طفت على السطح قبل ايام اتهامات غربية خطيرة لليمن فحواها ان الرئيس هادي عقد صفقة مع جماعات القاعدة التزمت الجماعة بموجبها بالإنسحاب من البلدات التي كانت تسيطر عليها في محافظة ابين مقابل اطلاق المعتقلين من اعضائها في السجون اليمنية. وتقول تلك الإتهامات ان عدد الذين فروا من السجون اليمنية من اعضاء القاعدة بلغ 88 شخصا وهو ما يؤكد بحسب وسائل اعلام غربية وجود صفقة بين هادي والقاعدة.
والحقيقة ان الإتهامات الغربية للرئيس هادي ليست بدون اساس. فالطريقة التي انهزمت بها جماعات القاعدة فجأة في العديد من تلك البلدات التي كانت تسيطر عليها تثير الكثير من الشك. لكن انسحاب القاعدة من تلك البلدات شيىء والقول بأن ذلك الإنسحاب جاء عن طريق عقد صفقة مع هادي شيىء آخر تماما.
ويبقى على الحكومة اليمنية ان تقدم تفسيرا للهروب الجماعي لجماعات القاعدة. ولا يكفي في هذا الجانب ان تنشر وكالة سبأ خبرا يقول ان اثنين من عناصر القاعدة الذين فروا من سجن الأمن السياسي في الحديدة في 26 يونيو قد تم القبض عليهم في الضالع في اشارة الى ان ما حدث هو عملية فرار وليس تنفيذا لصفقة وخصوصا وان الخبر قد صيغ بطريقة لا تنفي شيئا ولا تثبت شيئا الإ لمن يثق بما تقوله الحكومة اليمنية، وقليلون في العام يفعلون ذلك.
وتأتي الإتهامات للرئيس هادي بعد تسريبات ذكرت ان الرئيس هادي طلب من الحكومة الأمريكية التوقف عن استخدام الطائرات بدون طيار فوق الأجواء اليمنية وهو ما يعني ان هناك ازمة تتشكل في العلاقات اليمنية الأمريكية. وما يؤكد هذا التحليل هو الزيارة المفاجأة التي قام بها وليم بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية الى صنعاء امس والتقائه بالرئيس هادي في زيارة لم يعرف تفاصيلها وان كان من المرجح انها على علاقة بطلب ايقاف عمليات الطائرات سيئة السمعة والتي غالبا ما تقتل الأصدقاء وتترك الأعداء.
وهكذا يجد الرئيس هادي نفسه في موقف غاية في الصعوبة. ففي حين يحارب هادي القاعدة باهله واقاربه وفي احسن الأحوال بجيش بدائي التدريب والتجهيز، فإن امريكا تريد هادي ان يحارب القاعدة معها ووفقا للقواعد التي تحددها 24 ساعة في اليوم و7 ايام في الأسبوع بينما تغض الطرف عن الدعاية المنظمة التي تمارس ضد هادي من قبل المخلوع واقاربه وتصوره على انه دمية بيد امريكا.
وتسمح امريكا للمخلوع بالإحتفاظ بالجيش المدرب والمجهز امريكيا لمحاربة القاعدة في صنعاء في حين تمارس كل اشكال الضغط على هادي. والأكثر من ذلك ان الولايات المتحدة تتبنى سياسة تجاه الأوضاع في اليمن اقل ما يقال عنها انها غامضة وربما متناقضة وخصوصا في المسائل ذات العلاقة بمحاربة القاعدة وبتجاوز الأوضاع الحالية.
ولا تقبل امريكا ان تلعب كعضو في فريق مع التسليم في حقها في القيادة بل تريد ان تلعب وحدها في حين تتوقع من الآخرون السمع والطاعة دون ان تبدي اي اهتمام بالأوضاع التي يمارس فيها الآخرون مهامهم وبالضغوط المختلفة التي يتعرضون لها من قوى الداخل والخارج.