السبت، 17 يوليو 2010

اتفاق تعميق الأزمات..


د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

خلى اتفاق المؤتمر الشعبي العام واحزاب اللقاء المشترك الموقع في 17 يوليو 2010 وهو اليوم الذي يصادف الذكرى الـ32 لتولي الرئيس علي عبد الله صالح السلطة من اي بادرة حسن نيه وبدا الإتفاق في شكله النهائي أشبه ما يكون باتفاق على عدم الإتفاق. واحتوى الإتفاق الذي جاء كما يبدو استجابة لضغوط خارجية على 10 بنود يبدو ان الهدف منها هو الهروب من الأزمة القائمة بين السلطة والمعارضة وفتح عملية اجرائية طويلة قد تستغرق سنوات قبل ان يبدأ الحوار الفعلي.
فقد نص البند الأول مثلا على ان "تلتقي أحزاب اللقاء المشترك مع المؤتمر الشعبي العام كممثلين لشركائهم وحلفائهم في لقاء تمهيدي يقوم فيه كل من الطرفين بتحديد وتسمية شركائهم وحلفائهم والذين سيمثلون الطرفين في اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني ولا يجوز لأي طرف الاعتراض على ما يقدمه الطرف الآخر." وواضح ان هذه الخطوة الإجرائية لا قيمة لها ولكنها تهدف لإختبار نوايا المشترك والتعرف على الشخصيات التي ستمثله وعلى حلفائه وعلى اصحاب المواقف المتشددة الذين يمكن ايكال مهمة التعامل معهم للهيلوكس واصحاب المواقف المرنة والذين يمكن مكفائتهم عن طريق البنك المركزي.
وجاء في البند الثاني من الإتفاق "بعد استكمال تحديد القائمتين يتم تشكيل اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني من القائمتين بالتساوي بعدد اجمالي قدره مائتا عضو." وهذه الخطوة الإجرائية لا قيمة لها وهدفها النهائي الفحص الأمني لشخصيات الحوار وهو الفحص الذي قد يسغرق العديد من السنوات. اما قوام اللجنة فلا يدع مجال للشك باننا امام اي شيىء آخر ولكن ليس امام حوار.
ونص البند الرابع على ان "يستحضر الطرفان الى جانب ما ورد اعلاه قائمة اخرى بأسماء الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني التي سيتم الاتصال بها والتشاور معها من قبل لجنة الاعداد والتهيئة للحوار وضم كل من يقبل بفكرة الحوار الوطني الى قوام اللجنة بنفس المعايير التي يتم بها تشكيل اللجنة من حيث العدد والتمثيل."
وواضح ان النص بعاليه يحتوي على العديد من الألغام الكفيلة بنسف اي اتفاق ممكن ناهيك عن عملية الإتصال التي قد تسغرق سنوات. وعلى افتراض ان الخطوات الإجرائية العبثية الأولى والثانية تم التغلب عليها فان الخطوة الإجرائية الواردة في البند الرابع كفيلة بافشال اي اتفاق وخصوصا النص الذي يقول "وضم كل من يقبل بفكرة الحوار الوطني الى قوام اللجنة بنفس المعايير التي يتم بها تشكيل اللجنة من حيث العدد والتمثيل."
ونص البند الخامس على "استكمال التشاور مع بقية الأحزاب والقوى السياسية والفعاليات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الراغبة للانضمام للحوار الوطني دونما استثناء" وعلى افتراض حسن النوايا فان هذه الخطوة وحدها قد تستغرق بين السنة والخمس سنوات.
ثم نص البند السادس على "اعداد البرنامج الزمني للحوار والضوابط المنظمة له." ويبدو ان الأطراف المتحاورة لن تصل الى هذه النقطة الا في عام 2020 على افتراض حسن النوايا.
اما البند السابع فاكد على ان "تتخذ اللجنة قراراتها بالتوافق وتكون ملزمة للجميع." فعلى افتراض ان قوام لجنة الحوار وصل الى 8000 شخص وانها تتخذ قرارتها بالتوافق فان الوصول الى اتفاق قد يستغرق بين الف وخمسة الاف سنة.
وياتي الإتفاق في ظل ضغوط خارجية كبيرة على اطراف الأزمة السياسية. لكن نصوص الإتفاق لا بد ستخيب آمال الأطراف التي ضغطت من اجله. فالإتفاق في مجمله يبدو اشبه ما يكون بارسال قيادات المؤتمر والمشترك الى الخارج للدراسة في برنامج يبدأ من الصف الأول الإبتدائي وينتهي بالدكتوراة.
ويبد ان الإتفاق قد قام على فكرة ميكيافيللية خطيرة وهي "اشغل خصومك بحلفائك وحلفائك بخصومك لأطول فترة ممكنة." ويبدو هذا واضحا من خلال عدم تضمين الإتفاق اي نصوص على جدول زمني للحوار او حول القضايا التي سيتم الحوار حولها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق