أ-تعريف العلم
* المقصود بالعلم science هو المعرفة القائمة على منهج. وهناك ركنان لهذا التعريف أولهما المعرفة knowledge ذاتها والتي تتكون من المعلومات والحقائق التي تم التوصل إليها، والنظريات theories والافتراضاتassumptions ، وثانيهما المنهج method الذي يمكن بواسطته طلب المعرفة أو التحقق منها عن طريق المشاهدة والملاحظة والتجربة.
* وظيفة العلم: الوصول إلى نظريات تفسر الظاهرة أو الظواهر في الوقت الحاضر وتتنبأ بتطور تلك الظاهرة في المستقبل.
*النظرية قول يفسر العلاقة بين متغيرين variables أحدهما متغير مستقل independent والآخر تابع dependent . وللتمثيل على النظريات هناك مثلا نظرية الجاذبية وهي احدى نظريات علم الفيزياء التي:
o تشرح السبب cause الذي يجعل الحجر الذي نقذف به الى أعلى يرتد بسرعة الى الأرض،
o تفسر السبب الذي يجعل الناس والاشياء تبقى على وضعها على وجه الكرة الارضية رغم الدوران المستمر للارض.
o تساعد على التنبوء بالمستقبل . فنحن نعرف وبدرجة عالية من اليقين أنه كلما قذفنا بحجر إلى ألأعلى فأنه من الافضل لنا أن نكون حذرين من أن نتلقى ضربة على الرأس لأن الحجر لا محالة سيعود. الحالة الوحيدة التي لن يعود فيها الحجر هي اذا ابتعدنا بشكل كاف عن المجال الأرضي الى الحد الذي تفقد معه الجاذبية أثرها.
ب- نشأة وتطور علم السياسية
هناك فرق بين السياسة كعلم والسياسة كممارسة. فالسياسة كممارسة ترتبط بالاعتبارات والمصالح الشخصية قديمة قدم الإنسان نفسه. أما السياسة كعلم، أي كمعرفة قائمة على منهج، فقد تطور كالتالي:
1. العصور اليوناني: ظهر علم السياسة لدى اليونان مرتبطا بالفلسفة التي اعتبرت أم العلوم وخصوصا في عهد أفلاطون وأرسطو، وفي المرحلة اليونانية كان التركيز بشكل اكبر كما يظهر في أعمال أفلاطون ( وخصوصا في مؤلفه الجمهورية) وغيره على النموذج المثالي للدولة وصفات الحكام والمبادئ والأهداف التي ينبغي تحقيقها.
2. في العهد الروماني: تم التركيز على القانون دون الفلسفة وتحولت الدولة إلى كائن قانوني وتدهور علم السياسة.
3. العصور الوسطى: استمر تدهور علم السياسة بعد سيطرة الكنيسة على الدولة واعتبار المؤسسات والممارسات السياسية جزء من العقيدة الدينية.
4. عصر النهضة: تم فصل السياسة عن الأخلاق وظهور مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة." وكان لكتاب مكيافيللي "الأمير" تأثيرا كبيرا على هذا التحول.
ج. مكانة علم السياسة بين العلوم الاخرى:
هناك نوعان من العلوم: علوم طبيعية natural sciences وعلوم اجتماعية social sciences (انظر الجدول).
جدول 1: مقارنة بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية | ||
العلوم الإنسانية | العلوم الطبيعية | مجال المقارنة |
الانسان (دوافعه وسلوكه) | المادة (بيئة الانسان). | موضوع الدراسة |
الحركية | الثبات | الصفة المميزة لموضوع الدراسة |
نادرة واقل وضوحا | متعددة وواضحة | النظريات التي يتم التوصل إليها |
التنبؤ المحقق لذاته والتنبؤ الهادم لذاته | مطلقة (يتركب الماء من ذرتين هيدروجين ودرة اوكسجين) الاستثناء نادر | القدرة التفسيرية |
صعوبة الملاحظة والمشاهدة والتجربة | الملاحظة والمشاهدة والتجربة | المنهج |
أمثلة على النظريات السياسية:
1. القيم (أي الثقافة) تحدد البني (المؤسسات) والسلوك السياسي
المتغير المستقل في هذه النظرية هو الجوانب الثقافية (الذاتية) والمتغير التابع هو (البنى والسلوك السياسي).
2- "الديمقراطيات لا تحارب بعضها." المتغير المستقل هنا هو طبيعة النظام السياسي (ديمقراطي، استبدادي، ....) اما المتغير التابع فهو إمكانية وقوع الحرب.
ويمكن القول عموما اعتمادا على الخصائص التي تميز النوعين من العلوم:
*أن علم السياسة ينتمي إلى مجموعة العلوم الإنسانية بحكم موضوع الدراسة وطبيعة النظريات التي تم التوصل إليها وطبيعة منهج البحث.
* مازال حديث النشأة بل هو من أحدث العلوم الإنسانية ظهورا حيث يرجع تطوره واكتسابه شخصيته المستقلة إلى النصف الأول من القرن العشرين.
*هناك جهودا حثيثة ملحوظة للرقي به إلى مصاف العلوم الطبيعية عن طريق إدخال التحديث في منهجه واستخدام الأساليب الإحصائية والكمية في دراساته.
*مسألة وجود نظرية معينة تشرح الظاهرة السياسية عموما وتحظى بالقبول ولا يكثر فيها الاستثناء تظل طموحا ولا يختلف علم السياسة في هذا الجانب عن العلوم الإنسانية الأخرى التي تطمح الى الوصول الى نظريات تشرح الظاهرة التي تدرسها واذا كان هناك من استثناء فهو علم الاقتصاد الذي يبدو انه أكثر العلوم الإنسانية قدرة على شرح السلوك الاقتصادي للانسان والتنبؤ به.
أدعوكم إلى قراءة حوار مع المؤرخ جورج صليبا حول كتابه « العلم الإسلامي وصنع النهضة الأوروبيا »، الذي يتناول فيه أسباب تطور العلم في الحضارة الإسلامية من وجهة نظر اجتماعية.
ردحذف