الأربعاء، 15 أغسطس 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(16)



يمكن لأي محلل أن يلاحظ بسهولة على البيان المهزوز والمرتبك الصادر عن وزارة الدفاع السعودية مساء الـ21 من ابريل 2015 (انظر نهاية الحلقة 15) ما يلي:

اولا، يذكر البيان أن القوات المسلحة السعودية شاركت بكل كفاءة واقتدار في عملية "عاصفة الحزم" وأدت ولله الحمد إلى فرض السيطرة الجوية لمنع أي اعتداء ضد ( المملكة ) ودول المنطقة. وليس من الواضح كيف فرضت القوات المسلحة السعودية "السيطرة الجوية"، ولا كيف يمكن للسيطرة الجوية أن تمنع أي اعتداء ضد المملكة ودول المنطقة، ولا من هي دول المنطقة التي كانت تتعرض للتهديد. 



وما يحسب للبيان، في هذا الموضع قوله "أن القوات المسلحة السعودية شاركت" وهذا التعبير بحد ذاته يؤكد أن المنفذ للضربات الجوية ليس قوات سعودية أو طيارين سعوديين، ويفتح بالتالي نافذة من الضوء على الجوانب المظلمة للحرب الجوية، وعلى الأطراف التي قامت وما زالت تقوم بتنفيذها. ويمكن الافتراض بدرجة عالية من اليقين أن القوات المسلحة السعودية (القوات الجوية) لم تشارك في العمليات أساسا وأن القوات التي نفذت الضربات الجوية لم تفرض أي سيطرة جوية تمكنها من منع قوات الحوثيين وصالح من تنفيذ اعتداءات ضد السعودية.

ثانيا، أعاد البيان صياغة الجملة الأولى مرة أخرى، فذكر هذه المرة  أن "الطلعات الجوية التي شارك فيها صقورنا البواسل مع أشقائهم في دول التحالف (تمكنت) بنجاح من إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة من خلال تدمير الاسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية ل ( علي عبدالله صالح ) من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني." والصيغة الجديدة، ولا يعرف لماذا التكرار في بيان يتكون اساسا من ثلاث جمل، أن العمليات الجوية "تمكنت بنجاح من ازالة التهديد" على أمن المملكة والدول المجاورة، مضلل إلى ابعد حد ممكن كما أثبتت التطورات اللاحقة.

ثالثا، رغم الحديث منذ بدء العدوان على اليمن عن تحالف وقيادة للتحالف، فقد أعطت وزارة الدفاع السعودية نفسها حق إعلان النجاح وازالة التهديد بينما كان يفترض على الأقل من باب حفظ ماء الوجه للدول الأخرى، أن يأتي اعلان مثل هذا من قيادة، ولو مزعومة، للتحالف.

رابعا، جاءت الجملة الثالثة والأخيرة في البيان لتدعو لخادم الحرمين ولتؤكد أنه "القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية" وهذا التأكيد يذكر بالصراع الدائر بين وزير الدفاع ووزير الحرس الوطني والأخير لا تتبع قواته لوزارة الدفاع، ولا تندرج تحت ما أطلق عليه البيان في بدايته اسم "القوات المسلحة السعودية." وبدا وكأن سلمان قد أكتسب لقبا جديدا اقتضته الظروف وهو "القائد العام لكافة القوات العسكرية."

خامسا، لم يشر البيان إلى ايران من قريب أو بعيد، وهو ما يدل على حجم الاستلاب الذي تعرض له القرار السيادي السعودي في العهد الجديد.

سادسا، لم يشر البيان إلى الشرعية في اليمن التي قيل منذ البداية أن هدف الحرب هو إعادتها إلى السلطة.

وإذا كان غموض الاعلان الصادر عن وزارة الدفاع السعودية غير كاف بحد ذاته، فقد زاد الطين بلة انه تم تداوله بصيغ مختلفة في وسائل الاعلام السعودية، الأمر الذي فهم منه أن الخلافات بين وزيري الدفاع والحرس الوطني كانت مستمرة، وأن المواقف تتغير بين لحظة وأخرى. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق