قد تكون الأخبار المتداولة حول وجود مسلحين تابعين للمتمردين الحوثيين الشيعة (انصار الله) في شمال اليمن يقاتلون الى جانب عناصر سنية مفترضة من القاعدة (انصار الشريعة) في محافظة ابين مجرد بروباجندا اعلامية تاتي في اطار الحرب الإعلامية المستعرة بين الإصلاحيين الذين ينتمون في الغالب الى المذهب السني وبين الحوثيين الشيعة.
لكن المشكلة تكمن في ان افتراض العلاقة بين الحوثيين وانصار القاعدة يبدو عند التمحيص اقرب الى الإثبات منه الى النفي. فاذا اخذنا في الإعتبار طبيعة الصراعات الدائرة في اليمن اليوم، وهي صراعات تتمحور حول توزيع السلطة في مرحلة ما بعد صالح وكذلك طبيعة التحالفات المحلية والإقليمية، فانه يمكن عندئذ تفهم كيف يمكن لشيعي ان يقاتل الى جانب سني يفترض انتمائه الى القاعدة، او الى جانب حراكي يسعى لفرض انفصال جنوب اليمن عن شماله بالقوة.
والأكثر من ذلك هو ان ما يجمع الحوثيين بانصار الشريعة يبدو اكثر من التشابه في الإسماء (انصار الشريعة، وانصار الله) والذي ينم بوضوح عن وجود علاقة نسب. فبقايا نظام صالح، والذين يطلقون على انفسهم "انصار الشرعية"، يلتقون مع "انصار الله" و"انصار الشريعة" في مصلحة واحدة الا وهي تقويض التحالف الثوري الصاعد الى السلطة، اغراق اليمن في الفوضى على وعسى ان يتمكن تحالف الثورة المضادة من استعادة زمام السيطرة أو على الأقل صوملة البلاد وعلى طريقة "علي وعلى اعدائي."
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. فالأطراف الثلاثة تعادي المبادرة الخليجية وتستهدف السعودية على نحو خاص باعتبارها القوة الرئيسية خلف المبادرة. كما تعادي امريكا ايضا وان بشكل اقل حدة. وتلتقي القوى الثلاث مع المشروع الإيراني في اليمن والذي لم يعد من الممكن انكار وجوده ولا انكار اجندته التي تستهدف بشكل اساسي استقرار المملكة العربية السعودية.
ويبدو جنوب اليمن اليوم، في ظل الصراع الدائر على السلطة بين العديد من الأطراف اليمنية ومن خلفها القوى الخارجية الداعمة لهذا الطرف أو ذاك، وكانه قد اصبح البقعة المناسبة لتصفية القوى الإقليمية لخصوماتها وذلك لما يتميز به من حدود بحرية مفتوحة تمكن المقاتلين من الإلتحاق بجبهة الحرب دون ادنى مشقة وتمكن جميع القوى من مد حلفائها بكافة اشكال الدعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق