الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

حروب بناء الدولة اليمنية

لا ينبغي ان يساور اليمنيين اي شك في ان الحروب التي يخوضها الأبطال من افراد القوات المسلحة وقوات الأمن ضد عناصر الفوضى والتخريب  في محافظة مأرب، ومثلها مثل الحروب التي خاضتها القوات اليمنية طوال العام في محافظات ابين وشبوة وغيرها من المحافظات اليمنية ضد جماعات "انصار الشيطان"، هي في جوهرها حروب بسط نفوذ الدولة التي تأجلت كثيرا في بعض المناطق وجبن نظام صالح الذي ظل دائما يفتقر الى الشرعية القوية عن خوضها لعقود. 

وما تسعى القوات المسلحة اليمنية لتحقيقه اليوم في محافظة مأرب وما ستسعى لتحقيقه غدا في محافظات أخرى ليس القاء القبض أو القضاء على جماعات تخريبية  أو إرهابية بل هو في جوهره تحرير للتراب الوطني  من الجماعات الخارجة على القانون التي تتحدى الدولة وتنافسها في السيادة الداخلية على اراضيها وتحرمها بالتالي من بناء سيادتها الخارجية  وإقامة علاقات مستقرة مع جيرانها واصدقائها. 

ومع ان الحرب اي حرب كانت لا يمكن تبريرها اخلاقيا وخصوصا عندما تقود الى سقوط ضحايا ابرياء، الإ انه اذا كان هناك حرب مشروعة فانها  بالتأكيد تلك الحرب التي تخوضها الدولة من اجل الدفاع عن النفس وبسط النفوذ وحماية مواطنيها ومصالحهم الحيوية وفي مقدمتها حقهم في الأمن والإستقرار والحياة الكريمة..

ومن المؤسف أن القوات المسلحة وقوات الأمن، وهي المؤسسات الوطنية التي تم اختطافها لوقت طويل وتغييبها عن اداء وظائفها،  تجد نفسها اليوم مضطرة وخلال فترة قصيرة لتقديم قوافل من الشهداء في سبيل بناء الدولة اليمنية ذات السيادة. ولا يمكن لأي يمني وهو يتابع التضحيات الجسيمة التي يقدمها افراد القوات المسلحة والأمن في سبيل بناء الدولة سوى أن يشعر بالإعتزاز والفخر بهذه المؤسسات الوطنية الرائدة من جهة وبالحزن العميق على الذين يسقطون في طريق النضال من اجل الحرية والكرامة من جهة اخرى.

الجمعة، 21 ديسمبر 2012

احتفاء بالرحيل!


يعد دفعة هذا العام من طلاب قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء العدة للإحتفال بتخرجهم، ويدعوننا كالعادة لمشاركتهم فرحتهم بما حققوه من انجاز وما اجتازوه من مراحل وما يتطلعون لتحقيقه في المستقبل، وليس هناك وظيفة في العالم يمكن ان تكون اكثر امتاعا وتشويقا من العمل مع الشباب ومشاركتهم احتفالاتهم. 

لكن سعادتنا هذا العام بتخرج دفعة جديدة من ابنائنا وبناتنا واخواننا واخواتنا الطلاب يشوبها مرارة عميقة. فقلوبنا مكلومة بفقد زميلنا في قسم العلوم السياسية الأستاذ الدكتور حكيم عبد الوهاب السماوي الذي لم نكتشف عمق نضاله ومرارة كفاحه الطويل سوى بعد رحيله المفاجىء لنا جميعا. 

كان السماوي دائما حاضرا في قسم العلوم السياسية وكلية التجارة ولم يكن يحب شيئا مثل المسارعة لمساعدة زميل  أو طالب ويخاطب الجميع بـ"يا اعز الناس" وكنا دائما نعتقد انه سيأتي اليوم الذي يتم فيه انصاف الجميع بما في ذلك السماوي ولم يخطر على بالنا بانه سيترجل عن فرسه قبل تحقيق العدالة المنشودة..

 نؤمن بأن الموت حق علينا جميعا وما يحزننا هو ما عاناه البروفسور السماوي في حياته جراء نظام سياسي يتصدر فيه الأميون واصحاب العقول المجوفة والعنصريون ولاعقو الأحذية الصفوف الأولى بينما يتم تهميش القدرات والكفاءات الوطنية واغراقها في دائرة ملاحقة القوت اليومي. 

كان السماوي بحق أول ثائر في اليمن حين خلع جزمته قبل بضع سنوات وقذف بها صورة على مدخل كلية التجارة في جامعة صنعاء لعلي عبد الله صالح الأمي الذي اصبح في غفلة من التاريخ رئيسا فادار اليمن بعقلية لص. لكن ثورة السماوي لم تدخل التاريخ لإن التاريخ في بلد يحكمه الجهل يكتبه الئم الناس واجبنهم !! 

لقد رحل السماوي وتحول فجأة بالنسبة لنا جميعا الى "أعز الناس." وعزاؤنا جميعا في رحيله هو انه سيبقى حيا فيما انتجه من علم ومعرفة وفي عزة نفسه وعصاميته وسيتذكر طلابه ذات يوم الزجاج المتطاير من صورة  اللص الذي اصبح زعيما .. 

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

من توازن التآمرات الى توازن المواطنة المتساوية

تعتبر القرارات التي اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي  يوم 19 ديسمبر 2012  فيما يخص اعادة توحيد وهيكلة الجيش اليمني تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وصحيح ان هذه القرارات غير كافية بحد ذاتها لتجنيب اليمن الوقوع في فخاخ المتآمرين في الداخل والخارج وستحتاج الى قرارات أخرى تلحقها، الا ان هذه القرارات تضع اليمن دون شك على الطريق الصحيح. 

ولعل أهم ما حققته هذه القرارات التي ما زالت في الطور النظري هو اسقاطها لنظرية التوازن  التي كان البعض يروج لها في محاولة خبيثة لإبقاء الجيش اليمني خارج دائرة الفعل الوطني الخلاق وتعميق عداء الناس له، ومحاصرته بوصمة الولاء لأشخاص وأسر وقبائل على حساب الولاء للوطن.

كان التوازن الذي تطالب به تلك القوى الظلامية هو "توازن التآمر" الذي لا يستفيد منه سوى  القوى المتمردة على الدولة اليمنية والجماعات الإرهابية وقوى التآمر الدولي  التي تدفع باليمن نحو الصوملة ظنا منها ان ضرب شرعية الجيش اليمني واستهدافه بالعمليات الإرهابية كفيل بتمكينها من اعادة صياغة اليمن بالطريقة التي تخدم اهدافها ومشاريعها الإنانية والتخريبية.

لقد اسقطت قرارات الرئيس هادي "توازنات التآمر" ووضعت اليمن على طريق توازن المواطنة المتساوية والدولة المدنية، توازن الحقوق والواجبات، وتوازن النظام الديمقراطي، وبما يمكن  الإنسان اليمني من اعادة صياغة واقعه البائس وحياته التعيسة والتحول بالتالي الى قوة ايجابية تدعم الأمن والسلم في هذا الجزء الهام من العالم.  

لكن الطريق طويل بالطبع والمهم  الان ان يعمل الرئيس هادي ومعه كل المخلصين على وضع هذه القرارات موضع التنفيذ وعدم اعطاء الفرصة لقوى التآمر والتخريب والإرهاب بالإلتفاف عليها وتفريغها من مضمونها الوطني.  

وسيحتاج اليمن بالتأكيد خلال هذه العملية النضالية الشاقة الى دعم قوي من جيرانه واصدقائه ماديا ومعنويا حتى يتمكن من تجاوز ظروفه الصعبة والحساسة واتمام عملية الإنتقال السلمي للسلطة. 
 
 

الخميس، 6 ديسمبر 2012

في الطريق الى فهم الديمقراطية

اين أصاب مرسي واين أخطأ؟


يعيش العالم العربي من الماء الى الماء انقساما حول مايحدث في مصر بين معسكرين: الأول يضم اعضاء حركات الإخوان المسلمين والذين يدافع الكثير منهم عن الرئيس محمد مرسي بالحق وبالباطل ودون تمحيص ما يحدث من منظور الديمقراطية والمصلحة الوطنية. اما المعسكر الآخر فيضم خليطا من القوى بعضها اسلامي ليبرالي والبعض الآخر من بقايا النظام القديم والبعض الثالث علماني. وهذا المعسكر على عكس المعسكر الأول ينتقد بعض المنتمين اليه الرئيس محمد مرسي  بالحق بينما ينتقد آخرون الرئيس مرسي بالحق وبالباطل.

وسيحاول الكاتب هنا اعطاء رؤية يرجو ان تكون موضوعية يحدد فيها اين اصاب  الرئيس مرسي  وأين اخطأ. 

أولا، لفهم ما يجري في مصر لا بد من تذكر ان مصر تمر بمرحلة انتقالية تشهد فيها بناء المؤسسات  السياسية للنظام الجديد ومرحلة مثل هذه تتطلب قيادة استثنائية لبناء الإجماع الوطني وضمان المشاركة الواسعة في بناء تلك المؤسسات وفي مقدمتها الدستور. 

ثانيا، افرزت نتائج الإنتخابات الرئاسية التي صعد بموجبها مرسي الى الموقع الأولى انقساما اجتماعيا بدا واضحا من خلال الفارق الضئيل بين مرشح قوى الثورة (الرئيس محمد مرسي) ومرشح الفلول (احمد شفيق).  وكانت هذه النتيجة تقتضي ان يحكم مرسي بطريقة معينة يعمل من خلالها على تضييق هذا الإنقسام في مرحلة تتطلب الإجماع حول بناء المؤسسات السياسية.

ثالثا، ينتخب الناس الرئيس في النظام الديمقراطي لممارسة مهاما محددة قد يتسع نطاقها او يضيق نتيجة عوامل كثيرة لكن سلطة الفرد في النظام الديمقراطي هي دائما محدودة وليست مطلقة.

رابعا، عمل مرسي بنجاح على استيعاب عناصر من مختلف القوى السياسية في مواقع الدولة المختلفة بما في ذلك تعيين عدد منهم كمستشارين للرئيس وذلك لإن مرسي لم يفز فقط باصوات الإسلاميين من اعضاء حزبه ولكن ايضا بدعم من قوى الثورة الأخرى، وايضا لإن المرحلة بطبيعتها تتطلب ردم الفجوة بين الإخوان وغيرهم من القوى الإجتماعية والسياسية.  

خامسا، حاول قادة الجيش المصري استغلال الفراغ الدستوري والمؤسسي فعملوا على مصادرة سلطات الرئيس المنتخب خلال الفترة الإنتقالية عن طريق الإعلان الدستوري الذي اصدروه قبل تولي مرسي  ورفضه الكثيرون في مصر وخارجها. وقد نجح مرسي ايما نجاح في الإطاحة ليس فقط بذلك الإعلان الدستوري ولكن ايضا بقادة الجيش الذين كانوا يضعون انفسهم فوق الرئيس. وتقبل الكثيرون نجاح مرسي في الإطاحة بالعسكر بارتياح كبير. 

سادسا، بدا واضحا ان بعض عناصر القضاء المصري تمثل مشكلة بالنسبة لمرسي  ولمصر. وتفاقمت المشكلة عندما بدأ  القضاء في التدخل في  عمل اللجنة التأسيسة لصياغة الدستور وفي قضايا اخرى بطريقة  أكدت ان عناصر النظام القديم داخل القضاء تعمل على اعاقة العملية الإنتقالية..

سابعا، جاء الإعلان الدستوري الذي اصدره مرسي ليمثل خطأء سياسيا كبيرا وجوهريا من عدة جوانب. فمن جهة،  فإن مرسي اصدر الإعلان دون ان يأخذ رأي مستشاريه او حتى يستطلع اراء القوى السياسية  الأخرى وهو ما يؤشر الى ان مرسي   كاي دكتاتور عربي يعين المستشارين ولكنه لا يستشيرهم. من جهة ثانية، كان الإعلان  مقبولا ومبررا فيما يتعلق بالإطاحة بالنائب العام و تحصين اللجنة التأسيسيية ومجلس الشورى ضد الحل القضائي، الإ ان القشة التي قصمت ظهر البعير تمثلت في التحصين الشامل لقرارات الرئيس من اي مراجعة قضائية. لقد اعطى الرئيس مرسي لنفسه سلطة يمكنه معها نظريا اصدار الأوامر باعتقال وحتى قتل الناس دون ان يكون للضحايا او اقاربهم او المجتمع بشكل عام حق الطعن في تلك القرارات أمام القضاء. واجمالا، فقد جاء الإعلان الدستوري في بعض مضامينه وفي طريقة اصداره ليس فقط مجافيا لأليات النظام الديمقراطي ولكن ايضا متجاوزا  لنطاق التفويض الشعبي المفترض لرئيس الدولة في النظام الديمقراطي

ثامنا، كان رد الفعل الداخلي والخارجي قويا ومفاجئا لمرسي لكنه لم ينجح في فهم معانيه ولم يوفق في اتخاذ الخطوات المطلوبة لنزع فتيل الأزمة قبل انفجارها وخروجها عن السيطرة كأن يعلن مثلا ومن طرف واحد  الغاء المادة السادسة من الإعلان. وفي مواجهة الحشود الضخمة لمعارضي الإعلان واستقالات المستشارين سارع مرسي ومن خلفه الإخوان الى اخراج حشود اكثر عددا وهو الأمر الذي يضر بالوحدة الوطنية ويعمق الإنقسام ويدفع البلاد نحو العنف.


تاسعا، لجأ مرسي والإخوان الى تبريرات تفقتر الى التماسك والسلامة المنطقية وتعكس استهتارا بالالية الديمقراطية والتفويض الشعبي الذي حصل عليه من الناخبين كالقول مثلا بان الإعلان الدستوري جاء كضربة استباقية لإنقلاب كان يتم الإعداد له عن طريق اصدار حكم قضائي بعزل الرئيس، ولو كان هناك مؤامرة بالفعل لكان من الأفضل للرئيس مرسي انتظارحدوثها ثم مواجهتها باعلان دستوري وعندها لن يلومه احد. 

عاشرا، لم يستوعب الرئيس مرسي ولا الإخوان ان اساس الشرعية في النظام الديمقراطي هو استمرار قبول الناس بالحاكم وليس الطريقة التي صعد بها أو الفترة المحددة لبقائه في السلطة. لقد جاء الخروج الكبير لمعارضي مرسي اذا ما أخذ جنبا على جنب مع نتائج الإنتخابات ليضع سؤالا حول شرعية مرسي ومدى قبول الناس به بعد الإعلان الدستوري. ومع ان الإخوان في خطابهم يركزون على ان نتائج الإنتخابات متقاربة وتعكس انقساما اجتماعيا حتى في الولايات المتحدة الإ ان ما يغفلونه او ربما لا يفهمونه هو ان الأمريكيين اختاروا اوباما بتفويض محدد لا يمكن له ان يتجاوزه. كما يغفلون ايضا حقيقة ان الأمريكيين لم يخرجوا في تظاهرات ضد اوباما كما فعل المصريون ، ولعل الإخوان في مصر لا يدركون ان خروج الأمريكيين ضد اوباما بالحجم والطريقة التي خرج بها المصريون ضد مرسي سيؤدي في حالة اوباما الى استقالة سريعة للرئيس.

حادي عشر، بينما تستمر ازمة الإعلان الدستوري سارع مرسي ومن طرف واحد ودون حوار أو مشاورات الى تحديد يوم الإستفتاء على الدستور الجديد. وكان امام مرسي فرصة لإن يجعل الإستفتاء على الدستور من جهة وعلى رئاسته من جهة ثانية. لكن مرسي لم يفعل.   

    
   

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

تحالف الحراك والقاعدة..كيف يمكن فهمه؟

افترض المحللون، ومنهم كاتب هذه السطور، خلال السنوات الماضية  اعتمادا على فرضية ليبرالية الجنوب (بفعل تأثير الإستعمار البريطاني) وتقدميته (تأثير النظام الإشتراكي الذي حكم جنوب اليمن لقرابة 20 عاما)  أن قيام تحالف بين عناصر الحراك من جهة والقاعدة من جهة أخرى أمر بعيد الإحتمال نظرا لإنتماء عناصر الحراك الى اليسار بينما تقع القاعدة في اقصى اليمين.

لكن التطورات تعكس بشكل متزايد: 

أ. وجود تحالف بين عناصر الحراك وجماعات القاعدة؛ 

ب.  ان الحراك بشكل عام يتجه بشكل متزايد نحو اليمين في مؤشر على ان اي دولة تقوم في جنوب اليمن كنتيجة لجهود الحراك لن تكون سوى دولة تسيطر عليها جماعات دينية متشددة.  

ومن وجهة نظر كاتب هذا التحليل، فإن هناك العديد من العوامل التي تفسر مايحدث بعضها يرتبط باحداث العقدين الماضيين والبعض الآخر يرتبط بتاريخ الجنوب.

أولا، ان تأثير الإستعمار البريطاني  (1839-1967) على جنوب اليمن كان في الواقع محدودا من حيث نطاقه الجغرافي، وعمقه الإجتماعي. فعلى مستوى الجغرافيا فقد ركز البريطانيون وجودهم في عدن، وعلى عكس  السياسات التي تبناها الإستعمار الفرنسي في شمال افريقيا ومحاولته "فرنسة" المجتمعات فان الإستعمار البريطاني كان يركز على  تحقيق مصالحه ولا يوجد ما يؤكد على انه كان لديه سياسة لإحداث تغيير ثقافي في المجتمعات التي استعمرها. ولذلك فأن التأثير الثقافي للبريطانيين لم يقتصر فقط على عدن لكنه وداخل عدن ذاتها اقتصر على بعض الأسر وهو ما يعني ان المجتمع الجنوبي ورغم انفتاحه على العالم مقارنة بمجتمع الشمال ظل شديد التقليدية.

 ثانيا، لم  يختلف حكم الإشتراكيين لجنوب اليمن  من حيث سطحيته ومحدوديته عن الحكم البريطاني. فقد اقتصر تأثير النظام الإشتراكي بشكل اساسي على مدينة عدن وداخل عدن ذاتها على كوادر الحزب. 

ثالثا، لم يحظ الحكم الإشتراكي لجنوب اليمن والذي لم يدم سوى قرابة 20 عاما باي تأييد شعبي حقيقي شأنه في ذلك شأن الكثير من الأنظمة اليسارية التي ظهرت خلال فترة الحرب الباردة،  ولم يتمكن الحزب الإشتراكي حينها من تحقيق اي تغلغل داخل المجتمع وهو ما جعل النخبة الحاكمة في الجنوب كما يذهب الى ذلك الكثير من الباحثين منفصلة عن المجتمع. وقد بدا ذلك الإنفصال واضحا خلال حرب عام 1986 وكذلك خلال حرب عام 1994وهو ما يفسر الحسم السريع للحربين.

رابعا، واجه نظام علي عبد الله صالح المتخلف نفس ما واجهته الأنظمة السابقة من حيث عدم قدرته على التغلغل وردم الفجوة بين النخبة التي تمارس السلطة وبين المجتمع. 

خامسا، صحيح ان نظام علي صالح سعى  لدعم الجماعات المتشددة  والقوى القبلية والسلاطينية التي كان قد تم اضعافها بالعنف وليس بالتنمية، الإ انه سيكون من الخطأ عزل ما يحدث في الجنوب عن اوضاح المجتمع الجنوبي ذاته وتجاربه وصراعاته. فما كانت تلك القوى المتشددة والتقليدية التي دعمها صالح ستنمو وتنتشر  لو لم يكن هناك استعداد ذاتي  لدى الجنوبيين انفسهم للتعايش والتحالف مع تلك الجماعات. وما كان للعصبية القبلية ان تحيا من جديد لو لم تلامس لدى المجتمع الجنوبي قبولا وترحيبا.  لقد بدا واضحا بعد قيام الوحدة مباشرة ان معظم النساء الجنوبيات اللاتي كنا يسرن دون نقاب حتى داخل مدينة عدن قد بدأنا في تغطية وجوههن مثلهن مثل نساء الشمال ليس لإن هناك من كان يرغمهن على ذلك ولكن ربما كردة فعل اجتماعية على  السياسات الإشتراكية.

سادسا، رغم ان الحراك  بدأته كوادر الحزب الإشتراكي التي تم اخراجها من السلطة  عقب حرب عام 1994 الإ ان الملاحظ ان تلك الكوادر ذات التوجهات اليسارية قد تراجع دورها بشكل كبير في اوساط الجنوبيين مما افسح المجال للجماعات اليمينية المتشددة بمختلف انواعها للظهور والتكاثر والإنتشار. 

سابعا، تمثلت تركة النظام الإشتراكي الذي حكم الجنوب في مرحلة ما قبل قيام الوحدة في مواطن لا يرى في نفسه سوى تابع للحزب..فالحزب هو الذي يملك كل شيىء وهو الذي يفكر ويخطط وينتج ويوزع ويتخذ كل القرارات. وكان من الطبيعي في مرحلة ما بعد خروج الحزب من السلطة ونهب الأراضي والممتلكات ان يحدث فراغا لم يتمكن نظام صالح ذو الطبيعة "اللصوصية" والذي غلبت عليه "السطحية" من ملئه. وكانت الجماعات الدينية وفي مقدمتها الإخوان المسلمين هي الأقدر على شغله  والتغلغل في المجتمع. ثم جاءت الجماعات السلفية ومنها السلفية الجهادية لتحقق تغلغلا اكبر داخل المجتمع وخصوصا بعد ظهور الحراك وبحيث تبدو الجماعات الأكثر تشددا في الجنوب هي الأكثر حظا في السيطرة على  السلطة هناك اذا ما اتيح لها ذلك بطريقة أو باخرى.

ثامنا، بالنسبة لما تبقى من عناصر اليسار فإنه لا يتوقع لها ان   تلعب اي دور في  مستقبل الجنوب اذا ما تم اعادة تجزئة اليمن  ذلك لإن التجزئة ذاتها ستكون بمثابة آخر فشل يتحقق لتلك العناصر التي ينظر اليها الجنوبيون منذ وقت طويل بازدراء شديد ويحملونها مسئولية كل كارثة لحقت بالجنوب وهم محقون في ذلك.            

السبت، 1 ديسمبر 2012

اخطاء الحراك التي اضرت بالقضية الجنوبية


يمكن اعتبار عام 2012 أسوأ الأعوام بالنسبة للحراك الجنوبي في اليمن لأسباب كثيرة بعضها لا علاقة للحراك الجنوبي به مثل اختيار الجنوبي عبد ربه منصور هادي رئيسا لليمن في فبراير من نفس العام في خطوة خلطت على الحراك اوراقه تماما، والبعض الآخر ناتج عن سوء تقدير وحسابات خاطئة وتخبط وصراع على السلطة بين فصائل  الحراك ومتاجرة صريحة وواضحة بالقضية الجنوبية..

ويتم التركيز هنا على بعض الأخطاء القاتلة التي ارتكبها الحراكيون والتي اضرت كثيرا بشرعية القضية الجنوبية وجعلتها بلا مستقبل، وهي: ارتماء الحراك في احضان ايران؛ التحالف مع الحوثيين في الشمال؛ التحالف مع المخلوع واسرته؛  مد الأيدي الى القاعدة؛ والصراع بين فصائل الحراك..

1. الإرتماء في احضان ايران 


بدأ الحراك الجنوبي  في عام 2007 بجهود ذاتية الى حد كبيروبدعم محدود وغير مباشر من اطراف داخل النظام المهترىء لعلي عبد الله صالح الذي كانت اجنحته العسكرية والقبلية تخوض صراعا كبيرا على السلطة. وتطور الحراك بعد ذلك بفضل الدعم الذي يتلقاه من هذا الطرف او ذاك داخل اليمن او خارجه ومن يمنيين او غير يمنيين الى حركة انفصالية. 

وما يميز عام 2012 هو الظهور الواضح لتحالف فصيل هام من فصائل الحراك يقوده نائب الرئيس السابق للجمهورية اليمنية علي سالم البيض (من سادة حضرموت) مع ايران. ويمثل الدعم الإيراني لهذا الفصيل المطالب بالإنفصال بشدة اضعافا كبيرا لشرعية الحراك وبالتالي لشرعية القضية الجنوبية وهو ربما ما يفسر الطريقة التي تعاملت بها الأطراف الإقليمية والدولية وما زالت تتعامل بها مع القضية الجنوبية في اطار المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية

فالدعم الإيراني لحراك السيد البيض انما يهدف كما يعرف الجميع الى خلق كيان جنوبي عميل لإيران يمكنها توظيفه في زعزعة الإستقرار في الجزيرة والخليج ولا يعرف حتى الان ما اذا كان للسوفييت أو اي طرف آخر دورا يمر عبر ايران  أم ان الإيرانيين فقط يعملون لصالح انفسهم..

وما يزيد من المخاوف هو ان لليمن بشطريه تراث من التبعية. فقد استقل الجنوب عن بريطانيا ليسلم زمامه للإتحاد السوفييتي. ولما انهار الإتحاد السوفييتي اتحد مع الشمال ولا يمكن تخيل قيام دولة جنوبية جديدة او دويلات دون وجود دولة راعية  
  

2. التحالف مع الحوثيين


تحالف  الحزب الإشتراكي اليمني  الذي كان يقوده عند قيام الوحدة اليمنية في عام 1990  سادة حضرموت  وابرزهم علي سالم البيض نائب رئيس الجمهورية اليمنية امين عام الحزب الإشتراكي، وحيدر العطاس رئيس الحكومة الإئتلافية، مع بعض بيوت السادة في الشمال ومن ضمنها بيت الحوثي التي ستقود بعد لك تمردا ضد نظام علي عبد الله صالح بدأ عام 2004 وما زال قائما حتى اليوم  رغم الحروب الست التي خاضها معه نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

ويسعى السادة الحوثيون الذين يعتنقون المذهب الزيدي ويؤمنون بان حق الولاية في البطنين، اي في احفاد الحسن والحسين ابناء الإمام علي عليه السلام، الى اعادة  النظام الإمامي العنصري الذي ساد اليمن مع وجود بعض التقطع لقرابة الف عام. كما يسعون الى استخدام اليمن كقاعدة للتوسع شمالا وصولا الى استعادة سيطرتهم على الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية والتي خسرها اشراف مكة لصالح الملك عبد العزيز ابن سعود  مطلع القرن الماضي.

ويقوم دعم الحوثيين، كمنفذ لسياسة ايران وحامي لمصالحها،  لليمنيين الجنوبيين على عدة اعتبارات. فهم من ناحية يفضلون، وبالتحالف مع سادة الجنوب، استخدام القضية الجنوبية كورقة تمكنهم من السيطرة على شمال اليمن وجنوبه سواء بالديمقراطية أو بالفوضى. ومن ناحية ثانية، فانهم يخططون، اذا لم يتمكنوا من احكام سيطرتهم على السلطة في اليمن الموحد،  لإستخدام الحراك  لفصل جنوب اليمن عن شماله لإعتقادهم بامكانية وسهولة اقامة دولة جنوبية يحكمها السادة تمثل امتدادا لسيطرة سادة حضرموت على السلطة في مرحلة ما بعد احداث يناير عام 1986.     

ومن المرجح انه اذا نجح الحوثيون، بالتعاون مع ايران، بتوظيف الحراك في فصل جنوب اليمن عن شماله واقامة دولة جنوبية يحكمها السادة ان ينشأ صراعا عنيفا بين السادة الجنوبيين وغيرهم من ابناء المجتمع وقد يؤدي ذلك الصراع الى قيام عدة دويلات جنوبية. لكن صراع السادة وغير السادة ليس الصراع الوحيد المتوقع في ظل تجربة جنوب اليمن مع الصراعات المناطقية.  

3. التحالف مع المخلوع


ظهر خلال عام   2012 بشكل واضح  وجود تحالف بين  الرئيس المخلوع  من جهة وبين عناصر الحراك بما في ذلك العناصر المطالبة بالإنفصال من جهة ثانية. ويعتقد ان الحوثيين هم مهندسي هذا التحالف وملاكه الحقيقيين.  ويتضح هذا التحالف من خلال عدة مؤشرات أهمها تسخير المخلوع لإمبراطوريته الإعلامية والمالية لخدمة عناصر الحراك الأكثر تشددا؛ تمويل نجل شقيق المخلوع لفعاليات الحراك المطالبة بفك الإرتباط؛ وتركيز الحراكيين في نقدهم للشمال والنظام اليمني على حزب الإصلاح واللواء علي محسن الأحمر وغض الطرف عن جرائم المخلوع بحق الجنوب والجنوبيين وعن الثورة المضادة التي يقودها لزعزعة استقرار اليمن والدول المجاورة. 

وفي حين تراجع الحراكيون اصحاب القضية الإساسية الى الخلف فقد تصدر "الحراكيش" والأخير مصطلح يطلق على الحراك المتحالف مع الحوثي وعلي عفاش المشهد الحراكي. ولا يعرف الى اي حد يمكن ان يمضي الحراكيش في مشروعهم ولا الى اي مسافة سيجاريهم المخلوع الذي يسعى  بمعاونة الحوثيين الى توطيد علاقته بالحراكيين للقضاء على خصومه والعودة الى السلطة. لكن الواضح ان  التحالف ذو طبيعة عدمية وان نتيجته الأهم هي ضرب الحراك وتمزيقه شر ممزق واستخدامه لإفشال اي تقدم ان يمكن ان يتحقق على الصعيد السياسي  لليمنيين سواء في الشمال أو في الجنوب  

4. التحالف مع جماعات القاعدة


اعتقد المحللون دائما اعتمادا على فرضية ليبرالية الجنوب وتقدميته استحالة قيام تحالف بين الحراك والقاعدة لكن التطورات خلال السنوات الماضية  تبرهن على ان جنوب اليمن اصبح ليس فقط بيئة جاذبة للتطرف ولكن صانعة له ايضا  ولا يتسع المجال هنا لعرض الأسباب التي قادت الى مثل هذا التطور لكن الشيىء الذي لا يخطئه الحس أو الشعور هو ان الجنوب وبعد ان ظهر واضحا ان الجماعات المتشددة  باتت تشكل جزءا هاما من حراكه يتجه في حال اعادة تجزئة اليمن نحو اقامة دولة يسيطر عليها ليس الإخوان المسلمين كما اعتقد المحللون قبل سنوات ولكن  الجماعات الجهادية الأكثر تطرفا وتشددا
اما اليسار المنهك بصراعاته التاريخية والمحاصر بدماء الجنوبيين التي تم ازهاقها في حروب الرفاق، فان دوره في الجنوب يشهد تراجعا يوما بعد آخر. ويمثل بروز اليمين المتطرف ضمن عناصر الحراك وتبنيه لخيار العنف تطورا خطيرا يجعل فك الإرتباط  بمثابة  محاكاة لما يجري في الصومال. 

5. الصراع على  السلطة  


رغم ان فصائل الحراك تتحدث عن فك الإرتباط الا انها تخوض  فيما بينها صراعا  متفجرا على السلطة يبدو واضحا من خلال بحث كل طرف عن ممول داخلي او خارجي يمكنه الإعتماد عليه ومن خلال وجود تناقضات في الأهداف وخلافات حول الوسائل. وتقف حالة التفتت التي يشهدها الحراك حائلا بين الحراك وبين تحقيق  ما يمكن تحقيقه عن طريق الحوار الوطني الذي قد يكون آخر  فرصة لتحقيق ما يمكنه حفظ ماء الوجه.  

الخميس، 29 نوفمبر 2012

تشكيل لجنة الإنتخابات رقم 7

اصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي اليوم قرارا بتشكل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من الإخوة التالية أسماؤهم :-

 1- القاضي/ محمد حسين حيدر الحكيمي (رئيس اللجنة العليا للإنتخابات السابقة)
 2- القاضي/ خميس سالم الديني (نائب رئيس اللجنة العليا للإنتخابات السابقة)
 3- القاضي/ سامية عبد الله سعيد مهدي (عضو في اللجنة السابقة)
 4- القاضي/ عبد المنعم محمد حسن الارياني
 5- القاضي/شرف الدين عبد الله المحبشي (عضو في اللجنة السابقة)
 6- القاضي/علي سليمان علي
 7- القاضي/محمد عبد الله محمد السالمي (عضو في اللجنة السابقة)
 8- القاضي/ هاله سلطان أمين القرشي
 9- القاضي/محمد محمد احمد القاضي 

ويلاحظ على تشكيلة اللجنة: 

اولا، ان 5 من اصل 9 من القضاة هم اعضاء في اللجنة السابقة (اللجنة السادسة وقد شكلت في عام 2010) مما يعني المحافظة الى حد كبير على الوضع الراهن. 

 ثانيا، دخل 4 اعضاء جدد الى اللجنة مقابل خروج 4 من اللجنة السابقة. 

ثالثا، تضمنت عضوية اللجنة الجديدة قاضيتين وهو ما يعني ان نسبة تمثيل المرأة في اللجنة تصل الى اكثر من 20 في المائة وهي الأعلى منذ قيام الجمهورية اليمنية. وكانت امرأة واحدة فقط قد دخلت لجنة عام 1992 وغابت المرأة عن لجان عام 1993 وعام 1997 وعام 2003 ثم دخلت المرأة في عضوية اللجنة من جديد في عام 2010 حيث احتوت تلك اللجنة على عضوة واحدة. 

رابعا، من المشكوك فيه ان تتمكن اللجنة العليا للإنتخابات الجديدة في ظل الظروف القائمة من تحقيق اي تقدم في انتاج سجل انتخابي جديد أو التهيئة للإنتخابات القادمة وخصوصا في المحافظات الجنوبية الشرقية وفي محافظ صعدة الخارجة عن سيادة الدولة ما لم يتغبر الوضع الأمني او تتمكن الحكومة من السيطرة على جميع المحافظات  اليمنية

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

اعلان وفاة المشترك وميلاد تحالفي حرب

اعلن المبعوث الدولي جمال بن عمر بان القوى السياسية في اليمن اتفقت على توزيع مقاعد مؤتمر الحوار فيما بينها على النحو التالي: 

المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه: 112  مقعدا
حزب الاصلاح: 50  مقعدا
الحزب الاشتراكي: 37  مقعدا
الحزب الناصري: 30  مقعدا
الشباب: 40  مقعدا (ستسيطر عليها الأحزاب)
النساء: ٤٠ مقعدا (ستسيطر عليها الأحزاب)
منظمات المجتمع المدني: 40 مقعدا (ستسيطر عليها الأحزاب وخصوصا المؤتمر)
الحوثيون: 35  مقعدا
الحراك: 85 (ستسيطر عليها الأحزاب)
احزاب اخرى:    4 مقاعد
 
ويتضح من خلال التوزيع مسألتين مهمتين بشأن اللقاء المشترك: 
 
اولا، ان حزب اتحاد القوى الشعبية وحزب الحق قد ضمت حصتهما في مؤتمر الحوار الوطني الى حصة المؤتمر الشعبي العام وهو ما يعني رسميا انسلاخهما  عن اللقاء المشترك..

ثانيا، أن احزاب اللقاء المشترك المتبقية، وهي التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الإشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، قد دخلت الحوار بشكل منفرد.

ويمثل التطوران السابقان أوضح مؤشر على ان اللقاء المشترك قد انتهى دوره.. وهذا لا يعني بالضرورة ان اليمن أو قوى الثورة أو الأمل في بناء نظام ديمقراطي قد خسرت شيئا. كما انه لا يعني  ايضا ان الأمل في التغيير قد ازداد قوة أو اكتسب انصارا جدد من المعسكر القديم.
 
أن أسوأ ما في الخريطة التي ما زالت صماء حتى الان هو انها تعكس تبلورا لتحالفي حرب وليس لتحالفين لقوى حديثة مقابل قوى قديمة أو لقوى تدعم الإصلاح والتغيير في مقابل قوى تعارض الإصلاح والتغيير.. 
 
وواضح ان قوى الشر، ما لم تدخل اسماء ذات توجهات تغييرية ووطنية في القوائم الخاصة بها قد حصلت على اغلبية كبيرة كفيلة بان تجعل مؤتمر الحوار مقدمة لحرب  وليس تجنبا لها..    

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

الهوية والإصلاح السياسي: الجزء السادس والأخير



هذه مسودة اولية من ورقة عرضها الباحث في مؤتمر نظمته جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية حول الفرص والتحديات التي تواجه اليمن خلال الفترة الإنتقالية (19-21 اكتوبر 2012). يرجى عدم الإقتباس او اعادة النشر الإباذن الكاتب. جميع الملاحظات مرحب بها  ويمكن تقديمها من خلال مربع التعليقات في نهاية هذه الرسالة وسيتم الإشارة في هامش المسودة الثانية الى اسم اي شخص قدم ملاحظة مفيدة ساعدت في تطوير الورقة  

سادسا- مستقبل الإصلاح السياسي

جاءت المبادرة الخليجية شبيهة الى حد كبير بالمصالحة بين الجمهوريين والملكيين في عام 1970 وان كانت الأخيرة حملت الكثير من الوعود المؤجلة والتي لا يبدو ان القوى المتصارعة والموكل اليها تنفيذها تملك الدافع الحقيقي لتنفيذها. فقد استفادت الهويات الثلاث تاريخيا من، وساهمت بشكل كبير في، غياب دولة الأمة كهوية وطنية جامعة وناظمة للهويات الجزئية خلال كل مرحلة من مراحل التطور في اليمن. وساعد الهويات الثلاث على الديمومة الاقتصاد الريعي الذي كان وما زال سائدا في اليمن وتدني مستوى التنمية البشرية. كما ان هيمنة الفئات الثلاث على الحياة السياسية قد جعلها تتبنى مؤسسات سياسية مثل الانتخابات والنظام الانتخابي كفيلة بتكريس وجودها وهيمنتها.  

أ. الموقف من قضايا الإصلاح

سأل الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد الجديد عن رأيه في تبني الفدرالية في يمن ما بعد الثورة الشبابية وخصوصا في ظل مطالبة بعض القوى السياسية بذلك، رد الأحمر:

"ما كان عليه آباؤنا وأجدادنا سنسير عليه، فلا كونفيدرالية ولا فيدرالية، هذه المسميات والتقسيمات غربية، والأفضل أن نظل كما نحن عليه الآن، أي نظام محافظات، على أن يتم توزيع خيرات البلاد على كافة المحافظات والمحافظة التي فيها خيرات تمنح لها نسبة زيادة من الخيرات فوق ما يمنح للمحافظات الأخرى كون هذه الموارد ملكها وتوجد في أرضها ، في اليمن خيرات كثيرة، ولو لم يكن هناك فساد وسلب ونهب للخيرات لكانت نفعت كل أبناء اليمن ولكنا في خير، ولما وصلنا لما نحن عليه الآن [1]".

وكان صادق الأحمر صادقا بالفعل كما يعني اسمه  وقد عبر بوضوح عن ما يعتقد وما يمكن ان يطلق عليه النظرية السياسية لقبيلة حاشد، وهي نظرية لا يمكن فهمها بمعزل عن المكانة السياسية لحاشد ومشائخها وابنائها، فقوله "الأفضل ان نظل كما نحن عليه" يمثل دفاعا عن تلك المكانة وعن الدور الذي تلعبه قبيلته في الحياة السياسية وهو الدور الذي لا يضمن انها وبحكم صغرها وتركزها في منطقة جغرافية صغيرة يمكن ان يستمر في ظل الدولة الفدرالية. 

وعلى العكس من موقف شيخ حاشد الجديد فإن النائب محمد ناجي الشائف نجل الشيخ ناجي الشايف قال في جلسة لمجلس النواب عقدت في 27/12/2011  ان الفدرالية امر لا مفر منه وعلى  الجميع القبول به قبل ان يرغموا على القبول بخيارات أخرى.  وعاد الشايف ، الذي ينتمي الى قبيلة لها تواجدها في 9 محافظات، لتأكيد موقفه من الفدرالية في لقاء مع صحيفة الجمهورية نشرته في 27 مارس 2012 حيث قال:

"نعم انا دعوت للفدرالية منذ وقت مبكر وسأظل ادعو واناضل من اجل هذا النظام، قد يكون بعض اخواننا لا يريدون الاعتراف بأن هذا النظام هو الأنسب للبلد ، لكن الاعتراف بالحق فضيلة، ونحن في المحافظات الشمالية بحاجة الى هذا النظام اكثر من المحافظات الجنوبية."[2]   

وفي اشارة الى الهيمنة التاريخية لحاشد، يتسائل الشايف في ذات المقابلة "صنعاء وعمران هي التي تحكمنا من قبل الوحدة، فلماذا لا يحكم شخص من الحديدة أو من حجة أو اي محافظة أخرى؟" لكن موقف الشيخ الشايف يبدو انه اقتضته ضرورات معارضة حاشد اكثر من تعبيره عن قناعة حقيقية. ففي جلسة لمجلس النواب يوم 11 يوليو 2012 قال الشائف مهاجما محمد سالم باسندوة رئيس حكومة الوفاق الوطني الذي لا ينتمي جغرافيا الى المنطقة المهيمنة على الحكم  قائلا "انا لا اعترف بهذه الحكومة ولا برئيسها فهو ليس من اصول يمنية.."

وربما كان موقف الشايف من باسندوة متأثرا بالصراع بين حاشد وبكيل وخصوصا وان مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا ما تحدثت عن هيمنة الشيخ الحاشدي حميد الأحمر على قرارات الحكومة. لكن هناك ما يرجح بان موقف الشايف من باسندوة ينبع من ثقافة وتوجه معين لا يرى  في المنتمين الى غير الهويات الثلاث المتقاتلة على السلطة بشرا كاملين بدليل ان والده الشيخ ناجي الشائف ارسل مرافقيه لقتل الدكتور حسن مكي نائب رئيس الوزراء بعد ملاسنة بين الإثنين خلال اجتماع للجنة العامة في عام 1994. وبينما نجا مكي من الموت في ذلك الوقت فقد قتل اثنين من مرافقيه ثم تم حل الخلاف قبليا.

وظهر فيما بعد ان موقف الشيخ الشايف من حكومة باسندوة مدفوعا بمحاولتها ايقاف مخصصات للمشايخ في الموازنة العامة للدولة تصل الى حوالي 60 مليون دولار سنويا. كما ان حكومة باسندوة التي تشكلت بموجب المبادرة الخليجية، كانت تطالب الشايف بمديونية لوزارة الكهرباء تصل الى حوالي ربع مليون دولار.  

ويرى الهاشميون بشكل عام، وشأنهم في ذلك شأن بكيل، ان الفدرالية كشكل للدولة تتيح لهم الفرصة للهيمنة على البلاد من اسفل الى اعلى باعتبارهم، وعلى العكس من حاشد وبكيل، قوة مستنيرة منتشرة في مختلف المحافظات. ولعلهم يتذكرون انه قبل قيام الوحدة بين الشمال والجنوب كانت اهم  مواقع الدولة الجنوبية وهما موقع امين عام الحزب الاشتراكي، موقع رئيس الدولة، وموقع رئيس الحكومة  يشغلها اما هاشميين أو حلفاء لهم.

وقد عمل الهاشميون منذ قيام الوحدة ومن خلال تواجدهم في حزب المؤتمر الشعبي العام واحزاب المعارضة على الترويج للفدرالية بمختلف الطرق. واتضح خلال مرحلة الثورة ان الهاشميين ركزوا على  خلق مركزين اقليمين داخل اليمن بالإضافة الى مركزي صنعاء  وصعدة،  وهما المركز الجنوبي الذي تتعدد داخله المراكز ومركز تعز. واذا كان هاشميون ممثلون لأحزاب مختلفة قد كتبوا وثيقة العهد والاتفاق خلال الفترة 1993-1994 بما تضمنته من ترتيبات فدرالية  فإن ذلك ربما لم يكن محض صدفة.  فمع قيام دولة الوحدة ثار في اليمن جدل كبير حول الفدرالية بعد ان صدر كتاب بعنوان "نحو يمن لا مركزي" لمؤلفه الهاشمي زيد الوزير  يؤكد فيه ان الحل لمشاكل اليمن يكمن في الفدرالية.  

ولا تتوقف اختلافات القوى الثلاث بشأن الإصلاح السياسي عند شكل الدولة ولكنها تتصل كذلك بشكل النظام السياسي. فهناك ما يبعث على الاعتقاد ان عددا كبيرا من البيوت الهاشمية المؤثرة سياسيا تعمل في تنسيق وتناغم تام  من داخل الأحزاب ومن خارجها  على احياء الإمامة الدستورية التي تم تبنيها بعد انقلاب عام 1948 الهاشمي الذي اطاح بحكم الإمام يحيى حميد الدين ونصب عبد الله الوزير اماما بدلا عنه. ورغم ان عبد الله الوزير نفسه تم اعدامه بعد فشل الإنقلاب هو والكثيرين غيره الإ ان الكثير من اقاربه واقارب انصاره الذين تم اعدامهم  نزحوا من اليمن  ويعتقد انهم يعملون من مهاجرهم على استعادة امامة 1948 الدستورية.

2. الفرص والمخاطر

لم يكن غريبا ان الوجوه التي ظهرت في مواقع السلطة عقب ثورة فبراير 2011 لم تختلف كثيرا عن الوجوه التي عرفها الناس في عهد الرئيس المخلوع. وبالمثل فإن اساليب الحكم المتعبة حتى الان لم تختلف عن تلك التي كانت متبعة في عهد صالح. ولعل ذلك يعود الى حقيقة ان الصراع السياسي في اليمن ومنذ اربعينيات القرن الماضي وحتى اليوم  لم يكن يدور حول برامج ورؤى سياسية "كيف يتم الحكم ومن خلال اي مؤسسات؟" وان كانت القوى المتصارعة  قد طرحت مثل تلك الرؤى بشكل متكرر بقدر ما كان يدور حول "من يحكم؟"  واذا كانت ثورة الـ26 من سبتمبر 1962 قد نجحت في نقل السلطة من الهاشميين ، دون ان تقصي بالضرورة الهاشميين، الى انصارهم  التاريخيين في حاشد وبكيل دون ان تلامس طريقة الحكم ذاتها فإن السؤال اليوم هو عما اذا كان بامكان ثورة فبراير 2011 ان تحقق ما لم تحققه الثورات السابقة.  وليس هناك جوابا واضحا حتى الان. وكل ما يمكن قوله هو ان هناك فرص  للنجاح وهناك مخاطر مرتبطة بتلك الفرص وذلك على النحو التالي:    
   
أ. الصراع داخل حاشد

يمثل الصراع بين مراكز حاشد الثلاثة فرصة للدفع بقوة نحو اصلاح سياسي جذري. ومع ان اقطاب حاشد يمكنهم، في سبيل الحفاظ على مصالحهم المشتركة، ان يتعايشوا مع بعضهم حتى وان لم يتمكنوا من تجاوز خلافاتهم الداخلية، الإ انه سيكون من الصعب عليهم تجاوز تطلعات الفئات المختلفة من ابناء الشعب اليمني نحو التغيير. ويتوقع ان تخسر مراكز القوى الثلاثة داخل حاشد الكثير من السلطة والنفوذ من خلال الحوار الوطني والعملية السياسية السلمية اكثر مما خسرت نتيجة للصراع العنيف بين اقطابها،  لكنها ستظل ربما لوقت طويل افضل من غيرها من حيث النفوذ والقوة.

ب. بروز تيار الزمرة

ادت الترتيبات التي جاءت بها المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية الى صعود المشير عبد ربه منصور هادي الى موقع الرئيس الانتقالي. وبالرغم من ان تعيينات هادي سواء أكانت من صفوف تيار الزمرة أو من غيرهم محسوبة في الغالب على محسن الإ ان هناك تعيينات رغم عددها المحدود مثل تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى تظهر أن هادي يملك بدوره مشروعه الخاص لتثبيت السلطة. ويشكل دخول تيار الزمرة كشريك في السلطة وتولي عناصره لمواقع هامة داخل الدولة فرصة للتفتيت التدريجي للاحتكار التاريخي للفئات الثلاث للسلطة ولإحداث التحول المطلوب للسلطة من الأقلية الى الأكثرية وخصوصا اذا تمكن هادي من  استيعاب تيار الطغمة الجنوبي الذي  بات يشكل العدو التاريخي للزمرة.   

وبينما تمثل شراكة الزمرة للهويات الثلاثة المهيمنة فرصة للإصلاح السياسي فانها ايضا تحمل مخاطرة. فقد يسعى هادي وهناك مؤشرات تدل على وجود مثل هذا التوجه الى تثبيت سلطة تيار "الزمرة" ذات الطابع المناطقي.  ومع ان فرص هادي في النجاح ضئيلة جدا ان لم يكن لشيىء  فلإن القوى الثلاث المهيمنة تتركز في وحول العاصمة صنعاء في حين ان هادي سيجد نفسه هذه المرة يحارب خارج ارضه وبعيدا عن جمهوره الإ ان محاولة هادي تثبيت سلطة مناطقية ستؤدي الى اجهاض مشروع بناء الدولة المدنية على الأقل خلال الأجلين القريب والمتوسط
    
ب. تنامي قوة الهاشميين

ساهمت ثورة 11 فبراير 2011  بطرق مختلفة في تنامي القوة السياسية والعسكرية للهاشميين وكذلك تطلعاتهم للعودة الى السلطة من جديد ان لم يكن بذات الشروط التي حكموا بها قبل سقوط الإمامة فبشروط قريبة منها. ويشكل النفوذ المتنامي للهاشميين وحلفائهم قيدا كبيرا على محاولات اطراف حاشد استعادة السيطرة على السلطة أو التقليل من معدلات خسارتهم لها.  لكن هذه الفرصة تمثل ايضا مخاطرة اذا ما تمكن الهاشميون من تحقيق تطلعاتهم التاريخية.
 
ج. الحراك الإنفصالي

بالرغم من ان الحراك الجنوبي سواء في نشأته أو تطوره لم يكن بمعزل عن الصراع السياسي الدائر سواء بين الهويات الثلاث المهيمنة على السلطة أو بين اقطاب القبيلة الحاكمة الإ ان الحراك وكما هي دائما طبيعة الحركات  السياسية اصبح له وجود ما مستقل  عن الأطراف المحركة له. وتشكل مطالب الحراك  من هذا المنظور عامل ضغط كبير في اتجاه الإصلاح السياسي وان كان يمكن ان يدفع مثله مثل العوامل السابقة نحو الإحتراب الأهلي وصوملة الدولة والمجتمع.

د. الدور الخارجي

ادت الثورة الشبابية الشعبية التي بدأت في اليمن في 11 فبراير وما صاحبها من قمع وصدامات مسلحة بين الهويات الثلاث وبعيدا في الغالب عن الشباب والأحزاب الى تدخل دولي واتفاقات بين الأطراف المتصارعة برعاية اقليمية ودولية على خطوات محددة لنقل السلطة سلميا تفضي الى بناء نظام ديمقراطي. وتمثل الدول العشر الراعية للاتفاقات قوة ضاغطة في اتجاه الإصلاح السياسي بما تملكه من تحرر نسبي من نفوذ وسيطرة الهويات الثلاث. لكن الرهان على الخارج،  في ظل تناقض مصالح الخارج واهدافه وفي ظل  الاستثمار الكبير الذي قد يتطلبه اي تدخل فعال، لا يعتبر واقعيا وقد يمثل وصفة للفشل.   

4. التوصيات

لم تنجح ثورة 11 فبراير 2011  حتى اللحظة في تحقيق التغيير الذي يتطلع اليه اليمنيون لأسباب كثيرة أهمها الصراع بين الهويات الثلاث المهيمنة تاريخيا على السلطة وحساباتها الضيقة. وما فعلته الثورة الشبابية هو انها بلورت الية للإصلاح السياسي  وابرزت مجموعة عوامل ضاغطة في اتجاه الإصلاح السياسي كما تم شرحه سابقا.

ويمثل مؤتمر الحوار الوطني الموعود، والذي لن يكون في جوهره سوى حوار بين هذه الهويات الثلاث من جهة وبينها من جهة ومكونات الشعب اليمني الأخرى من جهة ثانية، النقطة التي سيتحدد من خلالها نجاح الثورة اليمنية أو فشلها. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تفشل الهويات الثلاث في اطار دفاعها عن مصالحها ومناوراتها وتكتيكاتها مؤتمر الحوار الوطني أو تعمل على  اعاقة تنفيذ الإصلاحات التي يخرج بها وبنفس الطريقة التي افشلت  بها عملية التغيير عن طريق الثورة؟    

والجواب ان هذا امر ممكن. ولا يمكن تجنبه الا بتبني سياسات معينة أهمها:

1.     نزع السلاح الثقيل والمتوسط للجماعات الثلاث قبل اي حوار وطني وتنظيم دخول السلاح الى البلاد
2.     ضمان عدم سيطرة هذه الفئات مجتمعة او كل على حده على عملية التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني
3.     تخليص قوات الجيش والأمن من سيطرة الرئيس المخلوع واقاربه  وتخليصها من الولاءات للأشخاص والتأكد من عودتها الى ممارسة وظائفها التي وجدت من اجلها مع العمل على اعادة بنائها على اسس وطنية ومهنية كما نصت على ذلك الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية وعدم السماح لأي فصيل اجتماعي او سياسي بالسيطرة على قوات الجيش.
4.     بناء الجهاز الإداري للدولة على اساس الكفاءة وبعيدا عن التقاسمات ايا كان نوعها وعن مراكز القوى المنتمية الى الهويات الثلاث أو اي هويات أخرى
5.     تحديد هوية الدولة التي يمثل غيابها احد اسباب الصراع بين الهويات الثلاث من جهة وبينها وبين مكونات المجتمع اليمني الأخرى من جهة ثانية.
6.     اختيار شكل الدولة وشكل النظام السياسي واي ترتيبات مؤسسية اخرى اعتمادا على دراسات علمية تركز على نشر السلطة في المجتمع راسيا وافقيا وبما يمنع تركزها جغرافيا، مؤسساتيا، أو فرديا أو اسريا مع  مراعاة حاجة البلاد الى بناء الدولة المركزية القوية القادرة على تحقيق التنمية المتوازنة والعادلة.
7.     التركيز على بناء ومأسسة الأحزاب  السياسية ومساعداتها على تطوير هويات سياسية مستقلة وتبني نظام انتخابي نسبي يساعد في اعادة بناء الحياة السياسية بعيدا عن  الهويات الضيقة
8.     ايجاد الية مناسبة في اطار مؤسسات الدولة لتمثيل الهويات الثلاث وغيرها من الهويات الأولية وبما يكفل تعبيرها عن رايها بالطرق السلمية ومنعها من التحول الى عائق لعملية بناء الدولة.
9.     محاربة الفساد والمحسوبية لإنها تكرس الدولة كغنيمة وتكرس بالتالي الصراع عليها 
10. اعطاء اولوية في عملية التنمية وبسط نفوذ الدولة للمناطق التي تتركز فيها هذه الفئات


[1] صادق ناشر، "صادق الأحمر للخليج: ارفض الفدرالية ومستعد لمحاورة القاعدة"، الخليج (الإماراتية)، 3 ابريل 2012
[2] "الشيخ محمد ناجي الشايف للجمهورية: احمد علي عبد الله صالح مرشح المؤتمر الشعبي العام للرئاسة في 2014"، الجمهورية، 27 مارس 2012