الأحد، 9 أغسطس 2009

يعبرون ويبقى "درويش"

لم يحب احد فلسطين كما احبها محمود درويش. احب مائها وترابها وفراشها وابارها وزيتونها وبنفسجها وورودها وزعترها..وأحب رجالها ونسائها..ولم يتكلم احد باسم فلسطين وقضية فلسطين وشعب فلسطين كما تكلم محمود درويش.

لقد جعل درويش من تراب فلسطين امتدادا لروحه وأسمى يده "رصيف الجروح" وجعل من الحصى "أجنحة" ومن العصافير "لوزا وتين." وعاش درويش حياته يستل من تينة الصدر "غصنا" يقذف به كالحجر وينسف به "دبابة الفاتحين." وعندما أغلق عليه المحتلون أبواب قلبه، وأقاموا الحواجز في كينونته ومنعوا عنه التجول، رأى درويش الحصى تتحول إلى "أجنحة" والندى يتحول إلى "أسلحة"، وصار قلبه حارة، وضلوعه حجارة، و"اطل القرنفل."

ويعبرون جميعا..الانتهازيون من السياسيين الذين يتصارعون على كراسي السلطة..تجار الأوطان..الغزاة..."ايها المارون بين الكلمات العابرة"، يخاطبهم درويش، "منكم السيف - ومنا دمنا"، "منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا"، "منكم دبابة أخرى- ومنا حجر"، "منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر"، "وعلينا ما عليكم من سماء وهواء".."فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا"، "وادخلوا حفل عشاء راقص..و انصرفوا"، ..

ويحذر درويش المحتلون:

آن ان تنصرفوا
ولتموتوا اينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا
فلنا في ارضنا مانعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الاول
ولنا الحاضر،والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا...و الاخرة
فاخرجوا من ارضنا
من برنا ..من بحرنا
من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا
من كل شيء،واخرجوا
من ذكريات الذاكرة
ايها المارون بين الكلمات العابرة!..

وظل درويش طيلة حياته يغني لأمه وبلده وتراب أرضه. ويستجوبونه: لماذا تغنّي؟ فيرد عليهم "لأنّي أغنّي." و "فتّشوا صدرهُ"، "فلم يجدوا غير قلبه"، و "فتّشوا قلبه"، "فلم يجدوا غير شعبه"
و "فتشوا صوته"، "فلم يجدوا غير حزنه"، و "فتّشوا حزنه"، "فلم يجدوا غير سجنه"، و "فتّشوا سجنه"، "فلم يجدوا غيرهم في القيود.."



هناك تعليق واحد:

  1. حيرتني د كتور ظننتك الأبرع في التحليل السياسي واذا بك بارع ايضا في الأدب والشعر...:(

    ردحذف