السبت، 21 نوفمبر 2009

اسئلة محرمة د. عبد الله الفقيه

عن صحيفة العاصمة
يثير دخول المملكة العربية السعودية على خط الصراع الدائر بين الحكومة اليمنية والحركة الحوثية العديد من الأسئلة المحرجة للاطراف الثلاثة وهي اسئلة ان لم تطرح اليوم ويتم البحث عن اجابات لها فانها ستتحول الى مشاكل كبيرة في المستقبل. ولعل أول واهم الأسئلة يتعلق بالأثار التي ستترتب عن هذا التدخل على اتفاقية الحدود التي وقع عليها الجانبان اليمني والسعودي في مدينة جدة في يونيو 2000، وخصوصا في ظل الحديث عن سعي سعودي الى إنشاء منطقة عازلة تمتد عشرات الكيلومترات داخل الأراضي اليمنية. فمع التسليم التام بحق السعودية في الدفاع عن سيادتها وتطهير اراضيها من عناصر التمرد الإ ان مثل ذلك الحق، وينبغي ان يفهم السعوديون هذا الأمر جيدا، لا يعطي المملكة الشقيقة الحق في انتهاك سيادة الجمهورية اليمنية باي شكل من الأشكال أو الحق بالخروج على اتفاقيات الحدود لإن مثل ذلك الخروج سيسقط الإتفاقيات كاملة ويعيد البلدان الى المربع ر قم واحد في الصراع حول الحدود. ومن المهم الإشارة هنا الى ان قبول أو سكوت مسئولي الجمهورية اليمنية عن الإنتهاكات السعودية للسيادة اليمنية لا يجعلها مشروعة أو مقبولة بل يعرض المسئولين اليمنيين انفسهم الى تهم التفريط بالسيادة الوطنية وهو ما يكيف دستوريا على انه خيانة عظمى.
اما السؤال الثاني فيتصل بطبعية الحرب التي يخوضها الأشقاء في السعودية ضد الحوثيين. فهل هي حرب وهابية ضد الشيعة "الروافض" كما يسمونهم، أو هي حرب ضد جماعة يمنية متمردة على الدولة اليمنية ثم اصبحت تمثل بسبب تمددها الى حدود السعودية خطرا على الدولتين الجارتين؟ صحيح ان هناك محاولة لعقلنة الخطاب الإعلامي السعودي، الإ ان تصوير الحرب الدائرة على انها حرب ضد ايران والحديث عن "المجاهدين" السعوديين على تخوم الحدود مع اليمن توحي كلها بتعريف طائفي للحرب ناهيك بالطبع عن القصف العشوائي للقرى والمناطق اليمنية والإستخدام المفرط للقوة والذي لا يتناسب مع طبيعة الإنتهاكات التي يتهم السعوديون الحوثيين بارتكابها.
ويتصل السؤال الثالث بتحديد المسئول عن انتهاك اتفاقية جدة التي حددت منطقة خالية من المواقع العسكرية بين الدولتين. فهل سمحت السعودية للقوات اليمنية بمخالفة الإتفاقية كدعم لها ضد التمردين؟ أم ان القوات اليمنية هي التي خرجت على الإتفاقية بالتمركز في مناطق يفترض ان تكون خالية من قوات البلدين؟ وبالنسبة للحوثيين فرغم دعوتهم الى الحوار الا انهم لم يطرحوا مبادرة واضحة لفض الإشتباك مع القوات السعودية. واخيرا، لماذا لا تتفق الأطراف الثلاثة على العودة الى نصوص اتفاقية الحدود وتنفيذها؟ ولماذا تصر الحكومة اليمنية والحوثيون على الزحف بالصراع الداخلي الى حدود السعودية ولأي هدف؟ ولماذا لا تتفق الحكومة اليمنية والمتمردون على العودة بالصراع الى الحدود التي كان عليها في الحروب السابقة في حين تبادر السعودية الى العودة بالإمور على حدود البلدين الى ما كانت عليه؟

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

نشأة الدولة..!

بينما يمكن القول على سبيل التبسيط بان الدولة المدنية الحديثة ذات السيادة ظهرت في عام 1648 فان السؤال الذي يطرح نفسه هو عن الظهور المبكر للدولة على الأقل كسلطة في تنظيم اجتماعي. يقول كارل ماركس Karl Marx ان "الدولة لم توجد منذ الأزل ولن تستمر إلى الأبد" أي انها لم توجد منذ البداية ولن تستمر طوال الدهر. وما يهم هو الجزء الأول من مقولة ماركس والمتصلة بحقيقة أن الدولة لم توجد منذ الأزل والتي تتسق مع المعرفة التاريخية المتوفرة اليوم حول الدولة. ويؤدي القبول بمقولة ماركس بأن الدولة لم توجد منذ الأزل إلى البحث عن الكيفية التي نشأت بها الدولة. وهناك العديد من النظريات التي تفسر نشأة الدولة. والمقصود بالنظرية theory "مقولة تفسر الطريقة التي تحدث بها ظاهرة معينة طبيعية أو اجتماعية."

أولا. نظرية النشأة المقدسة:

ارتبطت بسيطرة الكنسية على الدولة في العصور الوسطى. وتقول النظرية أن الله تعلى خلق كل شي في الحياة بما في ذلك الدولة والحكام الذين يجب طاعتهم يحكمون باسم الآلهة (ظل الله في الأرض). ومن ايجابيات هذه النظرية ربطها الدولة بالدين، وتأكيدها على المسئولية الأخلاقية للحكام، وعلى الاستقرار السياسي الذي ينتج عن طاعة الحكام. لكن النظرية لا يوجد لها أساس ديني واضح وتقوم على افتراضات غيبية، وتدعم الحكم المطلق من خلال التأكيد على طاعة الحكام.

ثانيا. النظرية الماركسية:

أدى التطور الاقتصادي المتمثل في أدوات الإنتاج البدائية التي يتم توظيفها في الزراعة إلى ظهور التراكم الاقتصادي والملكية الفردية وتقسيم العمل الذي أدى بدوره إلى ظهور الطبقات وهو ما أدى إلى الصراع وظهرت الدولة كأداة تمارس بها الطبقة الأقوى سيطرتها على الطبقة الأضعف.

ثالثا. نظرية التطور التاريخي:

تطور التنظيم الإنساني من العائلة إلى العشيرة فالقبيلة والقرية ثم المدينة والدولة، وبعد ذلك سيأتي المجتمع الإنساني او الدولة العالمية.

رابعا. نظرية القوة والغلبة:

ارتبط ظهور السلطة في التنظيمات الاجتماعية المختلفة (العائلة، القبيلة، القرية، المدينة) بالتفوق الجسدي والمادي وتمكن جماعة من الانتصار على جماعة أخرى. ووفقا لهذه النظرية فان الحرب هي التي أدت إلى ظهور الدول. وتخوض الدول الحروب لتحافظ على وجودها. ومن سلبيات هذه النظرية تركيزها على عامل واحد. ولفتت النظرية الانتباه إلى الدور الذي تلعبه القوة في نشأة الدولة واستمرارها.

خامسا. نظرية العقد الاجتماعي

تعود جذور نظرية العقد الاجتماعي (بفتح العين) social contract إلى أرسطو الذي أكد على ان الدولة تنشئ برضى المجتمع أي قبوله. لكن النظرية لم تتبلور بشكلها الواضح الا على يد ثلاثة من مفكري العصر الحديث وهم:

1- توماس هوبزThomas Hobbes (1588-1679): انجليزي

2- جون لوك John Locke (1632-1704): انجليزي

3- جان جاك روسو Jean Jacques Rousseau (1712-1778): فرنسي

ويتفق المنظرون الثلاثة على النقاط التالية:

1. أن الدولة من صنع البشر.

2. ان التاريخ البشري مر بمرحلتين: مرحلة حالة الطبيعة أو الفطرة الأولى، ثم مرحلة الدولة.

3. انه تم الانتقال من مرحلة الفطرة الأولى إلى مرحلة الدولة بواسطة عقد.

ويختلف المفكرون الثلاثة في الجوانب التالية:

1- خصائص الطبعية البشرية human nature

2- خصائص مرحلة الفطرة الأولى The State of Nature

3- القانون السائد في مرحلة الفطرة

4- أسباب الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى الدولة.

5- مكونات العقد.

6- أطراف العقد.

7- نظام الحكم الأفضل.

جدول (1): مقارنة بين الأفكار المقدمة من أصحاب نظرية العقد الاجتماعي

وجه المقارنة

توماس هوبز Hobbes

جون لوك Locke

جان جاك روسو Rousseau

أ. الطبيعة البشرية

الشر والأنانية

الطيبة والمسالمة

خيرة ومسالمة

ب. خصائص مرحلة الفطرة

حرب الكل ضد الكل

حرية ومساواة

مثالية، حرية ومساواة

ج. القانون السائد

اناني

غامض

قاصر

د. أسباب الانتقال

طلب الأمن والسلام

البحث عن وضع أفضل

زيادة السكان، ظهور الملكية

ه. مكونات العقد

تنازل الأفراد عن كل حقوقهم للحاكم

تنازل عن بعض الحقوق

تنازل الأفراد عن كل حقوقهم للإرادة العامة

و. أطراف العقد

المواطنون

المواطنون والحاكم

المواطنون

ز. صاحب السيادة

الملك

السلطة العليا

الإرادة العامة (السلطة الشعبية)

ح. نظام الحكم المفضل

ملكي مطلق

الحكومة المقيدة

ديمقراطية مباشرة

ط- حق الثورة

لا يجوز الخروج على الحاكم

يجوز الخروج اذا اخل بواجباته

الحاكم عبارة عن وكيل

1. توماس هوبز:

أدت معاصرة هوبز للحرب الأهلية والاضطرابات التي شهدتها كل من بريطانيا وفرنسا والخوف الذي خلقته فيه إلى تبنيه لفلسفة ترى ان الطبيعة الإنسانية تتصف بالأنانية وان حالة الفطرة الأولى كانت عبارة عن حرب الكل ضد الكل. وقد أيد هوبز الملكية المطلقة. ففي كتابه Leviathan المنشور عام 1651 رأى:

أ-الطبيعة البشرية: الشر والأنانية، الرغبة والشهوة. السعي إلى تكديس القوة بعد القوة لحماية النفس وهو أمر يدخل الفرد في صراع مع الآخرين نظرا لمحدودية الموارد .

ب- خصائص حالة الفطرة الأولى State of Nature: حرب الكل ضد الكل، فقيرة، انعزالية، متوحشة.

ج- القانون السائد: القانون الطبيعي والذي يقوم على حماية الذات

د-أسباب الانتقال من مرحلة الطبيعة إلى الدولة: طلب الأمن والسلام.

ه-مكونات العقد:

o تنازل الأفراد عن كل حقوقهم الطبيعية تنازلا مطلقا لصالح السلطة العليا وهو الملك.

o الطاعة والولاء للملك.

و. أطراف العقد: المواطنون

ز- صاحب السيادة: الملك الذي ليس طرفا في العقد.

ح- نظام الحكم الأمثل: مطلق لا يجوز الخروج على الحاكم وإلا تم العودة إلى حالة الفطرة الأولى.

ط- حق الثورة: غير مقر لأنه يعني العودة الى حالة الفطرة الاولى.

2. جون لوك:

طبيب وفيلسوف انجليزي عاصر الثورة الدستورية التي حدثت هناك (1688) والتي أيدها لتعضيد البرلمان ضد الملك مبررا ذلك بأن الملك قد أخل بشروط العقد مما أعطى الشعب الحق في الثورة عليه. جاءت أهم أفكاره السياسية في كتابه "رسالتان في الحكومة" Two Treatises of Government والذي كتبه دفاعا عن الثورة الدستورية. يعد لوك واحدا من أكثر فلاسفة عصر التنوير تأثيرا على الفكر الليبرالي الحديث. والمقصود بالفكر الليبرالي هؤ ذلك الفكر الذي يؤكد على حرية الفكر، التسامح، احترام كرامة الإنسان، الإيمان بالمساواة، والدور المحدود للدولة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.

اثر لوك على العديد من القادة السياسيين مثل الكسندر هاملتون، جيمس ماديسون، توماس جيفرسون وغيرهم من مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية، واقتبس جيفرسون بعض من أفكار لوك في إعلان الاستقلال الأمريكي Declaration of Independence واثر لوك بشكل كبير على الثورتين الأمريكية والفرنسية. ويرى لوك ان الطبيعة الإنسانية خيرة وان حالة الفطرة الأولى اتسمت بالسعادة مع وجود مشاكل.

أ‌. الطبيعة البشرية: الطيبة والمسالمة، العقل والتسامح، معرضة للأنانية

ب‌. خصائص حالة الفطرة: حرية ومساواة لجميع الأفراد، وكل شخص له حق طبيعي في الدفاع عن حقه في الحياة، الصحة، والحرية.

ج‌. القانون السائد: قانون طبيعي مستمد من العقل والوحي الإلهي وهدفه الحفاظ على حياة الجميع.

د‌. أسباب الانتقال إلى الدولة: خلق ظروف أفضل وحماية الملكية (وتعني هنا الحياة، الحرية، والممتلكات المادية)

هـ. مكونات العقد: عقد يقيم المجتمع السياسي وعقد آخر ينشأ الحكومة. بالنسبة للعقد الذي يقيم المجتمع السياسي فأن الأفراد يتنازلون فيه عن بعض حقوقهم.

و. أطراف العقد: المواطنون

ز. صاحب السيادة: الهيئة العليا

ح‌. نظام الحكم الأمثل: الديمقراطية النيابية.

ط‌. حق الثورة: مكفول إذا أخلت الهيئة العليا بواجباتها.

3. جان جاك روسو: فيلسوف ومفكر وموسيقي فرنسي كان لفكره اثر كبير على الثورة الفرنسية، ويعد كتابه العقد الاجتماعي The Social Contract والمنشور في عام 1762 ليس فقط أهم مؤلفات رسو ولكن أيضا واحدا من أهم الكتب في العلوم السياسية حيث يضع فيه القواعد الأساسية لنظام سياسي شرعي. وقد اشتهر رسو بمقولته "ولد الإنسان حرا ولكنه يرزح في الأغلال في كل مكان."

أ. الطبيعة البشرية: خيرة ومسالمة، فالجانب الأخلاقي عند رسو هو جانب غريزي وليس منتج اجتماعي. فالإنسان عند رسو يكره ان يرى أخاه الإنسان يعاني. لكن المشكلة تكمن في المجتمع الذي يفسد الأفراد ويجعلهم ميالين إلى العدوان والأنانية.

ب. خصائص حالفة الفطرة الأولى: مثالية، حرية ومساواة، وتعاون (العصر الذهبي للإنسان)

ج. القانون السائد: القانون الطبيعي (الحفاظ على الذات والحرية)

د. أسباب الانتقال إلى الدولة: ظروف خارجية كزيادة السكان وظهور الملكية والتصنيع.

هـ. مكونات العقد: التنازل عن كل حقوقهم الطبيعية لصالح الجماعة.

و. أطراف العقد: المواطنون أنفسهم كأفراد وكمجتمع اما الحاكم فليس طرفا في العقد

ز. صاحب السيادة: الجماعة أو الأمة أو الشعب.

خ‌. نظام الحكم الأمثل: الديمقراطية المباشرة.

ط‌. حق الثورة: للناس حق الثورة على الحاكم الذي يعتبر مجرد وكيل للإرادة العامة ومعبر عن تلك الإرادة

نقاط القوة والضعف في نظرية العقد الاجتماعي

أ. نقاط القوة:

o التأكيد على قيام الدولة لهدف.

o التأكيد على قيام الدولة عن طريق اتفاق وبذلك مهدت لقيام الأنظمة الجمهورية والديمقراطية.

ب. نقاط الضعف:

o خيالية لا سند تاريخي لها

o قيام التعاقد في حالة الفطرة لا يخلو من تناقض.

o لا يمكن تصور موافقة جميع الأفراد في المجتمع على قيام عقد

o لا يمكن قيام عقد بدون وجود سلطة تفرضه

o إلزامية العقد لجيل معين فقط.

o افتراض المساواة بين الأفراد غير واقعي.

o القول بانتقال الإنسان انتقل من مرحلة اللا قانون إلى مرحلة إطاعة القوانين يصعب قبوله.

o القول بامتلاك الإنسان في حالة الفطرة الأولى للوعي السياسي إلى الدرجة التي يسعى فيها لإنشاء المجتمع السياسي غير مقنع.

الاثنين، 16 نوفمبر 2009

جامعة صنعاء والقضية رقم (115) جرائم جسيمة: طميم يطم التعليم عن بعد

http://www.alasemah.net/index.php?page=asema&type_page=2&num_item=&ar_no=1469
العاصمة خاص:
وقع رئيس جامعة صنعاء، الدكتور خالد عبد الله طميم، في عام 2008م اتفاقا مع شخص اسمه الدكتور محمد عبد الحميد الكندي تم بموجبه تجديد الاتفاقية التي كان رئيس الجامعة السابق الأستاذ الدكتور صالح باصرة قد وقعها مع الدكتور الكندي في عام 2004م لمدة 4 سنوات أخرى. وقام موظف بالجامعة إثر ذلك مباشرة بتقديم بلاغ للهيئة العليا لمكافحة الفساد بالاتفاقية الأصلية وبالتمديد الذي حدث. لم تكن المشكلة بالنسبة للشخص الذي قام بتبليغ هيئة مكافحة الفساد أن الاتفاقية وتجديدها مجحفان بحق الحكومة والمال العام. كانت المشكلة أخطر..فالمدعو الدكتور الكندي بحسب البلاغ المقدم للهيئة العليا للفساد لم يورد لحساب الجامعة سوى مبلغ مليون ريال سعودي من حصة الجامعة التي بلغت بحسب البلاغ حوالي 12 مليون ريال سعودي خلال الفترة 2004 وحتى 2008م. ولعل الموظف الذي تقدم بالبلاغ إلى الهيئة العليا لمكافحة الفساد لم يكن يدرك أنه قد أزاح الستار عن واحدة من أكبر حوادث الاختلاس في تاريخ التعليم في اليمن.
القصة من أولها
تضمنت خطة جامعة صنعاء لعام 2004 بحسب الجامعة افتتاح برنامج للدراسة بنظام التعليم عن بعد في المملكة العربية السعودية وعلى أن تقوم بفتح مكتبين أحدهما مقره في القنصلية اليمنية بجدة والآخر مقره في السفارة اليمنية في الرياض. لكن الجامعة وبدلا من أن تقوم بكل ذلك بنفسها أو توكل القيام به إلى الملحقية الثقافية اليمنية في السعودية قررت التعاقد مع الدكتور محمد عبد الحميد الكندي الذي لم تحدد الاتفاقية ما هو تخصصه العلمي أو خبرته السابقة في هذا المجال وإن كانت المعلومات التي تم الحصول عليها تشير إلى أنه كان يعمل في إحدى المستشفيات في المملكة العربية السعودية إما كممرض أو كطبيب في أحسن الأحوال. ولم تقم الجامعة بإعلان مناقصة أو طلب عطاءات من جهات متخصصة وقررت التعامل مع الكندي بصفته الشخصية ودون أي ضمانات. ولعل أهم الملاحظات المتعلقة بالقضية محل النظر هي ما يلي:
1. جاء عنوان الاتفاقية الأصلية مكتوبا على ورق نيابة رئاسة الجامعة لشئون الطلاب التي كان يشغلها الدكتور خالد طميم قبل تعيينه رئيسا للجامعة. والسؤال هو لماذا ليس على ورق الشئون القانونية باعتبار الوثيقة اتفاقية قانونية؟ وماذا كان دور الشئون القانونية في اتفاقية مثل هذه؟
2. جاء عنوان الاتفاقية على النحو التالي: /’’عقد اتفاق تعاون علمي بين جامعة صنعاء(الجمهورية اليمنية) وممثل مكتب الجامعة في الملكة العربية السعودية/’’، وهو عنوان مضلل بالنظر إلى أنه لم يكن هناك أي مكتب للجامعة في المملكة العربية السعودية ولم يكن لذلك المكتب الذي لا وجود له أي ممثل. ثم كيف يكون الكندي ممثلاً لمكتب الجامعة في السعودية وفي نفس الوقت تدخل معه الجامعة في /’’اتفاق تعاون علمي/’’؟ فهذه إذن اتفاقية مع مكتب لا وجود له وهي في النهاية اتفاق مع شخص ليس من الواضح ما هي مؤهلاته ولا قدراته ولا خبراته السابقة ولا ما الذي يؤهله عن غيره من خلق الله للدخول في تعاون علمي مع الجامعة الأولى في اليمن.
3. ينص الاتفاق على إنشاء مكتب إشراف ومتابعة يتولى /’’مسئولية تنفيذ بنود الاتفاقية/’’ و /’’وضع القواعد اللازمة لتسيير العملية التعليمية/’’. وقد تم تسمية أعضاء المكتب بالاسم والوظيفة بينما كان يفترض أن تكون التسمية بالوظيفة إذا كان ما يتم هو عمل بالنيابة عن الحكومة اليمنية وليس (عمل خاص). وتكون المكتب من الدكتور صالح باصرة وكان حينها رئيس جامعة صنعاء، خالد عبد الله طميم، وكان حينها نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، ود. محمد عبد الحميد الكندي، والأخير هو الشخص الذي سيتم الإشارة إليه تارة بممثل الجامعة وأخرى بالمتعهد وثالثة بالمستثمر.
4. نصت الاتفاقية على أن يتقاضى الطرف الثاني 50% من الرسوم المحصلة عن كل طالب. أما الالتزامات التي يحصل مقابلها على تلك النسبة المهولة فتشمل الآتي:
أ. تأثيث المكتبين في الرياض وجده مع ملاحظة أن المكتبين يقعان داخل القنصلية في جدة وداخل السفارة في الرياض بما يعني أن الحديث هو عن تأثيث غرفتين.
ب. تكاليف الخدمات الشهرية للمكتبين، ومرة أخرى فإن الحديث هو عن غرفتين هما جزء من مبانٍ مستأجرة لحساب الجمهورية اليمنية.
ج. تكاليف إقامة الاختبارات
وفي اجتماع عقد بتاريخ 4 ديسمبر 2004 وحضره فقط الأشخاص الثلاثة أعضاء مكتب الأشراف والمتابعة (باصرة، طميم، والكندي) تم تحديد الرسوم على النحو التالي:
1. رسوم الدراسة للطالب اليمني في الفصل الدراسي حددت ب2000 ريال سعودي
2. رسوم الدراسة للطالب غير اليمني 2400 ريال سعودي
5. لم تنص الاتفاقية على أي إلية أو مواعيد زمنية لتوريد حصة الجامعة.
6. لم تنص الاتفاقية على التزام الكندي بنظام مالي ومحاسبي حسب القانون.
وفي 28 يناير 2008 عقد اجتماع بين وزير التعليم العالي صالح باصرة وخالد طميم والدكتور الكندي لمناقشة /’’المصاريف التأسيسية للتعليم عن بعد/’’ والتي نص الاتفاق المبدئي على أن يتحملها الكندي. ومن جديد لم يتم الإشارة من قريب أو بعيد إلى حصة الجامعة وقد توصل المجتمعون إلى قرار بأن يلتقي رئيس جامعة صنعاء والكندي ويعدان تصورا لطبيعة مشاركة الجامعة في تلك المصاريف وعلى أن يعتبر ذلك /’’ملحق/’’ للاتفاقية الأساسية. والغريب أن الكندي انتظر 4 سنوات قبل أن يطالب بالمصاريف التشغيلية. ويبدو أن باصرة وطميم كانا يبحثان وفي وقت مبكر عن مخارج للكندي .
وتضمن محضر اجتماع تم في 15 يونيو 2008 بين كل من رئيس الجامعة خالد طميم، والدكتور محمد الكندي ممثل جامعة صنعاء في السعودية، وأحمد اليدومي، أمين عام الجامعة، نصا يحمل الجامعة جزءا كبيرا من المصاريف التشغيلية بالمخالفة للاتفاق المبدئي المبرم بين رئاسة الجامعة وممثلها في عام 2004. ولم يحتو المحضر أي إشارة إلى ملايين الريالات السعودية التي لم تورد إلى حساب الجامعة عن السنوات 2004-2008 .
هيئة مكافحة الفساد
خذلت هيئة مكافحة الفساد الموظف الذي قام بالإبلاغ عن الواقعة، وبدلا من أن ترفع الحصانة عن رئيس الجامعة وتحيله إلى التحقيق وتعمل على ضبط الكندي وغيره من المتورطين في القضية خضعت للنفوذ السياسي والاجتماعي لرئيس جامعة صنعاء واكتفت بإرسال مذكرة برقم (2500) وتاريخ 15 سبتمبر 2008 موجهة إلى رئيس جامعة صنعاء وموقعة باسم عبد ربه أحمد جرادة عضو الهيئة رئيس قطاع المؤسسات المالية والاقتصادية. وقد أشارت هيئة مكافحة الفساد إلى النقاط التالية:
1. ضمنت الاتفاقية الأصلية الموقعة بين جامعة صنعاء، وتمديدها للمتعهد الكندي الحصول على 50% من المبالغ التي يقوم الطلاب بدفعها والتي وصلت إلى مبلغ 23.357.337 ريال سعودي.
2. لم يورد المتعهد الكندي إلى حساب جامعة صنعاء عن الفترة 2004-2008 سوى مبلغ مليون ريال سعودي من أصل حصة الجامعة البالغة خلال الفترة 11.678.668 ريال سعودي.
3. لم تتضمن الاتفاقية الموقعة مع الكندي آلية واضحة لضمان توريد حصة جامعة صنعاء.
وطالبت مذكرة هيئة الفساد جامعة صنعاء بموافاتها بما اتخذته بشأن ذلك. ويلاحظ أن الهيئة العليا للفساد قد تغاضت عن:
1. تجديد رئيس جامعة صنعاء للاتفاقية مع الكندي في عام 2008 رغم أن الكندي لم يلتزم بسداد حصة الجامعة طيلة الأربع سنوات الماضية.
2. عدم وجود نظام مالي ومحاسبي لنظام التعليم عن بعد وفقا للقانون المالي رقم (8) لسنة 1990.
3. الإشارة إلى المبالغ التي حصلها المتعهد باسم دورات تقوية والتي جاء في أحد المحاضر بأنها تتجاوز المبالغ المحصلة من الطلاب كرسوم والتي تقدر بـ(50) مليون ريال سعودي.
وزارة المالية
وجه وزير المالية إلى رئيس جامعة صنعاء مذكرة برقم ( 3570 ) ومؤرخة في 26/7/2008 تطالبه بالاتي:
1. إلزام الكندي بتوريد قرابة 11 مليون ريال سعودي عن السنوات 2004-2008 بحسب الاتفاقية المبرمة معه.
2. العمل على إيكال مهمة الإشراف والإدارة على فرعي الجامعة في جدة والرياض إلى الملحقية الثقافية طالما والمتعهد لم يلتزم بتوريد حصة الجامعة.
3. إدراج ايرادات ونفقات التعليم عن بعد في موازنة الجامعة لعام 2009.
و في 16 سبتمبر 2008 عقد اجتماع بمبنى وزارة المالية، وقد حضر الاجتماع بالإضافة إلى طميم و/’’الكندي/’’ كل من د. عبد الكريم الصباري نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، وأمين عام الجامعة ومدير عام الشئون المالية، ومسجل عام الجامعة. والغريب أن الاجتماع لم ينته إلى شيء سوى:
1. تشكيل لجنة لدراسة ما سيقدمه الكندي من وثائق بشأن المصروفات التي تحملها المكتب، رغم أن تلك المصروفات يتحملها المتعهد بحسب الاتفاق المبدئي، من كل من: طميم، الكندي، ووكيل وزارة المالية لقطاع الحكومة د. محمد غالب الزعيتري وهو احد أساتذة قسم المحاسبة في كلية التجارة والاقتصاد في جامعة صنعاء. وكان واضحا أن طميم حريص على أن لا يخرج الموضوع من يده وأن لا يدخل في الموضوع أي شخص لا يستطيع طميم السيطرة عليه.
2. تفويض مدير التعليم عن بعد ومندوب عن وزارة المالية لحصر المبالغ التي حصلها المتعهد عن دورات التقوية والتي ذكر أنها تجاوزت الرسوم الدراسية للطلاب.
محاسب قانوني
في مايو 2009 رفع المحاسب القانوني للكندي وهو الدكتور حميد مقبل الذي كان عينه طميم رئيسا لقسم المحاسبة في الجامعة ما قال بأنه تصفية حساب وإخلاء ذمة مالية للتعليم عن بعد. وقد تلاعب المحاسب القانوني بالأرقام ووصل إلى نتيجة أن المبلغ المتبقي للجامعة للسنوات 2004-2008 هو حوالي 100 ألف ريال سعودي. لكن الكندي نفسه سوف يفضح فساد محاسبه القانوني..فبعد اجتماع المجلس الأعلى للجامعات في 15 ابريل 2009 واتخاذه قرارا بوقف التعليم عن بعد بسبب عدم توريد مستحقات جامعة صنعاء تقدم الكندي بمقترحا تضمن الاتي:
1. اقراره بان ما تبقى للجامعة في ذمته حوالي 12 مليون ريال سعودي وذلك عن الفترة 2004-2009.
2. إسقاطه لكل المطالبات الباطلة لجامعة صنعاء بمصاريف التأسيس ..
3. أعلن استعداده لدفع مستحقات الجامعة على أقساط، يبدأ أول قسط في 2010.
أما الشرط الوحيد للكندي فهو استمرار نظام التعليم عن بعد وبشروط جديدة أهمها تخفيض نصيب الجامعة إلى 30 في المائة. والغريب أن طميم وفي معزل عن مقترحات الكندي والتزاماته وقرارات المجلس الأعلى للجامعات الذي يرأسه رئيس الوزراء قد تحدى قرار المجلس الأعلى للجامعات وسمح للكندي بقبول طلب جدد للعام الجامعي 2009/2010 وعمل على فتح تخصصات جديدة تتقاضى مبالغ أكبر..
الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
يواجه عدد من موظفي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قرارات بالفصل من وظائفهم في الجهاز بسبب استلامهم لمبالغ بملايين الريالات قدمتها الجامعة لهم على أنها /’’مقابل أتعاب./’’ ويواجه تقرير الجهاز الخاص بفحص التعليم عن بعد مختلف العراقيل داخل الجهاز بسبب نفوذ طميم داخله ووجود عدد من أساتذة الجامعة يعملون كمسئولين في الجهاز..
النيابة العامة
يعمل طميم بكل الطرق على منع النيابة العامة من الحصول على معلومات بشأن حساب التعليم عن بعد وذلك عن طريق منح مزايا لأشخاص تربطهم صلات قرابة بافراد في النيابة العامة وعن طريق تجاهل المذكرات العديدة التي وجهتها إليه النيابة العامة. وحاولت النيابة الحصول على إذن بتوقيف طميم أو طلبه للتحقيق لكن النائب العام كما تقول المصادر طلب التأجيل. وفي مواجهة تعنت طميم وجهت نيابة الأموال العامة الابتدائية بتاريخ 17 أكتوبر 2009 مذكرة إلى عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة صنعاء تطالبه بإحصائية بعدد الطلاب الملتحقين في الكلية بنظام التعليم عن بعد في فروع الجامعة بمدينتي جدة والرياض منذ عام 2004 وحتى عام 2009 على أن يشمل ذلك الطلاب اليمنيين وغير اليمنيين. لكن عميد كلية الشريعة والقانون لم يرد على نيابة الأموال العامة حتى الآن. ووجهت المذكرة أيضا إلى عدد آخر من عمداء الكليات. لكن أحدهم لم يرد أيضا. أما الدكتور الكندي والذي وجه محامي الأموال العامة بمنعه من السفر فلم يعثر له على أثر.

هدد أعضاء مجلس الجامعة بقبائل /’’عذر/’’
مجلس الجامعة يشكل مجلسا تأديبيا للأساتذة ال10
قالت مصادر في جامعة صنعاء أن رئيس الجامعة د. خالد طميم عقد اجتماعا طارئا لمجلسها في 11 نوفمبر واتخذ قرارا بتشكيل مجلس تأديبي للأساتذة العشرة الذين كانوا قد نشروا مقالات في الصحف وجهت إليه اتهامات بالفساد. وقال أعضاء حضروا الاجتماع أن اللجنة غير القانونية وغير الدستورية التي شكلها طميم في وقت سابق ورفضها الأساتذة ومن خلفهم نقابة أعضاء هيئة التدريس قد قدمت تقريرا لمجلس الجامعة اعتبرت فيه بناء على توجيهات طميم ما كتب في صحيفتي المصادر والعاصمة بمثابة إساءات شخصية.
وفي الوقت الذي طالب فيه بعض أعضاء مجلس الجامعة إحالة الموضوع إلى القضاء باعتباره السلطة المختصة، رفض رئيس الجامعة بشدة مثل تلك الخطوة وقال إنه يعرف كيف يحل مشاكله. وفي تهديد واضح لأساتذة الجامعة وطلابها قال طميم إنه من قبائل /’’عذر/’’ وإنه يستطيع أن يأخذ حقه بيده ولكنه فضل اللجوء إلى مجلس الجامعة، وهناك من يؤكد أن رفض طميم الذهاب إلى القضاء سببه تورطه في العبث بالموارد العامة وتأكده من أنه مدان مسبقا. وتضيف المصادر أن طميم يرفض بشدة ، ويوجه عمداء الكليات بفعل ذات الشيء، عدم الاستجابة لطلبات النيابة العامة بموافاتها بمعلومات تتصل بالتعليم عن بعد والذي تحقق النيابة في الاستيلاء على مبالغ قد تصل إلى 20 مليون دولار..
الجدير بالذكر أن نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء ممثلة برئيسها الدكتور عبد الله العزعزي الذي حضر الاجتماع قد جددت رفضها الإجراء غير القانوني ضد أساتذة الجامعة.

الأحد، 15 نوفمبر 2009

خطر الصراع المذهبي!

د. عبد الله الفقيه

عن صحيفة العاصمة

تحتل المملكة العربية السعودية بحكم وجود الأماكن المقدسة على اراضيها وبحكم الدور الذي تلعبه في العالمين العربي والإسلامي مكانا هاما لدى المسلمين وخصوصا السنة منهم. وقد بدا ذلك واضحا من خلال ردود فعل الدول العربية والإسلامية على احداث الأيام الماضية على الحدود اليمنية السعودية. وبنفس الطريقة فان ايران وبحكم موقعها وقوتها وسياساتها ومكانتها الدينية تحتل موقعا هاما في قلوب المسلمين الشيعة، وربما السنة أيضا. ومع التسليم بان السلوك الداخلي والخارجي للسعودية وايران يحمل صبغة دينية الإ ان وصفهما من قبل البعض بانهما نظامان ثيوقراطيان أحدهما سني والآخر شيعي، ومحاولة ذلك البعض الزج بهما في حرب مذهبية على الحدود الشمالية لليمن لتخليصمها من الأصولية والتشدد الديني، هو تعبير عن افلاس سياسي. هناك بالتأكيد حاجة لتبني اصلاحات في كلا الدولتين وفي العالمين العربي والإسلامي ككل، لكن مثل تلك الإصلاحات لا يمكن ان تتم عن طريق الزج بالدولتين في حرب اقليمية أو ضرب الشيعة بالسنة والسنة بالشيعة وقتل الملايين من الناس. فالحروب الأفغانية ضد السوفييت لم تفرز سوى القاعدة وطالبان ولم تؤد تلك الحروب الى بناء نظام ديمقراطي او ليبرالي او اي نظام آخر.
واذا كان البعض يصر على الزج بايران والسعودية ومن خلفهما السنة والشيعة في حرب مذهبية لا تبقي ولا تذر فان على ذلك البعض ان يبحث عن مكان آخر لتلك المعركة بعيدا عن اليمن. فلا ينقص اليمنيين حربا مذهبية في ظل كل الحروب التي يعيشونها. ثم ان المذهبية في اليمن لم تكن تاريخيا المحرك للصراع السياسي او الإجتماعي ولن تكون اليمن بالتالي المكان الأمثل والميدان الأنسب لحرب سنية شيعية لإن سنة اليمن هم الأقرب الى الشيعة وشيعة اليمن هم الأقرب الى السنة. والأكثر من ذلك هو ان الموقع الجغرافي لليمن يجعله بعيدا عن ايران والدول المتعاطفة معها وبالتالي فان اي محاولة لجر ايران الى اليمن لن يكتب لها النجاح. ولن يجد الباحثون عن ايران في شمال اليمن امامهم سوى اليمنيين. ومع ان الواحد منا يكره ان يرى دولتين اسلاميتين او عربيتين او اجنبيتين تحاربان بعضهما الإ ان اي منا لا يستطيع أيضا ان يمنع السعودية وايران من خوض حرب مذهبية ان اختارتا ذلك. وما عليهما ان يدركاه هو ان اليمن لا يمثل المكان المناسب.
وعلى اليمنيين بدورهم ان يستيقضوا من سباتهم وان يستفيدوا من تجارب الشعوب التي سبقتهم في مجال الحروب المذهبية حتى لا يجدوا انفسهم وقد اصبحوا لاعبين جدد في لعبة قديمة لا تؤدي سوى الى الموت وتعميق الصراعات والثأرات ولا تورث سوى الخراب والدمار. وعلى النظام اليمني ان يواجه الحقيقة المرة وهي ان حرب صعدة هي حرب يمنية-يمنية وان البحث عن اعداء وهمين خارج حدود اليمن هو لعبة خطرة يمكن ان تجلب له وللشعب اليمني كل عفاريت الأرض.

السبت، 14 نوفمبر 2009

جامعة صنعاء ورئيسها الذي يُضيع طريقه كل مرة

د. عبد الله الفقيه

استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء

عن مدونة اكاديميون ضد الفساد


نشرت صحيفة الثورة الرسمية في عددها الصادر يوم 22 اكتوبر في صفحتها الأخيرة خبرا يقول ان اعرق واكبر تجمع للعقول اليمنية وهو جامعة صنعاء حصل على تقدير "مقبول" في تصميم المشاريع المتصلة بالتطوير الأكاديمي والمقدمة للتمويل من قبل البنك الدولي. ولو أن الخبر يتصل بالتقدير الذي حصل عليه الدكتور خالد عبد الله طميم رئيس الجامعة في مرحلة البكالوريوس لما استحق ان يعيره احد ادنى اهتمام. لكنه يتصل بالقدرات الذهنية لرئيس جامعة صنعاء والفريق الذي يعمل معه...الفريق الذي لا يمثل باي حال القدرات والطاقات التي تملكها جامعة صنعاء بقدر ما يمثل الهزال القيادي لطميم الذي يعتقد ان القيادة تتحقق بالشخط والنخط والمرافقين وتعيين الأضعف والأقل قدرة وتجميع الدكاترة بالعشرات لينتظروا امام مكتبه وتهديد المجتمع الأكاديمي بقبائل "عذر" وارغام اعضاء مجلس الجامعة على تبني قرارات لا تحترم الدستور ولا القانون وتضر بالجامعة كمؤسسة علمية وباعضائها كاساتذة.

صناعة الفشل

تولى طميم رئاسة جامعة صنعاء في فبراير 2006. وتفاءل بعض الأكاديميين ومنهم كاتب هذا الموضوع بصعود هذا الشاب المهندم والذي قال عن نفسه في مقابلة نشرتها صحيفة "الحياة اليوم" الأسبوع الماضي "انا لا اخزن ولا ادخن ولا اتناول المشروبات الروحية" رغم ان كل ما يعرفونه عنه هو ان أسمه يكتب مسبوقا بحرف الـ"د" وفيما عدى ذلك فانه لا يعرف كباحث ولا كمفكر ولا ككاتب ولا كاداري ناجح ولا كحامل رؤية استراتيجية لتطوير الجامعة ولا كنقابي ولا كصاحب نظرية في التطور الإجتماعي. ويقول احد الذين حضروا مناقشة طميم لرسالة الدكتوراه، والقائل "زقوة" من ابناء صنعاء القديمة، ان رأسه، اي رأس ذلك الزقوة، تحول اثناء النقاش الى "زبيبة" بسبب ضعف اداء طميم. لكن ذلك القول لم يكن له أهميته حينها على اعتبار ان اي طالب دكتوراة يمكن ان يحدث له ذلك الموقف دون ان يعني شيئا وان العبرة في العمل في الميدان.

كان من الواضح ان طميم سيجد صعوبة في ملىء الفراغ الذي خلفه الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي الحالي والذي كان، رغم كل مساوئه، قد وضع الملامح العامة لإستراتيجية تطوير جامعة صنعاء. وظن الكثيرون ان طميم الذي ظل طريقه فوجد نفسه رئيسا لجامعة صنعاء دون ان يمر في اي مرحلة من مراحل حياته بجهاز فحص القدرات المطلوبة في اي اكاديمي سيقتفي على الأقل خطى الدكتور باصرة ويسير على الطريق الذي رسمه له ويحقق بالتالي التطوير المنشود في الجامعة.

لكن طميم الذي يوشك ان يكمل اربع سنوات في قيادة أهم جامعة في البلاد ظل طريقه من جديد وما الخبر المنشور في صحيفة الثورة بتاريخ 22 اكتوبر سوى رأس جبل الثلج الذي تكون داخل محيط جامعة صنعاء. وقد تحول طميم الى معول هدم لكل ما بناه باصرة والسابقون على باصرة حيث بدأ نشاطه داخل الجامعة بالإنقضاض على الحريات..حريات الإساتذة وحريات الطلاب وعمل على توتير العلاقة بين الفئات المكونة للجامعة وخصوصا بين الأمن والطلاب ..وكانت أولى ثمار القبضة الأمنية لطميم هي قتل طالبين..الأول لقي حتفه اثناء محاولته الفرار من على طقم تابع لأمن الجامعة، والثاني في اشتباك مع أمن الجامعة لإنه حاول الدخول بدون بطاقة جامعية. ويلتف حبل المشنقة اليوم حول رأس جندي مسكين كان ضحية للقبضة الأمنية لرئيس الجامعة ولسياساته التي لا تفرق بين قيادة جامعة وقيادة جهاز امني. وبدلا من ان يستفيد طميم من الأخطاء وجه أمن الجامعة من جديد لمنع 10 من منتقديه من دخول الجامعة التي هي بيتهم ولدوا فيها وسيموتون فيها. لكن مسئولي الأمن هذه المرة وقد تعلموا من الدروس رفضوا تنفيذ اوامر طميم. وانقض طميم بعد ذلك على الحريات الأكاديمية. وصادر اختصاصات نوابه وعمداء الكليات وجمع الموارد والسلطات بين يديه، ولم يعد بامكان عميد الكلية ان يعطي امرا للعسكري الواقف على بوابة الكلية التي يديرها بان يدخل شخصا الى حرم الكلية ناهيك عن ممارسة اي اختصاصات أخرى.

ومع ان طميم ليس مخترع الفساد في اليمن الإ ان ما يحسب له في هذا الجانب هو انه اعطى الفساد معنى جديدا..ففي حين كان اكثر من 400 من موظفي الجامعة يكتبون الى وزير التعليم العالي ليشكون اليه ظلما لم يعرفوه في عهد اي رئيس جامعة قبله، كان طميم ومعه شلة صغيرة جدا يلهفون موارد الجامعة بما في ذلك حساب الموازي بالدولار وبالريال وحساب التعليم عن بعد وحسابات الموازنة وتغذية الموظفين وحوافزهم الشهرية. وزيادة في ظلم الموظفين الذين افقرتهم سياساته الإنانية ذهب طميم في مقابلته مع صحيفة "الحياة اليوم" الى ان المكافات التي يصرفها من الموازي تذهب الى الإداريين. ولم يكلف طميم نفسه بنشر قائمة الخمسين شخصا في الجامعة الأكثر حظا في الحصول على المكافات من جميع الحسابات في عهده او حتى بالمبالغ التي صرفت لسائقه واقارب سائقه ليؤكد للجميع ان اموال الجامعة تصرف ولا تنهب.

اطاح طميم بكل القواعد القانونية والإعراف الأكاديمية واصبحت الجامعة تمشي على رأسها بعد ان بدأ رئيس الجامعة يمرر قرارات التعيين والترقية المخالفة على مجلس الجامعة أولا ثم يمررها بعد ذلك على المجالس الأدنى ان شاء ذلك. ويتجمع لدى نقابة اعضاء هيئة التدريس ولدى اللجنة التحضيرية لمنظمة اكاديميين ضد الفساد عشرات القرارات بالتعيينات المخالفة للقانون. وقد اشارت المقالات التي نشرت باسماء عشرة من اعضاء هيئة التدريس في الجامعة الى النزر اليسير من التعيينات التي تستغل الوظيفة والموارد العامة وتنتهك الدستور والقانون في سبيل بناء نفوذ كبير داخل الجامعة وخارجها. وما نشر حتى الان هو مجرد النزر اليسير. فقد تمكن طميم وبواسطة التعيينات المخالفة للقانون من اختراق اكثر الأجهزة حساسية داخل الدولة. ويبرر طميم في مقابلته مع صحيفة "الحياة اليوم" كل ذلك بقوله "انا اغلط في بعض الإجراءات لإن من يعمل قد يخطىء." اليست الجامعة مؤسسة فيها متخصصين في كل فروع المعرفة؟ أم انها فقط خالد طميم الذي يعمل فيخطأ؟

وهناك بالطبع التعيينات للعمداء ورؤوساء الأقسام في كليات لا تتفق مع تخصصاتهم. وحتى يجد مواقع يعين فيها الأشخاص استحدث طميم كما يقول 20 مركزا علميا..لكن من الواضح ان معظم تلك المراكز لم تنجز اي شيىء وان طميم لم يحول لها اي مبلغ من ملايين الدولارات التي عبث بها وبحيث تتمكن من تنفيذ اي نشاط. ثم كيف يفتتح طميم مراكز جديدة في حين تغلق بعض الكليات برامجها بسبب غياب التمويل؟ ورغم كل ذلك يقول طميم في مقابلته مع صحيفة "الحياة اليوم" انه اسس تلك المراكز من حساب الموازي ولم يكلف نفسه ايراد المبالغ التي انفقها على المراكز التي استحدثها او الأنشطة التي نفذتها. لماذا لا ينشر طميم المعلومات للراي العام حول منجزاته التي يتحدث عنها؟ لماذا لا يكون شفافا مع الراي؟

وبالرغم من ان كثيرا مما نشرته الصحف باسماء أساتذة الجامعة لا يحتاج الى برهان وواضح وضوح الشمس الا ان كل متهم بريء حتى تثبت ادانته. وكان من حق طميم ان يذهب بقضيته الى اي جهة مختصة وان يظهر احتراما لنصوص الدستور لكنه ظل طريقه كالعادة. وبدلا من ان يتقدم الى وزير التعليم العالي او الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة او الهيئة العليا لمكافحة الفساد ويطالب بفحص حسابات الجامعة واجراءات التعيين حتى يبرأ طرفه ويدين الأساتذة الذين انتقدوه عين نفسه نائبا عاما ورئيسا لمجلس القضاء الأعلى ومحققا وقاضيا. ومع ان لكل منا وجهة نظر في القضاء الا ان قول رئيس الجامعة في مقابلته مع صحيفة الحياة اليوم "اذا اردت الرشوة كنت ساستمر في العمل القضائي" وتهديده لمجلس الجامعة باباحة الجامعة لقبائل "عذر" اذا لم يتبنوا قراراه باحالة خصومه الى مجلس تأديبي هي كلها مؤشرات على الأسلوب الذي يدير به طميم الجامعة.

الجامعة بخير

برغم الأزمات التي صنعها طميم والتي تكاد تعصف بالجامعة الإ ان الجامعة ما زالت بخير. والجامعة ليست المكتب الأسطوري لرئيسها ولا المباني او المعامل المنهارة ولا سواق رئيس الجامعة الذي يحمل درجة مدير عام ويلقب بالأستاذ الدكتور، بل هي الأساتذة والطلاب والموظفين ورجال الأمن وغيرهم من الذين يحلمون بغد افضل ويحملون مستقبل اليمن امانة في اعناقهم . ففي جامعة صنعاء الكثير من الكفاءات والقيادات التي وقفت بقوة وشجاعة امام تجاوزات الدكتور صالح باصرة رئيس الجامعة السابق ولغيره ورفضت التنازل عن القيم الأكاديمية واللوائح واستمرت تقبض على الجمر رغم كل شي. هناك من الإساتذة المتخصصين في الأدارة في جامعة صنعاء من هو قادر على الإنتقال بالجامعة الى مصاف الجامعات المتقدمة من امثال الأستاذ الدكتور عبد الكريم السياغي الذي رفض الإستمرار كعميد لكلية التجارة والإقتصاد في عهد باصرة على حساب التفريط بالقواعد والنظم الأكاديمية، والأستاذ الدكتور سنان المرهضي الذي يعمل حاليا نائبا لعميد كلية التجارة. وهناك الأستاذ الدكتور عبد الباقي الشرجبي الذي يعد من أكثر الأكاديميين صرامة. وهناك من القانونيين في كلية الشريعة والقانون من يحترمون الدستور والقانون ويتمسكون بالثوابت والقيم الأكاديمية الى الحد الذي أضطر معه الدكتور صالح باصرة ان يعتذر لهم عندما كان رئيسا للجامعة بعد ادراكه انه أخطأ في حقهم وتجاوز القانون. وكل من ذكر اعلاه هم من الحزب الحاكم وليس من المعارضة.

وليس هناك من دليل على ان الجامعة بخير اكثر قوة ودلالة من حقيقة ان 7 من الأساتذة العشرة الذين نشروا الإتهامات لطميم ليسوا فقط اعضاء في الحزب الحاكم بل ايضا نشطاء فيه ومنهم من كان ملتصقا بطميم ومن حاول اسداء النصح له ولفت انتباهه الى الكثير من الجوانب. لكنه بدلا من الإستماع الى زملائه ابى واستكبر. اما الأساتذة الثلاثة الآخرين فمعروفون باستقلالهم السياسي وانحيازهم لقضايا الوطن ومصالحه. وفي حين كان طميم يعبث باموال الجامعة كان بعضهم يتبرع بجزء صغير من مرتبه لدعم الأنشطة الفصلية للطلاب بعد ان تنصلت الجامعة من تمويلها.

ومع انه من المؤسف ان ينحدر رئيس اكبر واهم واعرق جامعة يمنية الى مستوى تهديد مجلس الجامعة باباحة الجامعة لقبائل "عذر" ان لم يوافقوا على احالة خصومه الى مجلس تأديبي، وان يستغل سلطاته داخل الجامعة لإرتكاب افعال تعد من قبيل "الجرائم" حتى في العرف القبلي الإ ان ما ينبغي ان يفهمه طميم جيدا هو ان الأساتذة العشرة الذين اتهموه بالفساد ليسوا لقطاء تم العثور عليهم جوار براميل القمامة.

روابط ذات علاقة

رئيس اتحاد طلاب اليمن: جامعة صنعاء استحوذ عليها الفساد

رئيس جامعة صنعاء يتهم القضاء بالرشوة ويهدد مجلسها بقبائله "عذر"

رئيس قسم العلوم السياسية: ما نشر عن فساد طميم لا يتجاوز ربع ما لدينا من وثائق





الجمعة، 13 نوفمبر 2009

لفقيه لـ(مأرب برس): صفقة السلاح السعودية الروسية ستقود إلى عمليات عسكرية داخل حدود اليمن

http://www.marebpress.net/news_details.php?sid=20068&lng=arabic

الجمعة 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 الساعة 08 مساءً / مأرب برس- حاوره نشوان العثماني:

استبعد الدكتور عبد الله الفقيه نشوب حرب إقليمية جراء المواجهات الدائرة على الحدود اليمنية السعودية مع جماعة الحوثيين, لكنه ألمح إلى أن لدى إيران أوراقا, لم يكشف عنها, ستكون كفيلة بجعل التدخل الإيراني المباشر في اليمن خيارا ممكنا, محذرا من أن تزايد المؤشرات على تدهور الاستقرار في اليمن سيمكن السعودية من خلق منطقة عازلة داخل اليمن؛ لحماية أمنها من التداعيات التي يمكن أن تحدث في حال انهيار الدولة في صنعاء. محملا كافة الأطراف, وعلى رأسها النظام اليمني, مسئولية الحرب التي قال إن خياراتها مفتوحة خصوصا بين الحكومة اليمنية والحوثيين, كاشفا عن أن صفقة السلاح بين السعودية وروسيا ستقود إلى عمليات عسكرية ستشنها المملكة من وقت إلى آخر على مواقع القاعدة أو الحوثيين القريبة من الحدود اليمنية السعودية داخل أراضي الأولى.

خيارات اندلاع الحرب الإقليمية

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء إن نشوب حرب إقليمية "احتمال بعيد جدا في الوقت الحالي", مرجعا الأمر إلى أسباب كثيرة، حيث تتطلب الحرب الإقليمية تدخلا عسكريا سعوديا على الأرض, إلا أنه من غير المحتمل أن يتورط السعوديون في حرب كهذه لما تنطوي عليه من مخاطر كبيرة بالنسبة لأمن المملكة.

كما أن الحرب الإقليمية, تتطلب, وفقا له, تدخلا إيرانيا مباشرا أو حتى غير مباشر, وهو ما استبعده أيضا؛ لأن شيعة اليمن والمنطقة الجغرافية التي يحتلونها لا تمثل بالنسبة لهم أهمية إستراتيجية، ثم أن بُعد اليمن عن إيران يجعل خيارات الإيرانيين في التدخل محدودة جدا, حسب وصفه.

وأضاف الفقيه في حوار قصير مع "مأرب برس" أن دخول إيران يتطلب تحول الحرب إلى حرب مذهبية, وهذا جانب حاولت بعض الأطراف الوصول إليه في الحروب السابقة دون نجاح يذكر بسبب التقارب القائم بين السنة والشيعة في اليمن والذي يجعل شيعة اليمن اقرب إلى السنة منهم إلى الشيعة في إيران, طبقا لما ذكره.

انخداع المملكة

وفيما يتعلق بتحول الحرب نحو المواجهات بين الحوثيين والجيش السعودي, يعتقد الفقيه أن جر القدم السعودية إلى اليمن يخدم بشكل أو بآخر كل من الحكومة اليمنية والحوثيين والسعوديين أيضا وأطراف أخرى. مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية نجحت في تصوير الحرب الدائرة في صعدة, على الأقل للسعوديين, على أنها حرب إقليمية تستهدف المملكة وأمنها واستقرارها وهو ما قد يترجم إلى المزيد من الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري للحكومة اليمنية وإن بشكل مؤقت, على حد تعبيره.

تمكن الحوثيون من لفت نظر العالم

وبالنسبة للحوثيين, اعتبر الفقيه أن استثارتهم رد الفعل السعودي بهذا الحجم يعتبر نجاحا. "فقد تمكنوا من لفت نظر العالم إلى الصراع الذي يخوضونه وكسبوا الكثير من التعاطف من بعض القوى في الداخل وفي الدول المجاورة وبرهنوا على وجود تدخل سعودي كبير في اليمن في الحرب الدائرة في حين ما زالت الحكومتان اليمنية والسعودية تبحثان عن أي دليل مادي على تورط إيراني في اليمن".

وأكد السياسي اليمني, أن كل صاروخ سعودي يضرب في القرى اليمنية يحدث نفس القدر من التآكل في شرعية النظام اليمني داخليا وخارجيا, على حد تعبيره.

وأوضح أن آخر ما يفكر به السعوديون "أن يدخلوا طرفا في الحرب الدائرة في اليمن", وكما يبدو للفقيه فإن ضخامة الحشد يبين أن السعوديين لهم أهدافهم الخاصة في هذه الحرب, مضيفا "مع تزايد المؤشرات على تدهور الاستقرار في اليمن سيحاول السعوديون حشد قواتهم على الحدود وخلق منطقة عازلة داخل اليمن بحيث تحميهم من التداعيات التي يمكن أن تحدث في حال انهيار الدولة, لا سمح الله, في اليمن".

إحكام الخناق على القاعدة وجياع اليمن

ويسعى السعوديون من خلال التواجد الكبير على حدود اليمن, بحسب الفقيه, إلى إحكام الخناق على عناصر القاعدة. وقال "بالنظر إلى صفقة السلاح السعودية مع روسيا ونوع السلاح الذي يسعى السعوديون للحصول عليه يبدو واضحا أن الصفقة مرتبطة بعمليات عسكرية ستشنها السعودية من وقت إلى آخر على مواقع للقاعدة أو للحوثيين داخل اليمن وقريبة من الحدود اليمنية السعودية".

وإضافة إلى إحكام السيطرة على القاعدة والحوثيين فإن للسعوديين هدف ثالث, يتمثل بالسيطرة على التهريب والتسلل, وهو مورد هام للاقتصاد اليمني, وفق ما اعتبره الفقيه, فقد "أعلن السعوديون مثلا بعد أقل من أسبوع على حشد قواتهم على الحدود اعتقال 8000 شخص من المتسللين وهؤلاء بالطبع ليسوا إيرانيين ولا حتى حوثيين ولكنهم ينتمون فقط إلى جياع اليمن", ويعتقد أن العمليات السعودية إجمالا ستترك الحكومة اليمنية في وضع أسوأ والحوثيين كذلك, لكن الأثر الأكبر سيتحمله الشعب اليمني الذي لن يجد طريقا للتهرب إلى السعودية, حد تعبيره.

مسئولية الأطراف الثلاثة

وقال الدكتور الفقيه إن "مسئولية الحرب تقع على الأطراف الثلاثة, وإذا كان لا بد من تحديد طرف بمفرده فهو النظام اليمني". مضيفا "هذا ليس رأيي الشخصي, لكنه التوجه الذي بدأ يتشكل بين المحللين الإستراتيجيين الدوليين".

تدخل إيراني ممكن

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء إيران الطرف الكاسب في أزمة مثل هذه بغض النظر عن الطريقة التي ستتطور بها الأوضاع. مؤكدا أن الإيرانيين سيكتفون بالتصفيق والتعاطف والدعم الإعلامي وفيما عدا ذلك فإنهم سينتظرون ما سيحدث على الأرض وما سيصب بالضرورة في مصلحتهم.

إلا أن هذا, وفق ما ينوه, لا يعني أن إيران لا تملك أوراقا قوية يمكن لعبها, ملمحا إلى أن هناك أوراقا قوية من غير الملائم الحديث عنها في الظرف الحالي, لكن تلك الأوراق إن قررت إيران لعبها ستكون كفيلة بجعل التدخل الإيراني المباشر في اليمن خيارا ممكنا, حسب تعبيره.

الموقف الأمريكي

وفيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الحرب, قال الفقيه إن هناك أكثر من أجندة تتصارع على تحديد الموقف الأمريكي مما يجري, أما "بالنسبة لموقف إدارة باراك أوباما فيبدو واضحا, لكن هناك أجندات أمريكية أحيانا لا تخضع لما يقوله الرؤساء أو ما يتبنونه".

وأشار إلى أن الخلاف بين إيران والغرب حول البرنامج النووي الإيراني وما يمثله من تهديد للمصالح الحيوية يجعل الولايات المتحدة تحتفظ بخيارات مفتوحة.

نقطة النهاية

وقال الدكتور الفقيه في ختام الحوار إن من السهولة التنبؤ بالدور السعودي في الحرب, لكن "الطريقة التي ستتطور بها الحرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين تظل مفتوحة على كل الخيارات", مؤكدا على أن "الشيء المتوقع هو أن الانتصار في الحرب الدائرة لأي طرف ليس فقط غير ممكن, ولكن وهو الأهم (غير مسموح به)", على حد تعبيره.

اتهم القضاء بالرشوة .. رئيس جامعة صنعاء يهدد مجلسها بقبائله "عذر"

اتهم القضاء بالرشوة .. رئيس جامعة صنعاء يهدد مجلسها بقبائله "عذر" .. يستعد لفصل 10 من أساتذة الجامعة تطرقوا إلى قضايا فساد

الجمعة 2009/11/13 الساعة 22:43:49

http://al-tagheer.com/news.php?id=12085

التغيير – خاص :


قالت مصادر مطلعة إن الدكتور خالد طميم ، رئيس جامعة صنعاء ، قام بتهديد أعضاء مجلس الجامعة بقبائله " عذر" لإرغام المجلس على تشكيل مجلس تأديبي بحق عشرة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الذين اتهموا بتسريب معلومات إلى الصحافة حول قضايا فساد يعتقد أن طميم متورط فيها .

و أشارت المصادر إلى أنه ورداً على اقتراح بإحالة الموضوع إلى القضاء ، قال طميم إنه من قبائل عذر ، في تهديد واضح لأعضاء مجلس الجامعة بإباحة الجامعة للقبائل ، حسب محللين .

وتقول مصادر عليمة داخل الجامعة لـ " التغيير " : " إن رئيس الجامعة قد أعد قرار فصل مسبق بحق الأساتذة العشرة " وأن الإجراءات، وصفت بأنها غير القانونية، التي يقوم بها هي مجرد تغطية ليس إلا ، وأنه سيصدر القرار سواء وافق مجلس الجامعة أو رفض .

يذكر أن قضايا الفساد في جامعة صنعاء منظورة أمام القضاء اليمني ، إلا أن الدكتور طميم قال في مقابلة مع صحيفة " الحياة اليوم " : " إنه لو أراد الحصول على رشوة لأستمر في القضاء ، في إشارة منه إلى فساد القضاء اليمني ، و أيضا قوله إنه لن يلجأ إلى القضاء ، للرد على اتهامات عشرة من أعضاء هيئة التدريس الذين اتهموه بالفساد ، وإنه سيأخذ " حقه بيده " كما قال في تهديده لأعضاء مجلس الجامعة .

وكانت لجنة شكلها طميم من قيادات في الجامعة وصفت " بالمحسوبة عليه " ، والتي تم الطعن في قانونيتها من قبل أعضاء من هيئة التدريس " قد قدمت تقريراً ، كيفت فيه ما نشر في الصحف على انه اهانات شخصية لطميم ، وهو ما اعتبره البعض انتهاكا لشرف مهنة الأستاذ جامعي .

وكان طميم نفى علاقته بالأمن القومي ، قائلا في مقابلته الصحفية " هذا كلام غير صحيح لأنني عضو في هيئة تدريس بجامعة صنعاء وعندما أتحدث عن الأمن القومي لست مسئول عنه وهناك مسئولين عنه , أما أن أتشدق وأقول , وأقول .. وأنت تخيل أن أجيء وأقول أني التقيت بـ(س) من الناس , لا يمكنني أن أقول هذا لأنني أستاذ جامعي " .

مضيفا : " أنا أحترم الرئيس وأحترم الأمن القومي واحترم الفندم أحمد علي عبد الله صالح , لأنهم لا يتدخلون في شؤون الجامعة , عملت لمدة أربع سنوات في رئاسة الجامعة لم تأت توجيهات بأن أخالف النظام واللوائح " .

كما اتهم طميم سفارات عربية - لم يسمها - بمحاولة طلب تمرير معاملات غير قانونية من الجامعة ، مشيرا إلى أنها حاولت التقدم للرئيس علي عبد الله صالح للتوسط في تمريرها لكنه رفض وقال " لا استطيع مخالفة لوائح الجامعة " بحسب طميم ، " لقد حاولت إحدى السفارات العربية إدخال أحد طلابها كلية الطب بمعدل ( 62%) وتقدموا لرئيس الجمهورية فرد عليهم : طب جامعة صنعاء لا يقبل إلا (85%) وما فوق , ولا أستطيع مخالفة اللوائح والقوانين , الرئيس عندما يتلقى شكوى من أحد بتوجيهنا بالقول : بحسب النظام المتبع لديكم .. لا يتدخل ولا يعطي أوامر بالمخالفة , وإنما يحافظ على التطور والتطلع ويريد تحقيق تعليم ممتاز في اليمن , يريد أن يطور الجامعة ويعطيها الإمكانيات الكبيرة يريد أن تكون الجامعة مباهية وبنفس الجامعات الأوربية والأمريكية " .

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009

سيناريوهات جبل الدخان

سيناريوهات جبل الدخان .. الاحتواء والتصعيد .. وسيناريو الحل .. الأبعاد الإقليمية والمخاطر الدولية ( تحليل إخباري )
الأحد 2009/11/08 الساعة 19:34:00

http://www.al-tagheer.com/news.php?id=11922


تحليل كتبه لـ " التغيير " ـ د. عبد الله الفقيه :

دخل الصراع في شمال اليمن بين القوات الحكومية والحوثيين منعطفا خطرا الأسبوع الماضي بإمتداد المعارك الى داخل الأراضي السعودية وبدخول السعودية كطرف جديد في الصراع. ويثير التطور الجديد العديد من الأسئلة حول الطريقة التي سيتطور بها الصراع. ويبدو ان هناك ثلاثة سيناريوهات للطريقة التي سيتطور بها الصراع الدائر بعد التدخل السعودي وهي سيناريو الإحتواء وسيناريو التصعيد، وسيناريو الحل.

سيناريو الاحتواء :

يعتبر سيناريو الإحتواء الأكثر احتمالا في الحدوث ويقوم على فكرة أن ما تقوم به السعودية حاليا إنما يهدف إلى تطهير أراضيها كما تقول من المتمردين الحوثيين الذين تسللوا اليها خلال الأيام القليلة الماضية، وان السعودية ستقوم بعد الانتهاء من العملية بحراسة حدودها ومنع اي طرف من أطراف الصراع الدائر في شمال اليمن من استخدام أراضيها للقيام بعمليات ضد الطرف الآخر. وهذا يعني انه سيتم احتواء الصراع الدائر بين الحكومة اليمنية والحوثيين في إطار الجغرافيا اليمنية وبما يمنع من تحوله إلى صراع إقليمي.

وصحيح ان الهجمات الجوية التي تقوم بها السعودية ضد اهداف حوثية داخل الأراضي اليمنية تتجاوز هدف التطهير الذي يتم الحديث عنه الإ انه يمكن النظر اليها على انها ورقة ضغط يتم استخدامها بغرض اخراج الحوثيين من داخل الأراضي السعودية. وصحيح أيضا ان الخطاب الإعلامي السعودي المرافق للحرب يهيىء لدور سعودي أكبر في الأزمة اليمنية الإ انه يمكن ان يفهم بدوره على انه تكتيكي وليس استراتيجي ومحاولة لحشد الراي العام لتحقيق عملية محدودة الحجم. والسيناريو الأول يمكن تحقيقه ليس فقط عن طريق الأداة العسكرية بل بالعملية الدبلوماسية ايضا وبما يجنب المنطقة اي مضاعفات غير مرغوب فيها.

سيناريو التصعيد :

يقوم سيناريو التصعيد وهو الأقل احتمالا في الحديث عن فكرة ان هناك تفاهما يمنيا ـ سعوديا على ان يعمل الطرفان معا كحليفين للقضاء على الحوثيين. واذا ما وجد تفاهم مثل هذا فانه يتوقع ان يكون له آثاره العميقة على الخريطة الجغرافية والسياسية للصراع الدائر. ويشكل اتساع دائرة المعركة لتشمل اجزاء واسعة من المملكة واليمن ابرز التطورات المحتملة. هناك احتمال ايضا ان يؤدي التحالف اليمني السعودي ضد الحوثيين الى اعادة صياغة التحالفات السياسية داخل اليمن وداخل المملكة. اما على المستوى الإقليمي فانه قد يؤدي الى انقسام حاد داخل العالم العربي وسيكسب الصراع بعده الإقليمي الذي ما زال غير واضح حتى الان. وسيوفر دخول السعودية كطرف في الصراع فرصة ذهبية امام القاعدة لضرب الإستقرار في المملكة العربية السعودية. وقد تمتد عملياتها فتشمل ضرب المنشئات النفطية المغذية للاسواق العالمية بالنفط.

سيناريو الحل :

أما السيناريو الثالث، وهو الأقل احتمالا، فهو أن تؤدي التطورات خلال الأيام القليلة الماضية الى لفت نظر العقلاء في اليمن والعالم العربي وإيران وأوروبا الغربية وشمال امريكا الى الطابع الخطر للصراع الدائر والى الطريقة التي يمكن ان يتطور بها فتسارع تلك القوى الى العمل على تفكيكه بالأدوات الديبلوماسية بأسرع وقت ممكن.

تعريف الدولة

تركز معظم التعريفات المقدمة للدولة على الشعب والإقليم والحكومة، والاعتراف الدولي، والسيادة، وذلك على النحو التالي.
1. مجموعة من الناس People:
أ. لا يشترط عدد محدد من الناس لقيام الدولة. فقد يكون عدد سكان الدولة كبيرا كما هو الحال في الدول الخمس الأكثر سكانا في العالم وهي الصين (حوالي 1.4 مليار؛ الهند 1.2 مليار؛ الولايات المتحدة 307 مليون؛ اندونيسيا 232 مليون؛ البرازيل 192 مليون) وقد يكون عدد السكان محدودا (الفاتيكان 800 شخص؛ ....). وتتوقف أهمية السكان بالنسبة لقوة الدولة على العلاقة بين السكان والموارد. فإذا كان عدد السكان يفوق حجم الموارد المتاحة فان السكان يتحولون إلى عبء وعامل إعاقة للتقدم. ومع ان الهجرة تمثل إحدى الطرق لحل هذه المشكلة الإ ان القيود على الهجرة بين الدول الغنية والدول الفقيرة تزداد مع مرور الزمن. وقد يلجأ المجتمع التي تبني سياسات قاسية للحد من النسل وهي سياسات تتصف بالتدخل الفج في حياة الفرد وقد تنجح بثمن أنساني باهض كما هو الحال في الصين أوقد تفشل نتيجة غياب الوعي والأمية وغير ذلك. وإذا كان عدد السكان أقل من الموارد فان الدولة تجد نفسها مرغمة على فتح باب الهجرة وهو أمر قد يؤدي الى تحويل السكان الاصليين الى أقلية في بلدانهم كما هو الحال في الكثير من دول الخليج أو قد تلجأ الى توطين المهاجرين وهو أمر لا يخلو بدوره من مشاكل تتصل بالتجانس الثقافي والاجتماعي وخصوصا في مجتمعات تتصف بانعدام الحريات والخوف من الآخر المختلف دينيا أو ثقافيا أو لغويا. كما قد تلجأ الدولة الى تبني سياسات سكانية تشجع الإنجاب وذلك عن طريق الحوافز المالية وتسهيلات الزواج وغير ذلك.
ب. لا يشترط لقيام الدولة ان يكون السكان متجانسين. فقد تتعدد الأديان أو اللغات أو الأعراق أو الثقافات أو غير ذلك من الأمور بين سكان إقليم معين وفي هذه الحال يطلق عليهم "شعب" people. اما في حال التجانس وهو نادر جدا (اليابان مثلا) فانه يطلق عليهم "امة" nation. فالأمة رابطة ثقافية بينما الشعب يقوم على الرابطة الجغرافية. وعادة ما يتكون الشعب من مجموعة من الأمم وقد تتوزع الأمة الواحدة في أكثر من دولة كما هو حال الأمة العربية.
وقد يشكل عدم التجانس مشكلة للاستقرار السياسي عندما ترفض الأمم المكونة لشعب ما التعايش وتلجأ بدلا عن ذلك إلى التناحر أما لان البعض يسعى لتغيير الوضع الراهن المتصل بتوزيع الثروة والسلطة في المجتمع أو لان البعض من تلك الأمم يرفض فكرة التعايش في دولة واحدة ويسعى إلى إقامة دولة مستقلة. والأمثلة على صراع الامم المكونة للشعوب كثيرة. فالشيشانيون مثلا لم يكفوا عن السعي لإنشاء دولتهم المستقلة والسودانيون في الجنوب لم يكفوا عن الصراع مع السودانيين في الشمال في سبيل توزيع أفضل للثروة والسلطة والأكراد في العراق وتركيا لهم تاريخ طويل في الصراع مع الحكومات في العراق وتركيا. ورغم أن التعايش قد يفرض على الأمم كما فعل ستالين بالنسبة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي وكما فعل تيتو في يوغسلافيا الا أن ذلك التعايش المفروض بالقوة والقهر وسيطرة أمة على الأمم الأخرى لا يكتب له النجاح في الكثير من الحالات. فجمهوريات الاتحاد السوفيتي سرعان ما قررت الانسلاخ وتكوين دولها المستقلة بعد أن ضعف الاتحاد السوفييتي وفي يوغسلافيا أدى رحيل تيتو وانهيار الشيوعية إلى حروب طاحنة بين الجمهوريات المكونة لما كان يعرف بجمهورية يوغسلافيا الاتحادية. ومع أن عدد الدول في تزايد مضطرد ومع أن حق تقرير المصير هو حق مكفول للأمم منذ عشرينيات القرن العشرين الا أن الكثير من الدول لا تشجع انسلاخ الأقليات الأممية عن الدول الأم وتكوين دولها المستقلة وذلك خوف المعاملة بالمثل.
وقد يشكل الاختلاف البسيط مثل التعدد القبلي مشكلة أيضا (الصومال مثلا). وقد يشكل عدم التجانس عامل قوة لأنه يثري الدولة ثقافيا وعلميا وقد يؤدي إلى زيادة قوتها (الولايات المتحدة مثلا). ويتوقف قبول عدد من الأمم بالتعايش مع بعضها على عدة عوامل منها طريقة توزيع تلك الأمم جغرافيا، ونوع النظام السياسي، ومدى قدرته على تحقيق العدالة في توزيع الثروة والسلطة وضمان الحقوق والحريات لمختلف الأمم بما في ذلك حقها في استخدام لغتها في التعليم أو تعليم مذهبها وثقافتها وتراثها الفكري.
2. إقليم محدد Territory
لا يشترط مساحة معينة للإقليم. فقد تكون مساحة الإقليم كبيرة (روسيا 17 مليون كم مربع؛ كندا حوالي 10 مليون كم مربع؛ الصين 9.5 مليون كم مربع؛ الولايات المتحدة حوالي 9.25 مليون كم مربع؛ البرازيل 8.5؛ الهند حوالي 3.3 مليون كم مربع). كما قد تكون الدولة صغيرة مثل الفاتيكان التي تعد أصغر دولة في العالم بمساحة 0.2 ميل مربع.
ولا ينبغي أن يفهم من الكلام السابق أن مساحة الإقليم غير مهمة. المقصود هنا أنها غير مهمة عندما يتعلق الأمر بوجود الدولة ككيان قانوني. لكن مساحة الإقليم بالنسبة الدولة مهمة لعدة أسباب. فكلما كبر حجم الإقليم كلما كان احتمال وجود الموارد المائية والطبيعية أكبر، وكذلك الشأن بالنسبة للتنوع المناخي الذي يرتبط بدوره بقدرة الدولة على الاكتفاء ذاتيا ولو غذائيا. وكلما كبر حجم الإقليم كلما وفر للدولة عمقا استراتجيا وأمنيا أكبر وخصوصا في فترات الحروب. فكبر حجم روسيا مكنها خلال الحرب العالميتين الأولى والثانية من التغلب على الهزائم المرحلية التي تلقتها ومن استدراج جيوش الغزاة شيئا فشيئا إلى العمق الروسي لتحول بعد ذلك هزائمها إلى نصر. ويزداد الأمر أهمية في عصر الأسلحة الفتاكة حيث يمكن الإقليم كبير المساحة الدولة المعنية من تلقي الضربات المدمرة في جزءا من إقليمها مع الاحتفاظ بقدرتها على الرد على العدو.
ويشترط في الإقليم:
أ. أن يكون محددا: والحدود قد تكون طبيعية كالجبال والأنهار أو صناعية كالأسلاك الشائكة والجدران. وأبرز الأمثلة على الحدود الصناعية هو جدار برلين الذي فصل بين مواطني الدولتين الألمانيتين خلال الحرب الباردة (1945-1990) وكذلك السور الذي تبنيه دولة إسرائيل حاليا. ولا تنتفي مسألة التحديد عندما يكون هناك نزاع على الحدود بين دولتين فهذا أمر شائع الا إذا كان ذلك النزاع يتعلق بكامل الإقليم. كما أنه لا يشترط أن يكون الإقليم متصلا ببعضه. فهناك حالات قد نجد فيها التالي: إقليم الدولة أ----إقليم الدولة ب---ثم إقليم الدولة أ مرة ثانية. وابرز الأمثلة على ذلك حالتي الولايات المتحدة والإمارات وحالة باكستان قبل انفصال بنجلادش عنها.
ب. أن يشتمل الإقليم على الحدود المائية والفضائية للدولة وكافة الموارد الموجودة على ظاهر الأرض أو باطنها. وتتحدد الحدود الجوية والمائية وفقا لقدرات الدولة. ففي الوقت الذي يعترف فيه للدول بمجال جوي معين يلبي التطورات الحاصلة في مجالات الطيران والاتصالات، فأنه من الملاحظ أن الفضاء بشكل عام تستغله الدول المتقدمة للعديد من الأغراض بما في ذلك التجسس على الغير عن طريق الأقمار الصناعية أو عن طريق الطائرات التي تحلق على ارتفاعات لا يمكن للمضادات الأرضية الوصول إليها.
أما بالنسبة للحدود البحرية فأن القانون الدولي يحددها بثلاثة إلى اثني عشر ميلا حيث يحق للدولة أن تستغل مياهها الإقليمية لإغراض أنشاء الموانئ والصيد ونشر قوات خفر السواحل في حين تبقى المساحات المائية بين الدول مشاعة الاستخدام باعتبارها مياه دولية. لكن الالتزام بذلك التقسيم على أرض الواقع ليس موجودا فالولايات المتحدة مثلا تحدد مياهها الإقليمية بمأتي ميل في حين تفرض على ليبيا أن تلتزم بالأميال الثلاثة. اذا فالمسألة ترتبط بقوة الدولة وقدرتها أكثر مما ترتبط بالقانون الدولي. ويتصل بمسألة المياه الدولية المشاعة مسألة استغلال الموارد المتوفرة بما في ذلك الأسماك ومسألة الموارد الموجودة في أعماق البحار. مرة أخرى فأن الدول المتقدمة تكنولوجيا هي القادرة على استغلال تلك الموارد ولمنفعتها بغض النظر عن الحق القانوني للدول الأخرى. وغياب المياه الإقليمية (ظاهرة الدولة المغلقة) وأن كان لا يؤثر على مسألة قيام الدولة فانه قد يخلق لها الكثير من المصاعب الاقتصادية والأمنية.
3. حكومة
الركن الثالث من أركان الدولة هو الحكومة وهي السلطة السياسية التي تفرض سيطرتها على كل من الإقليم والأفراد الساكنين فيه سواء أكانوا من مواطني الدولة أومن القادمين إليها للإقامة المؤقتة. قد تكون تلك الحكومة ملكية أو جمهورية، ديمقراطية أو ديكتاتورية. المهم هو وجود الحكومة للقيام بالوظائف المختلفة. وتختلف الحكومة عن الدولة في أن الدولة اصطلاحيا هنا تدل على الإقليم والشعب والحكومة وأمور أخرى بينما تعني الحكومة هنا السلطات والمؤسسات المكونة للحكومة والأشخاص الذين يمارسون تلك السلطات. وتنقسم سلطات الدولة التي تمارسها الحكومة إلى ثلاث:
o تشريعية: يوكل اليها سن القوانين.
o تنفيذية: يوكل إليها تنفيذ القوانين وتحتوي على الوزارات والأجهزة الأمنية والعسكرية وسائر الوزراء والموظفين صغارا وكبارا.
o قضائية: تتولى الفصل في النزاعات بين المواطنين أو بين المواطنين وسلطات الدولة.
4. الاعتراف الدولي
إذا كانت الحكومة والإقليم والشعب تمثل الأركان المادية لقيام الدولة فأن الاعتراف الدولي رغم أهميته المتزايدة وخصوصا في وقتنا الحاضر يبدو أقل وضوحا في أهميته. والاعتراف الدولي يعني أن تقبل الدول الأخرى بشكل صريح (إصدار بيان رسمي) أو ضمني (التعامل السياسي والتجاري والثقافي) بقيام الدولة الجديدة وتمنحها الحقوق وتلزمها بالواجبات. وعندما يتعلق الأمر بالاعتراف الدولي فأنه ليس شرطا أن تعترف كل الدول بالدولة الجديدة. المهم أن دول معينة ينبغي أن تعترف بها. ونذكر على وجه الخصوص هنا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهي الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين. هذه الدول الخمس تشترك في التمتع بحق الاعتراض (الفيتو) وهو حق يمكنها من منع دولة معينة من الانضمام إلى الأمم المتحدة وبالتالي منع الاعتراف الدولي الواسع بها. وبالإضافة إلى ذلك فأن تلك الدول الخمس تتمتع بنفوذ واسعا في دول أخرى مما يجعل اعترافها بأي دولة جديدة بداية لاعترافات أخرى من الدول الواقعة في دائرة نفوذها. الاعتراف الدولي يمكن أن يكون حاسما في الكثير من الحالات. خذ الأمثلة التالية:
o في عام 1994 وخلال الحرب الأهلية في اليمن أعلن قادة اليمن الجنوبي الانفصال عن الجمهورية اليمنية وتكوين دولة جديدة، لكن تلك الدولة لم يعترف بها احد سوى دولة أخرى لم يعترف بها أحد وهي جمهورية شمال الصومال. وهكذا لم يكتب لتلك الدولة البقاء.
o جمهورية شمال الصومال أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991 وشكلت حكومتها ولكن لم يعترف بها أحد.
o جمهورية الشيشان أعلنت استقلالها عن روسيا ولم يعترف بذلك أحد.
o أعلن رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في عام 1988 قيام دولة فلسطين وهي دولة لم تتطابق أركانها مع الأركان المذكورة سابقا واعترف بها قرابة المائة دولة ولكن الدول المؤثرة دائمة العضوية في مجلس الأمن لم تعترف بها وهكذا انتهت تلك الدولة كما بدأت.
o يتوفر لجمهورية تايوان (التي انسلخت عن الصين خلال الحرب الأهلية) الأرض والشعب والحكومة ولكن ينقصها الاعتراف الدولي الذي يمكن أن يحولها الى دولة مستقلة.
وهناك فرق بين الاعتراف بالدولة مبدئيا وبين الاعتراف بسلطة جديدة تقوم على أرض دولة معترف بها من قبل. خذ الأمثلة التالية:
o لم يعترف بحكم طالبان في أفغانستان سوى المملكة العربية السعودية وباكستان والإمارات العربية المتحدة وهو أمر حرمها من أن تصبح عضوا في المجتمع الدولي لكن ذلك لم يمنع أفغانستان من الاستمرار كدولة.
o عندما انتهت الحرب الأهلية في الصين بهزيمة الوطنيين وفرارهم إلى تايوان وقيام أعضاء الحزب الشيوعي الصيني بتأسيس "جمهورية الصين الشعبية" رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بالسلطة الجديدة وبحكم تمتعها بحق النقض (الفيتو) لم تسمح للسلطة الجديدة بالجلوس في المقعد الدائم في مجلس الأمن والمخصص للصين وبدلا عن ذلك سمحت للسلطة القائمة في تايوان بالجلوس في ذلك المقعد. لكن ذلك لم يمنع السلطة الجديدة في الصين من أن تصبح فاعلا دوليا.
5. السيادة Sovereignty
يمكن تعريف السيادة باختصار على أنها "تمتع الدولة بالسلطة العليا في إدارة شئونها الداخلية والخارجية." ويعني المبدأ في القانون الدولي ان حكومة الدولة تمتلك حق السيطرة الكاملة على شئونها داخل نطاقها الجغرافي. وقد ظهر مبدأ السيادة من خلال اتفاقية وستفاليا Peace of Westphalia التي تم التوصل إليها في عام 1648 بعد حرب الثلاثين سنة في أوروبا (1918-1948). فقد أدت الحروب الدينية بين الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وملوك أوروبا إلى ظهور هذا المبدأ الذي حرم الكنيسة من التدخل في شئون الدول.
وللسيادة أنواع كما يلي:
أ. السيادة المطلقة: حق الدولة في السيطرة على كافة أوجه الحياة وقد يوجد هذا الشكل في الدول الشمولية حيث تنظم الدولة ليس فقط الحيز العام ولكن أيضا الحيز الخاص وطريقة اللبس والأكل والكتب التي ينبغي ان تقرأ والإذاعات التي يجب ان تسمع.
ب. السيادة الكاملة: وتعني انه لا يوجد على ارض الدولة من بإمكانه تحدي القوانين التي تشرعها الدولة أو الأوامر التي تصدرها أو يحاول مشاركة الدولة في سيادتها. فإذا وجد في دولة معينة مثلا من يقوم بمحاكمة الأشخاص وإصدار حكم الإعدام ضدهم وتنفيذه رغم أن حق المحاكمة وتنفيذ الحكم وخصوصا الإعدام ينبغي أن يترك للدولة فانه يكون هناك خلل في السيادة.
ج. السيادة الداخلية: وتعني انه لا يوجد سلطة أعلى من سلطة الدولة داخل حدودها.
د. السيادة الخارجية: وتعني انه لا يوجد سلطة تملي على الدولة سلوكها الخارجي وان الدولة مساوية لغيرها من الدول في الخارج في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الاختلاف في درجات القوة والمساحة والنفوذ والثروة وغير ذلك. وبالتالي لا يحق لدولة أن توجه الأوامر إلى دولة أخرى.
هـ. السيادة القانونية de jure: حق الدولة القانوني في ممارسة السيادة على أراضيها.
و. السيادة الفعلية de facto: قدرة الدولة على ممارسة السيادة فعليا. ويمكن قياسها عن طريق معرفة مدى قدرة الدولة على إرغام مواطنيها على الطاعة ومدى شيوع طاعة الدولة بين المواطنين.
ز. السيادة الشعبية: تعني ان ممارسة السيادة تتم وفقا للإرادة الشعبية وليس وفقا للحق المقدس في الحكم
ويشكل الحضور العسكري لدولة على أراضي دولة أخرى من وجهة نظر البعض على الأقل انتقاصا لسيادة الدولة وبحيث تصبح دولة محمية أو تابعة وبالتالي ناقصة السيادة وخصوصا وان الحضور العسكري لدولة في أراضي دولة أخرى لا يخضع لقوانين الدولة المستضيفة. ويمكن قول ذات الشيء حول قيام دولة أجنبية بتنفيذ عمليات عسكرية داخل دولة أخرى بموافقتها أو بدون موافقتها. ففي نهاية عام 2002 مثلا قامت طائرة أمريكية بدون طيار باستهداف سيارة على التراب اليمني وقتلت من فيها بحجة وجود احد المطلوبين من أفراد القاعدة ضمن ركاب تلك السيارة. وكان رد الفعل من قبل بعض الأطراف الداخلية وبعض المنظمات غير الحكومية الدولية هو أن التصرف الأمريكي يعد انتقاصا من سيادة الدولة اليمنية واختراقا للقانون الدولي. اما الحكومة اليمنية فقد ذكرت بأن التصرف الأمريكي تم بالتعاون وبموافقة من الحكومة اليمنية. وكمثال آخر فان الولايات المتحدة تحتفظ بقوات عسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية ودول أخرى، ويقوم دورها على الحامي العسكري لتلك الدول. وكمثال ثالث فقد تخلت الدول الأوروبية المنضوية في الاتحاد الأوروبي عن بعض سلطاتها السيادية لأجهزة الاتحاد الأوروبي. وهناك الكثير من الدول التي تتمتع وفقا لمفهوم السيادة بحقها في ممارسة سلطاتها الداخلية والخارجية دون تدخل لكنها مع ذلك تتعرض لمختلف الضغوط والتهديدات وترغم بكافة الوسائل على تبني قرارات وسياسات قد لا تخدم مواطنيها.
وتؤدي ظاهرة مثل العولمة إلى إضفاء الكثير من الغموض على مبدأ السيادة. فانضمام دولة إلى منظمة التجارة الدولية مثلا يحد من قدرتها على التشريع وتبني السياسات ويلزمها في الحال الخلاف مع الدول الأخرى بالاحتكام إلى المنظمة. وإذا كان مبدأ السيادة قد جاء لتحمي مواطني الدول من التأثير الخارجي الذي قد يرغم حكوماتهم على تبني سلوك معين قد لا يكون في مصلحتهم، فماذا يمكن القول عن الحالات السابقة وحالات أخرى.
تاريخيا كانت المسألة واضحة. كان هناك دول تخضع مؤقتا لسيطرة دول أخرى كحالة مصر تحت بريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى (حالة الدولة التابعة) أو لسيطرة منظمة دولية (نظام الوصاية الذي جاءت به عصبة الأمم ثم نظام الانتداب الذي جاءت به الأمم المتحدة)، وكان هناك دول توضع قسرا أوبا رادتها تحت حماية دولة أخرى (مصر تحت الحماية البريطانية بين 1914-1922) ودول المغرب العربي تحت الحماية الفرنسية. كل تلك الدول كانت ناقصة السيادة. وبنفس الطريقة فأن الدول التي تم استعمارها اعتبرت دول فاقدة السيادة.
في الوقت الحالي لم يعد بالإمكان الحديث عن السيادة بنفس الطريقة. في الحالة العراقية يمكن الحديث عن دولة فاقدة السيادة لكن الوضع بالنسبة لبعض الدول الأخرى مثل كوريا واليابان أكثر تعقيدا.
غموض مفهوم السيادة لا يقتصر على الجانب الخارجي بل يمتد أيضا إلى الوضع الداخلي. أين تقع السيادة في دولة كاليمن مثلا، هل في رئيس الدولة أم في الحكومة أم في مجلس النواب أم في الدستور أم في الشعب اليمني؟ وهل يتطابق المفهوم أو التحديد القانوني للسيادة كما قد ينص الدستور (السيادة القانونية) مع التطبيق العملي (السيادة الفعلية)؟