الثلاثاء، 20 يوليو 2010

حوار يشبه الحرب!


د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
عن صحيفة الرشد
تختلف السلطة والمعارضة في اليمن في تشخيصهما النظري للمشاكل وفي المعالجات التي يقدمانها كخارطة طريق للخروج من الأزمات العاصفة التي تمر بها البلاد. لكن المتتبع للسلوك الفعلي للسلطة والمعارضة باستخدام العدسة الثقافية لا بد أن يصاب بالدهشة من التشابه بين الإثنين والى الحد الذي يفقد معه الإنسان القدرة على التمييز بينهما. وفي الوقت الذي يختلف فيه اليمنيون على صعيد التنظير، فإنهم على صعيد الممارسة يتصرفون بنفس الطريقة تحت نفس الظروف.
وفي الوقت الذي يتحدث فيه السياسيون اليمنيون بمختلف ألوانهم الفكرية عن الثوابت الوطنية المتمثلة في الدستور والقانون والوحدة الوطنية...الخ الأسطوانة المكرورة الإ أن الملاحظ أن السلوك السياسي لأشخاص السلطة والمعارضة يعكس مجموعة من الثوابت التي نادرا ما يتم الاعتراف بها وهي: الشخصنة، الولاء الأولى، الشك بالآخر، والضيق بوجهة النظر الأخرى. ولا يمكن لمثل هذه القيم سوى ان تمثل الركائز الأساسية للتخلف السياسي وان تعمل وبشكل مستمر على إعاقة حدوث أي تحول حقيقي.
ويتفق الجميع على أن وظيفة السلطة هي ان تحكم ووظيفة المعارضة هي ان تعارض. لكن المشكلة تنبع في الحالة اليمنية من ان العلاقة بين الأطرف السياسية قد بدت اقرب ما تكون إلى "اتفاق المختلفين" وليس إلى "اختلاف المتفقين." فلا السلطة تحكم كما يمكنها ان تحكم ولا المعارضة تعارض كما يمكنها ان تعارض. والنتيجة هي اما المراوحة في نفس المكان، نفس النفق المظلم أو الدائرة المغلقة أو ، وهو الأسوأ، التقهقر وتنمية التخلف والتشوهات.
بالنسبة لحرب صعدة، فقد اختلف الجانبان ليس فقط في تشخيصها وتحديد أسبابها ولكن أيضا في أسلوب معالجتها. ورغم انه كان هناك حاجة ماسة لقيام حوار بين الجانبين حول المشكلة نظرا لآثارها الكارثية على البلاد بشكل عام الإ ان الطرفين لم يتمكنا من الدخول في أي حوار جدي وفضلا الاتفاق على عدم الاتفاق. وبينما حملت أحزاب اللقاء المشترك السلطة مسئولية الأزمة وذلك بسبب فشلها في إدارتها، فقد ردت السلطة في إحدى المرات بالقول ان "أعمال الإرهاب والتخريب تمثل قاسما مشتركا" بين العناصر التي تقوم ب"الأعمال الإرهابية" في صعدة و"قيادات اللقاء المشترك." واتهم المصدر بطريقة ضمنية التجمع اليمني للإصلاح بالتحديد بدعم الإرهاب والإرهابيين وتقديم الدعم اللوجستي لهم.
وعرت حروب صعدة الست ومن بعدها أحداث المحافظات الجنوبية هشاشة الوضع السياسي اليمني وركاكة "شعرة معاوية" التي تربط السلطة بالمعارضة والدولة والمجتمع والشعب بممثليه ومؤسساته السياسية. وجاء الخطاب السياسي للطرفين وخصوصا السلطة ليعكس وصول العلاقة بين الأطراف السياسية إلى نقطة الفقدان التام للثقة. وبينما تتكاثر أزمات البلاد وتتعقد يخلو الأفق من أي مؤشر على ان القوى السياسية في البلاد قادرة على ردم فجوة غياب الثقة فيما بينها والعمل معا من اجل تدارك ما يمكن تداركه.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا وصل الحال بعلاقة السلطة والمعارضة في اليمن إلى ما وصل إليه؟ وأول جواب يخطر على الذهن هو أنه من الطبيعي ان تتشابه السلطة والمعارضة عندما يتعلق الأمر بالسلوك وذلك بالنظر إلى الإرث الثقافي المشترك لليمنيين بغض النظر عن الأدوار السياسية التي يلعبونها أو مساحيق الإيديولوجيات التي يتزينون بها. لكن ما سبق كله لا يعفي النظام القائم من مسئوليته التاريخية تجاه كل ما تعيشه اليمن من مشاكل وما يتهدد مستقبلها من اخطار.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق