الخميس، 28 نوفمبر 2013

جمال بن عمر وتضخيم القضية الجنوبية

قال جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي في 27 نوفمبر 2013،  كما روى هو عن نفسه:   "إننا بدأنا ندرك الآن، أكثر [من] ما كنا نتصوّر، طبيعة ومدى التمييز في حق الجنوبيين، وحجم النهب الممنهج لموارد الجنوب، وشعور الجنوبيين بالإهانة على يد مسئولي النظام السابق. ويأتي إطلاق صندوق ائتماني بمساهمة دولة قطر بمبلغ 350 مليون دولار خطوة مهمة في هذا الاتجاه. وآمل أن تتبعه إجراءات أخرى لبناء الثقة."

ومن الطبيعي أن يثير القول السابق على ما فيه من تضخيم للمشكلة الجنوبية قلق وحنق الكثير من اليمنيين ليس فقط لإن مثل هذا التصريح يعمق الفجوة بين اليمنيين الشماليين والجنوبيين ويعقد المشاكل التي وجد الحوار الوطني لحلها، ولكن أيضا لأن التقرير الذي تقدم به بن عمر هذه المرة الى مجلس الأمن لم يتم إطلاقه كما جرت العادة في كل تقرير سابق، وهو ما يعمق الشك لدى اليمنيين حول مصداقية وحيادية المعلومات التي قدمها بن عمر الى مجلس الأمن،  وخصوصا بعد تعرضه لإنتقادات واسعة واتهامات بالإنحياز الى طرف سياسي معين داخل مؤتمر الحوار وبطريقة تتناقض كلية مع دوره المفترض كوسيط محايد بين القوى السياسية اليمنية.   

الغريب في الأمر أن بن عمر الذي يعمل في اليمن منذ سنتين ونصف لم يكتشف حجم التمييز في حق الجنوبيين  والنهب الممنهج لموارد الجنوب سوى الان وفي الوقت الذي يفترض أن يكون مؤتمر الحوار قد فرغ خلاله من وضع الحلول والمعالجات لكافة المشكلات. وبنفس الطريقة، فإن بن عمر لم يكتشف أن هناك حاجة لبناء الثقة في أوساط الجنوبيين الا في الوقت الضائع ولا يعرف احد اين كان بن عمر قبل هذا الوقت ولا ماذا كان يفعل بالضبط. 

وكان بن عمر قد ذكر في تقرير دوري قدمه الى مجلس الأمن الدولي  في أواخر شهر سبتمبر الماضي بأن اليمنيين في مؤتمر الحوار الوطني قد اتفقوا على إقامة دولة اتحادية، وهو ما أتضح لاحقا عدم مصداقيته، مما جعل بعض اليمنيين يتساءلون عن ما اذا كان ما يقوم به الوسيط الدولي ناتج فقط عن الإنحياز الى طرف سياسي معين، أو  لإنه ينفذ أجندة خارجية تسعى بعض الأطراف الى فرضها على اليمنيين  عبر مظلة الأمم المتحدة. 

والواضح من خلال بيان مجلس الأمن الدولي الصادر في 27 نوفمبر 2013 بشأن اليمن أن  هناك تناقضا كبيرا بين الأجندة التي يسعى مجلس الأمن الدولي لتنفيذها في اليمن من جهة، وبين الأجندة التي يعمل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن على إنجازها وتعكسها تصريحاته ومقابلاته التلفزيونية، من جهة أخرى. ومع أن المفترض في ظل ظهور هذا التناقض، أن يبادر الأخير بعد أن اصبح جزءا من المشكلة القائمة الى تقديم إستقالته،  إلا إنه لا يوجد حتى الان ما يشير الى أن بن عمر سيقدم على مثل هذه الخطوة.