د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاءعن صحيفة المصدر
ليس غريبا ولا مستغربا ان تثير مقابلة الشيخ حميد الأحمر مع قناة الجزيرة الأسبوع الماضي الكثير من ردود الفعل من كافة المربعات والجهات وفي الداخل والخارج. فبالإضافة الى المكانة السياسية والإجتماعية والتجارية والإنتماء الأسري والقبلي للشيخ حميد فان القضايا التي تطرق لها في حواره مع الجزيرة تمثل جوهر الأزمة اليمنية. كما ان الاراء التي عبر عنها قد وضعت النقاط على الحروف في الكثير من القضايا وبصراحة لا تنقصها الشجاعة وشفافية لا ينقصها الوضوح. والأهم من كل ذلك هو الرسائل الضمنية التي حملتها المقابلة. ويتم التركيز هنا على خمس نقاط هامة أكد عليها الشيخ حميد في الحوار بشكل واضح. ويحاول الكاتب بعد ذلك وبايجاز استشفاف الرسائل الضمنية الواردة في الحوار.
التغيير كبديل للتشطير
رفض الشيخ حميد الأحمر اتهام المذيعة له بانه يسعى الى الإنقلاب على نظام الحكم القائم في الجمهورية اليمنية. وقال انه وغيره من اليمنيين المنضوين في المعارضة ومن ضمنهم الرئيس علي ناصر محمد الذي اطلق شعار "التغيير لتفادي التشطير" لا يسعون الى قلب النظام وانما يسعون الى "تثبيت نظام حكم عادل يقوم على خدمة اليمن وخدمة استقرارها وخدمة امنها وامن مواطنيها واخراجهم من دوامة الأزمات التي ظلت تحوم عليهم في السنوات الأخيرة" مضيفا انه اذا تطلب الأمر لتحقيق مثل ذلك الهدف تغيير النظام القائم فان ذلك لا يعد انقلابا مؤكدا على ان اليمن "بلد اسس على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة كما تنص عليه اتفاقيات وحدة 1990 السلمية التي صودرت وصودرت الدولة اليمنية ]معها[ " وانه اذا كان لابد من التغيير للمحافظة على اليمن من خطر التشطير فان ذلك التغيير لا يمكن ان يكون انقلابا.
الوحدة صنعها الشعب
ابدى الشيخ حميد امتعاضه من تجيير حدث كبير مثل الوحدة اليمنية لشخص، وقال "الوحدة لم تكن جوهرة ضائعة غاص الأخ الرئيس الى اعماق المحيط ليجدها ويأتي بها..الوحدة اتت بناء على نضال ابناء اليمن في جميع مناطقه لسنوات طويلة وتحققت من شريكي وحدة...و الأخ الرئيس شرف بان وقع على اتفاقية الوحدة واليوم عليه ان يثبت هذا الشرف بتثبيته لنظام الوحدة وبقائها باحترام اسس قيام دولة الوحدة وليس بالإنقضاض عليها وعلى الشراكة الوطنية." وعندما طلبت منه المذيعة ان يعطيها مثالا على الإنقضاض على الوحدة والشراكة الوطنية، رد الشيخ بان لجنة الحوار الوطني توصلت خلال عام من الحوارات الى ان جذر الأزمة اليمنية متمثل "في شخصنة الدولة وتركيز كل الصلاحيات في يد الأخ الرئيس وتحويل مؤسسات الدولة الى مؤسسات شكلية والقفز على الدستور والقانون برغبات الحاكم وبالتالي لم يعد يشعر ابناء اليمن في كل المناطق بمعنى الثورة..بمعنى الجمهورية.. بمعنى الوحدة..لم يعد يشعر اخواننا في المناطق الجنوبية بان الوحدة اتتهم بما كانوا ينتظروه منها من خير ..من استقرار..من أمان..من مستقبل واعد..بل انها اتت لهم بنظام ما كان يسمى بالجمهورية العربية اليمنية ليحكم كل اليمن بطريقة تسلطية..بطريقة منفردة..أسوأ مما كان حاصل في الجمهورية العربية اليمنية."
ضد الحكم لا ضد الشخص
اكد الشيخ حميد خلال المقابلة مرارا وتكرارا على ان المعارضة والسعي للتغيير ليست مسالة شخصية ولا تستهدف الشخص ولكنها تستهدف الطريقة التي تحكم بها البلاد قائلا "نحن لسنا ضد الرئيس شخصيا..نحن ضد أسلوب حكم البلد..هذا الأسلوب في الحقيقة أوصل البلد الى ما وصلت اليه..هذا الأسلوب اضاع على اليمنيين معنى الوحدة" محملا السلطة القائمة مسئولية ضياع محافظة صعدة التي خرجت عن سيطرة الدولة ومسئولية المناوشات التي تقوم بين الأطراف اليمنية على حدود الدول المجاورة مضيفا ان السلطة القائمة "انقلبت على ثورة 26 سبتمبر و14 اكتوبر وانقلبت على وحدة 1990 السلمية" وحولت الحلفاء الذين قاتلوا ضد الإنفصال في عام 1994 الى اعداء وتحول وحديو الأمس الى انفصالي اليوم.
مع الوحدة وضد الظلم
اكد الشيخ حميد بقوة بانه ضد الإنفصال وبانه على استعداد للتواصل مع ايا كان بما في ذلك الأستاذ علي سالم البيض اذا كان من شأن ذلك ان يساهم في الحفاظ على الوحدة اليمنية. وقال ان الدعوة للانفصال تصب في خدمة الظلم القائم وان على الجميع الإلتحاق بركب ابناء اليمن للتحرر من الظلم واعادة معنى الجمهورية اليمنية.."ليس صحيح ان ندعو الى انفصال اليوم ..الصحيح ان نحافظ على الوحدة بمقاومة الظلم..السلطة اليوم تقول للناس من كان وحدوي عليه ان يصبر على ظلمي..نحن نقول لها لا..نحن وحديون وسنقف امام ظلمك للحفاظ على الوحدة." وعند سؤاله عما اذا كانت قبيلة حاشد موافقة على ما يقول اجاب الشيخ حميد بقوله "قبيلة حاشد قامت ضد الظلم من ايام الإئمة ...وقادها الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمة الله عليه لمساندة مبادىء العدل والحرية" وقال بان حاشد ستكون مع الحق اينما كان.
مركزية الدستور والقانون
اكد الشيخ حميد الأحمر بانه على استعداد للمثول امام اي لجنة محاسبة مضيفا انه يحتفظ بسجلات محاسبية دقيقة تبين مصادر ثروته. واتهم السلطة بممارسة الإنفصال عن طريق القفز على الدستور والقانون وقتل ابناء اليمن الذين يطالبون بحقوقهم ومصادر حقوق الناس بانتخابات حرة والغاء الهامش الديمقراطي الذي ارتبط بقيام الوحدة وتحويل اليمن الى ملك خاص للرئيس وابنائه. واضاف ان الفساد مستشري في كل مؤسسات الدولة بما في ذلك مجلس النواب داعيا الجميع الى الإطلاع على تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وهو مؤسسة رسمية.
الرسائل الضمنية
لم يكن حوار الشيخ حميد مع الجزيرة مجرد حوار كغيره من الحوارات. ويبدو ذلك واضحا من خلال التهيئة الإعلامية للحوار ومن خلال التوقيت الذي تم اختياره وكذلك من خلال البرنامج اوالقناة التي تم اختيارها كوسيط للرسالة الإعلامية. وهناك دلائل كثيرة على ان الشيخ حميد ومن خلال الحوار لم يعبر عن رأيه الشخصي فقط ولا عن راي اللقاء المشترك فقط ولا عن قبيلة حاشد فقط. وهناك دلائل قوية على ان حديث الشيخ حميد قد يعكس قلقا كبيرا داخل قبيلة حاشد التي ينتمي اليها الرئيس من ان الطريقة التي ستتطور بها الأحداث خلال الأيام والشهور القادمة قد تحول ابناء القبيلة المتهمة بممارسة الحكم شاوا ام ابوا الى وقود للحروب القادمة وخصوصا اذا واصل الحوثي توسعه وقرر اجتياح مدينة صنعاء مرورا بحاشد التي تشكل الخط الدفاعي الأول عن النظام والتي قد تجد نفسها مرغمة على قتال الحوثيين ان لم يكن حبا في الرئيس فخوف من الحوثيين ومن عودة الإمامة الى السلطة. هناك ايضا قلق من ان يتحول الحراك السلمي في الجنوب الى مقاومة مسلحة أو تستغل عناصر الحراك اندلاع حرب في الشمال فتعلن الإنفصال وتعيد ركز البراميل.
ويلاحظ المتابع للمشهد السياسي ان الآراء التي عبر عنها الشيخ حميد في المقابلة وخصوصا تلك المتصلة بالتمرد الحوثي والمخاوف الإقليمية تتوافق مع تصريحات اخرى عبر عنها رموز النظام ايضا خلال الأسابيع والأيام الماضية. ولعل تلويح الشيخ حميد بتوظيف ورقة تهمة خيانة الدستور يمثل رسالة قوية من قبيلة الرئيس الى السلطة بانها لن تقف مكتوفة الإيدي حتى تشتعل البلاد بالحرائق وانها قد تعمل بقاعدة "بيدي لا بيد غيري."
وتؤكد الطريقة المضطربة التي رد بها النظام والحوثيون على الشيخ حميد ما يذهب اليه هذا التحليل من ان المقابلة قد عملت على توصيل رسائل الى جميع الأطراف وخصوصا الى الرئيس واخوانه وابناء سنحان.
روابط ذات علاقة
النص الكامل لحوار الشيخ حميد مع الجزيرة
جاهزية عالية لا اتفاق أو اعداد مسبق , دوران مع الحق ( من وجهة نظره )لا يستهدف التخلص من المنافسين ألأقوى فألأضعف ,التنيظم حزبي ألقبيلة اجتماعية طالما أن القضية ديمقراطية,امتعاض من تجيير حدث كبير فعادة ما يحتج ألملوك بتوحيدهم البلاد حين يسالون بما اخذتم المُلك,اليمن اسلامي فلن يحكمه علماني ,انتصار الديمقراطية السلطويةأحد أسباب ألإقتداء بالتجربة ألتركية , ابراز لنشاطات حسنة واستثمارات ناجحة مع هذا فاني ارى في حميد من صالح , و حسبه الله حميد اساله أن لا يخيب ظننافيه أو نفجع به .
ردحذفالتعليق اعلاه لا يخلو من صدق وكاصلاحي اشارك صاحب التعليق شعوره
ردحذف