السبت، 2 فبراير 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 4)



في ظل الصراع بين تيارات حكومة المنفى، اندلعت في مطلع يونيو 2015، أزمة بين معسكر هادي ومعسكر علي محسن الأحمر بسبب الصحفي المحسوب على نصر طه مصطفى الموالي بدوره ظاهريا للواء الأحمر. كان نصر طه  قد عين الأرحبي أيام كان مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية سكرتيرا صحفيا للمكتب، ومع تطور الأزمة انتهى الأمر بالجميع إلى الرياض، فوجدها نصر فرصة، في سياق الصراع الدائر على السلطة ومغانمها، لفرض الأرحبي على هادي كناطق باسمه، لكن هادي وبعد سلسلة من التصريحات للأرحبي باسم رئيس الجمهورية، بادر إلى إصدار بيان ينفي بأن يكون لديه ناطق رسمي متهما الإرحبي بانتحال شخصية الناطق الخاص به. 

واستغل مصطفى نفي هادي، فعمل في إطار المهام المسندة إليه من قبل السعوديين في إدارة الرأي العام اليمني، على النفخ في ذلك النفي لأطول فترة ممكنة.   وعندما أصبح الموضوع باليا تماما تم تحويل التكذيب الرئاسي إلى مناحة عنوانها  "هادي يبعد آخر شمالي من الشلة المحيطة."  


وفي 6 يونيو 2015 قصفت طائرات التحالف ليلا مقر القيادة العامة للقوات المسلحة بصنعاء مستهدفة جنودا من اللواء 311 المحسوب على الجيش التقليدي الذي يقوده الأحمر. وقد قتل في الهجوم العشرات  من الجنود وجرح المئات. وفي تفسير سبب وجود الجنود في القيادة العامة ليلا وبإعداد كبيرة ذكر ناشطون أنهم حضروا ليلا لاستلام مرتباتهم. وبينما استلم البعض، وغادر فقد طلب من الذين لم يستلموا النوم حتى الصباح، لتأتي الطائرات ليلا وتستهدف عنبر الجنود المحاذي لشارع المطار. ووقعت المذبحة المروعة بعد أيام فقط من مذبحة قوات الأمن الخاصة الموالية للرئيس السابق. وبدا وكأن الجنود يسقطون في حرب غير معلنة بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح والرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي واللواء الركن الفار من الحوثيين علي محسن الأحمر.


وفي الـ30 من يونيو 2015 (التاريخ المفترض لانتهاء المفاوضات بين إيران ودول الـ5+1)، نشر الروائي والكاتب اليمني المقيم في المانيا والمقرب من الإخوان مروان الغفوري الجزء الأول من مقال بعنوان "عارنا في الرياض"، بينما نشر الجزء الثاني من المقال في الـ2 من يوليو. وقد لوحظ مع نشر جزئي المقال، تعرض الفيس بوك داخل اليمن، وهو الشبكة الاجتماعية الأكثر استخداما من قبل الناشطين اليمنيين،  إلى التعطيل المقصود لساعات. 

كما لوحظ أيضا عند نشر الجزء الثاني افتعال الكثير من القصص والأحداث للتغطية. وصحيح أن عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين (أنصار الله)، ألقى خطابا في الـ2 من يوليو، وأن الرئيس اليمني السابق دأب بشكل مستمر، أحيانا بتنسيق وتناغم مع وسائل إعلام التحالف، على التغطية على خطابات وكلمات زعيم الحوثيين، إلا أن ما حدث في الـ2 من يوليو كان أسلوبا مختلفا في التغطية وصرف الانتباه، وهذا بالطبع لا يعني أن خطاب زعيم الحوثيين لم يكن مستهدفا بالتغطية. 

وللتمثيل على التطورات التي احتشدت في الـ2 من مايو يمكن الإشارة إلى أن الصحفي شفيع العبد أعلن فجأة ودون مقدمات وبطريقة لا تخلو من غرابة استقالته من عضوية الحزب الاشتراكي اليمني بسبب ما قال انه تواطؤ الحزب مع الحوثيين. وقد حظيت استقالته بتغطية مكثفة في المواقع الإخبارية والشبكات الاجتماعية تفوق في حجمها أهمية الحدث بكثير. 

كما أعلن أيضا أن وزير الخارجية السعودي وافق على هدنة إنسانية، وثبت لاحقا  أن الخبر لا أساس له من الصحة. وأعلنت السلطات السودانية بشكل مفاجئ منع اليمنيين من دخول أراضيها بدون تأشيرات مسبقة، وأعادت 35  مسافرا كانوا على متن طائرة وفرتها لهم منظمة الهجرة الدولية تمر ترانزيت عبر مطار الخرطوم رغم أن المسافرين كان لديهم فيز للسفر إلى الدول التي يقصدونها.

وتناول مقال الغفوري الذي كتب بأسلوب روائي في جزئيه طريقة إدارة الرئيس هادي للأمور من مقر إقامته في الرياض ومن حوله أشخاص مثل احمد بن مبارك، ورياض ياسين المكلف بأعمال وزير الخارجية، وخلافاته مع الجنرال الأحمر وحزب الإصلاح، والرئيس علي ناصر محمد، وتشفيه بسقوط مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف وهزيمة القيادي الإصلاحي الحسن أبكر في 14 يونيو، واتهامه للجنرال محسن بالوقوف خلف عناصر القاعدة التي استولت على مدينة المكلا في 2 ابريل، وشكوى هادي عندما يخلو إلى نفسه من أن وزير خارجيته رياض ياسين مفروض عليه من قبل السعوديين لأنه من جماعة عبد الله الأصنج.   

وفي صباح يوم الاثنين 6 يوليو (لاحظ التاريخ)، والصراع ما زال محتدما بين هادي والأحمر، قصفت طائرات تابعة للتحالف سوقا للمواشي بمنطقة "الفيوش" بمحافظة لحج مما أدى إلى مقتل 42 مدنيا حسب تقارير إعلامية، ورغم إنكار التحالف في البداية للقصف ومحاولته إلقاء المسئولية على الحوثيين، إلا أن خبراء عسكريين أكدوا أن حجم الدمار والمخلفات الصاروخية يدل على أن القصف كان بالطائرات ولا يمكن أن يكون قد نفذ بصواريخ الكاتيوشا أو بقذائف الهاون. 

وذكرت روايات بعد ذلك أن التحالف استهدف طقما للحوثيين أثناء تواجده في السوق مما أدى إلى مقتل 6 منهم (لاحظ الرقم)، وصعب على الناس تصديق الرواية حيث لا يعقل، كما ذكروا، أن يقتل 42 مدنيا في سبيل استهداف طقم. ولوحظ أن بعض المواقع في تغطيتها لما حدث قد ألقت باللوم على الموالين للواء الأحمر الذين تعمدوا كما أوردت تقديم إحداثيات خاطئة للتحالف. وهكذا صور القصف على انه انتقام من اللواء الأحمر لما حدث لقوات موالية له بصنعاء في ذات التاريخ من شهر يونيو.  

وفي ذات اليوم الذي قصفت فيه طائرات التحالف سوق المواشي في منطقة "الفيوش" (6 يوليو) قام هادي بزيارة إلى  مقر قيادة عمليات التحالف في وزارة الدفاع السعودية، وهي الزيارة التي لوحظ أن وسائل إعلام التحالف، بما في ذلك المواقع الإخبارية، لم تتعامل معها سوى في اليوم التالي لوقوعها.  
   
وفي يوم 7 يوليو 2015، والذي صادف ذكرى اليوم الذي أعلن فيه في عام 1994 انتصار القوات الموالية للرئيس السابق على الانفصاليين في الجنوب ودأب الرئيس السابق على الاحتفاء به منذ ذلك العام، قامت طائرات التحالف  بقصف معسكر اللواء 23 ميكا الموالي للشرعية والذي يتمركز في منطقة العبر بمحافظة حضرموت. وذكر ناشطون على الشبكات الاجتماعية أن قصف اللواء 23 ميكا حدث بعد أن نشر اللواء قبلها بساعات قوة من المدرعات والدبابات لقطع الطريق أمام مسلحي الحوثيين الذين يتقدمون من محافظة شبوة نحو محافظة حضرموت.

وذهبت مواقع نقلا عن مصادر لم تسمها  إلى أن القصف حدث نتيجة انقسام بين القوات الموجودة داخل المعسكر حيث انحاز قسم منها إلى الرئيس السابق والبعض الآخر إلى الشرعية ممثلة بهادي، ثم حدث اشتباك بين الطرفين استدعى تدخل الطائرات.  وكتب احمد الحبيشي، الإعلامي المحسوب في ذلك الوقت على الحوثيين والرئيس السابق، أن قصف معسكر اللواء 23 في حضرموت حدث  بعد وصول قوات جديدة من السعودية تم  تدريبها هناك وتتقاضى مرتبات عالية من التحالف،  وقيام القوات الأساسية في المعسكر احتجاجا على ذلك بالاستيلاء على المعسكر. 

وفيما ذكر ناشطون في 8 يوليو أن ضحايا معسكر اللواء 23 في العبر بحضرموت قد يصلون إلى  300 من  الضباط والجنود، فقد أصدرت وزارة الدفاع في حكومة هادي بيانا نعت فيه شهداء المعسكر وأكدت انه تم قصف المعسكر بالخطأ، وأظهرت مواقع أن معظم الذين استشهدوا ينتمون إلى محافظة ريمة. وأعلن آل الابارة، وينتمون إلى ريمة، بأنه قتل منهم في العبر بحضرموت في مجزرة التحالف العميد احمد الابارة، عبد الملك الابارة، صلاح الابارة، بشير الابارة، وعبد الجبار الابارة.

وتساءل القاضي حمود الهتار على حائطه في الفيس بوك "هل هذه هي النتيجة التي تم الخروج بها من زيارة هادي لوزارة الدفاع السعودية؟" وكتب الدكتور رياض الغيلي على صفحته في الفيسبوك أن أمريكا هي التي ضربت  معسكر العبر وأن  قيادة عمليات التحالف تضرب أخماسا في أسداس، مضيفا أن قائد المعسكر الحليلي منسق مع الرئيس السابق.

وفيما ألقى البعض بمسئولية القصف على الإماراتيين،  رأى آخرون، وربما كانت رؤيتهم أكثر حكمة ونفاذا، أن السعودية وأمريكا تريدان القضاء على القوات اليمنية بغض النظر عن الطرف الذي تتبعه.  وحذر فريق ثالث من الفصل بين ما حدث في العبر بحضرموت عن  العلاقات المتوترة بين الرئيس هادي وأنصاره من جهة، واللواء الأحمر وأنصاره من جهة ثانية.

وكانت الطائرات المحسوبة على التحالف قد قصفت في ذات اليوم معسكر اللواء 29 ميكا (عمالقة) بمديرية حرف سفيان بـخمس غارات رغم أنه من المعسكرات التي كانت قد أعلنت، بحسب موقع صحيفة الوسط، حيادها في الحرب الدائرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق