الجمعة، 17 أغسطس 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(18)



لم ينس هادي في سياق خطابه أن يذكر السعوديين بالمناورات التي اجراها "الانقلابيون" كما اسماهم على حدود السعودية، وبقيامهم بإدخال اسلحة ومعدات ايرانية إلى اليمن. وبشر هادي اليمنيين بأنه قد عين بحاح، رفيق دربه في خيانة 22 يناير 2015،  نائبا للرئيس بالإضافة الى مهامه كرئيس للوزراء ليشارك في تحمل المسئولية الصعبة، وكأن اليمن ليس فيها سوى هادي وبحاح.  

ثم قرر هادي أن يطلق بيضة الديك ويصرح بالهدف الرئيسي لعاصفة الحزم الذي اغفلته وزارة الدفاع السعودية في بيانها، حيث قال:

"وفي هذا السياق فإنني أتقدم بإسمي ونيابة عن الشعب اليمني بخالص الشكر والتقدير والعرفان لأشقائنا العرب والمسلمين ولأصدقائنا في التحالف الاستثنائي الاستراتيجي ، تحالف دعم الشرعية ، الذين استجابوا لنداء اليمنين والتفوا حول مصلحة الشعب اليمني الباحث عن الحياة واستعادة دولته ، وهو الهدف الرئيسي لعاصفة الحزم الذي بدأت مرحلتها الثانية (مرحلة إعادة الامل)، وشكراً لكل الجهود المخلصة التي تقف مع الشعب اليمني في محنته وفي مقدمة تلك الجهود ، جهود اشقاءنا في المملكة العربية السعودية بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود الذي ظل على الدوام مسانداً لطموحات اليمنين في كل الميادين وفي مختلف المراحل."

ويتضح من الخطاب، الذي  جاءت حروفه بدون أي نقاط، أن هادي نفسه كان مغيبا عما يجري تماما، وغير مدرك لما يحدث داخل السعودية، وكل ما يعرفه هو أن عاصفة الحزم انتهت وبدأت عملية "إعادة الأمل"، وأنه ويا لهول الكارثة، ليس في بنود الأخيرة كما نشرتها وكالة الأنباء السعودية أي مكان للشرعية أو له شخصيا. وما يؤكد هذا التحليل هو ذلك المقطع الطويل في خطابه، الذي راح فيه هادي يزكي التحايا بعد التحايا لشعبه شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وكأنه قرر، بعد أن خذلته كل الأطراف وأصابته التطورات بحالة من القنوط،  البحث عن شعبه الذي لم يكن يعلم بوجوده من قبل ليحثه ويحرضه ويشجعه على المقاومة وبذل الروح والدم في سبيل عودة الدنبوع (لقب هادي) إلى اليمن حاكما مظفرا. 


وفي يوم 22 ابريل، نشرت الصحف السعودية بيانا مطولا نسب إلى التحالف العربي وحاول كاتبه، وإن بصياغة رديئة، وضع النقاط على الحروف، عن طريق الجمع بين ما ورد في بيان وزارة الدفاع السعودية،  وما نشرته وكالة الأنباء السعودية، وخطاب الرئيس هادي. وبدأ البيان كما جاء في النسخة التي نشرتها صحيفة اليوم السعودية على موقعها على النحو التالي:

"تؤكد دول التحالف على تأييدها لقرار مجلس الأمن رقم ( 2216) وحرصها على حماية الشعب اليمني ومكتسباته . وإيضاحاً لما سبق وأن أعلنت عنه دول التحالف عن انطلاق عملية عاصفة الحزم في بيانها الصادر بتاريخ 6 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 26 مارس 2015 وذلك استجابة لطلب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية ورداً على اعتداءات ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لـ( علي عبدالله صالح) على الشعب اليمني ومكتسباته وشرعيته وتهديدها لأمن وسلامة دول المنطقة، تعلن دول التحالف أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية قد تلقى رسالة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية المؤرخة في 20 / 4 / 2015م والمتضمنة التوجه باسم الشعب اليمني بتقديم بالغ الشكر والتقدير والعرفان للمملكة العربية السعودية ولجميع الأشقاء في التحالف الداعم للشرعية ـ تحالف عملية عاصفة الحزم ـ عن الاستجابة الفورية لمناشدة فخامته بالتدخل العسكريفي اليمن لحماية الشعب اليمني من الأعمال العدوانية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معهم ودعمهم داخلياً وخارجياً".

وكما يبين المقطع السابق من البيان المنسوب للتحالف،  فقد تذكر الجميع  في الوقت الضائع أن "عاصفة الحزم" بدأت برسالة "مزعومة" من هادي، وأن انتهائها وبدء "إعادة الأمل" لن يكون منطقيا إلا اذا جاء برسالة من هادي، غير أن هذه الطريقة في التفكير عن طريق القياس تليق بـ"الأطفال" وتجعلهم يبدون مضحكين في براءتهم، ولا تليق بتاتا بالكبار، بل وتجعلهم يبدون ساذجين ومغفلين. واذا كانت الرسالة المزعومة التي بدأت بموجبها الحرب يمكن قبولها على اعتبار انها ارسلت من عدن بينما كان هادي محاصرا ويتعرض للقصف، فإنه يصعب قبول فكرة أن هادي الذي يقيم في مدينة الرياض سيقرر بدلا من أن يطلب اللقاء بالملك أن يبعث له برسالة.

ضف إلى ذلك أنه على افتراض أن رسالة مثل تلك قد وجدت بالفعل، فإنه يصعب تفسير سبب اغفالها وعدم الاشارة اليها في بيان وزارة الدفاع السعودية أو في تلفيقات الخبراء الأمريكيين بشأن مهام المرحلة القادمة، أو في بقبقة هادي المطولة مساء الـ21 من فبراير 2015.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق