الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

بوابة اليمن الشرقية!

د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

عن صحيفة الرشد

تفوق محافظة المهرة التي تمثل بوابة اليمن الشرقية في حجمها مساحة كل من الكويت وقطر والبحرين ولبنان وجيبوتي وجزر القمر مجتمعة. ويسكن المحافظة ذات الـ70 الف كيلومتر مربع تقريبا والتي تعد اكثر المحافظات الجنوبية هدوء واستقرارا حوالي 100 الف نسمة. ورغم محاولات الحراك النفاذ الى المحافظة اكثر من مرة الإ انه لم ينجح في تحويلها الى جمرة مشتعلة حتى الان ربما لمحدودية عدد السكان او بسبب تشتتهم او بسبب اعتماد السكان في حياتهم على تحويلات المغتربين في عمان شرقا والسعودية شمالا. وصحيح ان سكان المهرة يعتبرون افضل حالا من غيرهم من محافظات الجنوب التي ينتشر فيها الحراك حيث يمكنهم اسعاف مرضاهم الى عمان شرقا او الحصول على جواز سفر عماني او سعودي بحكم موقعهم الجغرافي او استخدام سيارة بدون الحصول على رقم، الإ ان الموضوعات التي تغذي الحراك في المحافظات الجنوبية الأخرى وفي مقدمتها التهميش السياسي والاقتصادي والبطالة بين الشباب وضعف اجهزة الدولة وانتشار الفساد ليست غائبة عن المهرة. ففي المحافظة التي يبلغ طول ساحلها حول 550 مترا هناك أكثر من 36 سفينة تابعة لنافذين تقوم بصيد السمك كما يقول المناضل المعروف محمد سالم عكوش (من مواليد عام 1941) ليس من بينها حتى سفينة واحدة مملوكة لواحد من ابناء المهرة، وحتى اذا اراد عكوش نفسه بما له من مكانة شراء سفينة وصيد السمك على شواطئ محافظته فانه، كما يقول، لن يسمح له بذلك. وفي الوقت الذي يتباهى فيه شيخ قبيلة كليشات صالح بن محمد بن عليان، بالاستقرار السائد في المحافظة وبصبر ابنائها على ما يواجهون من معاناة، فإنه يحذر في ذات الوقت من نفاذ صبر ابناء المهرة .
وتبعد مدينة الغيظة عاصمة محافظة المهرة عن مطار الريان في محافظة حضرموت بحوالي 450 كيلومتر يقطعها المسافر في حوالي خمس ساعات نظرا لسوء الطريق الأسفلتي. وفيما عد الأنفاق الأربعة التي تشق جبل الفرتك ويبلغ طولها حوالي 3 كيلو متر فان ما تقع عليه العين طوال الطريق هو تشققات الأسفلت والفقر المدقع في قرى الصيادين وفي تجمعات البدو الرحل. ومع انه يمكن للمسافر من صنعاء الوصول الى محافظة المهرة على طيران السعيدة خلال ساعة او اقل الإ ان منطق الربح يجعل اليمنية والسعيدة تطيران الى الريان تاركة المسافر يكمل ما تبقى من رحلته على ذلك الطريق الأسفلتي الشاق حتى يصل المهرة. وهكذا تتكرس عزلة المهرة عن عاصمة البلد الذي تنتمي اليه ويتكرس التباعد بين ابناء البلد الواحد ويتحول التواصل والتفاعل بين ابناء البلد الواحد الى قرار رسمي.
وفي الغيضة يدعوك الناس لزيارة مديرية حوف التي تبعد بحوالي 120 كم عن الغيضة والتي لا يتوقف المطر فيها عن السقوط مما يجعلها تتحول الى جنة خضراء في محافظة تتكون من ساحل طويل تخترقه احيانا وتوازيه في احيان اخرى سلسلة جبلية جرداء تفصل بينه وبين الصحراء . لكن رمضان والطريق الأسفلتي والنقاط العسكرية التي يسألك جنودها عن اسمك وعملك تجعلك تعتذر وتأمل ان تتاح لك فرصة اخرى لزيارة المهرة وانت تعرف في اعماقك ان السفر الى جاكرتا او لندن او الكثير من عواصم العالم اسهل بكثير من السفر الى الغيضة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق