الاثنين، 29 ديسمبر 2008

ثمان سنوات في حياة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر




د. عبد الله الفقيه

أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء


عاش الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، تغمده الله بواسع رحمته، حياة طويلة حافلة بالعطاء وغنية بالأحداث والتطورات. وعاصر الشيخ، منذ ميلاده في حصن حبور ظليمة في حاشد في عام 1933 وحتى وفاته في أواخر عام 2007، الملكية والجمهورية والتشطير والوحدة. عاصر الإمام يحيى حميد الدين والإمام احمد حميد الدين من بعده. وشهدت حياة الشيخ تعاقب خمسة رؤوسا على ما كان يعرف بالجهورية العربية اليمنية أو اليمن الشمالي وخمسة آخرين على ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو اليمن الجنوبي. وقامت وسقطت خلال حياة الشيخ عشرات الحكومات.

ولا يمكن اختزال 75 عاما من حياة الشيخ ومن تاريخ البلاد في مقال كهذا ولا حتى في مقالات أو كتب أو مجلدات. لكن الكاتب سيحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على ثمان سنوات من حياة الشيخ الراحل ومن التاريخ الوطني، وهي السنوات التي بدأت بقيام الثورة في شمال اليمن في عام 1962 وانتهت بالمصالحة بين الملكيين والجمهوريين في عام 1970. ويزعم كاتب هذا المقال ان تلك السنوات الثمان مثلت مفترق طرق في حياة الشيخ. فقد حولته من شيخ لقبائل حاشد إلى شيخ لليمن كلها ومن غريم لآل حميد الدين إلى صانع للرؤساء الجمهوريين، ومن نزيل في سجن المحابشة إلى شيخ للبرلمانيين والدبلوماسيين والى رمز وطني يلتف حوله المشايخ والمثقفون والسياسيون.

الإمامة تحتضر

شهد النصف الأول من القرن ال20 الكثير من الأحداث التي غيرت مجرى التاريخ الإنساني. وكان ابرز تلك الأحداث هي الثورة الروسية في عام 1917 والحرب العالمية الأولى (1914-1918) وإنشاء عصبة الأمم في 1919 والحرب العالمية الثانية (1939-1945) واختراع الطائرة والقنبلة الذرية وتأسيس الأمم المتحدة. كما شهد أيضا الكثير من التحولات على الصعيد الدولي. فقد تلاشت دول وظهرت أخرى محلها. واضمحلت التعددية القطبية ليحل محلها الثنائية القطبية. أما على الصعيد الإقليمي، فقد شهدت الفترة تقاسم القوى الكبرى للأراضي التي كانت تسيطر عليها الإمبراطورية العثمانية، بدء اضمحلال الإمبراطورية البريطانية، قيام الكيان الصهيوني على أراضي فلسطين، نمو وتصاعد حركات المد القومي والتحرر الوطني، وغيرها من الأحداث التي وضعت المنطقة على عتبة عهد جديد.

ولم تكن اليمن، برغم سياسات العزلة التي اتبعها آل حميد الدين، بعيدة عن المخاضات التي تشهدها الدول العربية الأخرى ودول العالم الثالث بشكل عام. فقد ظهرت في اليمن وتنامت حركة معارضة قوية للإمامة الوراثية التي أسسها محمد حميد الدين في نهاية القرن التاسع عشر وللسياسات الأنانية التي تم إتباعها.

وبلغت المعارضة لآل حميد الدين أوجها باغتيال الإمام يحيى حميد الدين وقيام ما يطلق عليه ب"ثورة 1948" والتي نقلت الإمامة من بيت حميد الدين إلى بيت الوزير. وقد تمكن ولي العهد احمد حميد الدين والملقب بسيف الإسلام من القضاء على ثورة 1948 ، وإعلان نفسه إماما ومنح نفسه لقب "الناصر لدين الله." وأعدم بعد ذلك العشرات من المشاركين في الثورة وفي مقدمتهم عبد الله بن احمد الوزير الذي كان قد عين إماما. وبدلا من أن يعمل على تدارك أخطاء والده وإصلاح أوضاع البلاد والتكيف مع المتغيرات من حوله، فان الإمام احمد وفي تحد للشعب، أصر على السير على نهج أبيه في الوقوف في وجه التغيير وفي سفك دماء معارضيه بما في ذلك بعض إخوانه.

وقد عمل الإمام احمد بسبب شكه بدعم المشايخ لحركة التغيير على استهدافهم. وكان مشايخ حاشد من آل الأحمر في مقدمة المستهدفين بعد ان كان الإمام احمد قد خاض العديد من المعارك الحربية معهم في عهد والده الإمام يحيى، وذلك بهدف تقليص نفوذهم. ومع ان مشايخ بيت الأحمر لم يساندوا ثورة عام 1948 ضد الإمام يحيى الا أن تباطؤهم في الحشد ضد تلك الثورة قد زاد من ضغينة الإمام احمد ضدهم. ولم يكن ممكنا لتلك الضغينة سوى ان تزيد بظهور شعبية الشيخ حميد بن حسين بن ناصر مبخوت الأحمر بين شيوخ القبائل إثناء غياب الإمام احمد في روما للعلاج.

وكما يذكر الشيخ عبد الله في مذكراته، فان حقد الإمام احمد على آل الأحمر هذه المرة لم يكن بسبب زعامتهم لحاشد، بل بسبب شعوره بان الشيخ حميد بن حسين بن ناصر بدأ ينازعه ملكه من خلال قيادة حركة التغيير. ولذلك فقد قام الإمام أحمد فور عودته من روما باعتقال المشايخ الذين التفوا حول حميد بن حسين بن ناصر وهدم بيوتهم وقلع أشجارهم. ولم يكتف الإمام العليل بإيداع الشيخ حسين بن ناصر الأحمر ونجله الشيخ حميد في السجن. بل بلغ به الفجور ان أمر بإعدامهم بينما كان الشيخ عبد الله نفسه يراجعه في إطلاق سراحهم.

وفي تلك الظروف العصيبة في حياته وبعد ان أمر الإمام بإعدام أخيه ثم أبيه من بعده، تم وضع الشيخ عبدالله في سجن المحابشة حيث ظل هناك حتى سقوط الإمامة.

قيام الثورة

تولى الإمام يحيى حميد الدين السلطة لمدة بلغت حوالي الثلاثين سنة (1918-1948). وتولى الإمام أحمد السلطة بعد مقتل أبيه لمدة بلغت حوالي 14 سنة (1948-1962). أما الإمام محمد البدر، نجل الإمام احمد حميد الدين، فلم تزد فترته في السلطة عن الأيام السبع (19 سبتمبر-25 سبتمبر 1962). فقد تحولت الدماء التي سفكها آل حميد الدين في سبيل البقاء في السلطة إلى سيل جارف سرعان ما أطاح، والى الأبد بأذن الله، بالحكم ألإمامي العنصري وأقام على أنقاضه نظاما جمهوريا.

كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر ما زال في سجن المحابشة عندما قامت ثورة ال26 من سبتمبر. وقد ابتهج الشيخ الشاب الذي كان على وشك إكمال العقد الثالث من عمره كثيرا بقيام الثورة. ولم يكدر عليه فرحه بقيامها سوى سماعه بان الإمام المخلوع محمد البدر قد تمكن من الخروج من تحت أنقاض قصره وتوجه نحو جبال حجة كما فعل والده الإمام احمد بعد ثورة عام 1948، وانه بدأ في تجميع القبائل لمحاربة الثورة.

وقد أيد الشيخ عبدالله الثورة لحظة سماعه بقيامها دون تردد أو وجل أو خوف من النتائج. ثم توجه إلى صنعاء ليقف في صف الثورة. وقد وصل إليها في ال30 من سبتمبر، أي بعد 4 أيام من قيام الثورة. وعبر إذاعة صنعاء، ألقى الشيخ كلمة دعا فيها حاشد والقبائل الأخرى للالتفاف حول الثورة والجمهورية والدفاع عنهما. ومن صنعاء توجه الشيخ الشاب مصحوبا بسرية من فوج البدر ومجموعة من الضباط نحو حاشد التي خرجت عن بكرة أبيها للقائه. ولم يضع الشيخ وقتا في زيارة عائلته. بل توجه بقبائل حاشد ومن كان معه من ضباط وأفراد الجيش لملاحقة الإمام البدر.

الرعيل الأول

التقى الشيخ عبد الله، ولأول مرة في حياته، بابي الأحرار اليمنيين محمد محمود الزبيري في ال30 من سبتمبر، أي في نفس اليوم الذي وصل فيه إلى صنعاء قادما من المحابشة. كان الزبيري قد وصل بدوره وفي نفس اليوم من القاهرة. وكان الشيخ عبد الله، شأنه شأن الكثير من اليمنيين، قد تأثر بالزبيري وفكره وتوجهاته حتى قبل أن يلتقيا. ويصف الشيخ علاقته بالزبيري بعد قيام الثورة واللقاء وجها لوجه والعمل معا بأنها "علاقة الداعية مع من يؤيده ويتبعه." وقد تأثر الشيخ كثيرا بدعوة الزبيري إلى بناء نظام جمهوري ديمقراطي شوروي جوهره الإسلام ووفقا لمبادئ الثورة. وتأثر أيضا بموقف الزبيري من التواجد المصري في اليمن والذي قام على الترحيب بالدعم العسكري المصري مع معارضة التدخل في الشئون اليمنية.

ولم يكن تأثر الشيخ بالشهيد الزبيري عابرا أو مؤقتا. يقول الشيخ عبد الله انه وبعد استشهاد الزبيري في مطلع ابريل عام 1965 "تعمق شعوري بان الشهيد الزبيري قد أوصاني بمواصلة نهجه ومسيرته ولهذا شعرت باني مسئول وان هذه المسئولية حملني اياها شهيدنا الزبيري وهذا الشعور هو الذي جعلني أواصل السير على هذا النهج وفي خط الزبيري ما استطعت وحتى ألقى الله." وكان الشيخ عبد الله صادقا فيما قال. فقد أثبتت الأحداث اللاحقة والمواقف التي اتخذها الشيخ من كل قضية وفي كل منعطف عمق التأثير الذي تركه الشهيد الزبيري في فكر وسلوك الشيخ عبد الله.

ولم يكن الزبيري هو وحده الذي أثر على توجهات وقناعات الشيخ وان كان الأكثر تأثيرا. ففي خلال تلك الفترة سيلتقي الشيخ وسيتعرف عن قرب وفي أحلك الظروف وأصعب المواقف بالرعيل الأول من المثقفين والوطنيين اليمنيين مثل القاضي عبد الرحمن الإرياني، الأستاذ محمد احمد نعمان، الأستاذ احمد محمد نعمان، الأستاذ عبد الملك الطيب والقاضي عبد السلام صبرة، وغيرهم. وسيتأثر الشيخ ب، كما سيؤثر على الكثير من الذين عرفهم خلال تلك المرحلة.

الأحداث الجسام

تعددت الأدوار التي لعبها الشيخ في الدفاع عن العهد الجديد. ولعل ابرز تلك الأدوار قد تمثلت في العمل العسكري الميداني دفاعا عن الثورة والجمهورية وهو الدور الذي كان له أثره البالغ في تعزيز القناعات والتوجهات السياسية لديه. وستساهم الأحداث الجسام التي شهدتها السنوات الثمان بين 1962-1970 في تشكيل وترسيخ الوعي الوطني والقومي للشيخ. فمجيء المصريين إلى اليمن لدعم الثورة والتضحيات التي قدمها المصريون كان لها أثرها الإيجابي في التوجهات القومية للشيخ والتي ستبرز بعد ذلك في مواقفه الداعمة للقضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين.

لكن التدخلات المصرية في الشأن الداخلي ومحاولات الهيمنة على القرار السياسي اليمني أزعجت الشيخ كثيرا وعززت لديه الشعور بأهمية الاستقلال بالإرادة الوطنية. وسيزداد ذلك الشعور قوة بتصاعد الممارسات القمعية للمصريين بشكل مباشر أو من خلال نظام السلال. وسيعارض الشيخ خلال تلك المرحلة محاولات السعوديين والمصريين فرض الحلول على اليمنيين من خلال مؤتمر حرض الذي عقد في نوفمبر 1965. وسيشعر الشيخ عبد الله بمرارة بالغة عندما يعلم بان أعضاء الحكومة اليمنية الذين ذهبوا إلى مصر ليشكو السلال والقوات المصرية إلى عبد الناصر قد تم اعتقالهم ووضعهم في السجون ومعاملتهم كمجرمين.

وسينسى الشيخ عبد الله ومن معه من الجمهوريين خلافاتهم مع المصريين ومع نظام السلام بعد نكسة 5 حزيران. وسيرسل الشيخ ومن معه رسالة إلى الرئيس عبد الناصر يعرضون عليه فيها السفر إلى مصر ب10 ألف مقاتل لمساندة الجيش المصري ودعمه لاسترجاع الأراضي التي استولى عليها العدو.

معارضة العسكر

ثار اليمنيون على حكم آل حميد الدين لأسباب كثيرة أهمها الاستبداد والطغيان وحكم الفرد. وظن اليمنيون عند قيام الثورة أن حكم الفرد ولى إلى غير رجعة. وإذا بهم يفاجئون وهم يحاربون أعداء الثورة من جبل إلى جبل ومن واد إلى واد بان الرئيس السلال ذو الخلفية العسكرية يحاول الإنفراد بالقرار السياسي. وفي الوقت الذي رحب فيه اليمنيون بالدعم العسكري المصري للثورة اليمنية، فإنهم سرعان ما اختلفوا حول التدخل المصري في الشأن السياسي اليمني والذي تجاوز كل حد باعتراض المصريين على تعيين بعض الشخصيات في الحكومة أو حتى في السلك الدبلوماسي.

ومن الواضح ان الشيخ عبدالله ومن خلال تجربته وزملائه مع السلال ومع القيادات العسكرية المصرية ونظام عبد الناصر قد طوروا توجها رافضا للحكم العسكري. ولذلك عمل الشيخ عبد الله وزملاؤه بعد خروج المصريين من اليمن اثر نكسة 5 يونيو حزيران 1967 على نقل الحكم إلى المدنيين والتأكيد على القيادة الجماعية للدولة. وقد تحقق لهم ذلك من خلال حركة ال5 من نوفمبر التي نقلت السلطة من الرئيس عبد الله السلال إلى المجلس الجمهوري الذي ترأسه القاضي عبد الرحمن الإرياني وهو المدني الوحيد من بين 5 رؤوساء تعاقبوا على شمال اليمن.

وسيضاف مبدأي "حكم المدنيين" و" القيادة الجماعية" إلى مبدأ "نظام جمهوري ديمقراطي شوروي" الذي دعا إليه الزبيري وآمن به الشيخ وعمل على تحقيقه في حياته. وخلف هذه المبادئ الثلاثة التي اعتنقها الشيخ يختفي قلق متجذر لديه من مخاطر الحكم الفردي. وربما تعود جذور ذلك القلق ليس فقط إلى تجربة الشيخ مع نظام السلال ولكن أيضا إلى ظروف النشأة الأولى للشيخ والى الطريقة التي حكم بها الإمام يحيى ومن بعده نجله الإمام احمد والتي عاصرها الشيخ كفتى ثم كشاب. وقد تعزز عداء الشيخ للحكم الفردي بفقدانه لوالده وأخيه على يد الإمام احمد.

المجلس الوطني

لم تصل السنوات العاصفة في حياة الشيخ إلى نهايتها بانتقال السلطة إلى المدنيين. فقد أدى خروج القوات المصرية من اليمن وإبعاد السلال عن السلطة إلى فتح شهية الملكيين لإسقاط النظام الجمهوري. وبلغت تطلعات الملكيين ذروتها بحصارهم لصنعاء في مطلع عام 1968. لكن تكاتف الجمهوريين عسكريين ومدنيين والدور الذي لعبه الشيخ عبد الله وغيره من المشايخ وضباط الجيش والفعاليات المدنية والشعبية أدت كلها إلى إفشال الحصار على صنعاء، وكان ذلك في الثلث الأول من شهر فبراير عام 1968. ولم تنته الحرب بانتهاء الحصار. فقد استمرت المعارك في مناطق متفرقة حتى أواخر عام 1969. لكن فشل الحصار الملكي على صنعاء قد أفسح الطريق أمام الجمهوريين للمضي قدما في تحقيق بعض الأهداف والتطلعات.

وكان أهم تلك الأهداف هو تأسيس "المجلس الوطني" الذي سيجسد على ارض الواقع احد التطلعات التي ناضل اليمنيون في سبيل تحقيقها منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. ومع ان المجلس الوطني، الذي عقد أول اجتماع له في منتصف مارس 1969، كان معينا وليس منتخبا الإ انه كان ممثلا لمختلف الفئات الاجتماعية المناصرة للثورة. وقد انتخب المجلس في أول اجتماع له، الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رئيسا للمجلس. وليس هناك ابلغ في التعبير عن الارتياح الشعبي الذي قوبل به إنشاء المجلس من الرسالة التي بعث بها الأستاذ احمد محمد نعمان إلى الشيخ عبد الله بن حسين بالمناسبة حيث كتب يقول: "اليوم آمنا أن الشعب هو الذي يحكم وانه صاحب السلطة." وأضاف في عبارة تفيض بالمشاعر الصادقة "لقد قلت للكثير أن ظهور عبد الله بن حسين الأحمر على رأس المجلس الوطني هو ظهور حقيقة شعبنا ببطولاته وأمجاده وحضارته وتاريخه." وسيكون أهم منجز للمجلس الوطني هو إقرار الدستور الدائم لما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية.

ومع حلول عام 1970 كان السعوديون قد وصلوا إلى قناعة بصعوبة إعادة الملكية إلى اليمن. ولم يجدوا بعد خروج القوات المصرية من اليمن مبررا للاستمرار في دعم الملكيين. ولذلك عملوا على دعم مصالحة بين الجمهوريين والملكيين وعلى ان يتم الاحتفاظ بالنظام الجمهوري واستيعاب بعض الشخصيات الملكية في الحكومة والمجلس الوطني والسلك الدبلوماسي. وفي 27 يوليو 1970 اعترفت المملكة العربية السعودية بما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية ليكون ذلك الاعتراف بمثابة النهاية لمرحلة عصيبة من التاريخ اليمني.

مرحلة جديدة

تفتح وعي الشيخ عبد الله في العقد الثاني من عمره على مسئوليات الأسرة والقبيلة وعلى العلاقة الصراعية التي ربطت أسرته المشيخية بالأئمة من بيت حميد الدين. وفي العقد الثالث من عمره خبر الشيخ عن قرب ظلم وبطش وغطرسة الأمام احمد حميد الدين. ووجد الشيخ نفسه في سجن المحابشة بعد أن أمر الطاغية بإعدام والده الشيخ حسين بن ناصر وأخيه الشيخ حميد بن حسين بن ناصر الأحمر.

وإذا كان جده الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر قد رجح كفة يحيى حميد الدين في تولي الإمامة فان الشيخ عبد الله خلال العقد الرابع من عمره سيرجح كفة الثورة التي ستطيح بألف ومائة سنة من حكم الأئمة. وإذا كان جده قد حسم الإمامة لصالح يحيى حميد الدين بتلويحة من عصاه، فان حسم ثمان سنوات من الحرب بين الملكلية والجمهورية لصالح الجمهورية ستحتاج إلى خوض الحرب على جبهات متعددة وبأسلحة متنوعة. وستكون السنوات الثمان بين عام 1962 و1970 بمثابة سنوات الخلاص للوطن. أما بالنسبة للشيخ فستكون مرحلة الحرب الأهلية بمثابة سنوات بناء وتثبيت التوجهات الوطنية والقومية والتي ستظل تحكم مواقفه السياسية لما تبقى من حياته.

الخميس، 25 ديسمبر 2008

في احدث تقرير له عن الأوضاع الإقتصادية والمالية في اليمن..
البنك الدولي يحذر من آثار الأزمة المالية العالمية وينتقد سياسات البنك المركزي ويدعو الى سن قانون لتحديد سقف النمو السنوي للعجز وللدين العام..ويحدد تكلفة اعادة بناء مادمرته السيول في حضرموت ب1.7 مليار دولار

المصدر: dralfaqih.blogspot.com

حذر البنك الدولي في احدث تقرير له عن الوضع الإقتصادي في اليمن (ديسمبر 2008) من ان الجمهورية اليمنية التي لم تتأثر كثيرا بالمرحلة الأولى من الأزمة المالية العالمية قد تواجه تحديا كبيرا خلال المرحلة الثانية من الأزمة وخصوصا اذا طالت الأزمة وتعمقت آثارها على الإقتصادات العالمية। واشار التقرير الى ان الحكومة اليمنية قد تجد صعوبة بالغة في الحصول على العملات الصعبة لتمويل وارداتها ومشاريعها الإستثمارية وان الأزمة المالية قد تؤثر بشكلعلى عائدات اليمن من التجارة الخارجية، الإستثمار الخارجي، وعائدات المغتربين وهي القطاعات التي تمد الإقتصاد اليمني بحاجاته التمويلية واضاف التقرير ان المرحلة الثانية من الأزمة قد تؤثر على قطاعات البنوك، العقارات، التوظيف، ومعيشة الناس بشكل ملحوظ.
وانتقد التقرير سياسات البنك المركزي اليمني المتصلة بالتضخم الذي بلغ معدله خلال العامين الماضين حوالي 16% مشيرا الى ان البنك المركزي يتبع سياسة نقدية لا تقوم على اهداف واضحة وانما عبارة عن ردود افعال. ودعا البنك الدولي الحكومة الى سن قانون يحدد سقفا للعجز السنوي للموازنة ولمعدل نمو الدين العام.
وفيما يتعلق بالاثار التي خلفتها السيول التي هطلت على حضرموت في اكتوبر الماضي قدر البنك الدولي المتضررين بقرابة ثلاثة ارباع المليون شخص. وقدر البنك تكلفة ما دمرته السيول ب1.7 مليار دولار 22% منها يتصل بالبنية الأساسية كالطرق مشيرا الى ان تكلفة اعادة البناء سيكون لها اثرها على الموازنة العامة.
وحذ التقرير من اثار القرصنة على قدرة اليمن على جذب الإستثمار الخارجي مشيرا الى ان الفشل في السيطرة على ظاهرة القرصنة قد يعني القضاء على جهود اليمن المتعلقة بجذب الإستمثارات وخصوصا في المحافظات الجنوبية.
وكانت الحكومة اليمنية قد اتخذت قرارا قبل ايام بخفض موازنة الدولة بنسبة 50% وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول نجاعة الخطوة وآثارها المحتملة على الإقتصاد الوطني. ويقول خبراء ان التزام الحكومة بالخفض سيعني ارتفاعا صاروخيا في معدلات البطالة وتراجعا كبيرا في النمو الإقتصادي وفي معدل دخل الفرد وسيقود الى انهيار قطاعات المقاولات. وفي حال عدم التزام الحكومة بالخفض فان عجز الموازنة قد يصل في حال استمرار الأسعار في الإنخفاض الى 80% وهو ما قد يقود الى تطورات اقتصادية لاتقل سوءا عن سابقتها وخصوصا بالنسبة للتضخم وسعر العملة الوطنية.


الجمعة، 12 ديسمبر 2008

صورة مصغرة للمجتمع اليمني!





لخصها د. عبد الله الفقيه

لو افترضنا ان عدد سكان اليمن هم فقط 1000 شخص فان الصورة التي يمكن رسمها لأوضاعهم الحياتية تبدو مخيفة.
o هناك 410 شخص لا يستطيعون القراءة والكتابة
o هناك 340 شخص قادرون على القراءة والكتابة فقط
o هناك 750 شخص لا يحملون أي مؤهل دراسي
o هناك 120 شخص تمكنوا من إكمال التعليم الأساسي—الصف الأول وحتى التاسع
o هناك 80 شخص فقط تمكنوا من إكمال الثانوية العامة
o هناك 23 شخصا فقط حاصلين على مؤهل جامعي أو أعلى من الجامعي
o هناك 400 شخص يجدون صعوبة في الحصول على حاجتهم من الغذاء والكساء.
o يعيش 600 شخص في مناطق تجعلهم معرضين للإصابة بالملاريا
o يعاني 750 شخصا من أمراض متصلة بتلوث المياه
o يعاني 400 شخص من سوء التغذية
o سيموت 200 شخص قبل ان يبلغوا الأربعين من العمر
o سيعيش 580 شخص فقط حتى يبلغون ال65 من العمر على افتراض عدم اندلاع حروب أهلية في حين ان 420 شخصا سيموتون قبل بلوغ ذلك السن
o يعيش حوالي 270 شخصا في الحضر بينما يعيش 730 شخصا في الريف
o يحصل حوالي 400 شخص فقط على خدمة الكهرباء بينما يعيش 600 شخص في الظلام
o يتلقى كل شخص فقط 16 دولارا في السنة كدعم خارجي افتراضي ويستولي على ذلك الدعم عدد صغير من الأشخاص
o يملك 15 شخصا فقط كمبيوترات شخصية
o يستخدم 10 أشخاص فقط الإنترنت
o يملك 39 شخصا فقط خط تلفون ارضي
o يملك 95 شخص فقط خط تلفون سيار
o هناك 132 شخصا فقط يعملون. أما الباقون فلا يمارسون أي عمل اما لأنهم لا يبحثون عن عمل أو لأنهم يبحثون ولكن لا يجدون عملا.
o يتولى 132 شخص إعالة 868 شخصا
o يملك 50 شخصا 95% من ثروات البلاد بينما يملك 950 شخصا 5% من الثروة

الجمعة، 14 نوفمبر 2008

الجمهورية اليمنية وقشة الديمقراطية

د. عبد الله الفقيه

ذهب الدكتور ناصر محمد ناصر في مقال له نشرته صحيفة الوسط بتاريخ 3 سبتمبر الماضي إلى استبعاد ان يواصل النظام السير نحو إجراء انتخابات برلمانية من طرف واحد، ورجح في تحليله عودة النظام إلى ما تم الاتفاق عليه مع المشترك حول الإصلاحات الانتخابية وحول اللجنة العليا للانتخابات، وذلك لان الوضعين الداخلي والخارجي، كما قال، لا يسمحان له بالإنفراد بالعملية السياسية. والكاتب إذ يتفق مع النتيجة التي توصل إليها الدكتور ناصر فانه يسعى من خلال هذا المقال إلى تحليل الوضعين الداخلي والخارجي للنظام اليمني القائم ليبين ليس فقط استحالة إجراء انتخابات من طرف واحد ولكن أيضا المخاطر الكبيرة التي تتهدد الوحدة الوطنية ووحدة التراب الوطني في حال أصر الحاكم على المضي في طريق "اللاشرعية."
الوضع الداخلي
برغم النبرة الإعلامية الحادة للنظام اليمني في مواجهة معارضيه في الداخل والخارج الإ ان الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان هي ان النظام ومعه البلاد يمران بأسوأ المراحل ويواجهان من التحديات ما لم يواجهان في أي مرحلة من المراحل خلال قرابة 20 عاما من عمر الوحدة اليمنية. فعلى الصعيد الداخلي يواجه النظام خلال المدى القريب ثلاث تحديات سياسية خطيرة ناهيك عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
فعلى الجبهة الشمالية يواجه النظام منافسا سياسيا عنيدا لم تزده خمس جولات من الحرب سوى قوة وتمكينا. وإذا كان النظام قد توفق في اتخاذ قرار إنهاء الحرب ولو من طرف واحد وأوقف من خلال تلك الخطوة حركة الهرولة نحو القاع فان الشيء الذي لم يتوفق فيه النظام هو الطريقة التي تم بها إنهاء الحرب والتي جاءت أشبه ما تكون بإعلان الاستسلام وقبول النظام بشروط المتمردين. وقد قام الرئيس قبل أيام فقط من إنهاء الحرب وبعدها بجولة على عدد من المعسكرات وتحدث خلال زياراته لتلك المعسكرات عن ضرورة التركيز على الكيف قبل الكم في إشارة ضمنية إلى فشل الجيش في تحقيق مهمته في صعدة. وجاءت التغييرات لعدد من القادة لتزيد من التأكيد على ان ما حدث هو هزيمة عسكرية للنظام بالرغم من ان تلك التغييرات ربما صبت في اتجاه آخر.
وكان النظام موفقا كذلك في رفضه لقيام هيئة الفضيلة التي سعى لإنشائها عدد من مشايخ العلم ومشايخ القبائل وفي رفضه لفكرة تشكيل جيش شعبي لمواجهة الحوثيين لان كل من المشروعين يتناقض بشكل صارخ مع نصوص الدستور ومع الحد الأدنى من السيادة الداخلية والخارجية ويعني في حال القبول به المزيد من الإضعاف للنظام والتعطيل للدستور وتهيئة البلاد لحرب مذهبية طاحنة. لكن الشيء الذي لم يتوفق فيه النظام هو الطريقة التي تم بها رفض الفكرتين والتي بدت أشبه ما تكون بقيام النظام بحرق الجسور التي عبر عليها. ضف إلى ذلك ان الطريقة التي تم بها إنهاء الحرب، ودون ترتيبات واضحة، لا يمكن ان تفهم سوى على انها قبول بوجود تشكيلات عسكرية خارج الدستور والقانون.
وجاء انقلاب النظام على التعديلات المتفق عليها في قانون الانتخابات وقيامه بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من طرف واحد وإصراره على العمل خارج الدستور والقانون لتصب في خدمة المتمردين والإنفصاليين وخصوم النظام بشكل عام. ومهما حاول الإعلام التقليل من الخطوة وتصويرها بأنها جزء من "الديمقراطية" الإ ان الدلالات الخطيرة لها لا تخفى على كل ذي بصيرة. فهي من جهة بدت والسياسة تتأثر كثيرا بالإدراك أكثر من تأثرها بحقيقة الواقع الذي يتم إدراكه وكأنها تصب لصالح المتمردين وتضعف خصومهم السياسيين، وتزيد من اختلال توازن القوى الاجتماعية.
والأهم من ذلك هو ان تلك التطورات ألغت عمليا الانتخابات كآلية للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، وهو ما يعني تثبيت قاعدة ان السلطة مستمدة من فوهة البندقية وليس من صندوق الاقتراع.
وفي ظل فشل بندقية النظام في وضع نهاية للصراع في صعدة، فان إصرار النظام على الاستمرار في انتخابات من طرف واحد لن يعني سوى المزيد من الانكشاف لأمن النظام والبلاد وكلاهما يقوم على توازنات قبلية ومذهبية وسياسية دقيقة تشكل خط الدفاع الأول في مواجهة نزعات التطرف والإرهاب والقوى التي تسعى لتوظيف العنف كطريق للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها. وستتهيأ البلاد نتيجة للأوضاع القائمة—ما لم يتم تدارك الأمور بسرعة— لحرب طائفية مدمرة قد لا يتمكن احد من منع اندلاعها أو السيطرة على مجرياتها إذا اندلعت. وسيكون من الخطأ عزل الهجمات الإرهابية الأخيرة للقاعدة والتي لم تشهد البلاد مثيلا لها من قبل عن الخلل الذي اعترى التوازنات الاجتماعية والمذهبية الدقيقة وعن الدوافع الطائفية خلف الإرهاب.
وإذا كان الوضع على الجبهة الشمالية يشكل تهديدا للأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، فان الوضع في الجنوب يشكل تهديدا متزايدا لوحدة التراب الوطني. فقيام انتخابات شكلية تفتقر إلى قوة وعدالة القواعد القانونية ودستورية الإجراءات ستقدم اكبر دعم للقوى الداعية للانفصال لأنها ستطيح بقشة الديمقراطية التي قامت على أساسها الوحدة اليمنية والتي ستظل دائما أهم الضمانات لاستمرار الوحدة اليمنية.
أما التحدي الثالث الذي يواجهه النظام فيتمثل في الانقسام في صفوفه إلى عدة تيارات يسعى كل منها إلى تعزيز مواقعه في السلطة على حساب التيارات الأخرى. وتشير الطريقة التي تم بها رفض التعديلات على قانون الانتخابات في مجلس النواب وطريقة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات إلى ان التطورات التي تمت حتى الآن تخدم تيارا واحدا في السلطة وان كان التربص بين التيارات مازال قائما وعلى أشده. وقد عبر الصراع الدائر بين أجنحة السلطة عن نفسه بعدة طرق. لكن الانتخابات القادمة، وفي ظل غياب القوى السياسية الفاعلة، ستشكل مفترق طرق للصراع الدائر بين تلك التيارات وستتحول الإنتخابات في نظر الفرقاء إلى مباراة صفرية مثلها مثل لعبة الشطرنج حيث يكسب طرف كل شيء وتخسر الأطراف الأخرى كل شيء. ولأن السياسة تختلف عن الشطرنج فان الأرجح وفي ظل الأوضاع الاجتماعية القائمة هو أن "فوهة البندقية" هي التي ستسود. لكن البندقية التي ستمتلك الشرعية إذا ما حدث أمر مثل هذا لن تكون بندقية النظام ولكن بندقية الشارع.
الوضع الخارجي
أدت حروب صعدة الخمس إلى اضطراب علاقات اليمن بالعديد من الدول وخصوصا إيران وليبيا وهو اضطراب كان يمكن—شأنه في ذلك شأن الحرب ذاتها— تجنبه. وإذا كانت الجولة الرابعة من الحرب قد توقفت نتيجة للتوصل، بواسطة ورعاية قطرية، إلى اتفاقين بين النظام اليمني والمتمردين الحوثيين، فقد خسر النظام بخوضه الجولة الخامسة من الحرب علاقاته المتميزة مع قطر بما تضمنته تلك العلاقات من دعم سياسي واقتصادي كبير.
وجاءت الطريقة التي تم بها إيقاف الجولة الخامسة من الحرب لتزيد علاقات النظام بالمملكة العربية السعودية توترا وخصوصا في ظل خطاب اعلامي معاد للسعودية وللجماعات اليمنية المحسوبة على السعودية كشيوخ بعض القبائل والسلفيين والإخوان المسلمين. لقد جاءت طريقة إيقاف الحرب بما تنطوي عليه من غموض وما تثيره من أسئلة لتعزز من المخاوف السعودية بشأن نوايا النظام اليمني تجاه السعودية. ولعل الحملة الإعلامية التي استهدفت السعودية والتسريبات لبعض التقارير بشأن المطالب اليمنية بممتلكات المغتربين التي تم مصادرتها خلال أزمة الغزو العراقي للكويت وغير ذلك من الأمور قد زادت طين العلاقات اليمنية السعودية بلة.
ولا يمكن فهم الاستهداف الذي يتعرض له حزب التجمع اليمني للإصلاح وهو حزب محافظ وذو طابع سني وكذلك القوى القبلية والسلفية بمعزل عن التوتر في العلاقات اليمنية السعودية وعن التوتر الطائفي الذي ساهمت في إيقاد جذوته حروب صعدة الخمس والسياسات غير الرشيدة. ولا يمكن في ظل سياق كهذا لإجراءات النظام بشأن الإصلاحات الانتخابية وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من طرف واحد سوى ان تزيد من قلق النظام السعودي من وجود توجه داخل النظام اليمني يسعى لتصفية القوى القريبة سياسيا وإيديولوجيا ومذهبيا من السعودية لصالح القوى المعادية للسعودية.
ومع ان السعوديين قد يقبلون، في ظل التعقيدات الدولية القائمة، بخسارة القوى القريبة منهم سياسيا لقوتها في انتخابات حرة ونزيهة الإ إنهم لن يقبلوا بلا شك بان يتم إسقاط التوازن السياسي القائم والذي يضمن امن المملكة لصالح توازن جديد مصطنع يمكن ان يشكل خطرا على استقرار بلادهم. ويدرك النظام جيدا ان لدى السعوديين الكثير من الأوراق القوية التي يمكن لعبها ضد النظام. ولعل ابرز تلك الأوراق هي ورقة المغتربين اليمنيين في السعودية. وتثبت التجربة التاريخية ان السعوديين قد يلجئون إلى تكرار الطريقة التي تم بها التعامل مع النظام اليمني في عام 1990 إبان الغزو العراقي للكويت حيث تم إلغاء الاستثناء الذي كانت تمنحه السعودية للعمال اليمنيين من شرط وجود الكفيل السعودي وهو ما أدى إلى عودة مئات الآلاف من اليمنيين المهاجرين إلى السعودية وذلك في غضون بضعة أسابيع. وقد أدى القرار السعودي حينها إلى دخول الاقتصاد اليمني في حالة غيبوبة لم يفق منها حتى الآن. وقد شهدت الأشهر الماضية تلويحا سعوديا واضحا بلعب ورقة المغتربين. لكن النظام ربما لم يلتفت لها.
ويشكل الوضع في الجنوب ووجود الكثير من الجماعات الداعية للانفصال في دول الخليج وأوروبا الغربية وأمريكا الشمالية كرتا آخر يمكن للسعودية لعبه لزعزعة الأوضاع والدفع بالنظام اليمني نحو الانهيار وان كان هذا الكرت يبدو من الخطورة في تداعياته بحيث يجعل السعوديين يترددون في استخدامه خوفا من عواقبه الوخيمة ليس فقط على النظام اليمني ولكن على السعودية ذاتها.
وبالنسبة لعلاقات النظام اليمني بالولايات المتحدة الأمريكية فليست بأفضل حال من علاقاته بالدول الأخرى. من جهة، عانت علاقات الدولتين خلال السنوات القليلة الماضية من حالات مد وجزر وممانعة وموالاة. وفي الوقت الذي ظلت فيه الولايات المتحدة وعلى نحو متكرر تمارس الضغوط على النظام اليمني بشأن الحرب على الإرهاب فإنها ظلت تمني النظام اليمني وعلى نحو متكرر بالدعم السخي من خلال صندوق الألفية مشترطة العديد من الإصلاحات المرتبطة بمكافحة الفساد والشفافية وغيرها. والملاحظ ان النظام اليمني فد فشل وعلى نحو متكرر في إحراز الدرجات المطلوبة لكل معيار من المعايير التي وضعتها هيئة تحدي الألفية. ولم تسفر تفاعلات الحكومتين اليمنية والأمريكية خلال السنوات الثمان الماضية عن شعور الأمريكيين بالرضا التام عن جهود الحكومة اليمنية في مواجهة الإرهاب أو على صعيد الإصلاحات الداخلية. كما لم تسفر عن الرضا اليمني التام بان الأمريكيين قد قدموا للحكومة اليمنية الدعم التنموي الذي لطلما انتظروه.
وهناك الكثير من المؤشرات على ان قلوب الأمريكيين لم تعد مع النظام الحالي. ولعل ابرز تلك المؤشرات هي الحملة الإعلامية الدولية التي قادها الأمريكيون ضد النظام خلال النصف الأول من هذا العام والتي دشنتها صحف الواشنطن بوست والنيويورك تايمز وعدد من محطات التلفزة الأمريكية والتي لا يمكن ان تفهم سوى على أنها تمهد لإسقاط النظام. ورغم ان تلك الحملة توقفت فجأة وبالتزامن مع انتهاء الحرب في صعدة الإ انه من المستبعد ان يكون عصر الأزمات في العلاقات اليمنية الأمريكية قد ولى وان صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين قد فتحت.
قشة الديمقراطية
سيكون من الخطأ اختزال مشاكل اليمن وأزماته في شخص أو أسرة أو حزب أو قبيلة أو أقلية مسيطرة أو سلطة ومعارضة. فالتحديات أكثر شمولا وعمقا مما يتصور البعض. ومع ان الديمقراطية ليست حلا سحريا لمشاكل اليمن الإ أنها ومهما كانت ضعيفة تظل القشة التي يمكن للنظام وللبلاد التعلق بها في مواجهة أزمات تزداد عددا وتعقدا بمرور الأيام...وعلى اليمنيين جميعا في الداخل والخارج وأصدقاء اليمن والحريصين على وحدته الجغرافية والوطنية واستقراره الضغط على النظام للعودة إلى الشرعية..وعلى قادة الرأي والمفكرين والوطنيين أن يراجعوا النظام قبل فوات الأوان.. ولا ينبغي أن يخاف اليمنيون طلقات الرصاص التي توجه إلى الرؤوس. فحياة اليمني كفرد مرتبطة بشخصه لكن حياة الوطن مرتبطة بمستقبل الأبناء والأهل والأقارب والجيران والزملاء في العمل وكل الأشياء الجميلة التي يحبها الناس ويعيشون من اجلها.

