الاثنين، 30 يوليو 2012

الحكومة اليمنية: رئاسة الجمهورية (1-2)




حدد  دستور عام 2001 النافذ (والمعدل بالمبادرة الخليجية  واليتها التنفيذية وبكل ما يتفق عليه المنفذون) الجهات التي تمارس السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب اليمني في كل من: رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء.  لكن التحديد الدستوري والقانوني للمؤسسات المخولة بممارسة السلطة لا يعني  بالضرورة  ان ما ورد في الدستور يتم تطبيقه على ارض الواقع.

فإذا رأيت مذكرة عليها توقيع عضو مجلس النواب إلى جانب مدير المديرية تتضمن ترشيح شخص لموقع حكومي أو قرار بتعيين آخر  فان ذلك يعني ان عضو مجلس النواب يمارس عملا تنفيذيا مع ان ممارسة عضو مجلس النواب (باستثناء العضو الذي يجمع بين العضوية النيابية والحقيبة الوزارية) يعتبر خرقا للدستور الإ ان مثل هذه الممارسات  شائعة. ولذلك من المهم التفريق بين امتلاك الدولة للدستور وبين احترام المسئولين والمواطنين لذلك الدستور في ممارساتهم وهو ما اطلقنا عليه مبدأ الدستورية عندما تحدثنا عن الدساتير في مادة مبادئ السياسة. وتركز هذه المحاضرة  على الوضع الدستوري والقانوني والتطبيقي لرئاسة الجمهورية.     
1.  تكوين  رئاسة الجمهورية
تتكون رئاسة الجمهورية  بحسب دستور عام  2001  من رئيس منتخب هو رئيس الدولة ومن نائب يعينه الرئيس.  ويلاحظ أن الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في  منتصف مايو عام 1991 كان قد جعل الرئاسة في هيئة جماعية مكونة من خمسة أشخاص أطلق عليها "مجلس الرئاسة"، ونص ذلك الدستور على أن يكون لمجلس الرئاسة رئيس يتم انتخابه في أول اجتماع للمجلس.  ولم يتم النص على وجود نائب للرئيس الإ انه مع قيام الوحدة اليمنية تم انتخاب  علي سالم البيض نائبا للرئيس.

ورغم اتفاق  حزب المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني وحزب الإصلاح  عقب انتخابات ابريل عام 1993 على تغيير شكل رئاسة الدولة من "مجلس رئاسة" إلى "رئيس جمهورية"  وعلى أن ينص الدستور على وجود نائب للرئيس الا أن الخلاف بين الاشتراكي من جهة والمؤتمر والإصلاح من جهة ثانية فيما يتعلق بهذه النقطة  قد تركز حول الطريقة التي ينبغي ان يتم بها اختيار نائب الرئيس. ففي الوقت الذي أراد المؤتمر أن يتم تعيين النائب من قبل الرئيس كان الاشتراكي يصر على أن يتم انتخاب الرئيس والنائب في بطاقة واحدة كما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية حيث ان الناخب الأمريكي يدلي بصوت واحد لكل من الرئيس والنائب. ولهذه النقطة اهميتها. فقيام الرئيس بتعيين نائبه يعني تركيز السلطة بيد الرئيس في حين ان نزول الرئيس ونائبه يعني ان النائب يصبح له شرعية سياسية مستمدة من نزوله كمرشح بجانب الرئيس.

وبعد حرب عام 1994 تمكن المؤتمر والإصلاح من اعادة كتابة الدستور وتم  استبدال عبارة "مجلس الرئاسة" اينما وردت بعبارة "رئيس الجمهورية" وهو ما ركز السلطة بيد الحاكم الفرد بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن.
2. طريقة اختيار الرئيس
يتم اختيار رئيس الجمهورية وفقا للدستور النافذ عن طريق الانتخابات مع وجود قيود كبيرة على عملية الترشح والمنافسة.

أ. شروط المرشح

يشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية:
أ- أن لا يقل سنه عن أربعين سنة
بالنسبة  لشرط السن فالغرض منه هو أن يكون الشخص المرشح قد بلغ درجة عالية من النضج وأصبح قادرا على التحكم بشهواته واكتسب الخبرات والمعارف الضرورية لتولي رئاسة الجمهورية ..وهذا الشرط موجود في الكثير من الدساتير. وللتذكير فقط فان الانتخابات الرئاسية المصرية التي عقدت في يونيو 2012  جرت وفقا لهذا الشرط. 

وتضع بعض الدساتير (الدستور التونسي المطبق في عهد  المخلوع بن علي مثلا) حدا اقصى لسن الترشح حيث لا يحق للشخص الترشح بعد سن معينة (75 سنة في حالة الدستور التونسي) الإ ان الدستور اليمني لم يضع حدا اقصى لسن المرشح
ب- أن يكون من والدين يمنيين
تلجأ بعض الدول بما في ذلك الجمهورية اليمنية  في سبيل  حماية نفسها من الاختراقات ولضمان ولاء قياداتها السياسية لمصالحها الوطنية  إلى وضع  شرط لتولي المواقع القيادية العليا في الدولة وهو ان يكون الشخص من ابوين يحملان نفس جنسية البلد. 
ويلاحظ أن هذا الشرط الدستوري الواجب توفره في المرشح لرئاسة الجمهورية يحرم  اليمنيين من امهات غير يمنيات  وكذلك اليمنيين من اباء غير يمنيين  من الترشح لرئاسة الجمهورية وهو ما يؤثر سلبا  على حقوق  بعض اليمنيين  وخصوصا  وان المجتمع  اليمني مجتمع مصدر للبشر وعادة  ما يتزاوج اليمنيون في المجتمعات التي يستقرون فيها، وعندما يقررون العودة فإن ابنائهم  يصطدمون بمثل هذا الشرط.
 
ج- أن يكون متمتعا بحقوقه السياسية والمدنية
وعادة  ما يتم حرمان المواطنين من حقوقهم السياسية والمدنية وحق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية واحدا منها  في حالة ادانتهم بجرائم  ما لم يكن قد رد اليهم اعتبارهم.

د- أن يكون مستقيم الأخلاق والسلوك محافظا على الشعائر الإسلامية وان لا يكون
قد صدر ضده حكم قضائي بات في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره

يتضمن هذا الشرط  العديد من المسائل  التي يمكن قياس بعضها مثل عدم صدور حكم قضائي بات.  أما البعض الآخر فيبدو صعب القياس. فصدور حكم قضائي بات أمر يمكن التأكد من حدوثه. أما استقامة السلوك والأخلاق فيصعب التحقق منهما. 
ه- أن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مـدة ولايتـه مـن أجنبيــة.

يعكس هذا الشرط مثله مثل الشرط الثاني خوف اليمنيين من أن تتمكن دولة أجنبية عدوة أو صديقة  من اختراق الرئاسة اليمنية  عن طريق زوجة الرئيس غير اليمنية والتي يفترض المشرع انها ضعيفة الولاء لبلد زوجها.

وقد اثار هذا الشرط جدلا في المرحلة السابقة على انتخابات سبتمبر 2006 الرئاسية  بعد أن تداول الناس اخبارا عن نية كل من  علي ناصر محمد الرئيس السابق لليمن الجنوبي بين 1980 و1986  والدكتور عبد الرحمن البيضاني نائب رئيس الجمهورية العربية اليمنية في الفترة التالية لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962 عزمهما الترشح في انتخابات الرئاسة سبتمبر عام 2006 والاثنان تزوجا من أجنبيتين منحتا بعد ذلك الجنسية اليمنية.  

و. شرط التزكية
يشترط الدستور على كل راغب في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية الحصول على  تزكية 5%  على الأقل من اعضاء مجلسي النواب والشورى الحاضرين خلال اجتماع مشترك يعقد لذلك الغرض. وبالنظر الى تركيبة مجلس النواب خلال العشرين سنة الماضية فان هذا الشرط يعتبر جائرا جدا . ويكفي الإشارة الى ان شرط التزكية قد جعل مؤسسة الرئاسة التي تتركز فيها السلطة مغلقة على قوتين في الساحة هما المؤتمر والإصلاح.
ومع ان الدستور فرض على الاجتماع المشترك  تزكية ثلاثة أشخاص على الأقل واشترط أن لا يقل عدد المرشحين المتنافسين عن 2  الإ ان ذلك لم يعير كثيرا من حقيقة ان الحزبين المسيطرين على مجلس النواب هما وحدهما  اللذين يستطيعان  انزال مرشح.
ويبرر المؤيدون لشرط التزكية وجوده بان الشعب اليمني يعاني من الانقسامات  وان فتح الباب قد يؤدي الى وجود  مرشح لكل حزب أو  قبيلة أو منطقة أو عشيرة. ويرون ان كثرة المرشحين يمكن أن تضر بالوحدة الوطنية. أما المعارضين لشرط التزكية  فيرون أنه بمثابة الهروب من الرمضاء إلى النار  ويؤكدون وهذا صحيح انه كان يمكن الاكتفاء بنص في قانون الانتخابات يفرض رسوم معينة أو عدد معين من التوقيعات كما حدث في الانتخابات الرئاسية المصرية (2012) إذا كان الهدف هو التأكد من جدية المرشحين وتجنب  وجود عدد كبير منهم.
وعلى المستوى التطبيقي  فقد تقدم إلى مجلس النواب في عام  1999 م 24  مرشحا لكن المجلس الذي كان يهيمن على العضوية فيه المؤتمر والإصلاح لم يزك سوى مرشحين اثنين الأول هو علي عبد الله صالح والثاني برلماني اسمه نجيب قحطان الشعبي (والاثنان ينتميان إلى المؤتمر الشعبي العام). وقد نزل صالح باسم المؤتمر ونزل الشعبي كمستقل. ويعتقد الكثيرون بان نجيب الشعبي وهو نجل الرئيس الجنوبي السابق قحطان الشعبي  لم يكن مرشحا حقيقيا وإنما كان يمثل دور  المرشح فقط.
أما مرشح المعارضة علي صالح عباد مقبل الأمين العام للحزب الاشتراكي لليمني في ذلك الوقت فقد تم حجب التزكية عنه.  وقد تمت عملية التزكية عن طريق استمارة يكتب فيها النائب ليس فقط اسم المرشح الذي يزكيه ولكن أيضا اسمه ورقم دائرته ويوقع عليها أيضا.

اسئلة للنقاش
1.     هل انت مع وجود نائب للرئيس ام لا؟
2.     اذا كنت تؤيد وجود نائب للرئيس فهل برايك يتم انتخابه مع الرئيس في تذكرة انتخابية واحدة ام يترك امر تعيينه للرئيس المنتخب؟
3.     لماذا برأيك هناك فجوة بين النص الدستوري والممارسة في الحالة اليمنية؟
4.     ما رايك بفكرة القيادة الجماعية كبديل للرئاسة الفردية؟ ما هي من وجهة نظرك مزاياها وعيوبها؟
5.     هل انت مع الشرط الدستوري الذي ينص على حصول الراغب في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية على تزكية 5% من اعضاء مجلسي النواب والشورى؟ لماذا نعم أو لا؟


هناك 7 تعليقات:

  1. محمد التبالي30 يوليو 2012 في 4:47 م

    1..2_نعم انا مع وجود نائب للرئيس وان يترك امر تعيينه في تذكره انتخابيه حتى لا يكون نائب شكلي كما حدث سابقا
    3_ربما الجهل الذي يتمتع به المسئولين بدرجه كبيره وكذلك الشعب لكن جهل الثاني غالبا ما يكون نتيجه للاول
    4_انا لست مع القياده الجماعيه لان اختلاف المجلس يؤدي الى خلاف شعبي فاختلاف شخصين ربماء قد يقسم الشعب الى فئتين وكذلك تقاسم الكعكه بعيدا عن المصلحه الوطنيه بين اعضاء المجلس وتهميش الاقليات وما يدخل في هذا الاطار
    اما مزايها ربما تكمن في عدم تركز السلطه بيد حزب او جماعه وحيده
    5_لا
    لان النتايج يتم تحديدها مسبقا من قبل الاحزاب المسيطره على المجلسين بعيدا عن الشروط التي قد تكون شكليه فقط (تقديم المصلحه الحزبيه على المصلحه الوطنيه)

    ردحذف
  2. هذا نظام سياسي والا مجموعة فخاخ الثعابين

    ردحذف
  3. انا فضل رئيس لليمن مثل ملكة بريطانيا يعني كوز بطاقة وان تكون الإختصاصات لرئيس الوزراء كما درسنا اول السنة

    ردحذف
  4. شيماء الهويدى2 أغسطس 2012 في 3:44 ص

    إجابة السؤال الأول:نعم أنا مع وجود نائب للرئيس
    إجابة السؤال الثاني: يجب انتخاب نائب الرئيس مع الرئيس في تذكرة انتخابية واحدة
    إجابة السؤال الثالث: سبب وجود فجوة هو عدم وجود جهة رقابية تمارس دور الرقابة والتقويم والتنبيه وكذلك الفصل عند الإخلال بنص من نصوص الدستور وتتمثل في هيئة قضائية وعليه يلاحظ افتقار اليمن لمحكمة دستورية عليا مستقلة وقد اقتصر وجودها ف اليمن على شعبة ضمن دوائر المحكمة العليا
    إجابة السؤال الرابع: لست مع فكرة القيادة الجماعية وقد سبق لليمن أن جربت شكل المجلس الرئاسي بصورتين الأولى في أواخر الستينات والثانية التي قد ذكرتها وقد فشلت الأولى كما فشلت الثانية لصعوبة التوافق وما نتج من صراعات بين الأحزاب
    إجابة السؤال الخامس هي: لا لست مع هذا الشرط لأنه ينافي حقوق المواطنة وكذلك يتعارض مع الاستقلالية

    ردحذف
  5. هديل محمد الجوزي2 أغسطس 2012 في 4:18 ص

    بعد اطلاعي على المحاضرة هذه وجهة نظري في اجابات الاسئلة اولا انا مع وجود نائب رئيس لانه اذا تم انتخابه عن طريق الشعب سيكون نائب الرئيس الشرعي وفي حالة حدوث شي للرئيس سيكون نائب للرئيس هوالبديل له وهي طريقة شرعية ومرضية للشعب الفجوة بين النص الدستوري والممارسة اولا لوجود نظام ودولة هشه وغياب دولة الموسسات والعدالة الاجتماعية مفقودة وعدم وجود محكمة دسستورية علياوعدم وجود محاكم ادارية في البلاد واما بالنسبة للتزكية فانا لست معاها لان يحق لكل مواطن يمني نزيه في مجتمعه بسمعته واخلاقه واعماله الترشح بدون اي قيود وهذا وجهة نظري في الاسئله

    ردحذف
  6. 1=اعتتقد انه لاحاجه لوجودنائب للرئيس فهاهو عبدربه يقود اليمن دون الحاجه الى نائب ولكن اذا حدث اي مكروه للرئيس يتولى الامور رئيس مجلس النواب او او رئيس الحكومه
    3= ان اكبر سبب لوجود الفجوه على ما اعتقد هو الجهل الى جانب الهيمنه القبليه
    4=اعتقد ان نظام الرئاسه الجماعيه لا يصح في اليمن فقد راينا ذلك بعد الوحده والفشل الذي حدث يعتقد البعض ان من مزاياه مراضاة جميع الاطراف التي تتصارع على السلطه لكن الايام اثبتت غير ذلك بل ان هذا من اكبر العيوب لان كل طرف سيسعى الى توسيع نفوذه داخل الدوله وهذا ما حدث بالضبط بعد الوحده والذي ادا الى حرب صيف 94
    5= نعم حتى لا يصبح الترشح للرئاسه لمن هب ودب

    ردحذف
  7. سحر عبد المؤمن العريقي5 أغسطس 2012 في 7:26 ص

    1- انا مع وجود نائب للرئيس بس شرط ان يمارس سلطتة فعليا وليس شكليا كما كان سابقا الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي
    2-نعم انا مع ان يتم انتخاب نائب الرئيس مع الرئيس في تذكرة واحدة حتى لا يكون تابع للرئيس ولا توجد له اي سلطه في ممارسة وظيفتة كما كان سابقا
    3-أعتقد ان سبب هذه الفجوة هو انا الدستور أصبح تابع لمصالح الرئيس بدلا من ان يكون الرئيس تابعا للدستور
    4-لا الرئاسه الفرديه افضل لان القيادة الجماعيه تودي الى وجود نزاعات وخلافات بسبب ان كل فرد يريد تنفيذ افكاره و وجهات نظره مما يودي الى التشتت ولانقسامات ويودي بالضرر على الوطن اولا
    5-لا بسبب تحيز الاحزاب في مجلس النواب لبعض المرشحين بحيث لا يتم التصويت للرئيس بحسب الشروط المطلوبه بل على حسب انتماء هذا المرشح للحزب

    ردحذف