الخميس، 16 أغسطس 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(17)



بعد صدور بيان وزارة الدفاع السعودية بقليل، نُسب إلى "التحالف العربي" قوله في بيان لم يتم نشر نصه، أن عمليات "عاصفة الحزم" انتهت بتحقيق أهدافها، وانه سيتم بدء مرحلة جديدة أطلق عليها عملية "إعادة الأمل."

وللإجابة على سؤال المليار دولار حول الفرق بين "عاصفة الحزم" و "إعادة الأمل"، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الأخيرة تتضمن: 1) سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2216, والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل؛ 2) استمرار حماية المدنيين؛ 3) استمرار مكافحة الإرهاب؛ 4) الاستمرار في تيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية؛ 5) التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها ، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج؛ 6) إيجاد تعاون دولي  من خلال البناء على الجهود المستمرة للحلفاء لمنع وصول الأسلحة جواً وبحراً إلى الميليشيات الحوثية وحليفهم علي عبدالله صالح من خلال المراقبة والتفتيش الدقيقين. 



وانتقل الارتباك من دوائر صنع القرار داخل  الأسرة السعودية الحاكمة إلى المحللين في  القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، وهم يعملون جاهدين في ظل غياب أي تعليمات، على التعريف بالمرحلة القادمة ورسم خط فاصل بين طبيعة وأهداف العمليات العسكرية القديمة التي كان يطلق عليها "عاصفة الحزم" وطبيعة وأهداف العمليات الجديدة التي تسمى "إعادة الأمل."

وأتسع الارتباك ليشمل مسألة الدور الذي يفترض أن يلعبه الحرس الوطني في عمليات "إعادة الأمل"  وظهر واضحا أن هناك انقساما بين المحللين الاستراتيجيين. فقد ذهب فريق إلى أن الحرس الوطني تشكيل عسكري شأنه شأن التشكيلات الأخرى ويمكنه بالتالي، بحسب ما يراه الملك باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن يشارك في العمليات الداخلية (الأمنية) والعمليات الخارجية (العسكرية) بينما رأى فريق آخر أن مهام الحرس الوطني هي مهام داخلية بما قد تنطوي عليه تلك المهام من لعب أدوار دفاعية.

وأتفق بيان وزارة الدفاع السعودية، وبيان التحالف العربي (وزارة الدفاع السعودية بعد لبس القناع)، والتفسير الذي قدمته وكالة الأنباء السعودية، في إغفال دور إيران من جهة، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي يمثل كما قيل الشرعية، في كل هذه المعمعة.

بدا ليلتها، وكأن السعودية والتحالف قد قرروا كشف أوراقهم للجميع والإعلان صراحة أن الحرب لا علاقة لها بالشرعية، ولا بإعادة هادي إلى السلطة، وأن هدفها الذي أسيء فهمه "إعادة الأمل" لليمنيين، ولا يمكن أن يكون لإيران أو لهادي أي دور طالما والحديث يدور عن "إعادة الأمل"، الذي خرج ولم يعد.  

وانتظر اليمنيون طويلا خطاب هادي، الذي سيضع النقاط على الحروف، فيما يتصل بالدراما التي تتكشف فصولها لحظة بلحظة. أما الرئيس هادي الذي ترك في الظلام، فقد ظل يتابع مثله مثل أي يمني مغترب في السعودية، أو مقيم في اليمن التطورات عبر وسائل الإعلام، لكنه نجح في النهاية في توجيه خطاب شديد التنميق وهو ما يفعله عندما  يبلغ الإفلاس عنده ذروته. 

بدأ هادي خطابه الطويل نسبيا، والذي لم تتعامل معه وسائل إعلام التحالف سوى بعد نوم معظم المستقبلين، أو في اليوم التالي، بسرد قصة هروبه من عدن مع صياغة جديدة لتلك القصة. فقد تحول الهروب مثلا إلى "خروج"، وعد "الخروج"، وليس البقاء في عدن، محفوفا بالصعاب والمخاطر. وقد تجشم هادي كل ذلك العناء كما قال  "حتى لا تغيب اليمن عن لقاء الأشقاء" و "لأنقل لإخواننا وأشقائنا في مؤتمر القمة العربية السادس والعشرون تلك المعاناة القاسية." وللإنسان أن يتخيل، وهو يشاهد أو يستمع أو يقرأ خطاب هادي، مقدار "المعاناة" التي تكبدها الرجل، في سبيل "نقل تلك المعاناة لإخوانه وأشقائه في مؤتمر القمة." وحتى لا يظن اليمنيون بهادي الظنون، فقد سارع إلى طمأنة شعبه الذي لم يكن هناك ما يشغله لحظتها سوى مشاركة بلاده في القمة العربية، بأن اليمن شاركت في القمة العربية "بصورةٍ تليق بتضحيات شعبها الصابر والمرابط والمقاوم"، وهو ما فهم عند الناس بأن هادي لم ينم خلال جلسة أو جلسات القمة.

وعلى العكس من السعوديين الذين شغلتهم خلافاتهم عن الاحتفاظ بوقار الخطاب وتماسكه، فقد عمل هادي من خلال خطابه، وفي أكثر من موضع، على تذكير التحالف بخيال المآتة الإيراني، وبقرارات القمة العربية بشأن اليمن، وبهدف إعادة الشرعية الذي قامت الحرب من اجله. وفي الوقت الذي شن فيه هجوما عنيفا على الحوثيين وصالح، فإنه أيضا عمل على تخويف اليمنيين بالحديث عن اتفاق سياسي وروحي بين إطراف الانقلاب لتقاسم السلطة سياسيا وروحيا، في إشارة إلى النموذج الإيراني في النظام السياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق