أولا. نظرية النشأة المقدسة:
ارتبطت بسيطرة الكنسية على الدولة في العصور الوسطى. وتقول النظرية أن الله تعلى خلق كل شي في الحياة بما في ذلك الدولة والحكام الذين يجب طاعتهم يحكمون باسم الآلهة (ظل الله في الأرض). ومن ايجابيات هذه النظرية ربطها الدولة بالدين، وتأكيدها على المسئولية الأخلاقية للحكام، وعلى الاستقرار السياسي الذي ينتج عن طاعة الحكام. لكن النظرية لا يوجد لها أساس ديني واضح وتقوم على افتراضات غيبية، وتدعم الحكم المطلق من خلال التأكيد على طاعة الحكام.
ثانيا. النظرية الماركسية:
أدى التطور الاقتصادي المتمثل في أدوات الإنتاج البدائية التي يتم توظيفها في الزراعة إلى ظهور التراكم الاقتصادي والملكية الفردية وتقسيم العمل الذي أدى بدوره إلى ظهور الطبقات وهو ما أدى إلى الصراع وظهرت الدولة كأداة تمارس بها الطبقة الأقوى سيطرتها على الطبقة الأضعف.
ثالثا. نظرية التطور التاريخي:
تطور التنظيم الإنساني من العائلة إلى العشيرة فالقبيلة والقرية ثم المدينة والدولة، وبعد ذلك سيأتي المجتمع الإنساني او الدولة العالمية.
رابعا. نظرية القوة والغلبة:
ارتبط ظهور السلطة في التنظيمات الاجتماعية المختلفة (العائلة، القبيلة، القرية، المدينة) بالتفوق الجسدي والمادي وتمكن جماعة من الانتصار على جماعة أخرى. ووفقا لهذه النظرية فان الحرب هي التي أدت إلى ظهور الدول. وتخوض الدول الحروب لتحافظ على وجودها. ومن سلبيات هذه النظرية تركيزها على عامل واحد. ولفتت النظرية الانتباه إلى الدور الذي تلعبه القوة في نشأة الدولة واستمرارها.
خامسا. نظرية العقد الاجتماعي
تعود جذور نظرية العقد الاجتماعي (بفتح العين) social contract إلى أرسطو الذي أكد على ان الدولة تنشئ برضى المجتمع أي قبوله. لكن النظرية لم تتبلور بشكلها الواضح الا على يد ثلاثة من مفكري العصر الحديث وهم:
1- توماس هوبزThomas Hobbes (1588-1679): انجليزي
2- جون لوك John Locke (1632-1704): انجليزي
3- جان جاك روسو Jean Jacques Rousseau (1712-1778): فرنسي
ويتفق المنظرون الثلاثة على النقاط التالية:
1. أن الدولة من صنع البشر.
2. ان التاريخ البشري مر بمرحلتين: مرحلة حالة الطبيعة أو الفطرة الأولى، ثم مرحلة الدولة.
3. انه تم الانتقال من مرحلة الفطرة الأولى إلى مرحلة الدولة بواسطة عقد.
ويختلف المفكرون الثلاثة في الجوانب التالية:
1- خصائص الطبعية البشرية human nature
2- خصائص مرحلة الفطرة الأولى The State of Nature
3- القانون السائد في مرحلة الفطرة
4- أسباب الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى الدولة.
5- مكونات العقد.
6- أطراف العقد.
7- نظام الحكم الأفضل.
جدول (1): مقارنة بين الأفكار المقدمة من أصحاب نظرية العقد الاجتماعي | |||
وجه المقارنة | توماس هوبز Hobbes | جون لوك Locke | جان جاك روسو Rousseau |
أ. الطبيعة البشرية | الشر والأنانية | الطيبة والمسالمة | خيرة ومسالمة |
ب. خصائص مرحلة الفطرة | حرب الكل ضد الكل | حرية ومساواة | مثالية، حرية ومساواة |
ج. القانون السائد | اناني | غامض | قاصر |
د. أسباب الانتقال | طلب الأمن والسلام | البحث عن وضع أفضل | زيادة السكان، ظهور الملكية |
ه. مكونات العقد | تنازل الأفراد عن كل حقوقهم للحاكم | تنازل عن بعض الحقوق | تنازل الأفراد عن كل حقوقهم للإرادة العامة |
و. أطراف العقد | المواطنون | المواطنون والحاكم | المواطنون |
ز. صاحب السيادة | الملك | السلطة العليا | الإرادة العامة (السلطة الشعبية) |
ح. نظام الحكم المفضل | ملكي مطلق | الحكومة المقيدة | ديمقراطية مباشرة |
ط- حق الثورة | لا يجوز الخروج على الحاكم | يجوز الخروج اذا اخل بواجباته | الحاكم عبارة عن وكيل |
1. توماس هوبز:
أدت معاصرة هوبز للحرب الأهلية والاضطرابات التي شهدتها كل من بريطانيا وفرنسا والخوف الذي خلقته فيه إلى تبنيه لفلسفة ترى ان الطبيعة الإنسانية تتصف بالأنانية وان حالة الفطرة الأولى كانت عبارة عن حرب الكل ضد الكل. وقد أيد هوبز الملكية المطلقة. ففي كتابه Leviathan المنشور عام 1651 رأى:
أ-الطبيعة البشرية: الشر والأنانية، الرغبة والشهوة. السعي إلى تكديس القوة بعد القوة لحماية النفس وهو أمر يدخل الفرد في صراع مع الآخرين نظرا لمحدودية الموارد .
ب- خصائص حالة الفطرة الأولى State of Nature: حرب الكل ضد الكل، فقيرة، انعزالية، متوحشة.
ج- القانون السائد: القانون الطبيعي والذي يقوم على حماية الذات
د-أسباب الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى الدولة: طلب الأمن والسلام.
ه-مكونات العقد:
o تنازل الأفراد عن كل حقوقهم الطبيعية تنازلا مطلقا لصالح السلطة العليا وهو الملك.
o الطاعة والولاء للملك.
و. أطراف العقد: المواطنون
ز- صاحب السيادة: الملك الذي ليس طرفا في العقد.
ح- نظام الحكم الأمثل: مطلق لا يجوز الخروج على الحاكم وإلا تم العودة إلى حالة الفطرة الأولى.
ط- حق الثورة: غير مقر لأنه يعني العودة الى حالة الفطرة الاولى.
2. جون لوك:
طبيب وفيلسوف انجليزي عاصر الثورة الدستورية التي حدثت هناك (1688) والتي أيدها لتعضيد البرلمان ضد الملك مبررا ذلك بأن الملك قد أخل بشروط العقد مما أعطى الشعب الحق في الثورة عليه. جاءت أهم أفكاره السياسية في كتابه "رسالتان في الحكومة" Two Treatises of Government والذي كتبه دفاعا عن الثورة الدستورية. يعد لوك واحدا من أكثر فلاسفة عصر التنوير تأثيرا على الفكر الليبرالي الحديث. والمقصود بالفكر الليبرالي هؤ ذلك الفكر الذي يؤكد على حرية الفكر، التسامح، احترام كرامة الإنسان، الإيمان بالمساواة، والدور المحدود للدولة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
اثر لوك على العديد من القادة السياسيين مثل الكسندر هاملتون، جيمس ماديسون، توماس جيفرسون وغيرهم من مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية، واقتبس جيفرسون بعض من أفكار لوك في إعلان الاستقلال الأمريكي Declaration of Independence واثر لوك بشكل كبير على الثورتين الأمريكية والفرنسية. ويرى لوك ان الطبيعة الإنسانية خيرة وان حالة الفطرة الأولى اتسمت بالسعادة مع وجود مشاكل.
أ. الطبيعة البشرية: الطيبة والمسالمة، العقل والتسامح، معرضة للأنانية
ب. خصائص حالة الفطرة: حرية ومساواة لجميع الأفراد، وكل شخص له حق طبيعي في الدفاع عن حقه في الحياة، الصحة، والحرية.
ج. القانون السائد: قانون طبيعي مستمد من العقل والوحي الإلهي وهدفه الحفاظ على حياة الجميع.
د. أسباب الانتقال إلى الدولة: خلق ظروف أفضل وحماية الملكية (وتعني هنا الحياة، الحرية، والممتلكات المادية)
هـ. مكونات العقد: عقد يقيم المجتمع السياسي وعقد آخر ينشأ الحكومة. بالنسبة للعقد الذي يقيم المجتمع السياسي فأن الأفراد يتنازلون فيه عن بعض حقوقهم.
و. أطراف العقد: المواطنون
ز. صاحب السيادة: الهيئة العليا
ح. نظام الحكم الأمثل: الديمقراطية النيابية.
ط. حق الثورة: مكفول إذا أخلت الهيئة العليا بواجباتها.
3. جان جاك روسو: فيلسوف ومفكر وموسيقي فرنسي كان لفكره اثر كبير على الثورة الفرنسية، ويعد كتابه العقد الاجتماعي The Social Contract والمنشور في عام 1762 ليس فقط أهم مؤلفات رسو ولكن أيضا واحدا من أهم الكتب في العلوم السياسية حيث يضع فيه القواعد الأساسية لنظام سياسي شرعي. وقد اشتهر رسو بمقولته "ولد الإنسان حرا ولكنه يرزح في الأغلال في كل مكان."
أ. الطبيعة البشرية: خيرة ومسالمة، فالجانب الأخلاقي عند رسو هو جانب غريزي وليس منتج اجتماعي. فالإنسان عند رسو يكره ان يرى أخاه الإنسان يعاني. لكن المشكلة تكمن في المجتمع الذي يفسد الأفراد ويجعلهم ميالين إلى العدوان والأنانية.
ب. خصائص حالفة الفطرة الأولى: مثالية، حرية ومساواة، وتعاون (العصر الذهبي للإنسان)
ج. القانون السائد: القانون الطبيعي (الحفاظ على الذات والحرية)
د. أسباب الانتقال إلى الدولة: ظروف خارجية كزيادة السكان وظهور الملكية والتصنيع.
هـ. مكونات العقد: التنازل عن كل حقوقهم الطبيعية لصالح الجماعة.
و. أطراف العقد: المواطنون أنفسهم كأفراد وكمجتمع اما الحاكم فليس طرفا في العقد
ز. صاحب السيادة: الجماعة أو الأمة أو الشعب.
خ. نظام الحكم الأمثل: الديمقراطية المباشرة.
ط. حق الثورة: للناس حق الثورة على الحاكم الذي يعتبر مجرد وكيل للإرادة العامة ومعبر عن تلك الإرادة
نقاط القوة والضعف في نظرية العقد الاجتماعي
أ. نقاط القوة:
o التأكيد على قيام الدولة لهدف.
o التأكيد على قيام الدولة عن طريق اتفاق وبذلك مهدت لقيام الأنظمة الجمهورية والديمقراطية.
ب. نقاط الضعف:
o خيالية لا سند تاريخي لها
o قيام التعاقد في حالة الفطرة لا يخلو من تناقض.
o لا يمكن تصور موافقة جميع الأفراد في المجتمع على قيام عقد
o لا يمكن قيام عقد بدون وجود سلطة تفرضه
o إلزامية العقد لجيل معين فقط.
o افتراض المساواة بين الأفراد غير واقعي.
o القول بانتقال الإنسان انتقل من مرحلة اللا قانون إلى مرحلة إطاعة القوانين يصعب قبوله.
o القول بامتلاك الإنسان في حالة الفطرة الأولى للوعي السياسي إلى الدرجة التي يسعى فيها لإنشاء المجتمع السياسي غير مقنع.
هل توجد سلبيات الي هذة النزريات
ردحذفشكرا على المعلومات أفادتني كثيرا
ردحذف
ردحذفممكن شرح اوسع لنظرية التطور التاريخي