السبت، 11 أكتوبر 2008

مجلس آباء وليس مجلس نواب-- مقابلة مع صحيفة العاصمة

ترحّم على الإمام وهدد بانضمامه للحوثية وحذّر من حرب طائفية وشيكة إذا لم يتم العودة إلى الشرعية الديمقراطية

أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء..د/عبدالله الفقيه لـ"العاصمة":

السجل الانتخابي الجديد سيفرز مجلس آباء وليس مجلس نواب

واليمن عاجزة أمام نشرالقوات الدولية في خليج عدن

الدكتور عبد الله الفقيه ـ أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء ـ أحد الأركان السياسية المستقلة في البيت اليمني، يحب الوطن إلى حد القسوة..يكره الظلم إلى درجة المواجهة .. يغمر الآخرين بتواضعه الشامخ وبساطته الراقية.. يتقن فن ابتسامة الغضب ..يجيد لغة الصمت الهادر.. إذا سكت أسمع ..وإذا تحدث أقنع ..وإذا انتقد أوجع..

وفي هذا الحوار يتطرق الدكتور الفقيه إلى العديد من مستجدات القضايا السياسية على الساحة اليمنية..

حاوره/عبدالله مصلح

ً

*كيف تقرأون المشهد السياسي؟

- خطر...خطر...خطر. واذا اخذنا مجمل التطورات على الساحة من حرب صعدة واحداث الجنوب والتوجه نحو الإطاحة بالالية الديمقراطية وهجمات القاعدة يمكن القول ان احتمال اندلاع حرب أهلية طائفية في اليمن خلال المدى القريب قد ارتفع الى حوالي 80 في المائة وهو مستوى من الخطورة لم تصل اليه الأوضاع في أي وقت منذ قيام الجمهورية اليمنية في عام 1990م.

*لا بد أنك تمزح؟

- (يضحك)...لا يمكن للإنسان أن يمزح في أمر مثل هذا..إنما قد يخطئ في اجتهاده..السقوط السريع للتوازنات السياسية والإجتماعية داخل الدول وبين الدول يقود في الغالب إلى اندلاع الحروب..هكذا يعلمنا التاريخ.

*ما أسباب سقوط هذه التوازنات السياسية والاجتماعية؟

- هناك تطورات معينة.. ومن ضمنها تطورات الأحداث في صعده والجنوب، وظهور توجه نحو التعطيل التام للآلية الديمقراطية والشرعية الدستورية...هذه التطورات أطاحت وتهدد بالإطاحة بالتوازنات السياسية والإجتماعية الدقيقة والهشة بطبيعتها، وما لم يتم تدارك الوضع بالعودة الى الشرعية الدستورية والقانونية والمعالجة السلمية والحكيمة للوضع في صعدة والجنوب فإن فرص تجنب حدوث الكارثة ستنخفض وقد تتلاشى تماما خلال الأشهر القليلة القادمة..

*من الذي يسعى إلى تعطيل الآلية الديمقراطية؟

- السلطة بالطبع. لكن السلطة بالطبع ليست شيئا واحدا. فهناك الرئيس وهناك الحزب الحاكم. وهناك اطراف اخرى داخل السلطة. وعلى كل حال فان المسئولية تقع على الرئيس بالدرجة الأولى بموجب اختصاصاته المحددة في الدستور وعلى الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام حتى وان لم يكن حاكما كما يقول بعض اعضائه.

* لكن الحزب الحاكم ينفي تأجيله للانتخابات ،والمعارضة حتى الان لم تعلن مقاطعتها للانتخابات؟

- التعطيل لا يعني بالضرورة تأجيل الإنتخابات او الغائها وان كان حدوث ذلك هو افضل بالتأكيد من التعطيل الذي يفرغ الإنتخابات من اي مضمون حقيقي. لقد كان لدى النازيين انتخابات وكان لدى الفاشيين انتخابات. وكان لدى الشموليين انتخابات. لكني لا اعرف احد يمكن ان يقول انه كان لدى النازيين او الفاشيين او الشموليين ديمقراطية بمعنى انتخابات تنافسية..بالنسبة للمعارضة فلقد سمعنا الأستاذ عبد الوهاب الآنسي امين عام الإصلاح يقول انها لن تقاطع ولن تشارك وهذا القول يعطي مؤشرا على حدة الأزمة وعلى ان المشترك يحتفظ بخياراته مفتوحة. وجهة نظري الشخصية هي انه لا شرعية بدون ديمقراطية ولا ديمقراطية بدون انتخابات تنافسية ولا انتخابات تنافسية بدون مشاركة احزاب اللقاء المشترك لإن المشترك يمثل 96 في المائة من المعارضة المنظمة حزبيا.

* بالعودة الى التوازنات، ألا تعتقد ان سياسة التوازنات هي التي تقود البلاد من سيىء الى أسوأ؟

- إذا أردنا الانتقال من سياسة التوازنات التي أثبتت الظروف أنها مصدر لعدم الإستقرار فإن الطريقة الوحيدة للانتقال هي تفعيل الآلية الديمقراطية وقيام انتخابات برلمانية تنافسية تتوفر لها كافة شروط النجاح..أما السباحة ضد التيار فقد تؤدي بل ستؤدي حتماً إلى انتكاسة..هناك حقائق سياسية على الواقع لا يمكن تجاوزها بجرّة قلم أو بجلسة برلمانية لا تستمر سوى بضع دقائق..

*ألا ترى أن مافعله الحزب الحاكم في مجلس النواب هو حق قانوني للأغلبية؟

- بالطبع لا. نحن لا نتكلم هنا عن اعتماد اضافي او عن موازنة الدولة او عن سياسة معينة بل نتكلم عن القواعد الدستورية والقانونية التي توجد الأغلبية والأقلية وتحدد السلطة والمعارضة ...القول بحق حزب الأغلبية في تحديد قواعد اللعبة السياسية يتناقض تماما مع ابسط قواعد الديمقراطية واذا كانت هذه هي الديمقراطية فرحم الله الإمام.

*هل هذا هو تقييمك لأسلوب الحزب الحاكم في تعامله مع أحزاب المعارضة؟

- نعم فهو تعامل لا يخلو من غرابة..يريدون ديمقراطية ويريدون ان يختاروا الحكام وان يحددوا قواعد اللعب بمفردهم وان يؤسسوا الأحزاب وينسخوها وان يحددوا من يصل الى مجلس النواب ومن لا يصل..فماذا بقي لنا من الثورة والجمهورية. هذا اسلوب للتخريب وليس للبناء..ولا بد من العودة والتعامل مع الإشياء بعقلانية..فحتى الجنون يحتاج الى عقل...

*وما تفسيرك للموقف الناعم الذي تبديه المعارضة؟

- قد يكون ناتج عن شعور بخطورة الوضع، وبأن أي خطوة غير محسوبة قد تساهم في زيادة الوضع سوءً، وقد يكون ترقب وانتظار لأن يعيد الحزب الحاكم النظر في الوضع من منطلق المسئولية الوطنية، وقد يكون هناك اتفاقات من نوع "سايكس بيكو"

*كيف؟

- هناك العديد من الإحتمالات. فاتفاق السلطة والمعارضة حول التعديلات لقانون الإنتخابات وحول اللجنة العليا تمت مع طرف معين في السلطة وعن طريق التواصل وليس الحوار. وخلال التواصل بين المشترك والسلطة كان هناك طرفا في السلطة يعارض بشدة ذلك التواصل. ثم ان الذي اسقط الإتفاق حول قانون الإنتخابات ليس نفس الفريق الذي اتفق مع المشترك. وانت في اليمن وهناك في السلطة منهم اقرب الى المعارضة منهم الى السلطة في حين ان هناك في المعارضة من أهم اقرب الى السلطة منهم الى المعارضة. وفي جو كهذا لا ينبغي لمحلل مثلي ان يستبعد اي احتمال. والأيام القادمة هي التي ستكشف حقيقة ما يجري.

* ما آثار مثل هذه الاتفاقات إن وجدت ؟

- مثل هذه الاتفاقات إن وجدت لن تقود سوى إلى الكوارث لإنها ايضا تتناقض مع الديمقراطية.

*إذا كان هناك اتفاقيات فلماذا تلجا المعارضة إلى الحوار مع الشارع؟

- انا لم اقول ان هناك اتفاقات وانما قلت قد. واذا وجدت مثل تلك الإتفاقات فقد تكون مجرد مشروع صغير يشكل تقاطعا بين قوى السلطة والمعارضة. اما بالنسبة للحوار فلن يكون مع الشارع بالمعنى الحرفي. والحوار الوطني على كل حال فكرة ممتازة إذا لم يتم استغلالها من قبل هذا الحزب أو ذاك أو هذه القوة أو تلك لخدمة مشروع صغير.

*مثل ماذا مثلاً؟

- لدينا مشاكل في شمال الشمال ولدينا مشاكل في الجنوب ولدينا مشاكل كامنة في اكثر من ركن وزاوية. ولدينا فئات اجتماعية مظلومة وتراكمات تاريخية يعحز عن حملها الجبال. والحوار الوطني بقدر ما يمثل فرصة لتعميق الوحدة الوطنية والتصدي للظلم والفساد والدفاع عن الوحدة والثورة والجمهورية فانه يحمل الكثير من المخاطر.

*وكيف يمكن تجنب هذه المخاطر؟

- الأمل في أحزاب اللقاء المشترك هو أن تحسب خطواتها بشكل دقيق حتى لا يتحول الحوار إلى عبء على الوطن، وأنا مع الحوار كمخرج للبلاد شريطة أن يكون آخر الكي، وأن لا يتم اللجوء اليه الإ بعد التأكد من ان الآلية الانتخابية قد أغلقت تماما.

*لماذا؟

- للاسباب التي اشرت اليها في اجابتي على سؤال سابق ولأسباب اخرى. وكما قلت في البداية فان مجمل التطورات في البلاد خلال الأشهر الماضية بما في ذلك التوجه نحو الغاء الديمقراطية قد رفع احتمالات قيام حرب أهلية على خطوط طائفية الى 80 في المائة. وفي وضع متفجر مثل هذا وحضور دولي مكثف في خليج عدن وازمة مالية دولية سيكون لها بالتأكيد تداعياتها على اليمن ينبغي للمعارضة ان لا تجاري السلطة في جنونها..بل لا بد من الإستفادة من اخطاء السلطة

* يعني يظل المشترك بانتظار تنازل اللحظات الأخيرة قبل تنفيذ الحوار الوطني؟

-لا بد من الوعي أن هناك مسؤولية تاريخية تفرضها الظروف علينا جميعا فلن تغفر لنا الأجيال القادمة إن نحن وقفنا متفرجين في حين أن الوطن تتهدده الأخطار،كما أنها لن تغفر لنا إن نحن جعلنا الأوضاع أسوأ مما هي عليه، أو لعبنا دور المعجّل للانهيار..فليكن شعارنا جميعا اذا هو الوطن أولا والسلطة ثانياً..لكن هذا لا يعني ان تنتظر احزاب اللقاء المشترك حتى اللحظة الأخيرة.

*وماذا يعني؟

- رأيي الشخصي هو انه اذا بدأت لجان وزارة التربية والتعليم في افساد ما تبقى من صلاح السجل الإنتخابي فان باب الآلية الإنتخابية يكون قد اغلق تماما. وسنعرف هذا خلال 10 ايام او اكثر بقليل

* برأيك ما هو سرّ الانزعاج الكبير الذي يبديه الحاكم تجاه الحوار الوطني الشامل؟

- اذا كان منزعجا فذلك يبعث على الأطمئنان. الخوف هو انه لا يبالي. ومع انه لم يتكون لدي تصور واضح حول الحوار الوطني الشامل الذي ينوي المشترك تنفيذه حتى الآن الإ انني وبحكم تخصصي استطيع القول ان اللعبة السياسية خلال السنوات السابقة قد كانت اشبه ما تكون بمبارة كرة قدم بين فريقين. وسيكون الحوار الوطني الشامل اشبه بدعوة جماهير المتفرجين للنزول من المدرجات للمشاركة في اللعب.

*وماذا عن الأمسيات السياسية الرمضانية والعيديات العسكرية التحريضية التي أقامها الحزب الحاكم؟

- أنا لم أرى منها سوى وجهها الإعلامي، وهو وجه قبيح لا أريد الحديث عنه ،لإنه لا يساعد كثيرا في زحزحة الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية..كنت أتمنى لو استغلت السلطة تلك الإمكانيات التي تم توظيفها لإقامة تلك الأمسيات في تحسين خدمات الكهرباء او تخفيف ازمة الغاز أو الديزل او اشباع مجموعة من الجائعين..فخطوة مثل هذه كانت ستجعل النظام اكثر شعبية..اما التركيز على تحقيق انتصارات اعلامية وتحريض بعض الوطن على بعضه الآخر فسياسة غير موفقة ولم تعد تتناسب مع العصر. ثم ان انقطاع الكهرباء ساعة الأفطار يقول من الكلام ما لا يستطيع اي مسئول في الدولة كبير او صغير قوله في سنة..

*بالنسبة لهموم المواطنين فهناك من يرى أنها ليست في أجندة الطرفين (السلطة والمعارضة)؟

- تأثير المواطن في السياسة ما زال محدودا بسبب الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي تحاصره، وما زالت العلاقة بين المواطن والسياسي علاقة انتفاعية وانتهازية الى حد كبير. فالمواطن في الغالب يمكن ان يصوت للفاسد والجاهل واللص اذا كان يمكن ان يحصل على عوائد من ذلك حتى وان كانت تلك العوائد غير مشروعة او على حساب المصلحة الوطنية. وبهذه الطريقة تعيد الأوضاع انتاج نفسها ..هذا الوضع قد يتغير اذا ما قررت احزاب اللقاء المشترك المضي قدما في الحوار الوطني..

* لكن هذا لا يعفي السلطة والمعارضة من واجباتهما تجاه هموم المواطنين؟

- تقع المسئولية بالدرجة الأولى على السلطة. اما المعارضة فان مهمتها الأساسية هي التعبير عن هموم ومطالب وتطلعات المواطنين من خلال نضالها السلمي في الوصول الى السلطة. المعارضة لا تستطيع شق الطرق او بناء المدارس وهي خارج السلطة. وتكون المعارضة مقصرة بحق المواطنين عندما تخذلهم في معارضتها وتغلب مصالح قاداتها او تتواطأ مع السلطة ضد هم وضد مصالحهم..

*هل استفادت المعارضة من حواراتها السابقة مع الحاكم خلال السنوات السابقة من وجهة نظرك؟

- يشكل الحوار ضمانة هامة للاستقرار السياسي، وبناء الديمقراطية، وتطوير الثوابت الوطنية. لكن يفترض أن الأحزاب تحاور لتعيش ولا تعيش لتحاور..

*ماذا تقصد بذلك؟

- اقصد ان الحوار ركن اساسي من اركان الديمقراطية ..انه للديمقراطية مثل الوضوء للصلاة..لكن الأحزاب لا يمكن ان تشغل نفسها بالحوار والحوار فقط. فالوضوء في آخر المطاف لا يغني بحد ذاته عن الصلاة.

*كأكاديمي وكمراقب سياسي ما الذي تتوقع أن تقوم به كلا من السلطة والمعارضة في الأيام القادمة بشأن الانتخابات؟

-لا استطيع ان اقول لك ما ستقوم به السلطة والمعارضة..لكني استطيع ان اقول لك ما الذي ينبغي ان تقوما به.. عليهما العودة فورا الى مجلس النواب واقرار التعديلات المتفق عليها في قانون الإنتخابات واعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقا لما تم الإتفاق عليه، وعندها سيكون البلد في وضع افضل..وستكون السلطة في وضع افضل.. والمعارضة في وضع افضل..وانا ضد مطالبة المعارضة باكثر من ذلك وضد محاولات الحاكم الإلتفاف على ما تم الإتفاق عليه.

*كيف سيكون ذلك ولجنة الانتخابات الحالية بصدد إقرار اللجان الأصلية والأساسية والفرعية للانتخابات من موظفي التربية والتعليم؟

- سأتكلم هنا كمواطن يستميت في التمسك بحقوقه السياسية وليس كأكاديمي. بالطبع ما زلت اعتبر أن ما يجري الآن هو حلقة من حلقات "الكاميرا الخفية" لكن اذا كان هذا هو فعلا ما سينفذونه فانا اقول لهم ما قاله ابو الأحرار محمد محمود الزبيري:

والحكم بالغصب رجعي نقاومه وان لبس الحكام ما لبسوا

اسناد مهام السجل الإنتخابي لوزارة التربية والتعليم هو خطوة مسيئة لنا كبلد وكنظام سياسي وكشعب، وتتحمل اللجنة العليا للانتخابات وحدها وباشخاصها مسئولية الخطوات التي تقوم بها والخارجة (من وجهة نظري) على الدستور والقانون. وانا كمواطن له حقوق سياسية لن اشارك في تسجيل اسمي ولن اعترف باي برلمان تفرزه مهزلة مثل هذه واعرف الكثيرين الذين يشاركونني نفس الموقف..وسادرس بجدية خيار الإلتحاق بعبد الملك الحوثي لإن شرعية ما يقوم به ستكون اقوى من شرعية مجلس الآباء الذي ستفرزه وزارة التربية. انظر الى وضع التعليم لتعرف النتيجة التي سنحصل عليها في السجل الإنتخابي.

* (مازحاً) ولكن ماذا لو شارك الحوثي بالانتخابات ، ومنحت صعدة المؤتمر الأغلبية الكاسحة والمدمرة كما هو معتاد؟

- حدوث ذلك في ظل مشاركة اللقاء المشترك وفي ظل انتخابات حرة ونزيهة سيمثل نصرا للبلاد وللحزب الحاكم. اما حدوثه في ظل انتخابات شكلية فانه سيزيد من تعميق الأزمة الوطنية ويرفع احتمال قيام حرب طائفية الى 95% وسيحقق اعداء البلاد عن طريق السلم ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق خمس حروب الا وهو الدفع بالبلاد الى اتون حرب طائفية.

*ما مدى توفر عوامل إجراء الانتخابات النيابية القادمة؟

- حتى الان الصورة عائمة. نصيحتي للحزب الحاكم هو ان يعلق العمل بالدستور ويلغي الإنتخابات. فذلك افضل واكثر لياقة مما يحدث الان واقل في تأثيره السلبي وفي اخطاره مما يحدث الآن باسم التحضير للانتخابات..لن تجري انتخابات في ظل الترتيبات الحالية وانما انتكاسات..

*وإذا ما تمكن الحاكم من إقناع الخارج بدعم انتخابات أحادية؟

-لا يحتاج الحزب الحاكم الى اقناع الخارج بدعم انتخابات احادية ، فليس هناك من سيناريو يخدم مصالح الخارج في اليمن مثل السيناريو الذي يتم تنفيذه اليوم والقانون الدولي لا يحمي المغفلين. ومشكلة الخارج هي ان لديه قوالب جاهزة او وصفة طبية واحدة يعالج بها كل مريض. والنتيجة دائما سيئة..ويكفي ان تنظر للوضع في العراق او افغانستان لتعرف كيف يفكر الخارج.. وباختصار فان للخارج مشروعه الخاص الذي يحاول فرضه على الجميع وعلى طريقة حمل عبء "الرجل الأبيض" في تحرير الرجل الأسود.

* كيف؟

- للخارج مشاريعه الخاصة فهو اليوم لاعب اساسي على الساحة يفوق السلطة والمعارضة قوة. وهناك مؤشرات على ان ما يحدث اليوم يخدم مصالحه بشكل أو بآخر او هو يعتقد ذلك. والخارج عندما يتورط في الداخل نادرا ما يصيب وغالبا ما يخطأ. هناك اطراف كثيرة تريد تغيير اليمن اليوم بطرق مختلفة وخارج اطار الشرعية والديمقراطية. والخارج قد لا يتردد في الدفع بالبلاد الى حرب طاحنة لا تبقي ولا تذر اذا اعتقد ان مثل تلك الحرب يمكن ان تحقق له التغيير السريع. قتل الناس لجعلهم ليبراليين ومسالمين وقابلين للتحضر. والطريق الوحيد لتغيير اليمن الذي لا يريد الكثيرون السفر عليه هو التغيير السلمي الديمقراطي التدرجي.

* كيف يحاول الخارج فرض مشروعه الخاص ؟

- هذا سؤال يصعب الإجابة عليه. اقصى ما استطيع فعله هو النظر الى السماء ورؤية السحب السوداء التي تنذر بالعواصف والأعاصير. اما اين وكيف ومتى ستضرب تلك العواصف ففي علم الله..

*هل البيئة المجتمعية في بلادنا مهيئة لإجراء الانتخابات،وخاصة في المحافظات الجنوبية؟

- تمثل الانتخابات البرلمانية الحرة والنزيهة والمقبولة من جميع الأطراف أهم المخارج للبلاد من الأزمات الراهنة، وهي الضمانة الوحيدة لبقاء سلطة القرار السياسي بيد اليمنيين خصوصا وان البوارج الحربية تتداعى الى خليج عدن. وبالنسبة للمحافظات الجنوبية فان حدوث انتخابات حرة ونزيهة ومقبولة من جميع الأطراف هي أهم ضمانة للوحدة حتى وان قاطعها جميع الجنوبيين. اما اجراء انتخابات خارج الدستور والقانون فانها لا يمكن سوى ان تقوي من حجة دعاة الإنفصال حتى وان شارك في التصويت جميع الجنوبيين..

* بالنسبة لعملية إطلاق المعتقلين السياسيين هل يمكن ان تساعد في تغيير الوضع القائم؟

- اطلاق المعتقلين السياسيين خطوة هامة لإنها مثلت عودة الى الشرعية واشاعت الطمانينة بان السلطة ما تزال قادرة على تلمس طريق الصواب. لكن اطلاق سراح المعتقلين السياسيين لا يكفي بحد ذاته للتخفيف من الأزمة القائمة. القرار ازاح احدى العقبات التي اعترضت التوافق بين الحاكم والمشترك حول تعديل قانون الإنتخابات وحول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات. والمهم الان هو البناء على تلك الخطوة..

*ماالذي يمكن أن يقوله الدكتور الفقيه بمناسبة الذكرى الـ46 لثورة سبتمبر،والذكرى الـ45 لثورة أكتوبر؟

- احيى نضالات الأجداد والآباء وادعو لهم بالرحمة واعتذر منهم نيابة عن جيلي عن خذلانهم وعن عدم مواصلة المسيرة بنفس القوة والزخم. اعتذر منهم لأن اليمن اليوم وبعد كل هذه السنوات ما زالت في ذيل قائمة الدول في كل شيىء. مازالت الأشد فقرا والأكثر امية وجهلا ومرضا. لقد سبق الثوريون من الآباء والأجداد عصرهم وتأخرنا نحن الأحفاد عن عصرنا. واذا كانوا قد تحملوا بشجاعة عبء التغيير فعلينا ان نتحمل وبشجاعة مسئولية التقصير والتفريط

*يعني أنت ممن يطالبون بعملية إصلاح مسار الثورة؟

-لا يمكننا ان نعيش المستقبل بشروط الماضي ، ولا ان نشغل حياتنا بالعودة الى احداث الماضي لإصلاحها. ماضينا مليىء بالتجارب والأحداث وعلينا كيمنيين الوعي بها والإستفادة منها والتعلم من الأخطاء. و بعد ذلك علينا ان نركز على مشكلاتنا القائمة والمتوقعة وان نجد الحلول الملائمة لها بما يتفق ومستجدات العصر..

* بمناسبة حديثك عن المشكلات القائمة، وبعد تزايد التفجيرات مؤخراً،كيف تنظر إلى علاقة السلطة بتنظيم القاعدة؟

- سيكون من الخطأ ان نحلل التفجيرات الأخيرة بمعزل عن التطورات الأخرى وخصوصا الأحداث في صعدة. واذا كان هناك من دروس يمكن تعلمها فهي ان الأوضاع القائمة تحمل الكثير من المخاطر وتزيد من احتمالات انزلاق البلاد الى دوامة عنف اكثر اتساعا واشد عمقا من حروب صعدة الخمس. ولا يمكن التغلب على الإرهاب دون العودة الى الشرعية الدستورية والآلية الإنتخابية ودون تفكيك عوامل التوتر القائمة في صعدة. لا بد من عودة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل عام 2004 ولا بد ان يقبل الجميع بالآلية الإنتخابية الحرة والنزيهة كطريق وحيد للوصول الى السلطة اوالإحتفاظ بها. اما التوظيف السياسي للقاعدة والذي يوحي به سؤالك فهو خطر، وان وجد فاول من سيكتوي بناره هو النظام ورموزه.

* من يوظف من فيما يتعلق بالإرهاب وصعدة وغيرها؟

- المسألة ليست بهذه السهولة ولا يمكن حلها عن طريق البحث عن من يوظف من. من يوظف من هذه مهمة الأجهزة الأمنية وليست مهمة اساتذة الجامعات.. ما استطيع قوله هو ان الإستقرار السياسي يتحقق في اي مجتمع عن طريق توزيع معين للسلطة والثروة بين الجماعات السياسية الفاعلة والمتباينة ثقافيا او مذهبيا او عرقيا او غير ذلك. وليس شرطا ان يكون ذلك التوزيع عادلا ولكن يكفي ان يكون مقبولا ومستقرا. وما يحدث في المجتمعات النامية وخصوصا تلك التي تتصف بوجود اكثر من دين او مذهب او عرق أو قبيلة هو اما ان السلطة ومن خلال السياسات المختلفة التي تتبناها تطيح بذلك التوازن عن قصد او عن غير قصد او ان احدى الجماعات تبدأ نتيجة لسبب او لآخر بالمطالبة باعادة النظر بالتوزيع القائم للسلطة والثروة. وفي ظل غياب آلية ديمقراطية فعالة يصبح العنف هو الأسلوب المتبع في عملية المراجعة.

*ما هي تداعيات التفجيرات على العلاقات الخارجية لبلادنا؟

- لن تزيدها سوءا اكثر مما هي عليه الآن. ووجهة نظري هي ان على اليمنيين ان يتعاملوا مع الإرهاب كقضية داخلية بحتة ذات تداعيات على الأمن القومي. وهذا يعني ان يتم استغلال كل الموارد المتاحة في ملاحقة العناصر الخطرة والقاء القبض عليها وتقديمها الى المحاكمة وان يتم تفكيك كافة الجماعات المسلحة واخضاع عناصرها لرقابة صارمة ولبرامج اعادة تأهيل ودمج اجتماعي ان لم يكن قد ثبت عليها اي تورط في اعمال عنف. بالنسبة للعناصر المتهمة من قبل الدول الأخرى فتعمل الدولة على استيفاء كافة الأدلة من تلك الدول وتقوم بعد ذلك بتقديمها الى محاكمات عادلة. ومرة اخرى ينبغي التنبيه الى ان استخدام الحرب على الإرهاب كورقة للحصول على معونات دولية يمكن ان تشكل تهديدا لأمن البلاد والنظام.

*وماذا عن تأثيرأعمال القرصنة ومحاولة نشر قوات خارجية في البحر الأحمر على بلادنا؟

- هناك قليل من الإيجابيات وكثير من السلبيات لمثل هذه التطورات. ولعل ابرز السلبيات هي حدوث انكشاف للامن القومي للبلاد. فنشر قوات دولية في خليج عدن مع ما يحمله ذلك من احتمال تدويل لهذا الممر المائي الهام ولمضيق باب المندب هو شهادة فشل لليمنيين بانهم عجزوا عن الإستفادة من الموقع الإستراتيجي الهام لبلادهم الذي لطالما تغنوا به. وليس هناك الكثير مما يمكن عمله لمنع نشر تلك القوات في الوقت الحالي. لكن هناك الكثير مما يمكن عمله للتكيف مع الأوضاع الجديدة ولتجنب التدويل ولضمان عدم استبعاد اليمن من الترتيبات المتعلقة بنشر تلك القوات وتحديد مواقعها ومهامها. هناك الكثير ايضا مما يمكن عمله لضمان عدم تحول ذلك الوجود الدولي الى عامل يؤثر سلبا على الأمن القومي للبلاد او الى وجود دائم يدفع اليمنيون ثمن خدماته.

* مالذي يمكن عمله؟

- هذا الموضوع يطول الحديث فيه..وهو بحاجة الى ندوة..الى دراسة..الى مجموعة عمل. ودعني اركز هنا على ما يتصل بحوارنا. فلا بد من وفاق داخلي يبدأ بالعودة الى الشرعية الديمقراطية والدستورية ويحولها الى اداة لمعالجة الوضع في صعدة والوضع في الجنوب. فالوفاق الداخلي يسد احدى اهم ثغرات انكشاف الأمن القومي. هناك ايضا ضرورة ملحة لإعادة بناء الجيش اليمني وتركيز الثقل في قوة بحرية ذات فعالية عالية. وكان يفترض ان يتم هذا منذ زمن لكنه لم يتم. والان نحن بحاجة ماسة الى خطوة مثل هذه. ولا يوجد ما يمنع من توظيف 2 مليار دولار من الإحتياطات النقدية المتوفرة لبناء تلك القوة شريطة ان لا تنتهي تلك المبالغ في الجيوب.

* نبني قوة بحرية والناس يتضورون من الجوع؟

اليمن دولة بحرية وامنها القومي بكل ابعاده مرتبط بالبحر سوا عاش القراصنة طويلا ام انقرضوا سريعا..كيف سنطور السياحة والموانىء وقطاع الأسماك ونحن لا نمتلك قوة بحرية قادرة على ضمان الأمن والسلامة في سواحلنا..خطوة مثل هذه كان يفترض ان تتم عند قيام دولة الوحدة لكن انت تعرف والقارىء يعرف البئر وغطاه. ارجو

*لماذا لا يستفيد النظام اليمني ممايدور حوله مثل باكستان وموريتانيا وحتى في افريقيا؟

هناك اغراق في الشخصنة وضعف في المؤسسية بما تعنيه من بحث وتركيم للمعلومات وتحليل وهناك محسوبية متجذرة تجعل تعيين النسب والمقرب مقدم على تعيين الأكفاء وهناك قلق سياسي على الكرسي يجعل الولاء السياسي مقدم على الكفاءة. وهذا هو ما يقود في النهاية الى انهيار الأنظمة..

* وكأنك تشير إلى وفود الأقارب إلى بعض المملكات المجاورة؟

- اليمن بلد جمهوري وهناك بالتأكيد الكثير من الممارسات التي تسيىء الى الجمهورية لكن الحكم على هذه الظواهر لا ينبغي ان يتم خارج السياق السياسي والثقافي والإجتماعي لليمن وللدول المجاورة لها. وبالنسبة للوفود فليست أسوأ ما في الموضوع ولا اعتقد اننا ينبغي ان نشغل انفسنا بها اذا كنا فعلا دعاة اصلاح وتغيير.

*كلمة أخيرة؟

اتمنى لصحيفة العاصمة المزيد من التطور وجنب الله بلادنا كل مكروه.

الخميس، 18 سبتمبر 2008

هزيمة الإرهاب!

د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
كنا قد اجتمعنا مساء يوم الأحد ال14 من سبتمبر على مائدة افطار في منزل السفير الأمريكي الصديق ستفن سيش الواقع في فناء السفارة الأمريكية. وكان هناك عشرات الأشخاص تم اختيارهم بعناية ليمثلون الجانب الرسمي والشعبي والإعلامي والسياسي والإقتصادي ومختلف الفعاليات الإجتماعية. فمن وزير التعليم الفني ابراهيم حجيري ووزير الأوقاف القاضي حمود الهتار الى حافظ معياد رئيس بنك التسليف الزراعي وجلال يعقوب وكيل وزارة المالية ود. فارس السقاف رئيس الهيئة العامة للكتاب الى محمد ناجي علاو، خالد الانسي، د. عبد الرحمن الشامي، أ. د احمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء الى الأستاذ محمد قحطان، مراد هاشم مراسل الجزيرة، حمود منصر مراسل قناة العربية، راجح بادي وعبد الحكيم هلال، والعشرات غيرهم.
بعد الإفطار بالتمر توجه الجميع لأداء صلاة المغرب في مصلى كان قد تم تجهيزه في فناء منزل السفير. وتقدم القاضي حمود الهتار، الذي ارتبط اسمه بالحوار مع المتطرفين، ليؤم الجميع. ولم يخلو الحدث من رمزية. فالآحد هو يوم مقدس عند المسيحين ورمضان شهر مقدس عند المسلمين. والحدث برمته يرمز الى ان احداث ال11 من سبتمبر 2001 بقدر ما خلقت من حروب ودمار وقتل للابرياء بقدر ما قربت الناس من بعضهم البعض وفتحت عيونهم على أهمية التفاهم والقبول بالآخر كمبدأ للتعايش والتعمير والصداقة البناءة.
ولعله لم يخطر في بال اي منا ذلك اليوم ان ذلك المكان الذي جمع ممثلين عن الوان الطيف اليمني وذلك الفريق من الأصدقاء الأمريكيين الذين فتحوا لليمنيين منزلهم وقلوبهم وشغلوا انفسهم طيلة اليوم باعداد الإفطار، سيكونون بعد اقل من 48 ساعة هدفا لآلة تدميرية لا عقل لها ولا قلب ولا هدف تخلط الإرتزاق والإبتزاز المادي والقرصنة بشعارات زائفة لا علاقة لها بالدين او الشهامة او القيم من قريب او بعيد. وان اليمنيين جميعا ليبرأوا من هذه الفئة الظالة المارقة التي ما فتئت توجه ضرباتها الحاقدة للشعب اليمني لتحقيق مصالح قادتها من مصاصي الدماء.
ولم يكن غريبا ان تكون حصيلة ذلك الهجوم الحاقد والجبان سقوط احدى عشر بريئا. فذلك هو ديدن الإرهاب الذي لا يستهدف سوى الأبرياء ولا يعيش سوى في مستنقعات القتل والتدمير والتخريب. والذي لا يمكن للارهابيين ان يدركوه هو انهم ومهما امعنوا في قتل الأبرياء فانهم لن يهزموا شعبنا اليمني الذي لا بد أن ينتصر في النهاية ويتغلب بحكمة واناءة وبالتعاون مع الدول العربية الشقيقة والصديقة على هذا الداء الخبيث الذي اصاب الجسد اليمني وبات يهدد حقه في الحياة والحرية والعيش الكريم.
ولقد احسن الإصدقاء الأمريكيون عندما قرروا عدم اغلاق السفارة في وجه الناس لإن تلك هي احدى الطرق التي يتم بها رد الإعتبار للجنود الأبطال الذين سقطوا وهم يدافعون ببسالة عن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة. والأمل هو ان تتعاون الحكومتين اليمنية والأمريكية في توفير الرعاية والحياة الحرة الكريمة لأسر الأبرياء الذين فقدوا حياتهم في معركة عدمية فرضها عليهم الإرهابيون.
لقد اراد الإرهابيون توسيع الفجوة بين اليمنيين والعالم من حولهم. والرد الطبيعي على امثال هؤلاء هو المزيد من التأكيد على التعايش والتسامح في اطار المصالح المشتركة والإحترام المتبادل للعقائد والقيم الثقافية وطرق الحياة. واذا كانت الحرب على الإرهاب تتطلب تعاون حكومات الدول الشقيقة والصديقة مع الحكومة اليمنية والشعب اليمني فانها تتطلب ايضا وقبل كل شيىء صبر واناءة ونفس طويل وقيم وقواعد قانونية صارمة لا تعاقب الأبرياء ولا تصادر الحقوق. فالتمايز بين الإرهابيين واعداء الإرهاب في الأهداف والوسائل هو اسرع الطرق الى تحقيق النصر.

حزب الوحدة الوطنية!

اقترن تأسيس التجمع اليمني للاصلاح في عام 1990 بقيام الوحدة اليمنية، فكان بكل جدارة مولودها "الشرعي" ورمز قيامها وديمومتها. وفي حين دخلت بعض الأحزاب الوحدة حاملة على اكتافها اعباء التشطير والشمولية مثل التجمع اليمني للاصلاح نبتة وحدوية خالصة. ولو ان التجمع اليمني للاصلاح ادعى اليوم، وهو يحتفل بذكرى تأسيسه الثامنة عشر بانه حزب "الوحدة الوطنية" لما نازعه في ذلك منازع. فقد كان التجمع وحدويا في ولادته ووطنيا في رؤيته وممارساته. ولا يحتاج الواحد منا الى الكثير من الوقت والجهد ليقدم الأدلة على انحياز الإصلاح المتكرر للمصالح العليا للشعب اليمني. فالأعوام الماضية تحمل الكثير من البراهين على اصالة الرؤية وصدق الطرح. وفي حين ذهبت وتذهب بعض الأحزاب للتضحية بالوطن من اجل مصالحها لم يكن للاصلاح واعضائه مصالح حزبية او شخصية في ظل التشطير والشمولية وخارج اطار الوحدة الوطنية.
ولعلها ليست مصادفة ان يتزامن احتفاء الإصلاح بذكرى تأسيسه ال18 مع حملة اعلامية شرسة تستهدف رموزه ودوره الوطني والوحدوي ويقودها الإعلام الرسمي واعلام الحزب الحاكم. ولا يمكن فهم تلك الحملة الإعلامية في ظل السياق السياسي القائم الا على انها جزء من الحملة التي تستهدف وحدة الوطن وثوابته ومستقبله. وما وضع فيديو كليب للدكتور عبد الرحمن بافضل رئيس الكنلة البرلمانية للتجمع اليمني للاصلاح وهو يقسم اليمين في مجلس النواب على تقديم اسماء مرشحي اللقاء المشترك في اللجنة العليا للانتخابات على مواقع حكومية وحزبية ، وبطريقة تجتزأ الفكرة وتعزلها عن سياقها العام الا محاولة خبيثة لضرب الوحدة الوطنية لهذا الشعب واثارة نوازع المناطقية واقناع ابناء الحركة الإسلامية واعضاء التجمع اليمني للاصلاح في الجنوب بان لا كرامة لهم في ظل دولة الوحدة. ولعل الفريق الإعلامي الذي وضع الفكرة هو الفريق الإعلامي ذاته الذي اشاع بان المهندس فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك ليس يمنيا وغذى من خلال ذلك التصرف غير المسئول نوازع التشطير.
لكن مثل تلك الحملة الجاهلية الفاجرة والتي لا تراعي روابط الشراكة في الوطن ناهيك عن روابط العقيدة واللغة وروابط القربى والأخوة لا ينبغي ان تزيد التجمع اليمني للاصلاح واعضائه وانصاره واحزاب اللقاء المشترك والوطنيين جميعا سواء في الشمال او في الجنوب او في الشرق أو في الغرب سوى المزيد من العزم والإصرار على الدفاع عن مستقبل البلاد ووحدته الوطنية واستقراره. ولا ينبغي للفجور السياسي ان يقود الى فجور سياسي مقابل لإن اطفاء النار بالنار لا يزيدها سوى اشتعالا.
وعلى الجميع وفي المقدمة التجمع اليمني للاصلاح قيادة وقواعد ان يدرك ان الخلاف الدائر اليوم بين السلطة والمعارضة ليس خلافا حول عدد من مقاعد مجلس النواب او مقاعد اللجنة العليا للانتخابات او حول تعديلات لقانون الإنتخابات لا تغني ولا تسمن من جوع..بل هو في عمقه وبحكم تداعياته المحتملة خلافا على أسس وثوابت الدولة اليمنية الناشئة التي قامت في ال22 من مايو 1990..وما هو على المحك في الوقت الحالي ليس بقاء او انقراض اللقاء المشترك او التجمع اليمني للاصلاح ولكنه بقاء او تفتت الدولة اليمنية ذاتها.
فغير خاف على ذوي البصائر ان استهداف اللقاء المشترك هو في بعده الأخطر استهداف لأهم جبهة من جبهات الدفاع عن الوحدة الوطنية والثوابت الإجتماعية والإستقرار السياسي. ولن يؤد الإنقلاب على الديمقراطية والتي تمثل اهم الأسس التي قامت عليها الوحدة الى تحقيق الإستقرار او التنمية الإقتصادية او بناء الدولة الحديثة. لقد ملئت الحوثية الفراغ الذي تركه حزب الحق مرغما. ولن يملاء الفراغ الذي سيتركه اللقاء المشترك سوى القاعدة والقوى الإنفصالية والنزعات المناطقية والمذهبية والقوى الساعية الى فرض نموذجها الثقافي والمعرفي على الإنسان اليمني.
لقد مارست احزاب اللقاء المشترك وفي مقدمتها التجمع اليمني للاصلاح السياسة في الأعوام الماضية من اجل الوصول الى السلطة. لكن المطلوب اليوم من احزاب اللقاء المشترك ان تمارس السياسة من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الإجتماعي ومن اجل الحفاظ على النظام الجمهوري وضمان حرية اليمني وكرامته. وللامانة فان ممارسة السياسة اليوم هي اكثر صعوبة من ممارستها بالأمس وذلك بسبب انانية البعض ولجوء البعض الآخر الى التحالف مع الأجنبي وعلى حساب الإنسان اليمني.
وليس هناك وصفة سحرية لما يمكن عمله. لكن التمسك بالدستور والقانون ورفض الإجراءات الخارجة عليهما وعدم الإعتراف بتبعاتها وتوعية الناس بالمخاطر القائمة وتوظيف الأدوات الدستورية والقانونية في مقاومة الإستبداد ونزعات المناطقية والتشطير والتعصب المذهبي هي اهم ادوات النضال السلمي. كما لابد للقوى السياسية الحريصة على مصلحة البلاد من العمل في اوساط الناس والتعرف على رؤاهم وارائهم وتلمس توجاهاتهم حيال الأزمة القائمة وتقييم حجم المخاطر القائمة وتحديد الأولويات.

الاثنين، 1 سبتمبر 2008

نسخة منقحة ومختصرة من الحوار مع المجلس اليمني

بسم الله الرحمن الرحيم

أهم النقاط الواردة في المقابلة التي أجراها
أعضاء المجلس اليمني مع الدكتور عبد الله الفقيه

س:...في ظل كل الفوضى التي تعيشها اليمن من دعوات انفصال وفتن ودعاوي كيدية والبعض منها حقيقية وفي ظل تعارك الديوك بين الأحزاب الذي نشهده ...برأيك إلى أين يتجه اليمن أو إلى أين يريد سياسيو اليمن جرنا وهل برأيك الوضع صحي أو ينذر بأخطاْر؟


ج: أرجو ان لا يصرفنا التراب الذي تثيره حوافر الخيول عن رؤية عددها الحقيقي ..من وجهة نظري ان عدد الأشخاص الذين يمسكون بخيوط اللعبة السياسية في اليمن ما زال محدودا وكذلك الأمر بالنسبة لعدد القوى السياسية المؤثرة والتي يمكن إجمالها في خمس قوى. وانأ أميل إلى تحديد تلك القوى عن طريق روابط القبيلة والسلالة والمنطقة والمذهب الديني. أما روابط العقيدة السياسية (القومية، الإشتراكية، ...الخ) فان تأثيرها ما زال محدودا. لاحظ مثلا ان الجدل السياسي يدور عن النهدين والبطنين وعن الشمال والجنوب وعن النساء في مقابل الرجال والمهمشين في مقابل المجتمع..
واعتقد ان المشكلة التي تواجهها البلاد في محاولتها للانتقال من العصور الوسطى إلى العصر الحديث هي التفتت الذي بدأ يعتري القوى التقليدية وعدم وجود قوة حديثة قادرة على سد الفراغ وضمان الاستقرار السياسي.
ويتوقف مستقبل اليمن القريب والبعيد على قدرة القوى السياسية المتنافسة (والمتصارعة أحيانا) على تشكيل قوة حديثة تقوم على رابطة المواطنة المتساوية وسيادة القانون والتي تشكل جوهر الدولة المدنية الحديثة. اعتقد ان هذا الأمر سيأخذ وقتا طويلا ما لم يكن هناك تطور جوهري في اقتصاد البلاد مثل ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي أو حدوث انتقاله واسعة في الاقتصاد الوطني.



س: من خلال قراءة تاريخ الرئيس علي عبدالله صالح في تمكنه من الوصول لكرسي الحكم ، وطريقة إدارته للبلد، وشخصيته التي تقول أنه معتقد ومؤمن تماماً أن كل شيء مهما كان ممكن شراؤه بالمال، وذوده وإصراره على مواصلة التشبث بكرسي الحكم فهل تعتقد أستاذنا الكريم، أن الرئيس ممكن أن يترك نجله "أحمد" يصعد إلى كرسي الحكم وهو مازال على قيد الحياة؟؟


ج: لا اعتقد ان الرئيس يستطيع ان يتخلى عن السلطة لابنه أو لغير ابنه..والله وحده اعلم
س: ماذا تم بخصوص مطالبتكم للسيد عبد الملك الحوثي بعلاج (ابن أخيكم أو كريمتكم) بعد نشر جوابه على مطلبكم،،، أم أنها كانت مجرد رسالة معكوسة التوجيه؟؟؟؟

ج: لقد كانت الرسالة بمثابة احتجاج على الحرب والماسي الإنسانية التي تخلفها. وللأسف ان عبد اللطيف نجل شقيقتي لم يجد بدا من مواجهة قدره. فقد انتهى به الأمر إلى قطع قدمه بسبب الإهمال الذي لقيه هو وغيره في المستشفى العسكري وما لم تقم به الحرب قام به الإهمال والفساد. وليس المسئول بأعلم من السائل في مثل هذه الأمور.

س: هل تعتقد بان حزب المؤتمر فشل في إدارة شؤون اليمن من حيث تردي الأوضاع الاقتصادية والاحتقانات التي تحدث هنا وهناك ؟


ج: المسألة نسبية هنا. اعتقد ان الركض نحو القاع بدأ في عام 2001 وما زال مستمرا حتى اليوم. قبل ذلك كان الوضع أفضل..

س: الوحدة اليمنية هل تسير بالاتجاه الصحيح أم ان اختلالات رافقت مسيرتها؟

ج: تواجه الوحدة اليمنية اليوم الكثير من التحديات بسبب الطريقة التي تم بها توحيد البلاد وبسبب الصراعات بين طرفي الوحدة وبسبب السياسات التي تم تبنيها بعد حرب عام 1994. وستحتاج الوحدة اليمنية خلال السنوات القادمة إلى الكثير من التضحيات والجهود حتى تتعزز ويلمس الناس أثرها. ولا اعتقد ان الخطر الذي يتهدد الوحدة اليمنية يتمثل في احتمال العودة إلى التشطير. فهذا الخيار لا يلوح في الأفق في ظل الأوضاع القائمة. المشكلة في الجنوب تتمثل في التغذية المستمرة لحركة كراهية بين أبناء الوطن الواحد يمكن ان تقود إلى دورات من الصراع العنيف مستقبلا والى حالة مزمنة من عدم الاستقرار.

س: هل نستطيع ان نقول بان اليمن دولة ديمقراطية ؟

ج: لا تبنى الديمقراطية بين عشية وضحاها...واعتقد ان اليمن ستحتاج لسنوات كثيرة حتى تبني الديمقراطية..ولا يمكن الحديث عن الديمقراطية ما دام الأساتذة يضربون الطلاب في الفصول وأساتذة الجامعة يطردون الطلاب من القاعات إذا خالفوهم الرأي...كثير من المطالبين بالديمقراطية في بلادنا يخبئون في عقولهم أبشع نماذج الاستبداد مهما بلغ علمهم..هناك حراك كبير ..لكن النضال ينبغي ان يستمر. والأهم من النضال هو ظهور رموز اجتماعية تؤمن بالديمقراطية وتعطي القدوة في القول والفعل.

س: ما هو في رأيك العامل الذي يقف أمام تطور اليمن وتقدمها وما هو الحل لذلك؟

ج: لو كان عاملا واحدا لكان الأمر سهلا ولكن المشكلة ان هناك شبكة كبيرة من العوامل التي يعزز بعضها بعضا وتعيد إنتاج نفسها بقوة..نحن بحاجة إلى بشر غير البشر ونظام غير النظام إذا أردنا تغيير سريع..اعتقد ان الموارد المحدودة المتاحة ينبغي استثمارها في بناء الإنسان لأن ما يحدث الآن هو أننا نبني قصورا وبوابات..وعندما نبني الإنسان فان ذلك سيشكل مفتاح النهوض.

س: الرئيس علي عبد الله صالح متهم بأنه يميل لتوريث الحكم لابنه فهل ترى بان ذلك الأمر صحيح ؟


ج: ليس هناك حاكم عربي لا يريد إعطاء السلطة لابنه. ولو كان بإمكان جورج بوش الابن إعطاء السلطة لابنه من بعده لما تردد في ذلك..قليلون من بني البشر يزهدون في السلطة. وقليل من المجتمعات تضع رقابها تحت سيوف حكامها. أما الأغلبية فتظل سيوفها مسلطة على رقاب حكامها حتى يثبتوا فشلهم أو تنتهي الفترة المسموح لهم بها دستوريا..والتوريث في السياق اليمني لا يمثل حالة طارئة ولكنه ثقافة سياسية أصيلة.. وعلى كل حال ليس كل ما يتمنى المرء يدركه او كما يقول المثل "الأمل طول والأجل عرض." ولا اعتقد ان أحدا في اليمن وفي الوقت الحالي ينبغي ان يشغل نفسه بالتوريث لأننا ان فعلنا قد لا نجد ما نورثه عندما يحصحص الحق.

س: الدوامة الموجودة والانهيار المخيف على الوطن برمتة كيف تقرأ الخروج من عنق الزجاجة التي اوصلنا إليها النظام هل من أمل منشود؟

ج: نحن بحاجة إلى معجزة اقتصادية..لكن الكثيرين يقولون ان المعجزة الاقتصادية لا يمكن ان تحدث بدون معجزة سياسية..هناك بالتأكيد حراك كبير والبلاد بالتأكيد تمر بمرحلة انتقال ..وكان يمكن للحراك ان يساعد في النهوض بالبلاد لولا ان البعض قد راهن على مشروعه الصغير ورفض الدخول في الشراكة الوطنية بينما فضل البعض تحدي الآخرين بطريقة لا تخلو من غرابة..وهناك قلة تغيرت ظروفها..وفي المقابل هناك أغلبية مسحوقة..وهناك مؤشرات على ان الأغنياء سيزدودون غنى والفقراء سيزدادون فقرا حتى لو تحسن الوضع الإقتصادي..

س: الحراك الموجود في المحافظات الجنوبية ينذر بخطر حقيقي على الوحدة خاصة وفيه منظمات دولية وبعض السياسيين يغازلوا قادة الانفصال في الوقت الذي النظام متجاهل كل الحراك الشعبي والشرعي أيضا ويعامله بعنف مما يزيد الخطورة هل ترى خطر فعلي على الوحدة وكيف ممكن تلافي الخطر وعلاجه؟

ج: اعتقد ان الوضع في الجنوب هو اخطر واكبر تحد تواجهه البلاد في المرحلة الحالية. لقد قلت هذا في منتصف عام 2005 قبل ان يحدث أي شي. ولا اعتقد ان النظام في الوقت الحالي يتجاهل ما يحدث في الجنوب. المشكلة هي ان النظام لم يتحرك في وقت مبكر وان التحدي صار اكبر من قدرة النظام على معالجته بسرعة. هناك أيضا مخاوف من ان الطريقة التي تدير بها السلطة والمعارضة خلافاتهما تقدم خدمات مجانية لدعاة الانفصال...

س: ما رأيك بوضع اليمن الحالي ؟

ج: لا يسر عدوا ولا صديقا
س: هل الحراك الجنوبي كلام فارغ حسب قول رئيس الجمهورية ؟

ج: لو كان كلاما فارغا لما ذكره الرئيس في خطابه وبانفعال شديد

س: لماذا في نظرك أبناء الشمال متشددين إزاء الوحدة وأبناء الجنوب يريدون انفصال ؟

ج: العامل الاقتصادي واضح. ففي الجنوب توجد الأرض والموارد والسواحل وفي الشمال يوجد السكان. وباستثناء فترة حكم الاشتراكي التي امتدت لقرابة العشرين عاما فان التكامل بين موارد الشمال والجنوب قد كان واضحا حتى في ظل السيطرة البريطانية. وإذا كانت أبواب السعودية قد انفتحت للشماليين في فترة حكم الاشتراكي فإنها قد أغلقت بعد تحقيق الوحدة وفي توقيت لا يخلو من دلالة. وفي ظل الأوضاع الحالية فانه لا مستقبل للشماليين بدون الجنوب ولا مستقبل للجنوبيين بدون الشمال. وتكمن المشكلة في التجربة السياسية في فترة ما بعد الوحدة وحتى الآن.


س: هل اليمن تعيش في ظل قوانين الوحدة أم قوانين العربية اليمنية ؟

ج: المشكلة في نظري هي في غياب التطبيق الفعلي للقوانين وبغض النظر عن طبيعة تلك القوانين. هيمنة النخبة الشمالية على النظام السياسي ربما كان لها دور في تغليب بعض القيم والسياسات في بعض السنوات. لكن المتأمل في تطورات السنوات السابقة سيلاحظ ان العناصر الجنوبية كان لها تأثيرها الكبير على القوانين التي تم صياغتها وعلى السياسات التي تم تبنيها والى الحد الذي توشك فيه تلك القوانين والسياسات ان تطيح بالنخبة المسيطرة. ومع ذلك فانا أقول إذا كان الحراك الجنوبي حول مسائل مثل هذه فلا مشكلة. إذا كانوا يريدون تغيير قانون معين أو ممارسة أو سياسة معينة فهناك عملية سياسية يفترض ان يناضل الجميع من خلالها.

س: هل الاحتفال بتاريخ تولي الرئيس مقاليد الحكم في العربية اليمنية لا يمس الوحدة ؟

ج: فهم السياق السياسي مهم جدا...احتفال الرئيس بمناسبة توليه السلطة في ظل سياق سياسي طبيعي قد لا يكون ذا أهمية لكن في ظل سياق خلافي كالسياق الذي نعيشه كل شيء يؤثر صغيرا كان ذلك الشيء أم كبيرا. اعتقد ان الرئيس قد تفهم الموقف بدليل انه خفض كثيرا مستوى الاحتفال بالعيد الثلاثين لتوليه السلطة. كما تخلى تماما عن الاحتفاء ب7/7 .

س: يقال بان حزب المؤتمر فشل في إدارة شؤون البلاد ولذا فانه يحاول تغطية هذا الفشل بإشعال الفتن وإبقاء البلاد تحت رسن الصراعات هنا وهناك ويعمل على خلقها أو خلق الظروف لها ، ما قولك بهذا الكلام؟

ج: كما قلت في جوابي لسؤال سابق ان فهم ما يجري في اليمن لا يمكن ان يتم بالحديث عن الأحزاب فقط. بل لا بد من الحديث عن الروابط السياسية الأولية. هناك جماعات سياسية تستخدم حزب السلطة وأحزاب المعارضة على السواء لخوض معاركها في سبيل السيطرة على السلطة. وهذا أمر ليس بجديد في التاريخ السياسي اليمني.


س: كيف تقرؤون موقف المعارضة من كل الأوضاع المتردية على كل الأصعدة؟

ج: هناك قول غالبا ما يردده السياسيون اليمنيون وهو ان "المعارضة هي الوجه الآخر للسلطة." وفي السياق اليمني ينبغي ان نقر بان الفرق بين السلطة والمعارضة ليس فارقا في "النوع" بل هو فارق في "الدرجة." فالسلطة والمعارضة هما نتاج لتراث وثقافة وممارسات سياسية واحدة. واعتقد ان مبادرة اللقاء المشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل تكتسب قيمتها من ادراك المعارضة لأهمية المؤسسات والقواعد القانونية التي تكبح الأفراد. لكن الحقيقة المرة هي ان ممارسات المعارضة لا تختلف كثيرا عن ممارسة السلطة والفضيلة الوحيدة للمعارضة هي أنها خارج السلطة في الوقت الحالي وأنها تستطيع ان تقول بثقة، ودون ان يستطيع احد ان يشكك بما تقول، أنها حين تصل إلى السلطة فإنها ستعمل على الحد من سلطة الفرد وضمان تمثيل سياسي للجميع...الخ.
وانأ لا أدعو هنا إلى تثبت السلطة في مكانها. فمن حق المعارضة مهما كان نوعها ان تأخذ دورها في السلطة ونصيبها منها..وليس من حق السلطة ومهما كانت حسناتها ان تتحول إلى سلطة أبدية.. لكني أنبه فقط إلى ان المبالغة في التوقعات قد لا تكون في محلها! انظر إلى الوضع في باكستان..لقد توحدوا في إسقاط مشرف لكنهم سرعان ما اختلفوا على من سيخلفه.

س: ما مدى شرعية مطالبة الجنوبيين بفك الارتباط ونقض اتفاقية الوحدة الموقعة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من جهة والجمهورية العربية اليمنية من جهة أخرى ( رأيك السياسي وليس العاطفي)؟

ج: هناك مبدأين متعارف عليهما في القانون الدولي: الأول وهو الأقدم يقول بحق الشعوب في تقرير مصيرها والثاني وهو الأحدث يقول ان من حق الدول المحافظة على سلامة أقاليمها...وما يقوي من موقف دعاة الانفصال في الجنوب هو حداثة الوحدة والأزمة الاقتصادية الخانقة والفساد والنهب والاستئثار بالسلطة والثروة. لكن ما يضعف موقف دعاة الانفصال هو وحدة الهوية اليمنية رغم محاولات بعض الجنوبيين الحديث عن هوية جنوبية متميزة. فمن الصعب على الجنوبيين إقناع أيا كان بأنهم متميزون عن الشماليين وأنهم يتعرضون لتمييز منظم من أي نوع بسب ذلك التميز. وحتى أولئك الذين يكتبون اليوم عن تميز الجنوب يمكن دحض ما يكتبون باستخدام مقالاتهم التي كتبوها بالأمس عن واحديه الشعب اليمني. وصحيح ان الجنوبيين لم يستفتوا على الوحدة لكن الصحيح أيضا ان الجماهير التي خرجت لتدعم الوحدة قد كانت أوضح علامة على الإرادة الشعبية المعبرة عن الر غبة في التوحد.
ويتسم موقف دعاة الانفصال بالضعف على الصعيدين الإقليمي والدولي. من جهة، فان الأصوات التي تطالب بالانفصال اليوم هي جزءا من النخبة السياسية التي سيطرت على وحكمت الجنوب في السبعينات والثمانينات وبالحديد والنار. وليس في التراث السياسي لهذه النخبة ما يجعلها تحظى بدعم إقليمي أو دولي يمكن ان يعطي شرعية لقوى الانفصال. فلا الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية أو المجاورة تثق بتلك النخبة. وقد ظهر ذلك واضحا خلال حرب عام 1994 . من جهة ثانية، فانه من الواضح للجميع ان الأصوات الداعية للانفصال في الجنوب تعتبر في نظر العالم المتحضر شبيهة بأصوات النازيين في الدول الأوروبية ولا تعدو عن كونها حركة كراهية ترتكز على دوافع الاستئثار بالأرض والثروات.
ضف إلى ذلك ان التراث الصراعي لليمنيين في الشمال وعلى نحو اشد في الجنوب يجعل المجتمع الدولي يستبعد خيار الدولتين تماما. والواقع هو ان خيار الانفصال يبدو بلا مستقبل ويعتبر أشبه ما يكون بخيار تبني الاشتراكية والتأميم أو بخيار الانفصال في عام 1994.
والشرعية الوحيدة للجنوبيين هي شرعية مطلبية وحقوقية في إطار الدولة الموحدة..لهم الحق في المطالبة بنصيب من ارض بلادهم ومن السلطة السياسية ومن الثروة الوطنية..لهم الحق في المطالبة بحقوق المواطنة المتساوية وبتطبيق الدستور وبالإعلام الحر وبالحقوق والحريات الأخرى..وفي حال لم ينالوا تلك الحقوق فان من حقهم السعي وعن طريق النضال السلمي لسحب الثقة من السلطة القائمة.
والخوف على الوحدة اليمنية لا ينبع من مشروعية أو شرعية مطالب الانفصاليين بقدر ما ينبع من ضعف النظام وأخطائه وتخبطه. كما ينبع أيضا من طبيعة السياسة ذاتها ومن طبيعة سلوك الفاعلين الدوليين.
ففي ظل نظام تعاني علاقاته بالفاعلين الرئيسيين في النظامين الإقليمي والدولي من الاضطراب وعدم الاستقرار وفي ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية متدهورة تصبح التطورات المفاجئة شيئا متوقعا. هناك أيضا انفصال الأمر الواقع والذي يمكن ان يصبح عبارة عن مشروع في انتظار ممول. وهناك أيضا مخاطر التحول في النظام الدولي وعودة الاستقطاب في القرن الأفريقي..

س: ما هي أسباب الغموض الحاصل عند الشعب اليمني بعدم جدية المطالبة بحقوقه؟

ج: هناك أمية أبجدية وسياسية وهناك تراث سياسي مليء بالاستبداد والتسلط والقهر. وهناك استلاب اقتصادي لا يمكن معه للفرد ان يعبر عن تطلعات سياسية. والحاصل ان الصراع السياسي نخبوي إلى حد كبير في حين ان معظم الفئات الشعبية هم عبارة عن الجنود الحفاة او عبارة عن بندقية للإيجار..

س: ما هي أسباب ضعف المعارضة باليمن ؟! وهل بإمكانهم تحريك مناصريهم ؟

ج: أرجو ان تراجع ردودي على الأسئلة السابقة. وأضيف إلى ذلك ان ضعف المعارضة في اليمن بعضه شعور غير حقيقي بالضعف وبعضه الآخر خوف من ان تؤدي المعارضة القوية إلى الإطاحة بالنظام السياسي وتدخل البلاد في فوضى وبعضه الثالث تفرضه علاقات أولية بين السلطة والمعارضة..

س: أين موقع الحزب الاشتراكي اليمني من الخارطة السياسية بعد العمليات الجراحية التي تعرض لها من قبل شريكه بالوحدة المؤتمر الشعبي وأين مكانة الحزب من العملية التجميلية التي دخل بها تحت ما اسمي اللقاء المشترك؟

ج: ولد الحزب الاشتراكي في السلطة. ومن المثير انه ما زال يحتفظ ببعض الزخم بالرغم من ان كثيرا من أحزاب السلطة تموت بمجرد الخروج منها. وهناك بالتأكيد تحديات تواجه الحزب الاشتراكي أهمها التحول من حزب جنوبي إلى حزب وطني ومن حزب المعمرين إلى حزب التعايش بين الأجيال ومن حزب يتحدث أعضاؤه عن الماضي إلى حزب يتحدث عن المستقبل. واعتقد ان الاشتراكي قد انتقم لنفسه من السلطة وما زال حتى اليوم ينتقم منها بأساليب مختلفة ليس اقلها تصدير أعضائه إليها ..ولا يمكن لأي محلل ان يغفل التأثير الكبير للحزب الاشتراكي على الحياة السياسية اليمنية وهو التأثير الذي لم يخبو وان اضطر الاشتراكي إلى لبس قناع السلطة في بعض المراحل.. ويكفي ان نتذكر التأثير الكبير الذي تركه الأستاذ عبد القادر باجمال (نتمنى له الشفاء العاجل والعودة بالسلامة) على الحياة السياسية اليمنية وبغض النظر عن نوع ذلك التأثير وعما إذا كنا نتفق أو مختلف معه حوله.


س: هل ترى أن الحزب الحاكم الذي فشل في إدارة البلد و خلق فيها الأزمات سيقبل بتسليم السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة و سيستلم للأمر الواقع بعيداً عن العناد و المكابرة و الطيش السياسي و متى سيتم ذلك على المدى القريب أو المتوسط أم البعيد ؟


ج: الحزب الحاكم هو اقرب ما يكون إلى تحالف من القوى السياسية بكل ألوانها. وقد نجح خلال فترة زمنية معينة في تحقيق نوع من الاستقرار لكنه الآن استوفى غرضه وبات عبئا على العملية السياسية وأنا انظر إلى التحالف الوطني الديمقراطي على انه نواة لإعادة صياغة حزب السلطة وهذه عملية معقدة لكني شخصيا اعتبر الخطوة ذكية إذا كان المقصود بها هو ما افهمه منها.

س: كيف يمكن تحقيق إصلاح سياسي و تنمية البلد في ظل سلطة أنهكت الإنسان الذي يعد حجر الأساس للإصلاح و البناء و عملت على تجهيله و تجويعه و قتل الإبداع فيه و حولت معظم الشعب إلى أرقام سلبية ؟


ج: هناك سقف للتحمل وعندما يشعر ذلك الإنسان الذي تتحدث عنه بان هذه السلطة لم تعد تحقق له الحد الأدنى فلن يهمه الدبابات ولا الصواريخ وسيقرر بنفسه ما يفعل..المشكلة في اليمن من وجهة نظري هو ان الناس ليسوا سواسية في المعاناة ولا في الأجندة السياسية ..تقول للجنوبي يالله نطالب بإصلاحات يقول لك يا الله ادعمني على شان انفصل..تقول للهاشمي يالله نناضل ..يقول لك يا الله ادعمني حتى أوصل الهاشميين إلى السلطة..وهكذا دواليك.
س: ما هي الطريقة الأمثل والوجهة الأقوى لإرضاء كل الفر قاء على الساحة السياسية اليمنية من أجل أن يبقى اليمن متسع للجميع نعمل جميعاً على بنائه بدلاً من الشجب والتنديد والمقاطعة ومزيداً من الخلافات والانشقاقات؟ بمعنى هل لك وجهة نظر أخرى لوضع اليمن غير وجهة النظام الجمهوري ؟


ج: لا اعتقد ان مشكلة اليمن هي في طبيعة النظام. ويؤسفني ان أقول انه لا الثورة ولا الجمهورية ولا الاشتراكية ولا الرأسمالية حققت ما كان اليمنيون وما زالوا يتطلعون اليه ولكن هذا لا يعني ان نعود إلى الوراء وإنما تعني ان نركز على جوهر المشكلة وهي التخلف بأبعاده المختلفة. بالنسبة للنظام السياسي فلا بد ان يكون برلمانيا وبقائمة نسبية. وهذا النوع من الترتيبات هو الذي سيجنب اليمن الدخول في محنة "المحاصصة" المطبقة الآن في لبنان. أما إذا استمر النظام القائم على حاله فان التجربة اللبنانية تصبح خيارا حقيقيا..وقريبا سيطرق على الأبواب. وإذا كان هناك من يعتقد انه يمكن ان يحصل على كوتا للنساء قبل ان يعطي كوتا للمهمشين نقول له فكر مرة أخرى. والسؤال هو هل سنختار القائمة النسبية ونعطي كل ذي حق حقه أم سنختار المحاصصة؟

س: ما هي وجهة نظرك لأحزاب اللقاء المشترك - بصفتك مستقل - من ناحية قيامها بواجبها الميداني وتحريك الشارع من أجل الديمقراطية ومن أجل الحقوق ؟؟؟

ج: اللقاء المشترك مثل أملا كبيرا للبلاد. وكان الحراك السياسي ابرز منجزاته. لكن المشكلة تمثلت في الطعنة التي تلقاها من الخلف. فظهور القوى الانفصالية في الجنوب جعل كل الوطنيين في اللقاء المشترك وخارجه يعيدون النظر في المسألة ويعملون على فرملة الهرولة نحو التفتت. انا أضم نفسي إلى قائمة الداعين إلى ضبط النفس مهما بلغ الظلم والعبث ومهما سجن الناس.

س: هل تؤيد قيام حزب جديد إذا لم تفلح أحزاب اللقاء المشترك في تغيير أسلوبها واستمراريتها على نفس النهج الحالي في تصريحاتها الصحفية فقط مع بعض التحريك الموسمي لأعضائها ؟؟


ج: لا اعتقد ان المشكلة في اليمن هي غياب أحزاب. كما لا اعتقد ان ظهور حزب جديد سيغير من الواقع شيئا ..التحالفات الواسعة كالمؤتمر والإصلاح هي وحدها القادرة على التأثير الإيجابي في مجتمع تعددي يصعب حشره في حزب واحد.


س: ما هي نظرتك لمستقبل اليمن وهل يا ترى سنخرج من هذا النفق المظلم الذي امتد ظلامه إلى كل زاوية وبيتٍ وحجر باليمن؟


ج: لست متفائلا. والمؤشرات كلها غير مشجعة. لكن التغيير ممكن في اي لحظة. فهناك الكثير من الأمور التي تعتمل تحت الرماد وكما يقولون من معتن إلى معتن فرج.


س: هل يستطيع المشترك ان يخرجنا من هذا النفق وهل ستسلم له مقاليد الأمور في حال انتخابات حرة ونزيهة وبشفافية مطلقه؟


ج: نعم ولا. نعم إذا توفرت شروط معينة. ولا إذا استمر الوضع على ما هو عليه.


س: أخي ما هو سر تراجع مقاعد وشعبية "الإصلاح" في الانتخابات النيابية بعد عاصفة صيف94 ؟


ج: انأ لا استغرب تراجع الإصلاح ولكني استغرب انه مازال يحتفظ ببعض المقاعد وببعض الأعضاء في ظل إخضاع الشعب لقاعدة سيف المعز وذهبه. انظر إلى قضية فهد القرني وقل لي أي ديمقراطية هي تلك التي ننعم بها؟

س: الا تظن دكتورنا الغالى ان الإصلاح لو دخل بمفرده بدون المشترك ربما كسر حاجز هذا التراجع؟

ج: اعتقد ان الإصلاح يقدم الكثير من التضحيات في سبيل الوحدة الوطنية. وهذا يمثل تراثا لدى الإصلاح وما عليك سوى النظر إلى ممثلي الإصلاح في الحكومة التي تشكلت بعد حرب عام 1994 وكان الإصلاح حسب ما سمعت قد رشح جنوبيا لرئاسة اللجنة العليا للانتخابات لكن أنت تعرف ما حدث..اعتقد شخصيا ان وجود الاشتراكي والإصلاح في جبهة واحدة يخدم الوحدة الوطنية بغض النظر عن نتائجه على الإصلاح كحزب

س: هل بنظرك ان اليمن سوف تدخل منظومة دول الخليج حسب الزمن المحدد له ام ان الوقت يطول أكثر من ذلك؟

ج: لم اسمع ان هناك زمن محدد وما لم تتغير الأوضاع بشكل أو بآخر فان دخول اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي سيبقى مجرد أضغاث أحلام.


س: هل من حق علي عبالله صالح ان يوقع على اتفاقية جده من غير ان يستشير الشعب اليمني؟؟


ج: الاتفاقية وقعها الأستاذ عبد القادر باجمال ووافق عليها البرلمان الذي يفترض ان يمثلني ويمثلك. لكن الرئيس علي عبد الله صالح سيتحمل مسئوليته بالتأكيد أمام التاريخ.

س: ما هو السبب الذي اجبر علي عبدالله صالح على التوقيع على اتفاقية جده وهي لا تصب في مصلحة اليمن ولا في مصلحة الشعب اليمني حتى اليمنيين المقيمين داخل السعودية لم يستفيدوا من هذه الاتفاقية ما هو السب الحقيقي الذي اجبر علي عبدالله صالح على التوقيع على اتفاقية جده؟

ج: وحده الرئيس أو باجمال قادر على الإجابة على هذا السؤال. ما اعرفه هو انه كان هناك حراكا جنوبيا في لندن مدعوما من السعودية وان ذلك الحراك قد هز بعض الكراسي داخل النظام فهرعوا للتوقيع على الاتفاقية. وها نحن اليوم أمام حراك جنوبي اشد. وأرجو ان لا نتحول إلى أدوات في يد الولايات المتحدة كي نوقف الحراك الحادث حاليا.

س: ما رأيك بالنظام الحاكم هل هو نظام شرعي أم نظام مغتصب للسلطة ولحقوق الشعب؟

ج: هذه مسألة تخص كل فرد. انأ في اعتقادي ان اعتراف أحزاب اللقاء المشترك بنتائج الانتخابات في سبتمبر 2006 ورغم ما شابه من غموض قد وضع حدا لقول كل خطيب. والمسألة أكثر تعقيدا مما تبدو في الظاهر. ويمكن لكل شي ان يتغير في لحظات...رأي الشخصي انه شرعي ما دام قادرا على وضع الناس في السجون خارج الدستور والقانون ودون ان يؤدي ذلك إلى ثورة.

س: توقيع الحدود مع السعودية هل جلبت فوائد للشعب اليمني والعمالة اليمنية أم ان النظام هو من استفاد من توقيعها لإرضاء النظام السعودي وتقديم تنازلات مقابل عدم التدخل في الشئون الداخلية اليمنية؟

ج: هناك الكثير من الغموض في هذا الجانب. صحيح هناك تطور في العلاقات اليمنية السعودية وقد عاد الكثير من اليمنيين إلى السعودية لكن العلاقة مازالت أسيرة ذلك النمط التاريخي من الشد والجذب. اعتقد ان ما ينبغي عمله الان هو ان نطبع تلك العلاقات وان نتجاوز المخاوف القائمة. مصلحة الشعب اليمني هي في علاقات مستقرة وشفافة بين اليمن والسعودية.

س: ترى ما هو الفرق بين الشعب اليمني والشعب الباكستاني ؟؟! وهل أنت متفائل بأنه سيأتي يوم يصحو فيه هذا الشعب من سباته العميق ؟؟

ج: لا اعتقد ان الفرق كبير وربما وصل الشعب اليمني في قادم الأيام إلى ما وصل إليه الشعب الباكستاني ..لكني لا اعتقد ان هذا سيحقق التغيير المطلوب.


س: عندما عين مجور رئيسا للوزراء علقت في إحدى الصحف قائلا : تعيين مجور هو نكوص وتقهقر إلى الخلف ؟ ممكن تعطينا تفصيل أكثر لهذه العبارة ؟ وهل وجدت تطابق بين ما تعني بذلك وبين وضعه الان ؟ من كان المناسب انذاك لهذا المنصب في تفكيرك ؟ تعيين مجور هو نكوص وتقهقر الى الخلف ؟

ج: ادعوك إلى التأمل في التطورات التي حدثت منذ صعود مجور وحتى اليوم وتقول لي ما هو تقييمك. انا شخصيا قلت ذلك اعتمادا على بعض البديهيات في السياسة وهي ان صعود شخص غير معروف الى موقع معين ومهما كانت قدراته لن يساعد كثيرا في تحقيق الاستقرار وسيزيد الأوضاع سوءا. ومع ذلك أقول دعنا ننتظر لنرى ما الذي يستطيع مجور فعله. انا بالأمانة لا اعرفه ولا اتفق أو اختلف معه في شيء واعتقد انه وفي ظل التحديات القائمة لن يستطع فعل الكثير ليس بالضرورة بسبب عيب فيه ولكن بسبب طبيعة الأوضاع ذاتها. لا استطيع ان أرد على الشق الأخير من سؤالك بأثر رجعي لأني لو فعلت فسأقول لك: باجمال.

س: المعارضة الماليزية كادت ان تكتسح الحزب الحاكم واعتقد السبب الرئيسي لهذا هو وجود زعيم قوي لهم (انور ابراهيم ) وعدم وجود شخصية قوية مؤثره في الحزب الحاكم ...فهل المعارضة اليمنية ضعيفة بسبب عدم وجود شخصية قيادية قوية مؤثره تنطوي تحتها احزاب المعارضة. وبالمقابل وجود شخصية قيادية قوية في الحزب الحاكم (على عبد الله صالح ) استطاع كسب الأصوات لصالحه في الانتخابات السابقة حيث كما تعرف ان الشخصية القيادية تلعب دور قوي ومؤثر في اى انتخابات ؟


ج: قلت في سؤال سابق اننا لا نستطيع ان نفهم السياسة بدون ان نفهم البنية الاجتماعية: من من السياسيين بكيلي؟ من هو حاشدي ومن هو هاشمي؟ واضيف هنا اننا عندما نقارن بين الدول لا بد ان ننظر في الوضع الاقتصادي. ففي رحم الإقتصاد تخلق القوى السياسية الجديدة أو يتم وأدها ..وهذا هو السر ان مسئولينا هم ايضا تجارنا ومستثمرينا ..والخلاصة هي انك في بلد كاليمن لو وضعت مفاتيح البنك المركزي بيد أي شخص لأصبح احتمال تحوله إلى زعيم كبيرا جدا. انا لا أقول ان الإمكانيات هي كل شي لكن الحديث هنا هو عن مليارات الدولارات يوظفها المتسلطون للبقاء في السلطة ويضعون معارضيهم في السجون إذا قالوا لهم اتقوا الله في أموال الناس.

س: أتذكر بأنك أجبتني قبل أيام بأنها ستكون كارثة فيما لو لم يقم الرئيس صالح بدعوة مجلس النواب للانعقاد قبل رمضان لتلافي الأزمة السياسية التي احدثتها كتلة الاغلبية باسقاطها لمشروع التعديلات التوافقية على قانون الانتخابات...الان وبعد صدور القرار الرئاسي بتعيين أعضاء اللجنة العليا بدون موافقة الاعضاء المعينين أو موافقة احزابهم.. ماهو تقييمكم للوضع..ألا ترى بأن الانتخابات -فيما لو استمرت السلطة وحزبها في سياستها الراهنة- ستكون بمثابة استفتاء شعبي على الانفصال في الجنوب..؟ ألا تقرأ في سياسة السلطة نوعا من أنواع التمهيد لتأجيل الانتخابات..؟

ج: التطورات السياسية الأخيرة التي تتوجت بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات أضافت الكثير من التعقيدات الى المشهد السياسي اليمني المعقد بطبيعته. وهناك الكثير من التساؤلات التي يمكن طرحها حول اثر تلك التطورات على المواد 4، 5، 6، 41، 42 ، 48، 58 من دستور الجمهورية اليمنية وعلى طبيعة النظام السياسي بشكل عام. هناك ايضا تساؤلات حول الآثار التي ستتركها تلك التطورات على الوحدة الوطنية للبلاد وخصوصا في ظل التربص الخارجي وحالة التفتت الداخلي. ولا يستطيع اي مراقب ان يجيب على اي من تلك التساؤلات. ووحدها القوى السياسية اليمنية وأصدقاء اليمن (وأعدائه أيضا) قادرين من خلال الأقوال والأفعال على تقديم الأجوبة على تلك التساؤلات...الشيء الواضح ان تلك التطورات قد أضعفت اليمنيين بشكل اكبر حكاما ومحكومين وأدخلتنا في مغامرة كبيرة من الصعب التفاؤل بنتائجها.


س:




عندي سؤال للدكتور ؟ توقيع الحدود مع السعودية هل جلبت فوائد للشعب اليمني والعمالة اليمنية أم ان النظام هو من استفاد من توقيعها لإرضاء النظام السعودي وتقديم تنازلات مقابل عدم التدخل في الشئون الداخلية اليمنية؟


ج: سبق الجواب على السؤال. لكني أضيف هنا ان علينا في الوقت الحالي ان نطالب بتطبيع العلاقات السعودية اليمنية على أسس واضحة والتزامات متبادلة وبما يخدم الشعبين الجارين. لا انصح باي مراجعة للعلاقات من منظور الربح والخسارة فلدينا كشعب ما يكفينا من الماسي.

س: هل هناك فعلا حنينا بريطانيا الى الجنوب؟؟ وهل تعتقد ان بريطانيا الان تسعى جاهدة الى انفصال الجنوب وايجاد يد طولى لها في المنطقة؟

ج: اعتقد ان هناك حنينا يمنيا لعودة بريطانيا. اما بالنسبة للدعم البريطاني لانفصال الجنوب فلا اعتقد بوجوده حاليا لأنه لو وجد لأصبح الحال غير الحال.

س: سؤالي مكون من فقرتينأ_ هل تهرب السيد الرئيس من أصلاح الأوضاع أصلاح حقيقي كافي لأن يجعله احد ابرز الأسبابالتي ادت بنا الى هذا الوضع؟ب_ ما هي المؤشرات المستقبلية بالنسبة للدمقراطية في اليمن بعد ان لحضنا تراجع كبير فيالأونة الأخيرة ؟


ج: الوضع في اليمن معقد. واللعبة السياسية في اليمن لعبة توازنات. وبين تلك التوازنات تتلاشى مشاريع الإصلاح وتتحول العملية السياسية الى عملية توزيع للموارد والعوائد بين الأقوياء في المجتمع. ويغدو بناء القصور هو البديل لبناء الوطن. وربما كان الرئيس في الماضي هو العقبة أمام الإصلاحات أما في الوقت الحالي فلست على ثقة من ذلك ..وبالنسبة لوضع الديمقراطية في اليمن فاني أخشى ان تكون الديمقراطية هي الثمن للحرب على الإرهاب وأخشى ان يكون ما حدث في باكستان هو السيناريو الذي سيتم إتباعه في دول أخرى. ومع ذلك سأعطي العام سام الفرصة وانتظر رد فعله على التطورات الأخيرة.

س: ما مدى تأثير المملكة العربية السعودية على القرار السياسي في اليمن؟ وما هي الأوراق التي تمتلكها المملكة في اليمن [محبذا التفصيل أكثر من التعميم]؟ ما هي الأوراق التي يمتلكها اليمن التي يمكن استخدامها للتخفيف من الضغوط السعودية ودرء ما لا ينسجم مع المصلحة الوطنية؟

ج: المملكة العربية السعودية دولة جارة ومؤثرة ليس في اليمن فقط ولكن أيضا في العالم العربي. والحدود الكبيرة بين الدولتين تجعل الشأن اليمني ذا أهمية كبيرة للسعودية. واعتقد ان النقطة الوحيدة التي كانت محل خلاف كبير بين الدولتين هي الحدود. اما الان فقد انتهت مشكلة الحدود. ولم يعد هناك من وجهة نظري من سبب لأن تظل العلاقات محل شد وجذب او ان تتباين سياسات الدولتين الخارجية او ان يزايد طرفا على آخر ...اما النفوذ السعودي فهو موجود بين كل الفئات السياسية من رموز الهاشميين إلى شيوخ حاشد وبكيل والى الحركات الدينية . وهذا أمر طبيعي ومتوقع. للسعودية أيضا نفوذ تفرضه حقيقة ان اليمن بحاجة دائما إلى الدعم السعودي بكل أشكاله. كما ان وجود مئات الالاف من اليمنيين في السعودية يشكل أيضا ورقة قوية في يد السعودية. لكن الواضح ان السعوديين ومنذ قيام الوحدة لم يمارسوا ضغوطا ضد اليمن سوى في قضية الحدود. أما فيما عدا ذلك فلم يهتموا كثيرا .

س: ماذا لو مات الريئس على عبدالله صالح غدا !ماهو السيناريو المتوقع حدوثه من وجهة نظركم !!!
ج: سيتولى نائب الرئيس أو رئاسة مجلس النواب السلطة لمدة 60 يوما وفي خلال الفترة سيتم الدعوة لانتخابات رئاسية.

س: ما هو السبب الرئيس وراء اندلاع حرب صعده ؟

ج: أراد الرئيس من حسين بدر الدين الحوثي الدخول إلى صنعاء فرفض الأخير وأرسل الرئيس أطقما لإحضاره فرفع السلاح في وجهها. وكانت الحرب

س: لماذا ندرة مقالا تك بعد التهديدات المبطنة من أحد كتاب البلاطات؟

ج: لا استبعد احتمال أنني قد جبنت. لكنني لم اجبن عندما كادت رصاصات الجبناء ان تفجر السيارة وتقتل أفراد أسرتي داخلها فكيف اجبن عندما يهددني احدهم في مقال لم يقرأه أي احد غيري وخصوصا وانا اعرف كاتب المقال شخصيا . لكن الوضع السياسي تعقد ومعظم وسائل الإعلام يسيطر عليها أجنحة الحزب الحاكم وكلهم يريدون منك ان تنتقد الرئيس بالحق والباطل أما إذا أهديتهم عيوبهم فإنهم ينقلبون عليك. هذه هي الحقيقة المرة التي لا يعرفها احد. وقد قررت التوقف عن الكتابة حتى احصل على عقد من احد الصحف يقدم لقلمي الحد الأدنى من الحماية فإذا لم احصل على عقد فسأتفرغ للعمل البحثي. لكن قلمي لن يصدأ أبدا بإذن الله. وإذا لم تجدني في الصحف فستجدني في دور النشر.

س: يقول أرسطوا طاليس ان ثمة مذنب واحد في كل قضية حتى لو تدخل فيها أشخاص عديدون؟ فهل تنطبق هذه الحكمة على طاغية اليمن الجديد ؟

ج: لقد كثر الطغاة وكان عندنا، كما يقولون، "ريال فرنص صرفناه."

س: هل النظام القائم في اليمن نظام الجمهورية اليمنية المتفق عليه في عام 90 ام ان النظام القايم مازال نظام الجمهورية العربية اليمنية سابقاً؟

ج: اعتقد انه نظام المملكة المتوكلية اليمنية ولكن مع بعض المساحيق
س: هل تعتقد ان اليمن يحكمه حزب ومؤسسات ام لا زالت الأسرة والقبيلة هي المتصرفة؟

ج: المؤسسات ضعيفة جدا ...والقبيلة أصبحت اليوم ضحية مثل غيرها..

س: إلى متى ستظل جمهورية اليمن دولة متخلفة ؟

ج: إلى ان يتجاوز اليمنيون الأمية والتخلف والفقر والمرض

س: برأيك من السبب الأكبر وراء كل ما يحدث باليمن من حروب وطوائف وقبائل وفقر وهروب عبر الحدود ؟

ج: كلنا مسئولون ولكن القيادة السياسية تتحمل القدر الأكبر من المسئولية.

س: هل اليمن بحاجة لرئيس دكتاتوري لكي يتم منع القات والسلاح ؟

ج: القات هو الديكتاتور الأول في اليمن. اما السلاح فلا يمثل مشكلة من وجهة نظري الا اذا كنت تقصد امتلاك القبائل او الجماعات للأسلحة الثقيلة فذلك أمر يحتاج إلى دولة وليس إلى دكتاتور لإن وجود ذلك السلاح يحول اكبر دكتاتور إلى حمل وديع.
س: لماذا تتجاهل المعارضة مسائل يعتقد الكثيرين بانها تهم المواطن "كالراتب" وما إلى ذلك ومناقشة مسائل ثانوية او قل أنها بعيدة عن هم الشارع المقتول بتوفير لقمة العيش وهل هو راضي عن دورها؟..


ج: اختلف معك في قولك بان المعارضة غير مشغولة بالراتب. الواقع ان السلطة والمعارضة مشغولين بالراتب وهذه هي المشكلة.

س: ماذا ينقـص معارضتنا ؟!؟!؟!

ج: بنك مركزي+قوات مسلحة+مشايخ قبائل ومحافظين+جهاز امني+خالد الشريف واضمن لك بعد ذلك ان المعارضة ستفوز بالأغلبية الساحقة..

س: و إلى ماذا تسعى ؟

ج: لكل واحد هدف. واحد يريد ان يبني الدور الرابع وواحد يريد ان يشتري الفلة الرابعة وثالث يريد ان يجمع المليار الخامس وواحد يريد ان يشبع اطفاله ..ومثلي مثلك


س: بصراحة , هل هي جزء من الحل , أم أجــزاء من المشكلة ؟!؟!؟!

ج: جزء من الحل وجزء من المشكلة..

س: وكيف تنظر أو بالأصح ما هو تنظيرها لمصطلح " الفوضى الخلاقة " ؟!؟

ج: الفوضى الخلاقة قاسم مشترك بين السلطة والمعارضة

س: أي المصالح أسبق في أجندتها " العليــا أم السفلي " ؟

ج: اغلب اليمنيين ما زالوا في دائرة المصالح الذاتية

س: هل تعتقد بأن المواطن مازال يثق بها وبنجاح مشروعها الغير واضح الملامح ؟!

س: المواطن لا يثق لا بالسلطة ولا بالمعارضة. هو يثق بمن سيعطيه شي مقابل صوته وعصفور باليد خير من دجاجة على الشجرة.

س: الوضع الحالي لليمن غير مستقر و الجميع يعلم بذلك إلا من لديه مصالح كبيرة و قد جهز لكل طارئ. ماذا تتوقع لليمن خلال الفترة القادمة (من ثلاث إلى سبع سنوات)؟

ج: الكثير من الفوضى وعدم الاستقرار..


س: كيف تنظر إلى مستقبل العلاقة بين أحزاب اللقاء المشترك وهل هذا التحالف من مصلحة اليمن ؟


ج: مصلحة اليمن هي ان القوى السياسية كلها بما في ذلك الحزب الحاكم يتحولوا جميعا الى لقاء مشترك ..اقصد ان يكون هناك وفاق سياسي..ميثاق شرف..لا نكذب..لا نغش...لا نطعن في العروض..لا نكفر..لا نفرط بالمصالح الوطنية..لا نستقوي بالخارج أو بالجيش..لا نقتل..لا نهين أو نحقر بعضنا..لا نحكم الشعب بغير إرادته. لا نقدس أو ننزه الأفراد. نطبق القانون على كمل شخص..

س: كيف ينظر الدكتور عبدالله إلى مستقبل العلاقة بين المشترك وبين المؤتمر الشعبي العام ؟

ج: لا بد ان تتحسن واذا لم تتحسن فكلنا سندفع الثمن..

س: ما هي وجهة نظرك أسباب تراجع إهتمام المجتمع اليمني بالسياسة والإنتخابات ؟

ج: القمح والدقيق اكثر أهمية من الإنتخابات..

س: ما هي أولويات المعارضة من وجهة نظر الدكتور عبدالله الفقيه ؟

ج: الوصول إلى السلطة؟

س: برأيك دكتور لمن المستقبل في المنطقة العربية لقوى الإعتدال كما يطلق عليها أم لقوى الممانعة ؟


ج: لقوى الاعتدال دون شك.

س: أهداف الثورة هل تحققت أم نسيانها ؟

ج: لم تتحق وهناك من يعمل على طمسها من تاريخ اليمن

س: هل المعارضة قادرة ومؤهلة لحكم اليمن؟

ج: إذا كنت تقصد الحكم بنفس الطريقة القائمة فان أؤكد لك ان المعارضة أكثر من مؤهلة. س: هل سترشح لرئاسة اليمن علي عبدالله صالح أم عبدالمجيد الزنداني في حالة أصبح الوضع هكذا؟

ج: سأرشح الاثنين معا..فتلك هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على كرامتيس: رأيك بالاختلاسات والفساد الذي مارسه الاصلاحيون في شركات اقيمت لغير اغراضها الحقيقية؟

ج: يا أخي انا أدعو الى تقديم كل مختلس وفاسد الى القضاء وتطبيق اغلظ الأحكام عليه سواء اكان في المؤتمر او في الإصلاح او في اي ركن من اركان البلاد.
س: ما هو تقييمك لوضع الحريات في اليمن سوا الشخصية او حرية الرأي في الوقت الراهن؟

ج: اعتقد ان النضال ما زال حول حرية التحرر من الجوع. وما زال اكثر اليمنيين عبيدا في هذا الجانب
س: اليمن وصلت بقيادتها الحالية الى طريق مسدود في اصلاح كل المؤسسات المدنية ؟

ج: مسدود بعشرين سداد


س: ما هو المخرج برأيكم في هذه الازمة ؟

ج: ان نفكك السدادات خيطا خيطا وذرة ذرة وبكل صبر واناءة


س: هل للجنوبيين اي اسس قانونية للمطالب التي ينادون بها قد تحقق لهم هذه المطالب مهما كان سقفها وما فائدة القرارات الدولية السابقة اثناء حرب 1994م في مسيرة الحراك الجنوبي.؟

ج: أجبت على هذا السؤال بشكل مطول في المجموعة الثانية من الأسئلة. اما قرارات مجلس الأمن الدولي في عام 1994 فلا مضمون لها وهي من باب النصيحة التي لا يعاقب تاركها..ولا تصدق ما يكتبه أستاذنا العزيز الدكتور محمد السقاف حول هذه النقطة بالذات.

س: من واقع تخصصك وما تعرفه عن السياسة الدولية ، كيف تري السياسة الخارجية اليمنية مع ..دول الجوار ، وهل هي اذعانية ام ندية ؟ بقية الدول العربية ؟ بقي دول العالم ؟

ج: اقرأ مقالي مالك الحزين والسياسة الخارجية اليمنية ففيه الكثير من التفاصيل. والمسألة في هذا الجانب لا علاقة لها بمصارعة الثيران..نحن بحاجة إلى جيراننا وما يؤذيهم يؤذينا والعكس صحيح والمهم نكبر عقولنا كيمنيين ونحترم الآخرين حتى يحترموننا. واذا قال لك شخص ارجم بنفسك من رأس الجبل اطلب منه ان يرجم بنفسه قدامك حتى تعرف كيف يفعل ذلك.

س: ما هي رؤيتك لوضع اليمن في ظل طغيان القبيلة على القانون في الحكم؟

ج: يتناقض التنظيم القبلي مع الطغيان

س: لعلك لاحظت أن من الأسئلة ما حاول أصحابها أن يصفوا حساباتهم مع خصومهم عن طريقك - وربما سأفعل..

ج: شكرا لإنك لاحظت ذلك وساجازع الأوغاد الى ابواب بيوتهم

س: هل تعكس هذه الأسئلة ثقافة عامة لدى الأحزاب وهل تعبر عن واقعنا السياسي بكل تجلياته؟

س: تعبر عن فئة اجتماعية أكثر حظا من غيرها من الفئات. هذا هو أحسن ما في اليمن والذي لا يعجبه الوضع يشرب من المحيط الأطلسي لأنه اكبر وأكثر عمقا

س: انطلاقا من وحي التطورات الأخيرة على صعيد قانون الإنتخابات وتشكيل اللجنة العليا هل قرر المؤتمر الذهاب إلى الانتخابات وحيداً؟

ج: وهذا اخطر ما في الموضوع لإن زوال المؤتمر سيتحقق عندما يذهب وحيدا. وتذكر انتخاب المحافظين

س: وإذا فعل ما الذي سيترتب على ذلك؟


ج: سيتم تقسيم المؤتمر على 15 حزبا تنافس بعضها

س: كيف تقرأ مستقبل البلد والأحزاب في حال جرت إنتخابات من دون المشترك؟

ج: لن تجري انتخابات من دون المشترك وستجري بدلا عن ذلك معارك ضارية.

س: هل سيحظى الحاكم بشرعية كاملة في هذه الحالة؟

ج: عندما تندلع الحرب لا يعود للشرعية معنى

س: هل تظن أن الحاكم بقرارته الأخيرة يسعى لإستفزاز المشترك وحتى يشارك في الإنتخابات ولو لم يتوفر لها أدنى قدر من النزاهة؟ أم أنه يخشى نتائجها ففضل أن يدفع عنها المعارضة بعيداً؟
ج: السياسة في اليمن اقرب ما تكون إلى الأفلام الهندية وإذا أردت ان تفهمها أنصحك بان تشاهد واحد من تلك الأفلام..

س: إذا تراجع الحاكم عن قراراته هل تنصح المشترك بالمشاركة؟

ج: لكل حدث حديث واسألني هذا السؤال قبل الانتخابات بشهر

س: في حال شارك المشترك هل ترجح حصوله أغلبية؟

ج: ربما إذا قامت عصابة بسرقة البنك المركزي

س: هل الحصول على نسبة تكفي لتسمية مرشح الرئاسة سبب كاف للمشاركة؟

ج: السياسي اليمني لا يفكر بشكل استراتيجي ولكن يفكر بطريقة ما بدا بدينا عليه. واذا كنت غير واثق ان البلد ستستمر حتى نهاية العام الحالي فكيف يمكن ان أفكر بتسمية مرشح الرئاسة في عام 2013

س: حرب صعدة ، خمس سنوات من القتل والدمار والتشريد وكل ما ترتب على ذلك من خسائر واهدار للمال العام ، توقفت بجرة قلم .فهل لكم توضيح الصورة ؟

ج: المبالغة في توضيح الصورة قد تساهم في حرقها. والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها.
س: أوضاعنا الاقتصادية من سيئ إلى أسوأ وحالات الفقر والبطالة تزداد ، وعلاقاتنا بدول الجوار لم تأخذ مكانتها الطبيعية ، وممنوعون من الدخول ( هجرة شرعية ) الى معظم دول الخليج فإلى أين نحن سائرون ؟

ج: هذا هو السؤال الذي يشغل بالي ويمنعني من النوم في بعض الأوقات. نسأل الله الفرج وان يلطف فيما قدر..

س: أسئلة تحيرني دائما وربما أجد أجابته لديك !! لماذا تصر أحزاب المشترك عند مقدم كل انتخابات بالحوار مع الرئيس برغم أنها واثقة تمام الثقة أنه لن يلتزم بما أتفق عليه ؟؟؟

ج: اعتقد ان الأستاذ محمد قحطان قد قدم افضل جواب على سؤالك وهو انهم اذا حاوروا المؤتمر ابطلها الرئيس واذا حاوروا الرئيس ابطلها المؤتمر فمع من يتحاوروا اذا..
س: ولماذا تصر المعارضة على مشاركة في أنتخابات هي متأكدة تماما بتزويرها ؟؟

ج: هناك دائما امل بان المزورين سيخطأون هنا وهناك وبالتالي تطلع لها بكم مقعد

س: النظام القائم يستورد الهراوات والرصاص من اجل قمع الشعب وقمع حريته ؟ بدل ان يستورد القمح والدواء!! ما هي الخطوط التي تعجل بإزالة هذا النظام القائم وانته تعرف انه يحكم ثلاثون عام !!

ج: نتوقف عن معارضته. نتوقف عن الكتابة. نغلق الصحف والأحزاب ونخرج إلى الشوارع نهتف بحياة الزعيم..

س: هل المعارضة هي المشترك؟ ام المشترك هو المعارضة؟ وهل تورط المشترك مع الحوثية شمالا والتاجيين جنوبا تورط حقيقي ينال من مكاسب الثورة والثوابت الوطنية ..؟؟!!

ج: المعارضة الحقيقية هي داخل الحزب الحاكم وهي التي مولت أحداث صعدة وحضرت واعدت ودربت الكوادر على المطالبة بالانفصال. أم المشترك فقد تقاول بعض أحزابه من الباطن. والحليم تكفيه الإشارة..
س: هل تري بان اليمن مؤهله الان لدخول مجلس التعاون الخليجي وما هي المقومات التي تراها لكي نصبح عضو فعال في مجلس التعاون وليس مجرد انضمام بالاسم ؟

ج: اليمن مؤهلة الى حد كبير لدخول مجلس التعاون ولكن المشكلة هي ان الخليجيين غير مؤهلين حتى الآن لدخول اليمن. ورأي ان نبتعد عن قضية عضو فعال ويكفي ان نصبح أعضاء يسمح لهم بثلاث وجبات في اليوم
س: كيف تري من وجهه نظرك الشخصية تحسين الوضع العام لليمن وتحسين مستوي المواطن اليمني من حيث التعليم والصحة وغيرها؟

ج: نركز كل مواردنا في هذا الجانب ..نحل الجيش او نحوله الى اندية رياضية وثقافية ومدرارس وكليات ومعاهد مهنية ونتوقف عن بناء البوابات ونكتفي بالبيوت المتنقلة كمقرات للحكومة ونتوقف عن بناء القصور ونبني بدلا عنها المدارس والمستوصفات

س: اليمن تعاني من فقر الموارد كما نسمع من المسؤولين دائما وهذا شعار دائما مرفوع لديهم ومكتوب مسبقا : الي متي ستضل اليمن تعاني هل الي ان تنتهي الموارد الموجودة ام هناك موارد لا نسمع عنها ستاتي في عام 2020 مثلا

ج: اليمن تعاني من فقر العقول. ما هي موارد اليابان او الأردن؟ س: بحكم انك دكتور في جامعه صنعاء قسم العلوم السياسه هل الكادر في الجامعه مؤهل من حيث استخدامه للموارد كالانترنت وتوفر المراجع الجديده التي تناسب هذا العصر ام مازالو يدرسون المنهج القديم ومكتفيين فقط بالملازام الدراسيه ذات الوريقات القليله التي لا تشبع رغبات الطلاب وهل البحث العلمي في اليمن له الدعم الكافي كما نري بقيه دول العالم بانفقها عليه ام مازال في علم الغيب الي اليوم ؟

ج: لي خمس سنوات منذ عدت وانا انتظر هدية الرئيس لأعضاء هيئة التدريس من الكمبيوترات المحمولة. ولا ادري هل سيصل دوري وانا ما زلت على قيد الحياة ام انهم سيرسلون لي الكمبيوتر المحمول الى القبر. ومع اني احاول منذ وقت طويل الحصول على جهاز الداتا شو كوسيلة تعليمية حديثة يمكن ان تساعد الطلاب على الفهم الإ انه كل ما حصلت الكلية على جهاز داتا روحه احد اعضاء المؤتمر الى بيته ..وعندما تتحدث مع احدهم في هذا الموضوع تشعر بانك تتحدث معه بلغة اخرى..

س: لو عكسنا الوضع الحالي وافترضنا بان المعارضة هي التي تحكم ما هو تقيمك للوضع كيف سيكون هل كما نحن الآن أم أفضل أو أسوأ وهل المعارضة " المشترك " لها القدرة علي الاتفاق فيما بينهم ام سنكون الصومال الثانية ؟

ج: الذي يسمعك يظن ان الناس في السلطة متفقين. نسأل الله اللطف بنا جميعا
س: هل القضية الجنوبية فعلا كما نسمع ونقرأ في وسائل الاعلام موجودة ام هي عباره عن مجرد مصالح اشخاص يريدون تحقيقق مكاسب و مصالحهم الشخصيه فقط

ج: القضية موجودة وأصحاب المصالح أوقدوا النار تحتها
س: هل بالإمكان تقسيم الموارد المتاحة علي المحافظات حسب السكان بحيث يساعد ذلك علي النمو والازدهار والقضاء علي البطالة ام لك وجه نظر اخري؟

ج: تقسيمها على المشايخ والأعيان كما هو جار الآن أفضل لان اليمني إذا شبع بطر

س: نتمنى ان تذكر عشر أولويات يجب على الرئيس على عبد الله صالح انجازها ؟

ج: حل المؤتمر الشعبي العام فإذا تمت هذه انتقل إلى
تطبيق الحدود الشرعية على مرتكبي الفساد من تاريخ صدوره
تحرير الاقتصاد الوطني
البدء بالانتقال التدريجي نحو النظام البرلماني
تطبيق نظام القائمة النسبية ولو بالتدريج
يعطي المسئولين اختصاصات ويترك البرلمان والقضاء يحاسبونهم
ضمان الرغيف لكل يمني كحد ادنى
تشريع قوانين تجرم التمييز بكل اشكاله والواسطة
تطبيق مبدأ تعيين الأكفأ
تحقيق علاقات متينة ومستقرة مع دول الخليج
س: أنت متهم بعدم الولاء للوطن "حسب ما يقول البعض " ؟

ج: انأ مستعد للاذعان لمطالب الشعب والخروج من السلطة وإعادة كل ما نهبته من الخزينة العامة. س: ما ذا يعني لك المشترك ؟

ج: أمل يحتاج إلى عملية قيصرية ليتحول إلى قوة تغيير.. س: عشر شخصيات يمنية يمكن الاعتماد عليها في بناء البلد ؟

ج: محمد مفتاح، عبد الكريم الخيواني، فهد القرني، احمد عمر بن فريد، يحيى الشعيبي، يحيى الديلمي، محمد لقمان، حسن باعوم، رشيدة القيلي، وسامية الأغبري س: بالنسبة للقضية الجنوبية من المتورط فيها الرئيس أم السياسيين المعتقلين ؟

ج: حلفاء الرئيس. س: هل النضال السلمي لا يزال الطريق الأقرب لإصلاح الوطن ؟

ج: وسيظل. س: عشر شخصيات غيرت مجرى حياتك ؟

تأثرت بأشخاص كثيرين بعضهم بسطاء جدا والبعض الآخر لهم وجودهم على الساحة. ولأني قارئ لكل ما يكتب ومستمع لكل ما يقال فان من الصعب القول ان عشرة او عشرين شخصا هم الذين اثروا علي..
س: ثلاثة زعماء عرب تحترمهم؟

ج: انا احترم كل الزعماء العرب مهما كانت مثالبهم. لكني أجد الملك عبد الله بن عبد العزيز، وحاكم قطر سمو الأمير حمد بن خليفة ال ثان، وحاكم دبي محمد بن راشد ال مكتوم شخصيات مثيرة للاهتمام.. س: ما الذي يريده الرئيس من الإمساك باللجنة العليا للانتخابات ؟

ج: حسن الختام.

س: هل تشعر بالأمان وأنت معارض في اليمن؟

ج: يا أخي إذا كان الرئيس نفسه وهو رئيس يخرج بكل هذه السيارات والأسلحة ولا يشعر بالأمان فما بالك بواحد مثلي..
س: هل تحمل جنسية أخري مثلا أمريكية أو كندية أو أوربية وإن كان الجواب نعم فهل تستمد الحماية من تلك الجنسية؟

س: لا. وانأ أخاف من هذه الدول أكثر مما أخاف من علي عبد الله صالح
س: كيف تقيم شخصية الرئيس على عبد الله صالح كقائد سياسى حكم اليمن هذه السنوات رغم المد والجزر إلا انه يعتبر صمام أمان للوطن الست معي فى هذا القول؟

ج: أسئلتك شبيهة بالأسئلة التي يضعها للطلاب بعض أعضاء المؤتمر الشعبي العام في الجامعة حيث يطرحون السؤال ويوحون للطلاب بالجواب المطلوب. أما انأ فأقول لك راجع مقالاتي. وأي تقييم نقوله الآن لا قيمة له لأنه قد يتأثر ببريق الذهب أو بلمعان السيف. ثم انه من الصعب الكتابة عن شيء متحرك فانتظر حتى ينتهي هذا العهد وسترى بعد ذلك الكثير من التقييمات..
س: هل المعارضة تستهدف الرئيس ام تستهدف اسقاط الحكومة؟

ج: لا ادري ماذا تقصد بتستهدف الرئيس. المعارضة تريد ان تحصل على الرئاسة وعلى الحكومة وعلى كل ما يمكن الحصول عليه..

س: هل هناك معارضة حقيقية ام انتهازية فى اليمن؟

ج: هناك حقيقية وهناك انتهازية والنوع الثاني بدأ يتراجع
س: هل المعارضة فاسدة أم لا ارجو الإجابة بالأدلة وتوضيح هذه النقطة؟

ج: حقيقة لا افهم ماذا يعني الرئيس ان المعارضة فاسدة. كيف يمكن لشخص مثلي ومثلك ان يكون فاسدا وهو ليس لديه شيء من السلطة أو من المال العام. إذا كان القصد ان المعارضة يمكن ان تكون فاسدة عندما تصل إلى السلطة فانا أقول نجرب المعارضة وندعها تحكم وإذا رأينا أنها فاسدة بحثنا عن غيرها
س: لماذا قادة المعارضة فى وادي والجماهير فى وديان اخرى؟

ج: لو ان المعارضة في واد والقادة في واد آخر لما وجهت الي كل هذه الأسئلة واعتقد ان قولك هو من فبيل أمنياتك الشخصية وليس تقريرا لواقع..

س: سؤال شخصي كيف حصلت على فرصة للدراسة فى امريكا وعلى حساب ..

ج: كنت أقرا صحيفة الثورة وكان هناك إعلان في صحيفة الثورة عن منح أمريكية يقدمها برنامج الفولبرايت للطلاب المتميزين للدراسة في امريكا لمدة سنتين للحصول على الماجستير وقد تقدمت مع غيري وكنت من الذين حصلوا على الموافقة. وفي الجامعة التي درست فيها في أمريكا تعاون معي الكثيرون وساعدوني وكان علي ان اعمل 48 ساعة في اليوم حتى استطيع الوفاء بإقساط الجامعة ومواصلة الدراسة حتى حصلت على الدكتوراة. ولم تقدم لي جامعة صنعاء شيئا . فحتى مرتبي الذي لا يساوي خمسين دولارا سرقوا نصفه.. س: لو لم تكن يمنيا ـ وكنت متابعا جيدا لمجلس النواب ـ هيئة رئاسته ـ ـ أعضائه ـ ـ ـ مناقشاته ـ ـ وطرق التصويت ـ ـ وألاداء بشكل عام ـ ـ ماهي الفكره التي ستتكون لديك حول اليمن

ج: كأكاديمي فانا اتجنب اطلاق الأحكام القيمية. فهذه هي اليمن. الغاغة. الفوضى..الأمية..الجهل هذا هو وضعنا والذي علينا ان نفهمه ونتعايش معه ونعمل خطوة بخطوة على تغييره. اما ان نقول هذا متخلف وهذا عقبة أمام التطور وهذا قبيلي وهذا سيد إمامي فلا اعتقد ان ذلك سيساعدنا أبدا.

س: تتحدث في الكثير من المناسبات عن "اللقاء المشتركـ" كبديل سياسي ناجز لإنجاز التحول الديمقراطي في اليمن ..

ج: لو عندي ربع عقل لما قلت الكلام الذي تقوله وبذات الصيغة. اعتقد ان اللقاء المشترك تجربة ملفتة للانتباه وان كره الكارهون لكن المبالغة في التأكيد على هذه التجربة وفي هذا الوقت بالذات لا تخدم احد والمشترك لديه برنامج تغيير للنظام السياسي الذي خذلنا وبعد ذلك نجربه أربع سنوات ...
س: هل تعتقد أن "المعارضة اليمنية" مؤهله للوصول للسلطـه ، وفي حال تم ذلكـ (اللقاء المشتركـ يحوز على الأغلبية البرلمانية ) .. فما هو تصور الدكتور الفقيه والأكاديمي والباحث السياسي لشكل الحكم في اليمن ،، (إشتراكي ، قومي ، إسلامي) .. أم أن الأمر سيئول لما يسميه البعض لما يطلق بالعامية "المخضريــة" وما يعرف في العلوم السياسية بحكم "الغوغــاء" ؟!!

ج: هذا هو واقع اليمن. انظر الى اجتماع اللجنة العامة وقل لي اي نظام يحكم اليمن اشتراكي ام قومي أم إسلامي أم ليبرالي غربي ام . فلا اعتقد ان هناك مخضرية أكثر تنوعا من التي نعيشها ولا يمكن ان يتوصل الإنسان إلى غوغائية تفوق هذه القائمة..

س: في ظل الواقع المعروف للمعارضة "اللقاء المشتركـ" فكيف ينظر الدكتور الفقيه لفكرة التأسيس لـ "معارضة وطنية بديلــة" وخصوصا في ظل الانتكاسات المتتالية لأحزاب اللقاء المشتركـ وآخرها سقوط مشروع تعديل قانون الانتخابات ؟

ج: اذا كنت تعتبر التأزم الوطني الذي تشهده البلاد مجرد انتكاسة للمعارضة فاني أهنئك على عقلك وقلبك.

س: لوحظ عدم إسهامكم في الجدل الذيـ أحتدم في الآونة الأخيرة حول إنشاء هيئة للفضيلة: ما هو موقفكم من فكرة إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في اليمن ؟

ج: من حق كل قوة اجتماعية ان تعبر عن توجهاتها بالطرق التي تراها مناسبة بحسب الدستور والقانون..وليس من حق احد ان يفرض رؤاه على أحد. لكني استغرب من السفاهة التي تعرض لها علماء اليمن على يد نفر من الصعاليك الذين لو تمكنوا من السلطة لقطعوا رؤؤس الناس بلا ضمير او رحمة..السنا نقول ديمقراطية؟ لم ار في حياتي سفالة مثل تلك السفالة التي وجهت لعلماء اليمن من قبل البعض. واني لا اخجل ان يكون في اليمن من يكتبون بذلك الأسلوب المنحط والذي لا يحترم الحقيقة ويعمل على طريقة ان الفضيلة أفيون الشعوب.
س: هل امتناعكم عن الإسهام في تقييم هذه الظاهرة السياسية التي شهدت جدلا محموما بين (مؤيد، معارض) هو تجنب للاصطدام بالتجمع اليمني للإصلاح ؟!!

ج: أمثالي لا يشاركون في السفاهة ولا يتطاولون على قيم المجتمع ورموزه وثوابته ولا يتبنون المشاريع الخارجية بغباء وتهالك ولا يمكن ان يدافعوا عن الدعارة المنظمة والانحلال الأخلاقي. وظهور تلك الهيئة هو رد طبيعي على المشروع الأمريكي الذي يعمل البعض تحت ظلاله بغباء منقطع النظير وفي حقد على المجتمع وعلى القيم وفي احتقار للإنسان اليمني ويوشكون ان يشنقوا أبائهم وأمهاتهم في سبيل كسب رضا السفارة الأمريكية. وما أشبه الليلة بالبارحة.
س: يُذكر الدكتور الفقيه عادة أو يُعرف بـ "السياسي المستقل" .. وبحكم تخصصكـ كـ أستاذ في العلوم السياسية إلا يسبب ذلكـ شيء من الإحراج لكم ,وبخاصة في ظل المناخ الديمقراطي والتعددي الذيـ تعيشه بلادنـا .. والذيـ أفرز عدد من التيارات السياسية التي تتوزع ما بين (اليمين ، اليسار ، الوسط) وتمثل خليطا من الأيدلوجيات ( اشتراكية ، قومية ، إسلامية ، وطنية

ج: وظيفة الأكاديمي تتناقض من حيث المبدأ مع وظيفة الحزبي. والجامعة مكان مقدس ورمز توحيد للبلاد ومكان يتعلم فيه الناس كيف ينظرون في كل الاتجاهات وكيف يقيمون الأشياء وفق أسس علمية..والأصل في الأكاديمي هو ان يكون فوق الحزبي يتلمس مصلحة الوطن ككل ويعمل على تنمية العقول لا تعليبها وهدفه المعرفة لا السلطة. انأ شخصيا اشعر بالإحراج عندما أرى الأكاديمي وقد تحول إلى قارع طبول أو منافق أو كذاب أو كاتب تقارير أو مدافع عن حزب بالحق وبالباطل..لكن هذه النماذج موجودة والتقييم متروك للناس.

س: مؤخرا نشرت في "التغيير" موضوعا قوبل بالكثير من الارتياح .. أشدت فيه بقرار القيادة السياسية "إيقاف الحرب في صعـده" .هل كان الموضوع استثناء في مسيرة الدكتور عبدالله الفقيه المعروف بتصريحاته النارية وتصلب مواقفه تجاه النظام ؟!! أم أننا بصدد تناولات كتلكـ تعيد للدكتور الفقيه صفته (الأكاديمية) بعد أن نجحت بعض القوى السياسية في جره لميادين المهاترات السياسية والسجال العقيم .. مما أضر كثيرا بمكانته العلمية كأكاديمي ، باحث ومحلل سياسي يجب أن يتحلى بصفة الحياد ؟!!

ج: إذا كنت تقصد ان أتحول إلى مطبل فأطمئنك ان ذلك لن يحدث لان كل مؤهل لما خلق له والرئيس لديه من المطبلين الكثير وخصوصا من أولئك الذين يمكن شرائهم كالجواري وما ينقصه هو أشخاص يصارحونه ولا يتآمرون عليه ويبحثون عن مصلحة البلاد وليس عن مصالحهم الشخصية.
س: ما صحة الحديث الذيـ يقول أن ترككـ لصحيفة "الوسط" جاء على خلفية خلاف مع الأستاذ جمال عامر بعد المقابلة التي أجراها مع فخامـة رئيس الجمهورية ؟! إضافة لإسقاط موضوعكم "الأسبوعي" في ذلكـ العدد ؟!

ج: غير صحيح. لم يسقط الأخ جمال عامر أي موضوع من موضوعاتي أو يعدل في أي مقال أو يفرض علي الكتابة في أي موضوع. لكن ارتباط الصحيفة بجناح من أجنحة السلطة وسياستها الإعلامية بشكل عام قد ولدت ضعوطا علي من القراء...
س: كيف تقيم نشاط منظمات المجتمع المدني في اليمن .. التي يتهم قطاع عريض منها تقوده رموز (المعارضة) بتلقي تمويلات من جهات أجنبية ..برأيكـ ،، ما هي "شرعية ، قانونية" مثل هذه التمويلات ؟!! وهل تؤيد إحالة تلكـ المنظمات للأجهزة القضائية في حال ثبت تلقيها "إموالا مشبوهة" ؟!

ج: لا يوجد في اليمن منظمات مجتمع مدني بالمعنى الحقيقي. واغلب المنظمات القائمة هي منظمات ذات طابع طائفي واغلبها مرتبط بالسلطة وليس بالمعارضة. والهدف الأساسي لتلك المنظمات هو العمل كراس حربة للمشروع الليبرالي الأمريكي الذي يعمل على إيقاظ الهويات الأولية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية والعرقية. والتمويل الخارجي يمر عبر قنوات السلطة للعلم والإحاطة. وما حرب صعدة وأحداث الجنوب سوى النتائج الأولية لأنشطة تلك المنظمات..

س: هل تتجه بلادنا إلى ديكتاتورية التوريث أم الى ديمقراطية الشعب ؟

ج: ربما لا هذا ولا ذاك. فلا الدكتاتورية ممكنة ولا الديمقراطية في متناول اليد.س: صعدة مدينة السلام من جديد ام مدينة الحروب ؟

ج: أتمنى ان تكون مدينة السلام. لكني اريد نزع فتيل الأزمة بمعالجة المشاكل التي ادت الى الحروب السابقة. اما في حال بقاء المشاكل على حالها فان كل الخيارات تظل ممكنةس: لوحظ في الفترة الأخيرة انقطاع الدكتور عن الكتابة والتي كانت تصب في اغلبها في فضح وبيان فساد النظام الحاكم .... ما السبب؟

ج: يا أخي انأ بكتاباتي أردت السعي لجعل اليمن أفضل وليس أسوء. لكن عندما تشعر ان البعض يحاول استغلال ما تقول لتحقيق أغراض غير شريفة او للإضرار بمصالح البلاد أو يحاول ان يستفيد من كتاباتك في تحقيق أهداف غير أخلاقية فانك لا بد ان تراجع نفسك. وعندما يتحمس البعض لمقالاتك التي تضر طرف معين ويحاولون التعمية على المقالات التي تضر بهم أو بمصالحهم فانك لا بد ان تراجع نفسك. فالكتابة مسئولية اجتماعية وأخلاقية وإذا كنت بموقعي لا بد ان تفكر الف مرة في اثر ما تكتبه على البلاد وعلى القوى السياسية وخصوصا في مرحلة مثل هذه..
س: لاحظت يا دكتور دفاعك عن النظام السعودي ..مع أن كثير من أوجاع اليمن ومتاعبه السبب فيها الجارة الشقيقة للأسف .

ج: يا أخي المسألة ليست دفاعا عن النظام السعودي. بل هي دفاعا عن اليمن ومصالح اليمن. اعمل حملة اعلامية صبيانية يقوموا يقطعوا اقامات الناس ويرسلوهم لك. عاد الجنان يشتي له عقل.
س: ما رأي الدكتور في التحالف الوطني؟

ج: إذا كان المقصود منه هو إعادة صياغة حزب السلطة فتلك خطوة مهمة من وجهة نظري وقد تقود إلى شي ما. أما إذا كان مجرد حدث إعلامي فسيظل كذلك.

س: الدستور والقانون مرجعية الجميع فلماذا التحاور بين اللقاء المشترك والمؤتمر وعقد الصفقات فيما بينهم؟

ج: لا ادري ماذا تقصد بالصفقات ؟ كل ما اعرفه هو ان المشترك يطالب بإطلاق المعتقلين وبتعديل قانون الانتخابات؟ وهذه الأمور تتحدد بالتفاوض.
س: اللجنة العليا للانتخابات أدارت انتخابات رئاسية ومحليه ساخنة...فلماذا الآن لا يقبلها اللقاء المشترك؟

ج: لقد انتهت فترتها وليس من حق حزب السلطة ان يفرض على المعارضة من تختار لعضوية اللجنة وإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فانا انصح بإعلان الطوارئ
س: الدكتور وبحسب أحد الصحف قالت إنه ينتمي إلى حزب الإصلاح..فما رأيكم؟ولماذا لم تنتم إلى أي حزب؟

ج: كما ان البلاد بحاجة إلى حزبيين فهي أيضا بحاجة إلى مستقلين. انا طبيعتي كشخص ورؤيتي للحياة وللعمل السياسي تجعلني مستقلا لكن هذا لا يمنعني من مساندة هذا الحزب أو ذاك عندما أرى ان ما يطرحه يصب في خدمة المصلحة العامة.
س: في مقال لكم في صحيفة الأهالي كتبتم مقال عن رجال اليمن الأقوياء...هل لك ان تفسر لنا هنا معنا الأقوياء...كوننا في بلد ديمقراطي؟

ج: القوة السياسية أو رأس المال السياسي تتمثل في عدة عوامل أهمها المكانة أو الوجاهة الاجتماعية، الثروة، القدرة على حشد الناس، وغير ذلك من العوامل. وفي كل مجتمع وفي كل مرحلة تاريخية يوجد أشخاص قادرون بحكم رأس المال السياسي الذي يملكونه على ممارسة تأثير أكثر من غيرهم.

س: إجاباتك السابقة حول القضية الجنوبية لم تكن كافيه الا تعتقد ان 80 بالمائة من أبناء الجنوب أصبح الانفصال في نفوسهم وهذا ما سوف ينعكس على الأبناء وعلى الجيل القادم الذي من المفترض أنهم جييل الوطن فهل ترى ان الوحدة لازالت موجودة أم ان نعشها قد تم نسيجه وقبرها قد حفر

ج: اتفق معك فيما قلت. المشاعر الانفصالية موجودة بالتأكيد وربما ان النسبة اكبر مما ذكرت لكن ما تكلمت عنه في ردي السابق هو ان مشروع الانفصال هو مشروع عدمي لا تتوفر له أدنى مقومات النجاح.