الاثنين، 13 أغسطس 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(14)



بينما كان سلمان يدرك جيدا غداة تولي الملك بانه ملك بلا قوة، وأن القوات الموجودة بتشكيلاتها الثلاثة لا تواليه، بل وتمثل تهديدا لنظامه وتهديدا اكبر لطموحات نجله، فإنه كان يدرك كذلك أن عليه أن يضع سلما للأولويات، وأن يميز بين ما يمثل تهديدا آنيا وفوريا، وبين ما يمثل تهديدا في مرحلة لاحقة أو فقط في ظل ظروف معينة.

وأيا كانت الآلية التي اتبعها سلمان لتحديد أولوياته، فقد برز "الحرس الوطني" دائما على رأس القائمة كتهديد. ولم يأت ذلك من فراغ. لقد قضى سلمان حياته في بيت يمارس أفراده الصراع على السلطة كما يتنفسون الهواء ويشربون الماء، ومع ذلك فقد عضوا من وجهة نظر سلمان، بالنواجذ على تقاليد وقيم وبروتوكولات الأسرة،  وظل الصغير يحترم الكبير مهما كانت طباعه، والصحيح يعاود المريض والسعيد يواسي الكئيب. ورغم أن هناك أخطاء ارتكبت في تلك الصراعات وهي جد محدودة، إلا أنه لا يمكن المقارنة بين الطريقة التي اتبعها أبناء عبد العزيز في إدارة صراعاتهم والطريقة التي أدار  بها الأمير متعب الصراع مع سلمان عندما كان وليا للعهد.



لقد احتفظ سلمان دائما بعلاقات جيده بأخيه عبد الله، ويتذكر انه ولسنين ظل يتوسط بين الملك فهد، الأخ الشقيق لسلمان، وولي العهد عبد الله، الأخ غير الشقيق، وعندما أصبح عبد الله ملكا بعد وفاة فهد صار سلمان يتوسط بين الملك عبد الله، الأخ غير الشقيق لسلمان، وإخوانه الأشقاء سلطان ونايف.  ولو أن عبد الله كان ما زال حيا ويتولى قيادة الحرس، ما كان شعر بأي تهديد حتى وهو ملك بلا قوة في مواجهة قوة بلا ملك.

أما وقد أصبح متعب قائدا للحرس، فقد تغير كل شيء. أنه يتذكر جيدا المعانة التي عاشها منذ وفاة شقيقه سلطان في عام 2011 وحتى وفاة أخيه الملك عبد الله في يناير 2015. يتذكر سلمان جيدا كيف تعامل معه متعب ومستشاريه وحلفائه داخل الأسرة المالكة وفي مختلف المواقع الحكومية، وكيف حملوا له العداء المفرط وحاكوا له مختلف الدسائس وحاولوا إبعاده عن ولاية العهد بمختلف الطرق بما في ذلك محاولة عزله من المنصب اعتمادا على تقرير طبي أنفقوا الكثير من الأموال للحصول عليه يشهد بأنه مصاب بالزهايمر وغير قادر على ممارسة مهام الملك. لقد اثبت متعب، قائد الحرس الوطني وحاشيته، من وجهة نظر سلمان أنهم يمكن أن يفعلوا أي شيء مشروعا كان أو غير مشروع من اجل الاستحواذ  على السلطة.

كانت قوات الحرس قد حافظت على تماسكها خلال خمسة عقود وتمكنت من مراكمة الموارد والولاء بطريقة لا تتوفر لأي قوات أخرى داخل المملكة. ثم أن تلك القوات قد استأثرت خلال حكم الملك عبد الله (2005-2015)، تحت مسميات مختلفة، بنصيب الأسد من الموارد والمعدات والتجهيزات العسكرية والمدنية التي تمكنها من حسم أي صراع يمكن أن يندلع بين الأجنحة المتنافسة على السلطة داخل الأسرة الحاكمة لصالح أبناء عبد الله.

وبحلول 21 ابريل من عام 2015 ، كان سلمان ونجله على وشك إكمال الشهر الثالث وهما يتربعان على عرش السعودية، ويقتربان بسرعة من إكمال حاجز المائة يوم.   وكان سلمان، وقبل الشروع في رحلة خارجية  إلى فرنسا،  يريد أن يقوم بنقلة أخرى هامة في ترتيب السلطة  ولم يكن يشغل باله ويقض مضجعه سوى  ردة الفعل المحتملة للأمير متعب ومن خلفه "الحرس الوطني." ومع أن الملك انتظر مرور 27 يوما على بدء الحرب قبل أن يصدر قراره بتحريك الحرس نحو الحدود مع اليمن، إلا أنه كان مستعدا لأن يصبر لفترة أطول لو لم يكن يشعر بالحاجة الماسة إلى القيام  بتلك النقلة الجديدة، ويأمل أن تتم بكل سلاسة، وبدون أي مخاطرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق