الثلاثاء، 21 يوليو 2009

الأحزاب اليمنية والتفاوض الخطي

تخوض احزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام تفاوضا خطيا حذرا يعرف بالتفاوض حول التفاوض أو المفاوضات التمهيدية ويمكن تفسير لجوء الطرفين الى الرسائل المكتوبة الى حالة عدم الثقة العميقة التي تحكم العلاقة بين الأطراف السياسية. كما يمكن ان يكون الهدف منها بالنسبة لأحزاب اللقاء المشترك اشراك الشارع في المفاوضات القائمة وترسيخ مبدأ الشفافية وقطع الطريق على الدعاية الإعلامية التي غالبا ما يلجأ اليها الحاكم عند حدوث اي مفاوضات شفوية...والرسائل الثلاث التي تم تبادلها مؤخرا والوارد نصها ادناه هي:
1. رسالة من المشترك موجهة الى نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام (13 يوليو 2009)
2. نص رسالة المؤتمر الشعبي العام الى احزاب المشترك (15 يوليو 2009)
3. نص رسالة المشترك الثانية للمؤتمر الشعبي العام (19 يوليو 2009)

رسالة المشترك إلى المؤتمر الشعبي العام
الأخ نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام د.عبدالكريم الإرياني المحترم..
بناء على اللقاءات التي تمت معكم ننقل إليك رأي اللقاء المشترك فيما يخص حرصه على إجراء حوار جاد ومنتج وفقاً لمضامين الاتفاق.
شكل اتفاق فبراير 2009م بشأن تأجيل الانتخابات النيابية بين الأحزاب السياسية المتمثلة في مجلس النواب محطة مهمة، تم فيها إعادة تجميع عناصر المشهد السياسي التي بدت متنافرة ومتصادمة عشية التوصل إلى هذا الاتفاق.
لقد أدت إعادة تجميع هذه العناصر “عناصر المشهد السياسي” وتفريغها من الاحتشاد العشوائي غير المسؤول الذي وضع البلاد أمام خيارات مجهولة، أمام خيار الحوار الوطني الجاد والمسؤول لاسيما وأن حالة الانسداد السياسي الذي أدى إليه تعثر الحوار بسبب المواقف المتعنتة للسلطة وحزبها قد انعكس سلباً على المشروع الديمقراطي، حيث بات الرهان عليه يفقد كل يوم ساحة جديدة، وبات هو نفسه يخسر أهم حلقاته داخل وعي سياسي محبط، ومنظومة سياسية طاردة للتعددية السياسية ولفكرة التداول السلمي للسلطة وللحريات بالمعنى الذي تنضج فيه شروط التطور السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي الذي يولد بدوره شروط نجاح المشروع الديمقراطي.
وكان واضحاً أن المأزق الذي وصل إليه المشروع الديمقراطي لم يكن معزولاً عن مأزق النظام السياسي في صورته البنيوية، التي أخذت تقاوم وبشدة أي إصلاحات سياسية، حتى في صورتها البسيطة الأمر الذي لم يعد ممكناً تجاهل كل هذه المؤشرات والمعطيات التي حملت أسئلة خطيرة حول المستقبل السياسي للبلاد، خاصة بعد أن شهدت خمسة حروب متلاحقة في صعدة، وأخذ الجنوب يعتز بقوة في حراك سلمي له طابعه السياسي والاجتماعي معبراً عن نشوء قضية جوهرية بملامحها السياسية الوطنية كتعبير آخر عن مأزق النظام السياسي وأدواته التقليدية وسياساته في إدارة البلاد كما أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية أخذت تتدهور ليس في صياغتها الكمية التي تبرزها الإحصائيات فحسب، ولكن في مظاهرها التي أخذ الواقع يعبر عنها بصورة جلية في صورة نمو رقعة الفقر وتراجع الخدمات الاجتماعية، وتزايد الاختلالات الأمنية وغيرها من المظاهر الخطيرة، التي يعد تدهور التعليم العام أحد أهم مؤشراتها التي يمكن رصدها بسهولة في هذا الجانب.
لقد حمل الاتفاق بما احتواه من بنود مسئولية السير معاً لكل الأحزاب والقوى السياسية نحو إصلاح أوضاع البلاد، مستشعراً حجم وعمق المخاطر التي يتعرض لها الوطن.
وكان الاتفاق بمثابة النداء الأخير قبل الإقلاع لما تضمنه من قراءة عميقة لحاجة البلاد لتلك الإصلاحات، التي تبدأ بتوفير المناخات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في حوار جاد ومسئول، والحوار حول تطوير النظام السياسي، وصولاً إلى تطوير النظام الانتخابي بما في ذلك الأخذ بالقائمة النسبية.
ولم يكن تحديد القضايا اعتباطياً أو تحكيمياً بقدر ما استند على قراءة موضوعية لحاجة الإصلاحات الجوهرية والحوار بشأنها بمسئولية وطنية تعيد بناء الحياة السياسية بقواعد تسمح بالخروج من حالة الانسداد السياسي التي أخذت تتكرر في حياة البلاد على نحو دوري، وذلك من خلال سد منابع هذا الانسداد، والمتمثل في تنمية العناصر والعوامل المعيقة للمشروع الديمقراطي.
لقد كان من الطبيعي أن يبدأ الحوار فور إقرار مجلس النواب الاتفاق وإعلانه، غير أن السلطة وحزبها سلكا طريقاً مغايراً تماماً لمضمون وجوهر الاتفاق، حيث شهدت الأوضاع السياسية في البلاد تدهوراً خطيراً تمثل في الحشود العسكرية على المحافظات الجنوبية أدت إلى أحداث دامية، صاحبها اعتقالات واسعة ومطاردات ومداهمات ومحاكمات ما زالت مستمرة حتى اليوم، إضافة إلى الحملة الواسعة على الصحف وتقييد الحريات على نطاق واسع، ناهيك عن تجدد الاشتباكات الخطيرة في صعدة مما وضع البلاد على شفا حرب سادسة.
وفي هذه الأثناء وجهت السلطة وحزبها جهودها في مجرى مختلف تماماً عن الحوار، فقد اتجها إلى العمل الإعلامي التحريضي ضد القوى السياسية حيث صور البلاد وكأنها في مواجهة مع عدو خارجي يستهدف الوحدة، ووجدت في التصريحات التي أطلقتها بعض القوى السياسية حول الانفصال فرصة للهروب من استحقاقاتها الوطنية الكبيرة ولعبت دور الضحية، في حين أن الحوار الوطني الجاد والمسئول كان هو الطريق الصحيح لمواجهة مأزق الانقسام الوطني لا العمل على تضخيمه بمثل تلك الصورة التي طغى فيها على المشهد السياسي بصورة عامة وهو مااستفادت منه السلطة من الزاوية التي استطاعت فيها أن تعيد رسم المشهد السياسي على نحو مختلف حاولت فيه أن تخفي كامل مسئولياتها عما وصلت إليه البلاد من أوضاع متدهورة.
وفي هذا السياق أخذت تعقد ماسمي بمؤتمرات المجالس المحلية لتكريس صيغة واحدة للحكم المحلي لايمكن لمحاوريها أن يتجاوزها في حواراتهم القادمة، مما يضع الحوار كله في طريق مغلق ويفقد مضمونه وقيمته.
اليوم وبعد أن عطلت السلطة وحزبها الحوار طوال هذه الفترة كلها سواء بتعطيل المناخات السياسية، أو عبر محاولات تكريس مفاهيم وأجندات مسبقة لمضامين وموضوعات الحوار الأساسية، أو ما يمارسانه من سياسات بتجزئة قضايا البلاد بين قضايا ملتهبة يتحاوران بشأنها وعلى نحو ثنائي بمعزل عن هذا الحوار الوطني الشامل، وقضايا معلنة يتم الحوار بشأنها مع المعارضة أو من خلال تلكؤها في البحث عن الآلية التي سيتم بموجبها تنفيذ البند الأول الخاص بإشراك كل القوى السياسية في هذا الحوار الوطني، فإننا نرى أنه آن الأوان أن نتجه نحو الحوار بجدية لاتترك أي مجال للعودة إلى الأساليب القديمة التي قضت على فرص الحوار في الوصول إلى حلول جذرية لمشاكل البلاد التي تراكمت بعد ذلك لتنتج هذه الأزمة الوطنية التي استفحلت ولم تعد تسمح بمزيد من المخاتلة أو ضياع فرص الحل.
ومن هنا وانسجاماً مع موقفنا المبدئي وتمسكنا بهذا الاتفاق وبالحوار الصادق والجاد للخروج من الأزمة، وإيماناً منا بقدرة شعبنا على تجاوز مشاكله وأزماته فيما لو توفرت لقواه السياسية الفرصة لحوارات جادة ومسؤولية فإننا نرى ما يأتي:
1- تهيئة المناخات السياسية بوقف الحملات العسكرية والاعتقالات والمطاردات للنشطاء السياسيين، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين أو من هم على ذمة أي قضايا سياسية، ودفع مرتبات كل من اتخذ قرار تعسفي بقطع راتبه من النشطاء السياسيين، وإطلاق الصحف الموقوفة، وهذا تنفيذاً لمضمون وجوهر الاتفاق في نصه الذي يتضمن المناخات السياسية، المناسبة لإجراء الحوار ووقف التعبئة الخاطئة الممزقة للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي وإثارة العنصرية والمناطقية.
2- البدء ببحث آلية مناسبة لإشراك كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الحوار الوطني وفقاً لما نص عليه الاتفاق، مع وضع ضوابط للحوار تنظم هذه العملية بصورة تجعلها شفافة وتحت رقابة المجتمع.
3- أن توضع كل قضايا البلاد على طاولة الحوار، بحيث لايسمح بحوارات جانبية في القضايا الملتهبة كصعدة والجنوب وغيرها ودون مشاركة فعالة، من قبل القوى السياسية التي ستشارك في الحوار، على أن تتوفر الظروف المناسبة لمشاركة جميع القوى دون تحفظ أو استثناء، بما في ذلك قوى الحراك في الجنوب، والحوثيين والقوى السياسية في المنفى وغيرهم.
وتقبلوا تحياتنا..
أمناء عموم أحزاب اللقاء المشترك
التجمع اليمني للإصلاح
الحزب الاشتراكي اليمني
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
حزب البعث العربي الاشتراكي
اتحاد القوى الشعبية
حزب الحق
نص رســـــالــــة المــــــؤتمـــــر الشعبي العام إلى أحزاب المشترك
الأخوة/ أمناء عموم أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب المحترمون
تحية طيبة وبعد..
تلقينا رسالتكم المسلمة يوم 13 يوليو 2009م حول بدء الحوار بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب استناداً إلى الاتفاقية الموقعة يوم 23 فبراير 2009م والتي على أساسها طلب من مجلس النواب تعديل المادة (65) من الدستور المتعلقة بمدة مجلس النواب لمدة عامين نظراً لعدم توفر الوقت الكافي للقيام بالإصلاحات الآتية:
أولاً: إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني من مناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية.
ثانياً: تمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتفق عليها أثناء إعداد التعديلات على قانون الانتخابات وتضمين ما يتفق عليه في صلب القانون.
ثالثاً: إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً لما ينص عليه القانون.
فأننا ورغم عدم تطابق ما ورد في رسالتكم مع الحيثيات المذكورة أعلاه ندعوكم إلى بدء جلسات الحوار يوم الأحد بتاريخ 19 يوليو 2009م في منزل النائب الثاني لرئيس المؤتمر عند تمام الساعة الرابعة والنصف من بعد الظهر..
هذا ونرفق لكم رؤية المؤتمر الشعبي العام حول عناصر الحوار معكم والمدد الزمنية اللازمة لذلك، وهي التي حرصنا على تسليمها لكم خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو فأجلتم استلامها حتى تعد أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب رؤيتها..
وتقبلــــــوا فائق الاحترام والتقدير،،،
عبدالكريم الارياني
النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام
نص رسالة المشترك الثانية للمؤتمر الشعبي العام بتاريخ 19/7/2009م
الأخ/النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
وبعد:
إشارة إلى ما تضمنته رسالتكم المؤرخة في 15/7/2009م بشأن عدم تطابق رسالتنا الموجهة إليكم بتاريخ 13/7/2009م والتي تضمنت موقفنا ورؤيتنا بخصوص تنفيذ إتفاق 26 فبراير 2009م الموقعة بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب ، نود هنا مجدداً أن نؤكد أن رسالتنا لم تخرج قيد أنملة عما حواه الاتفاق ، بل جاءت في شكلها ومضمونها تجسيداً لما حواه الاتفاق ، وكنا بذلك أشد حرصاً على البدء بحوار جاد ومسئول ينطلق من بنوده ومحتوياته التي لا تترك أي مجال لقراءة متباينة.
ومن المؤكد أن إقدام السلطة على خلق أجواء سياسية غير ملائمة للحوار انشغلت بها كل قياداته في الفترة التي تلت التوقيع على الاتفاق بما في ذلك العمل على فرض صيغ جاهزة لكثير من الموضوعات المطروحة للحوار والاستقواء بإمكانيات الدولة لفرض هذه الصيغ.
ورغم أن دعوتكم للحوار جاءت بطريقه آمرة إلا أننا سنتجاوز هذا الأسلوب الاوامري نظراً لإدراكنا لمسؤلياتنا السياسية والتاريخية تجاه الوطن وقضاياه والذي يمر بظروف ومنعطفات تحتم علينا الارتفاع فوق مستوى الانتصار للذات ، وهذا يؤكد أن القاموس السياسي للمشترك لا زال مفعماً بحسن النية .
وفي هذا الصدد نؤكد أن رؤيتنا لتنفيذ الاتفاق في إطار المساحة الزمنية المتاحة ، والتي تضيق يوماً بعد يوم يجب أن تقوم على تنفيذ مضامين الاتفاق وأهدافها التي اشرنا أليها في رسالتنا السابقة وهي:
أولاً: تنقية الأجواء السياسية وإزالة مظاهر الاحتقان الشعبي، بما في ذلك إطلاق المعتقلين السياسيين ، وقضايا الحريات العامة وحريات الصحافة ، حيث تكمن أهمية و أولوية هذا في:
أ‌- أنه يمثل إثباتاً لحسن النوايا ويضفي على الحوار نوعاً من الجدية لدى أطراف الحوار ، وكافة القوى والفعاليات السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني ، والرأي العام المتابع.
ب‌- يزيل الاحتقانات التي تراكمت في النفوس ، ويعزز الأمل بنجاح الحوار ، الذي يترتب على فشله مخاطر كبيرة.
ج- يوقف استمرار التدهور في الأوضاع وتأزيم الحياة السياسية.
ثانياً: بحث الآلية المناسبة لإشراك كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مناقشة وتطوير النظام السياسي بما في ذلك النظام الانتخابي (القائمة النسبية) حيث يكتسب هذا المسار أولويته وأهميته من :
1- الحاجة لإضفاء الطابع الوطني على الحوار كما نصت عليه الوثيقة.
2- أن حجم الموضوعات التي نص عليها الاتفاق تتطلب مشاركة الجميع وحشد كل الجهود بشكل منظم لإنجاح الحوار وتحمل مسئولية تنفيذ ما سينتج عنه.
3- أن قضايا الحوار التي تضمنها الاتفاق ذات أهمية خاصة كونها تمثل بوابة الخروج بالوطن من أزمته ، والولوج إلى مستقبل أفضل بإذن الله
ثالثاً: الاتفاق على ضوابط عامة للحوار
انطلاقاً من حرصنا الشديد على أهمية الحوار كقيمة وسلوك حضاري لحل الأزمات ولأجل توفير الشروط اللازمة لنجاح هذه العملية الحوارية ، وحتى لا يتحول الحوار إلى أزمة بحد ذاته من المهم أن نؤكد على أهمية وضرورة أن يلتقي أمناء عموم الأحزاب الموقعة على الاتفاق في لقاء تمهيدي يهدف إلي بحث القضايا المشار إليها آنفا والتوقيع عليها كتهيئة لبدء الحوار ، نقترح أن يتم ذلك يوم الثلاثاء القادم 21/7/2009م أو أي موعد أخر يتم التوافق عليه.
وتقبلوا خالص التحية .
المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق