الاثنين، 31 يناير 2011

قرأ الواقع السياسي في اليمن ، وسرد السيناريوهات المحتملة ، نصح الثوريين والجمهوريين والوحدويين


قال إن عصر الصفقات السياسية انتهى فلا الحاكم يملك الثمن .. ولا المعارضة تملك ما تبيع ..


الدكتور عبد الله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء لــ(الرشد)


الانتخابات التي يتم الحديث عنها .. ستطيح بالثورة والجمهورية وستعيد اليمن 50 سنة إلى الخلف .

اعتبر الدكتور عبد الله الفقيه أن التعديلات الدستورية التي ينادي بها الحزب الحاكم تهدف بشكل أساسي إلى تأبيد السلطة على خطوط أسرية وطائفية ومناطقية ، وحول الانتخابات المزمع إجراؤها في إبريل القادم قال إنه لا يعتقد أنها ستجري لأنها إن جرت ستطيح بالخيط الرفيع للديمقراطية وبالدستور وستكون آخر انتخابات تعقد في ظل هذا النظام ، حول أزمة الانتخابات النيابية، وردة فعل المعارضة والشارع وآثار انفصال جنوب السودان على جنوب اليمن ، يقدم الدكتور عبد الله الفقيه أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء قراءة متأملة للكثير من تفاصيل الواقع السياسي في اليمن فإلى تفاصيل الحوار :

حوار: أحمد الصباحي

بداية كيف يمكن وصف الواقع السياسي في اليمن بعد ديسمبر 2010م ؟

هناك خمس خطايا تشكل الواقع السياسي مطلع العام الجديد. الخطيئة الأولى هي إقرار وتمرير قانون انتخابات من قبل طرف سياسي واحد وبالمخالفة للإجراءات الدستورية والقانونية وهذا أمر يحدث للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية اليمنية في عام 1990. والخطيئة الثانية التي لا تقل فداحة عن الأولى هي أنه تم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ولأول مرة منذ قيام الوحدة اليمنية من قبل طرف سياسي واحد ومن موظفين تابعين لذلك الطرف تصدر بهم قرارات جمهورية وهو ما يطيح بمبدئي الحياد والاستقلال الواردين في الدستور بخصوص اللجنة.

والثالثة...؟

أكثر فداحة من الأولى والثانية وهي ثالثة الأثافي..فلأول مرة في تاريخ اليمن سيتم حرمان أكثر من 2 مليون يمني ممن بلغوا الثامنة عشرة خلال العامين الماضين وفي نفس الوقت ستجرى انتخابات في ظل سجل انتخابي يحتوي على ملايين الأسماء المزورة والمكررة ودون السن القانونية أو التي رحل حاملوها خلال السنوات الماضية وهو ما يعني إعطاء الأموات حق التصويت وحرمان الأحياء من ذلك الحق.

وماذا عن الرابعة والخامسة؟

سيتم الإعداد والتحضير للانتخابات من قبل طرف واحد وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ اليمن، وأم المصائب كلها هو أنه سيتم تعديل الدستور من قبل طرف واحد ولأول مرة في تاريخ اليمن وبهدف تأبيد السلطة على خطوط أسرية وطائفية ومناطقية وكأن الدستور عبارة عن وصية الرئيس أو عبارة عن صك شراكة بين الرئيس وأعضاء حزبه في امتلاك البلاد.

هل تعتقد أن الانتخابات ستجرى في إبريل القادم كما يخطط لها الحزب الحاكم ؟

بعد كل ما قلته لا أعتقد أنها ستجرى في إبريل القادم لأنها إن جرت ستنزع عن السلطة القائمة ورقة التوت التي تسترها وستطيح بالخيط الرفيع للديمقراطية وبالدستور وستكون آخر انتخابات تعقد في ظل هذا النظام وستعيد اليمن 50 سنة إلى الخلف. الانتخابات التي يتم الحديث عنها ستطيح بالثورة والجمهورية والوحدة ولن يرضى اليمنيون الأحرار بذلك.

هل ما زالت الجمهورية موجودة بالفعل؟

هناك من يعتقد أن اليمن أصبحت عبارة عن جمهورية بلا جمهوريين وهذا الكلام قد ينطبق على عدد قليل من الناس وليس على الجميع .

ما الذي يمكن أن يخسره الحاكم في هذه الانتخابات الانفرادية ؟

سيخسر كل شيء لم يخسره بعد من الشرعية والقبول الداخلي والخارجي وكما يقولون فإنه بإمكانك أن تبني عرشا من الحراب ولكن لا يمكنك الجلوس عليه طويلا.


ما خيارات المعارضة إذا جرت الانتخابات ؟ و ما السيناريوهات المحتملة ؟

لا تسألني ما خيارات المعارضة بل قل ما خيارات الشعب لأن ما يجري هو انقلاب على الثوابت الوطنية وفي مقدمتها مكتسبات الثورتين والنظام الجمهوري والوحدة اليمنية وهذه الثوابت تهم عبد ربه منصور هادي والدكتور عبد الكريم الإرياني بنفس القدر الذي تهم فيه محمد اليدومي والدكتور ياسين سعيد نعمان وتهم الشمال والجنوب والشرق والغرب.

الوسائل المشروعة المتاحة أمام الشعب لرفض نتائج الانتخابات إذا ما خاضها الحاكم منفردا أو قاطعها المشترك ؟

الشعب صاحب السلطة ومصدرها وعندما يصبح الطغيان حقيقة تصبح الثورة حقا ، لكن الكل يأمل أن تكون ثورة حضارية إن كان لا بد من ثورة وأن تدفع بهذا الشعب الحضاري إلى الإمام ولا تعيده إلى الخلف وعلى كل القوى الثورية والجمهورية والوحدوية أن تدرس الخيارات المتاحة جيدا وعلى الجميع أن يتكاتفوا ويخلصوا النية في سبيل التغيير .


هناك محاولات لتصفير العداد الرئاسي ؟ ما رأيكم ؟

هناك طريقتان لطلب المتعة في الشريعة الإسلامية الأولى عن طريق الزواج بضوابطه الشرعية المعروفة والثانية عن طريق الزنا والفرق بين الطريقتين ليس في المضمون ولكن في الإجراءات. فالزواج يتم وفقا لضوابط شرعية بينما الزنا يحدث خارج تلك الضوابط وما يحدث في اليمن اليوم أشبه ما يكون بطلب المتعة عن طريق الزنا بدلا من الزواج الشرعي.

ما موقفك من مسألة التوريث ؟

يعتمد موقفي من التوريث على ما تقصده بالتوريث . فإذا كنت تقصد طريقة آل غاندي في الهند فلا أرى في ذلك مشكلة وإذا كنت تقصد توريث سلطة رمزية كما في بريطانيا فلا أرى في ذلك مشكلة أيضا. وإذا كنت تقصد توريث السلطة في نظام ملكي مقبول من شعبه فإن ذلك موجود ومن حق الشعوب أن تختار ما تختار..أما إذا كنت تقصد التوريث على الطريقة السورية والمصرية فأمر لا يليق بالأنظمة الجمهورية.

وهل تعتقد أن هذا سيحدث في اليمن؟

لقد تجاوز اليمن تلك المرحلة وقدم الكثير من التضحيات في سبيل ذلك ولا أعتقد أن وضع اليمن يسمح بالتوريث وحتى إذا سمح بعض اليمنيين فلن يسمح عبد الملك الحوثي والحالة التي يمكن فيها تخيل قيام التوريث هي تقلص مساحة اليمن بحيث لا تتعدى منطقة سنحان .

ألا تعتقد أن أحزاب المعارضة أصيبت بالتبلد على حد تعبير الدكتور الظاهري والخمول وأصبحت تبيع الكلام ولا تملك مشروعا حقيقيا ؟

اليمن أمام منعطف مهم وعلينا أن نعطي المعارضة الفرصة حتى 27 إبريل فإذا لم يحدث شيء ومضى الحاكم في مشروعه يمكن ساعتها أن نعلن وفاة المعارضة لكن موت المعارضة أو السلطة لا يعني أبدا موت الشعب اليمني الذي ينبغي أن نراهن عليه في التغيير ونتمنى أن لا تشهد المرحلة المقبلة خروج المعارضة من المعادلة السياسية لكنها إذا خرجت لن نأسف عليها ولن نبكي على أطلالها .

هناك من يقول إن الأزمة القائمة حاليا سينتهي بها المطاف إلى صفقة سياسية كما حدث في الماضي ؟

لقد انتهى عصر الصفقات السياسية إلى غير رجعة فلا الحاكم يملك الثمن ولا المعارضة تملك ما تبيع، المرحلة القادمة هي مرحلة التضحيات والشعب لن يقبل بشيء سوى التغيير

ما جدوى الحوار بعد الانتخابات ؟

ليس هناك أي حوار بعد الانتخابات وإذا مضت الانتخابات فليس بعدها سوى الإمامة البغيضة والتجزئة والذي لن يحاور اليوم لن يحاور أبدا .

ما نصيحتك للحزب الحاكم ، وللمعارضة ؟

أنصح الثوريين والجمهوريين والوحدويين سواء أكانوا في السلطة أم في المعارضة بالتكتل من أجل إنقاذ البلاد من الغزو الخارجي والتجزئة وعودة الإمامة .

في ظل الانفتاح الإعلامي الكبير الذي نعيشه، بدأت هناك ممارسات خطيرة تندرج بعضها تحت إطار ممارسة الحرب النفسية ضد المجتمع ؟ ما تنظيركم لهذه المسالة ؟

هناك احتمالان الأول هو أن النظام الدكتاتوري الغوغائي الذي يحكم اليمن يلجأ إلى هذا الأسلوب الدنيء بغية إضعاف المجتمع اليمني وتمزيقه وبما يمكنه من الاستمرار في السلطة. أما الاحتمال الثاني فهو أن الخارج يسعى من خلال توظيف مثل هذه الأساليب إلى إيصال الناس إلى قناعات بشأن بعض التغييرات. وفي اعتقادي أن الأسلوب وبغض النظر عن من يقف خلفه أسلوب خطير ويضر بالبلاد.

عدتم مؤخرا من الدوحة بعد المشاركة في ندوة نظمها مركز الجزيرة للدراسات عن استفتاء الجنوب السوداني وتداعياته ؟ برأيك ما آثار انفصال السودان على جنوب اليمن ؟

هناك سيناريوهات عديدة تتنازع مستقبل اليمن. فهناك السيناريو السوداني الذي يقوم على مقايضة بقاء الرئيس وأسرته وأنسابه وأبناء عشيرته في السلطة مقابل فك ارتباط الجنوب وربما لاحقا إعطاء محافظات شمال الشمال التي يسيطر عليها الحوثيون حق تقرير المصير. ويقوم هذا السيناريو على انقلاب يقوده حزب الحاكم على الديمقراطية والوحدة والدستور ويرفضه الجنوب في 27 إبريل 2011 ويقبل به الخارج بشرط موافقة السلطة في اليمن على فك ارتباط الجنوب. وهناك السيناريو العراقي وهو أن تترك الأوضاع لتتفجر أكثر فأكثر فيقرر مجلس الأمن إرسال قوات دولية إلى اليمن تتولى إعادة رسم الخريطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بنفس الطريقة التي حدثت في العراق.

بالنسبة للسيناريو التونسي فإنه مستبعد في اليمن في المرحلة الحالية في ظل وجود مشروعين صغيرين هما مشروع التمرد ومشروع الانفصال. ومع أن مشروع التمرد يمكن دمجه في الحركة الوطنية إلا أن مشروع الحراك سيظل يمثل عقبة في طريق الكتلة التاريخية رغم أن كل القوى على الساحة ستقبل بقيادة الحراك لمشروع وطني شامل. وفيما يتصل بالمشروع الصومالي فيبدو أنه غير محتمل أيضا رغم أن اليمن قريبة جدا منه ويبدو في تفاصيله مطابقا لمقاسات الوضع في اليمن. تأثير انفصال جنوب السودان على الوضع في اليمن هو أنه ينمي وعينا بأن إعادة تجزئة اليمن أمر ممكن وقد يتم بسرعة كبيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق