الأحد، 12 أبريل 2009

السلطة التنفيذية في النظام اليمني

يحدد الدستور اليمني النافذ الجهات التي تمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب في كل من رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء لكن التحديد الدستوري والقانوني لا يعني أبدا ان ما يتم ممارسته على ارض الواقع هو ما ورد في الدستور. فإذا رأيت مذكرة عليها توقيع عضو مجلس النواب إلى جانب مدير المديرية تتضمن ترشيح شخص لموقع حكومي أو قرار بتعيين آخر فان ذلك يعني ان عضو مجلس النواب يمارس عملا تنفيذيا. ومع ان ممارسة عضو مجلس النواب (باستثناء العضو الذي يجمع بين العضوية النيابية والحقيبة الوزارية) يعتبر في هذه الحالة خرقا للدستور الإ ان مثل هذه الممارسات واردة. ولذلك من المهم التفريق بين امتلاك الدولة لدستور وبين احترام المسئولين والمواطنين لذلك الدستور في ممارساتهم.
أولا- رئاسة الجمهورية
تتكون رئاسة الجمهورية من رئيس منتخب هو رئيس الدولة ومن نائب يعينه الرئيس. ويلاحظ أن الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في عام 1991 قد جعل الرئاسة في هيئة جماعية مكونة من خمسة أشخاص أطلق عليها "مجلس الرئاسة"، ونص الدستور على أن يكون لمجلس الرئاسة رئيس يتم انتخابه في أول اجتماع للمجلس. ولم يتم النص على وجود نائب للرئيس. ورغم اتفاق الاشتراكي والمؤتمر والإصلاح عقب انتخابات عام 1993 على تغيير شكل رئاسة الدولة من "مجلس رئاسة" إلى "رئيس جمهورية" وعلى أن ينص الدستور على وجود نائب للرئيس الا أن الخلاف بين الاثنين قد تركز حول الطريقة التي يتم بها اختيار النائب. ففي الوقت الذي أراد المؤتمر أن يتم تعيين النائب من قبل الرئيس كان الاشتراكي يصر على أن يتم انتخاب الرئيس والنائب في بطاقة واحدة كما يحدث في الولايات المتحدة.
و يتم اختيار رئيس الجمهورية عن طريق الانتخابات. ويشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية:
أ- أن لا يقل سنه عن أربعين سنة
بالنسبة لشرط السن فالغرض منه هو أن يكون الشخص المرشح قد بلغ درجة عالية من النضج وأصبح قادرا على التحكم بشهواته واكتسب الخبرات والمعارف الضرورية لتولي رئاسة الجمهورية
ب- أن يكون من والدين يمنيين
تلجأ بعض الدول في سبيل حماية نفسها من الاختراقات إلى وضع هذا القيد على المرشحين للمناصب العليا في الدولة. ويلاحظ أن هذا الشرط ربما أثر على الكثير من اليمنيين وخصوصا وان المجتمع اليمني مجتمع مهاجر وعادة ما يتزاوج في المجتمعات التي يستقر فيها. فحرمان أبناء اليمنيين من أمهات غير يمنيات من الترشح لرئاسة الجمهورية يبدو غير منطقيا. كما أن هذا الشرط يثير مسألة قانونية هامة تتصل بتعريف الأجنبية وعما إذا كان اكتساب الأم الأجنبية للجنسية اليمنية يعطي أبنائها الحق في الترشح.
ج- أن يكون متمتعا بحقوقه السياسية والمدنية
د- أن يكون مستقيم الأخلاق والسلوك محافظا على الشعائر الإسلامية وان لا يكون
قد صدر ضده حكم قضائي بات في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره
بعض المسائل الواردة في هذا الشرط يمكن قياسها أما البعض الآخر فتبدو صعبة القياس. فصدور حكم قضائي بات أمر يمكن التأكد منه أما استقامة السلوك والأخلاق فيصعب التحقق منهما.
ه- أن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مـدة ولايتـه مـن أجنبيــة.
يعكس هذا الشرط مثله مثل الشرط الثاني الخوف اليمني من أن تتمكن دولة أجنبية عدوة أو صديقة من اختراق الرئاسة اليمنية مستغلة غياب ولاء الزوجة الأجنبية للبلد. وقد بدأ هذا الشرط يثير جدلا منذ الآن وخصوصا بعد أن أعلن كل من علي ناصر محمد الرئيس السابق لليمن الجنوبي بين 1981 و1986 والدكتور عبد الرحمن البيضاني نائب رئيس الجمهورية العربية اليمنية في الفترة التالية لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962 عزمهما الترشيح في انتخابات الرئاسة سبتمبر عام 2006 والاثنان تزوجا من أجنبيتين منحتا بعد ذلك الجنسية اليمنية.
ويتم انتخاب الرئيس وفقا للإجراءات التالية:
أ. تقديم الترشيحات إلى رئيس مجلس النواب
ب. يتم فحص الترشيحات من قبل اجتماع مشترك لهيئتي رئاسة مجلسي النواب والشورى
ج- طرح الأسماء على اجتماع مشترك لمجلسي النواب والشورى وضرورة حصول المرشح على تزكية 5 % من مجموع عدد الأعضاء الحاضرين للمجلسين، وتكون التزكية بالاقتراع السري المباشر
د- يزكي الاجتماع المشترك ثلاثة أشخاص على الأقل، ويجب أن لا يقل عدد المرشحين المتنافسين عن 2
ه- يتم انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب في انتخابات تنافسية
و- يعتبر رئيسا للجمهورية من حصل على أغلبية الأصوات للمشاركين فإذا لم يحز أي من المرشحين على الأغلبية يتم إعادة الانتخابات بين المرشحين اللذين حصلا على أكثر الأصوات
ومن تفحص الإجراءات السابقة وهي إجراءات نص عليها الدستور تظهر العديد من الإشكاليات:
أ. في ظل السيطرة التامة للحزب الحاكم على مجلسي النواب والشورى وبأغلبية تفوق ال85% يصبح من الصعب على أي يمني الترشح لرئاسة الجمهورية الإ بموافقة الحزب الحاكم من خلال التزكية. والحزب الوحيد الذي امتلك القدرة على تزكية مرشح للرئاسة بمفرده في انتخابات عام 2006 الرئاسية هو التجمع اليمني للإصلاح.
ب. بالرغم من أن العديد من الأشخاص قد أعلنوا نيتهم في الترشح لرئاسة الجمهورية الإ أن الشرط الدستوري يقف حجر عثرة في وجوههم جميعا فعندما تعرض أسمائهم للتزكية فلن يمر الإ من يرضى عنه المؤتمر والإصلاح. ويثير هذا الوضع العديد من التساؤلات عن الديمقراطية اليمنية وعن القول بان الشعب مصدر جميع السلطات. بالنسبة للمؤيدين لشرط التزكية فيبررون ذلك بالقول بان الشعب اليمني يعاني من الانقسامات ومن التخلف ولا يريدون أن يكون هناك مرشح لكل قبيلة أو منطقة أو غير ذلك. فكثرة المرشحين من وجهة نظرهم يمكن أن تضر بالوحدة الوطنية. أما المعارضين للفكرة فيرون أنها بمثابة الهروب من الرمضاء إلى النار وكان يمكن الاكتفاء بنص في قانون الانتخابات يفرض رسوم معينة أو عدد معين من التوقيعات إذا كان الهدف هو التأكد من جدية المرشحين.
ج. بالرغم من أهمية النص الدستوري بتزكية ثلاثة مرشحين على الأقل وبحصول تنافس بين اثنين على الأقل (إذا ما انسحب الثالث مثلا) الإ أن شرط التزكية يجعل مؤسسة الرئاسة التي تتركز فيها السلطة مغلقة على قوتين في الساحة.
د. تقدم إلى مجلس النواب في عام 1999 م 24 مرشحا لكن المجلس الذي كان يهيمن على العضوية فيه المؤتمر والإصلاح لم يزك سوى مرشحين اثنين الأول هو الرئيس علي عبد الله صالح والثاني برلماني اسمه نجيب قحطان الشعبي (والاثنان ينتميان إلى المؤتمر الشعبي العام). وقد نزل علي عبد الله صالح باسم المؤتمر ونزل نجيب الشعبي كمستقل. ويعتقد الكثيرون بان نجيب الشعبي لم يكن مرشحا حقيقيا وإنما كان يمثل الدور فقط. أما مرشح المعارضة علي صالح عباد مقبل فقد تم حجب التزكية عنه. وقد تمت عملية التزكية عن طريق استمارة يكتب فيها النائب ليس فقط اسم المرشح الذي يزكيه ولكن أيضا اسمه ورقم دائرته ويوقع عليها أيضا.
ويمارس رئيس الجمهورية الاختصاصات التالية:
• يعمل رئيـس الجمهورية على تجسيد إرادة الشعب واحتـرام الدستور والقانون وحماية الوحدة الوطنية ومبـادئ و أهداف الثـورة اليمنيـة ، والالتزام بالتداول السلمي للسلطة ، والإشراف على المهام السيادية المتعلقة بالدفاع عن الجمهورية ، وتلك المرتبطة بالسياسة الخارجية للدولة، ويمارس صلاحياته على الوجـه المبيـن في الدستــور .
• رئـيس الجمهوريـة هـو القائـد الأعلـى للقوات المسلحة
• يعين نائب الرئيس
• يفوض بعض اختصاصاته إلى نائبه
• تمثيل الجمهورية في الداخل والخارج.
• دعوة الناخبين في الموعد المحدد إلى انتخاب مجلس النواب.
• الدعـوة إلى الاستفتـاء العـام .
• دعوة مجلس النواب للانعقاد بعد إعلان نتائج الانتخابات
• تكليـف من يشكل الحكومة وإصدار القرار الجمهوري بتسميـة أعضائهــا
• يضـع بالاشتراك مع الحكومة السياسة العامة للدولة ويشرف على تنفيذها على الوجـه المبيـن في الدستـور.
• دعـوة مجلس الوزراء إلى اجتماع مشترك مع رئيس الجمهورية كلما دعـت الحاجـة إلى ذلـك.
• تسميـة أعضـاء مجلـس الدفـاع الوطنـي طبقـاً للقانـون.
• إصـدار القوانين التي وافـق عليها مجلس النواب ونشرها وإصدار القرارات المنفذة لهــا.
• الاعتراض على القوانين التي يقرها مجلس النواب وإعادتها إلى مجلس النواب مع طلب إعادة النظر خلال شهر
• تعـيـين وعـزل كـبـار مـوظفـي الدولـة من المدنيـيـن والعسكريين وفقـاً للقانــون
• إنشـاء الرتـب العسكريـة بمقتضـى القانـون .
• منـح النياشيـن والأوسمـة التي ينص عليـها القانون ، أو الإذن بحمل النياشين التي تمنـح من دول أخـرى.
• إصـدار قرارات المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات التي يوافـق عليها مجلـس النـواب.
• المصادقـة على الاتفاقيات التي لا تحتاج إلى تصديق مجلس النواب بعد موافقـة مجلـس الــوزراء
• إنشـاء البعثات الدبلوماسية وتعيين واستدعـاء السفـراء طبقـاً للقانــون
• اعتمـاد الممثليـن للـدول والهيئـات الأجنبيــة .
• منـح حـق اللجــوء السياســي .
• إعـلان حالـة الطوارئ والتعبئـة العامـة وفقـأ للقانـون
• إصدار القرارات واللوائح اللازمة لتنفيذ القوانـين وتنظيم المصالح و الإدارات العامـة
• طلب تقارير من رئيس الوزراء تتعلق بتحقيق المهام المسئول عن تنفيذها مجلس الوزراء
• المصادقة على أحكام الإعدام
• تعيين أعضاء مجلس الشورى
• دعوة مجلسي النواب والشورى إلى اجتماعات مشتركة
• الاشتراك مع رئيس الوزراء في تعيين الوزراء
• مساءلة رئيس الوزراء والوزراء عن تنفيذ مهامهم
• إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء إلى التحقيق و المحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثنـاء تأديـة أعمـال وظائفهم أو بسببها،
• قبول استقالة الحكومة
• إعفاء أعضاء مجلس الوزراء من مناصبهم
• حل مجلس النواب عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب
• الدعوة إلى انتخابات مبكرة دون الحاجة إلى استفتاء الشعب في ثلاث حالات: لم تفض الانتخابات إلى أغلبية تمكن الرئيس من تكليف من يشكل الحكومة وتعذر تشكيل حكومة ائتلافية، حجب الثقة عن الحكومة أكثر من مرتين متتاليتين، وإذا سحب المجلس الثقة من الحكومة أكثر من مرتين خلال سنتين متتاليتين
• يتولـى أي اختصاصـات أخـرى ينـص عليهـا الدستـور و القانـون .
والاختصاصات السابقة ليست على سبيل الحصر ولا تنطوي على السلطات المعطاة للرئيس بموجب بعض القوانين مثل قانون السلطة القضائية الذي كان يجعل من رئيس الجمهورية (رئيس السلطة التنفيذية) رئيسا لمجلس القضاء الأعلى والذي يتم العمل على تعديله. ومن الطبيعي أن تثير السلطات الدستورية للرئيس جدلا. وهناك وجهتي نظر. وجهة النظر الأولى تقول بان اليمن كبلد يطمح لتحقيق التنمية يحتاج إلى قائد يتمتع بسلطات تجعله قادرا على الحركة واتخاذ القرار. أما وجهة النظر الثانية فتقول بان تركيز السلطة بهذا الشكل بيد الرئيس لا يتفق مع الديمقراطية ولا مع احتياجات التنمية.
اما مدة وعدد فترات خدمة رئيس الجمهورية فقد تحددت كالتالي:
• دستور 1990: خدمة أعضاء مجلس الرئاسة (القيادة الجماعية) خمس سنوات شمسية ولم يضع قيد على عدد المرات التي يمكن فيها للشخص الترشح لعضوية المجلس أو رئاسته.
• دستور 1994: فترة خدمة رئيس الجمهورية خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
• دستور 2001: فترة خدمة رئيس الجمهورية سبع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة
وتثير قضية مدة خدمة الرئيس جدلا بدورها. فهناك من يري أن خمس سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة تعتبر كافية وهناك من يرى أن سبع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة هي الأفضل. بالنسبة للأنظمة البرلمانية في العالم فان مدة خدمة الحكومة هو خمس سنوات كحد أعلى إذ يتم في العادة الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وبالنسبة للأنظمة الرئاسية فتتفاوت. ففي الولايات المتحدة يحدد الدستور مدة الخدمة بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ولا يتوقف الأمر على مدة الخدمة لكنه يتصل أيضا بعدد مرات الخدمة.
وقد التزم الرئيس في برنامجه الانتخابي في سبتمبر 2006 بتعديل الدستور وإعادة فترة الرئاسة إلى 5 سنوات كما كانت عليه في السابق.
مجلس الشورى
يتكون مجلس الشورى من 111 عضو يعينهم رئيس الجمهورية من ذوى الخبرات والكفاءات والشخصيات الاجتماعية. ويشترط الدستور أن لا يكون العضو المعين في مجلس الشورى عضوا في مجلس النواب أو في المجالس المحلية وان لا يقل سنه عن أربعين سنة.
ويمارس مجلس الشورى الاختصاصات التالية:
• تقديم الدراسات والمقترحات التي تساعد الدولة على رسم استراتيجياتها التنموية
• إبداء الرأي والمشورة في المواضيع التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية.
• تقديم الرأي والمشورة في الإستراتيجية الوطنية والقومية للدولة في مختلف المجالات
• إبداء الرأي والمشورة في السياسات والخطط والبرامج المتعلقة بالإصلاح الإداري وتحديث أجهزة الدولة وتحسين الأداء.
• الاشتراك مع مجلس النواب بتزكية المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية والمصادقة على خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بالدفاع والتحالف والصلح والسلم والحدود
• التشاور فيما يرى رئيس الجمهورية عرضه من قضايا على الاجتماع المشترك بينه وبين مجلس النواب.
• رعاية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني ودراسة أوضاعها وتحسين تطويرها وتعزيز دورها.
• تقييم السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وتقييم تنفيذ برامج الاستثمار السنوية.
• استعراض تقارير جهاز الرقابة والمحاسبة ورفع تقرير بشأنها إلي رئيس الجمهورية.

هناك تعليق واحد: