شبكة الطيف - المصدر اون لاين - بقلم : منير الماوري
عندما يناقش الباحثون الأجانب مشكلات اليمن فإنهم يحاولون التحلي بالموضوعية، والتحذير من تحول اليمن إلى دولة فاشلة. لا أدري متى كانت دولتنا ناجحة حتى نخاف عليها من الفشل، فهي فاشلة منذ البداية، ولا داعي للخوف. ولأن هؤلاء الباحثين لا يعرفون اليمن كما أعرفها ويعرفها كل يمني، فإنهم يتعاملون مع ظواهر الأشياء وعوارض المرض ولا يضعون أيديهم على أسباب المرض أو مصدر الوجع، ولذلك فهم يصنفون التحديات الرئيسية التي تواجهها اليمن حاليا كالتالي:
1 - القضية الجنوبية التي يصفها الرئيس وقيادات المؤتمر بأنها " كلام فارغ" رغم أنها تؤرق صحوهم ليلاً ونومهم نهاراً.
2 - التمرد الحوثي في صعدة القابل للاشتعال للمرة السادسة، والانتقال إلى الجوف وذمار وصنعاء قبل الانتخابات، أو بعدها، خصوصا أن الرئيس لا يعتبر هذا التمرد كلام فارغ بل أرسل المفاوضين إلى قطر وتعامل مع الحوثيين كقوة ميدانية ألحقت به الهزيمة، معترفاً بهم كحقيقة واقعة.
3 - مشكلة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتحالف سابقاً مع النظام قبل أن يبدأ بالتمرد عليه. ورغم أن القاعدة في اليمن لم تصل من القوة إلى درجة القدرة على تهديد السلطة القائمة في صنعاء لكنها تؤلب على النظام قوى خارجية لا يستهان بها وتهاجم مصالح خارجية. وربما أنها أصبحت الآن قادرة على تحويل اليمن إلى نقطة انطلاق لهجمات كبيرة في الخارج لأن النظام يستغل مشكلة القاعدة كوسيلة للتسول المادي من الخارج، ولا يبذل جهداً حقيقياً لمحاربتها.
4 - مشكلة التوتر السائد في صفوف الشعب وقواعد أحزاب المعارضة التي يمكن في أي لحظة أن تقلب عاليها سافلها بسبب تفاقم الفساد والاستبداد، والبلطجة، والقرصنة. وحينها لا ندري ماذا يمكن أن تفعله قوات يحيى صالح وطائرات محمد صالح، إذا ما تحركت جموع الشعب الثائر لوقف الاستهتار الشامل، فقد كان شاه إيران رابع أكبر قوة في العالم عندما ثار الشعب الإيراني على فساده، بعد عام من صعود علي عبدالله صالح للحكم.
5 - مشكلة الخلافة والتنافس على التركة، والغموض حول صحة الرئيس في ظل غياب آلية ديمقراطية حقيقية يحتكم فيها المتنافسون إلى صناديق الاقتراع، وليس إلى القوات المسلحة، وأتمنى ألا نشهد معارك طاحنة في المستقبل بين قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري حول أيهما أحق بالخلافة علي أم معاوية.
هذه هي المشكلات الرئيسية التي يعتقد الباحثون في الخارج أنها ملحة وتستحق إيجاد الحلول لها، وفي الوقت الذي نتفق فيه معهم في خطورة هذه المشكلات فإننا نختلف معهم في أسبابها، إذ أن هذه المشكلات وغيرها، ماهي إلا أعراض لمرض خطير، هو مصدر كل أوجاع اليمن وهو الرئيس علي عبدالله صالح نفسه، إذ أننا حالياً نحصد نتائج سياساته الفوضوية، المستمرة منذ 1978حتى الآن. وهذه السياسات الرعناء لاتهدد حاضرنا فقط، بل ستدمرمستقبل أجيال يمنية بأكملها. وأصبح استمرار الرجل في رئاسة البلاد يمثل خطراً محدقاً على مصالح البلاد لا يمكن السكوت عليه، ولم يعد هناك مجال للمغالطة، والمراوغة بشأن تشخيص المشكلة.
