الخميس، 18 سبتمبر 2008

حزب الوحدة الوطنية!

اقترن تأسيس التجمع اليمني للاصلاح في عام 1990 بقيام الوحدة اليمنية، فكان بكل جدارة مولودها "الشرعي" ورمز قيامها وديمومتها. وفي حين دخلت بعض الأحزاب الوحدة حاملة على اكتافها اعباء التشطير والشمولية مثل التجمع اليمني للاصلاح نبتة وحدوية خالصة. ولو ان التجمع اليمني للاصلاح ادعى اليوم، وهو يحتفل بذكرى تأسيسه الثامنة عشر بانه حزب "الوحدة الوطنية" لما نازعه في ذلك منازع. فقد كان التجمع وحدويا في ولادته ووطنيا في رؤيته وممارساته. ولا يحتاج الواحد منا الى الكثير من الوقت والجهد ليقدم الأدلة على انحياز الإصلاح المتكرر للمصالح العليا للشعب اليمني. فالأعوام الماضية تحمل الكثير من البراهين على اصالة الرؤية وصدق الطرح. وفي حين ذهبت وتذهب بعض الأحزاب للتضحية بالوطن من اجل مصالحها لم يكن للاصلاح واعضائه مصالح حزبية او شخصية في ظل التشطير والشمولية وخارج اطار الوحدة الوطنية.
ولعلها ليست مصادفة ان يتزامن احتفاء الإصلاح بذكرى تأسيسه ال18 مع حملة اعلامية شرسة تستهدف رموزه ودوره الوطني والوحدوي ويقودها الإعلام الرسمي واعلام الحزب الحاكم. ولا يمكن فهم تلك الحملة الإعلامية في ظل السياق السياسي القائم الا على انها جزء من الحملة التي تستهدف وحدة الوطن وثوابته ومستقبله. وما وضع فيديو كليب للدكتور عبد الرحمن بافضل رئيس الكنلة البرلمانية للتجمع اليمني للاصلاح وهو يقسم اليمين في مجلس النواب على تقديم اسماء مرشحي اللقاء المشترك في اللجنة العليا للانتخابات على مواقع حكومية وحزبية ، وبطريقة تجتزأ الفكرة وتعزلها عن سياقها العام الا محاولة خبيثة لضرب الوحدة الوطنية لهذا الشعب واثارة نوازع المناطقية واقناع ابناء الحركة الإسلامية واعضاء التجمع اليمني للاصلاح في الجنوب بان لا كرامة لهم في ظل دولة الوحدة. ولعل الفريق الإعلامي الذي وضع الفكرة هو الفريق الإعلامي ذاته الذي اشاع بان المهندس فيصل بن شملان مرشح اللقاء المشترك ليس يمنيا وغذى من خلال ذلك التصرف غير المسئول نوازع التشطير.
لكن مثل تلك الحملة الجاهلية الفاجرة والتي لا تراعي روابط الشراكة في الوطن ناهيك عن روابط العقيدة واللغة وروابط القربى والأخوة لا ينبغي ان تزيد التجمع اليمني للاصلاح واعضائه وانصاره واحزاب اللقاء المشترك والوطنيين جميعا سواء في الشمال او في الجنوب او في الشرق أو في الغرب سوى المزيد من العزم والإصرار على الدفاع عن مستقبل البلاد ووحدته الوطنية واستقراره. ولا ينبغي للفجور السياسي ان يقود الى فجور سياسي مقابل لإن اطفاء النار بالنار لا يزيدها سوى اشتعالا.
وعلى الجميع وفي المقدمة التجمع اليمني للاصلاح قيادة وقواعد ان يدرك ان الخلاف الدائر اليوم بين السلطة والمعارضة ليس خلافا حول عدد من مقاعد مجلس النواب او مقاعد اللجنة العليا للانتخابات او حول تعديلات لقانون الإنتخابات لا تغني ولا تسمن من جوع..بل هو في عمقه وبحكم تداعياته المحتملة خلافا على أسس وثوابت الدولة اليمنية الناشئة التي قامت في ال22 من مايو 1990..وما هو على المحك في الوقت الحالي ليس بقاء او انقراض اللقاء المشترك او التجمع اليمني للاصلاح ولكنه بقاء او تفتت الدولة اليمنية ذاتها.
فغير خاف على ذوي البصائر ان استهداف اللقاء المشترك هو في بعده الأخطر استهداف لأهم جبهة من جبهات الدفاع عن الوحدة الوطنية والثوابت الإجتماعية والإستقرار السياسي. ولن يؤد الإنقلاب على الديمقراطية والتي تمثل اهم الأسس التي قامت عليها الوحدة الى تحقيق الإستقرار او التنمية الإقتصادية او بناء الدولة الحديثة. لقد ملئت الحوثية الفراغ الذي تركه حزب الحق مرغما. ولن يملاء الفراغ الذي سيتركه اللقاء المشترك سوى القاعدة والقوى الإنفصالية والنزعات المناطقية والمذهبية والقوى الساعية الى فرض نموذجها الثقافي والمعرفي على الإنسان اليمني.
لقد مارست احزاب اللقاء المشترك وفي مقدمتها التجمع اليمني للاصلاح السياسة في الأعوام الماضية من اجل الوصول الى السلطة. لكن المطلوب اليوم من احزاب اللقاء المشترك ان تمارس السياسة من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الإجتماعي ومن اجل الحفاظ على النظام الجمهوري وضمان حرية اليمني وكرامته. وللامانة فان ممارسة السياسة اليوم هي اكثر صعوبة من ممارستها بالأمس وذلك بسبب انانية البعض ولجوء البعض الآخر الى التحالف مع الأجنبي وعلى حساب الإنسان اليمني.
وليس هناك وصفة سحرية لما يمكن عمله. لكن التمسك بالدستور والقانون ورفض الإجراءات الخارجة عليهما وعدم الإعتراف بتبعاتها وتوعية الناس بالمخاطر القائمة وتوظيف الأدوات الدستورية والقانونية في مقاومة الإستبداد ونزعات المناطقية والتشطير والتعصب المذهبي هي اهم ادوات النضال السلمي. كما لابد للقوى السياسية الحريصة على مصلحة البلاد من العمل في اوساط الناس والتعرف على رؤاهم وارائهم وتلمس توجاهاتهم حيال الأزمة القائمة وتقييم حجم المخاطر القائمة وتحديد الأولويات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق