عن صحيفة العاصمة
تحتل المملكة العربية السعودية بحكم وجود الأماكن المقدسة على اراضيها وبحكم الدور الذي تلعبه في العالمين العربي والإسلامي مكانا هاما لدى المسلمين وخصوصا السنة منهم. وقد بدا ذلك واضحا من خلال ردود فعل الدول العربية والإسلامية على احداث الأيام الماضية على الحدود اليمنية السعودية. وبنفس الطريقة فان ايران وبحكم موقعها وقوتها وسياساتها ومكانتها الدينية تحتل موقعا هاما في قلوب المسلمين الشيعة، وربما السنة أيضا. ومع التسليم بان السلوك الداخلي والخارجي للسعودية وايران يحمل صبغة دينية الإ ان وصفهما من قبل البعض بانهما نظامان ثيوقراطيان أحدهما سني والآخر شيعي، ومحاولة ذلك البعض الزج بهما في حرب مذهبية على الحدود الشمالية لليمن لتخليصمها من الأصولية والتشدد الديني، هو تعبير عن افلاس سياسي. هناك بالتأكيد حاجة لتبني اصلاحات في كلا الدولتين وفي العالمين العربي والإسلامي ككل، لكن مثل تلك الإصلاحات لا يمكن ان تتم عن طريق الزج بالدولتين في حرب اقليمية أو ضرب الشيعة بالسنة والسنة بالشيعة وقتل الملايين من الناس. فالحروب الأفغانية ضد السوفييت لم تفرز سوى القاعدة وطالبان ولم تؤد تلك الحروب الى بناء نظام ديمقراطي او ليبرالي او اي نظام آخر.
واذا كان البعض يصر على الزج بايران والسعودية ومن خلفهما السنة والشيعة في حرب مذهبية لا تبقي ولا تذر فان على ذلك البعض ان يبحث عن مكان آخر لتلك المعركة بعيدا عن اليمن. فلا ينقص اليمنيين حربا مذهبية في ظل كل الحروب التي يعيشونها. ثم ان المذهبية في اليمن لم تكن تاريخيا المحرك للصراع السياسي او الإجتماعي ولن تكون اليمن بالتالي المكان الأمثل والميدان الأنسب لحرب سنية شيعية لإن سنة اليمن هم الأقرب الى الشيعة وشيعة اليمن هم الأقرب الى السنة. والأكثر من ذلك هو ان الموقع الجغرافي لليمن يجعله بعيدا عن ايران والدول المتعاطفة معها وبالتالي فان اي محاولة لجر ايران الى اليمن لن يكتب لها النجاح. ولن يجد الباحثون عن ايران في شمال اليمن امامهم سوى اليمنيين. ومع ان الواحد منا يكره ان يرى دولتين اسلاميتين او عربيتين او اجنبيتين تحاربان بعضهما الإ ان اي منا لا يستطيع أيضا ان يمنع السعودية وايران من خوض حرب مذهبية ان اختارتا ذلك. وما عليهما ان يدركاه هو ان اليمن لا يمثل المكان المناسب.
وعلى اليمنيين بدورهم ان يستيقضوا من سباتهم وان يستفيدوا من تجارب الشعوب التي سبقتهم في مجال الحروب المذهبية حتى لا يجدوا انفسهم وقد اصبحوا لاعبين جدد في لعبة قديمة لا تؤدي سوى الى الموت وتعميق الصراعات والثأرات ولا تورث سوى الخراب والدمار. وعلى النظام اليمني ان يواجه الحقيقة المرة وهي ان حرب صعدة هي حرب يمنية-يمنية وان البحث عن اعداء وهمين خارج حدود اليمن هو لعبة خطرة يمكن ان تجلب له وللشعب اليمني كل عفاريت الأرض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق