الثلاثاء، 28 يوليو 2009

قاعدة الوحدة والديمقراطية

عن صحيفة العاصمة
تعيد القوى السياسية على الساحة اليمنية سواء أكانت في السلطة أو في المعارضة أو خارج الاثنين، و في الداخل أو في الخارج، الاصطفاف بشكل غريزي أو بقوة الوعي الأولي حول مشروعين صغيرين يتفقان في النتائج وان اختلفا في المنطلقات ويعزز كل منهما الآخر.
من جهة، هناك المشروع السلطوي الإقطاعي الذي يقوم على امتلاك واحتكار السلطة والثروة والعمل على توريثها، وتقسيم المجتمع من جديد إلى حكام ومحكومين أو حسب تعبير نائب مؤتمري إلى أولاد الذوات وأولاد الشغالات. انه مشروع يتنكر ل80 سنة من نضال اليمنيين في الشمال والجنوب. والوطن عند حملة هذا المشروع مجرد أراض وشركات وحسابات بنكية يمتلكونها وثروات عامة يعبثون بها. أما المواطنين، من وجهة نظر أصحاب هذا المشروع الصغير، فرعايا يتم التفضل عليهم بصدقات الجمعيات الخيرية التي أنشئت خصيصا لهذا الغرض. ولهذا المشروع جذوره الثقافية التي تستلهم من التاريخ كل ما هو سيء بما في ذلك الطائفية والمناطقية والعصبوية البغيضة وغيرها من الأدواء. ولا يملك المواطن في هذا المشروع الصغير سوى مهارته في التصفيق والهتاف ب"الروح والدم" و صوته، الذي يبيعه بابخس الأثمان طوعا أو كرها، مع كل دورة انتخابية.
أما المشروع الثاني، والذي لا يختلف كثيرا عن المشروع الأول، فهو مشروع تفكيكي تفتيتي تقزيمي تمزيقي يواجه المشروع الأول بنفس أدواته ولا يختلف عنه إيديولوجيا أو فكريا. وهذا المشروع يسعى إلى زرع الطائفية والمناطقية والقروية وإذكاء النعرات بكل أشكالها، ويعمل على تمزيق الوطن ليسهل عليه بعد ذلك امتلاكه واحتكاره. وإذا كان المشروع الأول يقوم في جوهره على اختزال الوطن في قرية والشعب في أسره، فان المشروع الثاني يرتكز على تحويل الوطن إلى قرية. والمشروعان السابقان بكل تفاصيلهما يمثلان ابرز مخلفات الاستبداد والاستعمار التي عجزت الثورتان خلال قرابة نصف قرن عن إذابتهما.
أما المشروع الغائب فهو المشروع الوطني..المشروع الذي يستوعب اليمنيين جميعا بكل اختلافاتهم وخلافاتهم..مشروع كل القوى والقبائل والمناطق والمذاهب والفئات الاجتماعية..مشروع العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وعدم التمييز في الحقوق والواجبات..مشروع الدولة المدنية الحديثة التي يصعب على أي عشيرة أو قبيلة أو فئة أو منطقة أو حزب أو شلة أو جماعة تسخيرها لقهر وسلب وقمع القبائل والمناطق والفئات الأخرى. المشروع الوطني الغائب اليوم هو مشروع الحياة والحرية والديمقراطية والتنمية والتحرر من الجوع والقهر..مشروع التصالح مع الذات ومع الآخر..مع الماضي والحاضر والمستقبل ومع الأخوة والأصدقاء والأعداء ومع الجيران القريبين والبعيدين.
وإذا كان للمشروعين الأول والثاني قوى سياسية تحملهما، فان المشروع الثالث يحتاج بدوره إلى قوة تحمله، قوة جديدة تنبثق عن جميع القوى السائدة أو تولد من جبال وسهول وشواطئ وجزر اليمن. هذه القوة لا ينبغي ان تكون حزبا ولا يجوز ان تكون الوطن ذاته وإنما هي تكتل جديد يقوم على مبدأين عامين: الوحدة كرفض لكل مشاريع التجزئة والتفتت؛ والديمقراطية كرفض لمشروع امتلاك الوطن واحتكاره وتوريثه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق