات الملكية في الشرق الأوسط على القيام بالإصلاحات الضرورية التي تجنبها مصيرا مماثلا لما واجهته حكومة بن علي في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن والأسد في سوريا.