مشكلتنا الحقيقية هي عدم وجود قيادة مسؤولة تستشعر الأخطار المحدقة بمستقبل البلاد، والمهددة لوحدتها وسلمها الاجتماعي.
القيادة الحالية لديها صلاحيات مطلقة مالياً وإدارياً وعسكرياً ولكنها قيادة غير مسؤولة، ويمكن وصف علي عبدالله صالح بدون مبالغة بأنه سلاح دمار شامل، نظراً للصلاحيات المطلقة التي يمتلكها، ويمكن أن تؤدي تصرفاته غير المسؤولة إلى تمزيق البلاد وتمريغ مستقبل الشعب اليمني في التراب، وتدمير كل ما بناه اليمنيون طوال تاريخهم. هذا الرجل يقود البلاد إلى الهاوية، إنه يسير بنا، بلا مشروع، بلا هدف، بلا خطة، ولا يخضع لأي نوع من الرقابة ولا تستطيع أي هيئة أن تحاسبه على أفعاله مطلقاً، وهنا مكمن الخطر.
وإذا ما نظرنا إلى المشكلات الخمس التي يركز عليها الباحثون فسنكتشف بكل بساطة أن الرئيس هو صانعها أو المتسبب فيها. فالرئيس هو الذي صنع مشكلة الشباب المؤمن أو من يسمُّون حالياً بالحوثيين، وسياساته هي التي أنتجت حالة الغليان الحالية في الجنوب، فهو راعي الفيد والسلب والنهب، ويمتلك من الأراضي أكثر مما يمتلك أي قائد آخر من سنحان. ومهادنته للقاعدة هي التي أوجدت لعناصر القاعدة مأوى في اليمن لم يكونوا يحلمون به. وأما الفساد فهو نفسه راعي الفساد وصانعه الأول، ونحن نغالط أنفسنا عندما نتهم الإرياني أو الراعي أو البركاني أو عبدالغني بالفساد، إذ أن هؤلاء ماهم إلا تلاميذ صغار في مدرسة فساد كبيرة، ويستمدون فسادهم من كبيرهم الذي علمهم السحر. لهذا لا يجب أن نلومهم على أفعالهم لأنهم ينفذون سياسات رسمية. وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فبقية أهل البيت شيمتهم الرقص. ونأتي إلى المشكلة الخامسة وهي التوريث، فعلي عبدالله صالح هو صانع هذه المشكلة، لأنه يعتقد أن البلاد والحجر والشجر -وليس البنك المركزي فقط- من أملاكه وأملاك أولاده وبالتالي فإن اليمنيين في نظره لا يستحقون أن يحتكموا لصندوق الانتخابات إلا إذا كانت النتيجة معدة سلفاً لاختياره أو اختيار نجله بعد وفاته، واختيار أتباعه المطيعين.
ولكل هذه الأسباب فإن علينا أن نشخص المرض تشخيصاً دقيقاً ونعرف مسبباته إذا أردنا توفير العلاج الناجع لمشكلات اليمن. أما الإدمان على تناول المهدئات المستوردة من الخارج لتخفيف حرارة البلاد، فلن يحل المشكلة. وهذه المهدئات لن تنقذ اليمن من الحمى التي تغلي في جسد الوطن، ولن تساعد على استئصال الفيروس. يجب علينا اختيار قيادة مسؤولة، ذات رؤية، لإنقاذ البلاد من المشكلات الاستراتيجية التي تعاني منها. وبدون تغيير القيادة الحالية في اليمن فإن البلاد لن ترى خيراً مطلقا. يجب علينا أن ندرك أن علي عبدالله صالح أصبح يشكل خطراً على وحدة البلاد، ومستقبل الشعب، وقد حان الوقت لإيقافه عن ممارسة الرعونة والفساد والاستبداد، ويجب درء خطره على البلاد. وإذا لم نتمكن من درء هذا الخطر بالوسائل السلمية، فإن علينا على الأقل عدم تمكينه من تسويق نفسه في الخارج كحاكم شرعي لأنه لا يستحق الشرعية، ولا يؤمن بالشرعية ولا يحترم حتى الدستور الذي تم تفصيله على مقاسه. علينا مقاطعة مسرحياته الهزلية، إلى أن يأتي الفرج من رب العالمين.
عندما يناقش الباحثون الأجانب مشكلات اليمن فإنهم يحاولون التحلي بالموضوعية، والتحذير من تحول اليمن إلى دولة فاشلة. لا أدري متى كانت دولتنا ناجحة حتى نخاف عليها من الفشل، فهي فاشلة منذ البداية، ولا داعي للخوف. ولأن هؤلاء الباحثين لا يعرفون اليمن كما أعرفها ويعرفها كل يمني، فإنهم يتعاملون مع ظواهر الأشياء وعوارض المرض ولا يضعون أيديهم على أسباب المرض أو مصدر الوجع، ولذلك فهم يصنفون التحديات الرئيسية التي تواجهها اليمن حاليا كالتالي:
1 - القضية الجنوبية التي يصفها الرئيس وقيادات المؤتمر بأنها " كلام فارغ" رغم أنها تؤرق صحوهم ليلاً ونومهم نهاراً.
2 - التمرد الحوثي في صعدة القابل للاشتعال للمرة السادسة، والانتقال إلى الجوف وذمار وصنعاء قبل الانتخابات، أو بعدها، خصوصا أن الرئيس لا يعتبر هذا التمرد كلام فارغ بل أرسل المفاوضين إلى قطر وتعامل مع الحوثيين كقوة ميدانية ألحقت به الهزيمة، معترفاً بهم كحقيقة واقعة.
3 - مشكلة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتحالف سابقاً مع النظام قبل أن يبدأ بالتمرد عليه. ورغم أن القاعدة في اليمن لم تصل من القوة إلى درجة القدرة على تهديد السلطة القائمة في صنعاء لكنها تؤلب على النظام قوى خارجية لا يستهان بها وتهاجم مصالح خارجية. وربما أنها أصبحت الآن قادرة على تحويل اليمن إلى نقطة انطلاق لهجمات كبيرة في الخارج لأن النظام يستغل مشكلة القاعدة كوسيلة للتسول المادي من الخارج، ولا يبذل جهداً حقيقياً لمحاربتها.
4 - مشكلة التوتر السائد في صفوف الشعب وقواعد أحزاب المعارضة التي يمكن في أي لحظة أن تقلب عاليها سافلها بسبب تفاقم الفساد والاستبداد، والبلطجة، والقرصنة. وحينها لا ندري ماذا يمكن أن تفعله قوات يحيى صالح وطائرات محمد صالح، إذا ما تحركت جموع الشعب الثائر لوقف الاستهتار الشامل، فقد كان شاه إيران رابع أكبر قوة في العالم عندما ثار الشعب الإيراني على فساده، بعد عام من صعود علي عبدالله صالح للحكم.
5 - مشكلة الخلافة والتنافس على التركة، والغموض حول صحة الرئيس في ظل غياب آلية ديمقراطية حقيقية يحتكم فيها المتنافسون إلى صناديق الاقتراع، وليس إلى القوات المسلحة، وأتمنى ألا نشهد معارك طاحنة في المستقبل بين قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري حول أيهما أحق بالخلافة علي أم معاوية.
هذه هي المشكلات الرئيسية التي يعتقد الباحثون في الخارج أنها ملحة وتستحق إيجاد الحلول لها، وفي الوقت الذي نتفق فيه معهم في خطورة هذه المشكلات فإننا نختلف معهم في أسبابها، إذ أن هذه المشكلات وغيرها، ماهي إلا أعراض لمرض خطير، هو مصدر كل أوجاع اليمن وهو الرئيس علي عبدالله صالح نفسه، إذ أننا حالياً نحصد نتائج سياساته الفوضوية، المستمرة منذ 1978حتى الآن. وهذه السياسات الرعناء لاتهدد حاضرنا فقط، بل ستدمرمستقبل أجيال يمنية بأكملها. وأصبح استمرار الرجل في رئاسة البلاد يمثل خطراً محدقاً على مصالح البلاد لا يمكن السكوت عليه، ولم يعد هناك مجال للمغالطة، والمراوغة بشأن تشخيص المشكلة.
مشكلتنا الحقيقية هي عدم وجود قيادة مسؤولة تستشعر الأخطار المحدقة بمستقبل البلاد، والمهددة لوحدتها وسلمها الاجتماعي.
القيادة الحالية لديها صلاحيات مطلقة مالياً وإدارياً وعسكرياً ولكنها قيادة غير مسؤولة، ويمكن وصف علي عبدالله صالح بدون مبالغة بأنه سلاح دمار شامل، نظراً للصلاحيات المطلقة التي يمتلكها، ويمكن أن تؤدي تصرفاته غير المسؤولة إلى تمزيق البلاد وتمريغ مستقبل الشعب اليمني في التراب، وتدمير كل ما بناه اليمنيون طوال تاريخهم. هذا الرجل يقود البلاد إلى الهاوية، إنه يسير بنا، بلا مشروع، بلا هدف، بلا خطة، ولا يخضع لأي نوع من الرقابة ولا تستطيع أي هيئة أن تحاسبه على أفعاله مطلقاً، وهنا مكمن الخطر.
وإذا ما نظرنا إلى المشكلات الخمس التي يركز عليها الباحثون فسنكتشف بكل بساطة أن الرئيس هو صانعها أو المتسبب فيها. فالرئيس هو الذي صنع مشكلة الشباب المؤمن أو من يسمُّون حالياً بالحوثيين، وسياساته هي التي أنتجت حالة الغليان الحالية في الجنوب، فهو راعي الفيد والسلب والنهب، ويمتلك من الأراضي أكثر مما يمتلك أي قائد آخر من سنحان. ومهادنته للقاعدة هي التي أوجدت لعناصر القاعدة مأوى في اليمن لم يكونوا يحلمون به. وأما الفساد فهو نفسه راعي الفساد وصانعه الأول، ونحن نغالط أنفسنا عندما نتهم الإرياني أو الراعي أو البركاني أو عبدالغني بالفساد، إذ أن هؤلاء ماهم إلا تلاميذ صغار في مدرسة فساد كبيرة، ويستمدون فسادهم من كبيرهم الذي علمهم السحر. لهذا لا يجب أن نلومهم على أفعالهم لأنهم ينفذون سياسات رسمية. وإذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فبقية أهل البيت شيمتهم الرقص. ونأتي إلى المشكلة الخامسة وهي التوريث، فعلي عبدالله صالح هو صانع هذه المشكلة، لأنه يعتقد أن البلاد والحجر والشجر -وليس البنك المركزي فقط- من أملاكه وأملاك أولاده وبالتالي فإن اليمنيين في نظره لا يستحقون أن يحتكموا لصندوق الانتخابات إلا إذا كانت النتيجة معدة سلفاً لاختياره أو اختيار نجله بعد وفاته، واختيار أتباعه المطيعين.
ولكل هذه الأسباب فإن علينا أن نشخص المرض تشخيصاً دقيقاً ونعرف مسبباته إذا أردنا توفير العلاج الناجع لمشكلات اليمن. أما الإدمان على تناول المهدئات المستوردة من الخارج لتخفيف حرارة البلاد، فلن يحل المشكلة. وهذه المهدئات لن تنقذ اليمن من الحمى التي تغلي في جسد الوطن، ولن تساعد على استئصال الفيروس. يجب علينا اختيار قيادة مسؤولة، ذات رؤية، لإنقاذ البلاد من المشكلات الاستراتيجية التي تعاني منها. وبدون تغيير القيادة الحالية في اليمن فإن البلاد لن ترى خيراً مطلقا. يجب علينا أن ندرك أن علي عبدالله صالح أصبح يشكل خطراً على وحدة البلاد، ومستقبل الشعب، وقد حان الوقت لإيقافه عن ممارسة الرعونة والفساد والاستبداد، ويجب درء خطره على البلاد. وإذا لم نتمكن من درء هذا الخطر بالوسائل السلمية، فإن علينا على الأقل عدم تمكينه من تسويق نفسه في الخارج كحاكم شرعي لأنه لا يستحق الشرعية، ولا يؤمن بالشرعية ولا يحترم حتى الدستور الذي تم تفصيله على مقاسه. علينا مقاطعة مسرحياته الهزلية، إلى أن يأتي الفرج من رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق