الجمعة، 8 فبراير 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 5)



عمد هادي خلال مؤتمر الرياض بشأن اليمن (17-19 مايو 2015) إلى تهميش نائبه ورئيس وزرائه خالد بحاح.  وبينما كان وفدي الداخل والخارج يبدأن في بيل بسويسرا في 17 يونيو أول مشاورات من نوعها منذ بدء الحرب برعاية الأمم المتحدة، توجه نائب الرئيس-رئيس الوزراء إلى القاهرة في زيارة استمرت لثلاث أيام، وانتهت في ذات اليوم الذي انتهت فيه المشاورات في بيل.

ولا بد أن توقيت زيارة بحاح إلى القاهرة قد أثار ريبة الكثيرين، وإذا كان لم يفهم على أنه تهيئة من بحاح لنفسه ليكون جاهزا كرجل الإجماع لتولي الرئاسة بدلا عن هادي، فإنه قد فهم بالتأكيد على أن بحاح يحمل موقفا مختلفا من المشاورات عن الأطراف اليمنية الأخرى، وفي مقدمتها هادي.  

وتمكن بحاح خلال زيارته إلى القاهرة، التي ظهر فيها كرئيس وليس مجرد نائب أو رئيس وزراء، من الالتقاء بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي  ووزير الخارجية سامح شكري وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي وغيرهم من الشخصيات بما في ذلك الصحفي المصري المخضرم محمد حسنين هيكل.  



وأكد بحاح خلال لقاء عقده مع عدد من المفكرين والإعلاميين المصرين أن القيادة اليمنية ترى ضرورة "أن يكون هناك تقاربا وتشابها في الموقف المصري السعودي تجاه الأزمة اليمنية، وأن اليمنيين يريدون دوراً مصريا أكثر فعالية خلال الفترة المقبلة لحلحلة الوضع داخل اليمن المنهار." ولا بد أن المطالبة بدور أكثر فعالية لمصر قد عنى التركيز على "الحل السلمي" و"الشراكة السياسية" بين الأطراف اليمنية، الأمر الذي كانت الرياض تتوجس منه خيفة.  

وفيما يتعلق بدخول اليمنيين إلى مصر وهو ربما الموضوع الأهم والأكثر واقعية بالنسبة للزيارة،  فقد استمرت المباحثات حوله بين المختصين اليمنيين والمصريين حتى توصل الطرفان إلى اتفاق تكون من 7 بنود (لاحظ عدد البنود) ونشر على موقع السفارة اليمنية في القاهرة في 7 يوليو 2015 (لاحظ تاريخ النشر) وتضمنت تلك البنود ما يلي:

"المواطنون اليمنيون الذين تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة وتزيد على الخمسين عامًا معفيون من التأشيرات.
اليمنيون المقيمون قبل صدور القرار عليهم الحصول على تأشيرة خروج وعودة قبل مغادرتهم مصر دون العودة إلى الجهات الأمنية.
تفويض السفارات المصرية في الخارج بمنح تأشيرات دخول لكبار الشخصيات والوفود الرسمية لدى السفارة.
للسفارة المصرية بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج منح اليمنيين تأشيرات ممن لديهم إقامة وعودة على أن تكون إقامتهم صالحة لمدة 6 أشهر دون الرجوع إلى الجهات الأمنية.
تتلقى مصلحة الجوازات والهجرة المصرية طلبات تأشيرات الدخول لليمنيين المقيمين فى مصر في إطار جمع شمل الأسر من الدرجة الأولى وللمقيم توجيه الدعوة إلى قريب أو صديق بضمان محل إقامته وتحت مسؤوليته.
تفويض السفارات المصرية في الخارج منح تأشيرات لليمنيين بغرض الدراسة بعد التأكد من حقيقة ذلك.
منح إقامة لليمنيين القادمين إلى مصر لمدة 6 أشهر ويتم الحصول على الإقامة من منافذ الوصول ويتم تجديدها بشكل دوري."

وبينما كان هادي معزولا في الرياض،  وبالتزامن مع زيارة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى المملكة الأردنية الهاشمية، وصل بحاح إلى  عَمان في 9 يوليو على رأس وفد يضم عدد من الوزراء،  والتقى فور وصوله مع رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور، ورئيس مجلس الأعيان عبد الرؤوف الروابدة، وبحث معهما تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية، والعلاقات بين اليمن والأردن. وتناولت المباحثات العديد من الموضوعات.

وفي 12 يوليو، وقبل انقضاء شهر على زيارته الأولى لمصر، وصل خالد بحاح على متن طائرة خاصة قادمة من السعودية إلى القاهرة على "رأس وفد رفيع المستوى"، وكان في استقباله رئيس الوزراء المصري ابراهيم محلب. وقيل أن سبب الزيارة هو المشاركة في أعمال "الدورة الثامنة للجنة العليا المصرية اليمنية المشتركة" التي كان بحاح قد طالب خلال زيارته الأولى بإعادة تفعيلها،   ربما لتعمل كغطاء للزيارات التي يقوم بها.

ومع أن زيارته هذه المرة، وهي الثانية إلى مصر، كانت اقصر حيث استمرت ليومين فقط، إلا أنه تمكن خلال اليوم الثاني للزيارة وقبل مغادرة أرض الكنانة من الالتقاء بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وتم خلال الزيارة، بالإضافة إلى المشاركة في الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة، "توقيع عدد من الاتفاقيات التي تدعم مجالات العمل المشترك بين مصر واليمن، أبرزها ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، بحسب بيان صادر عن الحكومة."  ومن الطبيعي أن يكون الحديث عن اتفاقيات ثنائية بين مصر واليمن في مثل هذه الظرف غير مقنع بالنظر إلى أن الحكومة اليمنية تقيم في فنادق وشقق الرياض والقاهرة.  

ويعتقد أن السبب الحقيقي للزيارة كان مناقشة ما ستشهده اليمن من تطورات عسكرية وشيكة متزامنة ولاحقة لتوقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست، والطريقة التي سيتصرف بها بحاح في إطار خطة عزل هادي ومنعه من حصد نتائج ما يمكن أن يتحقق من انتصارات.

وبينما ذكرت صحيفة الرأي الكويتية في 14 يوليو، أن مصر تقود مشاورات مع بعض دول الخليج لإزاحة هادي وتعيين بحاح رئيسا توافقيا بما يضع حدا لنزيف الدم في اليمن،  فقد نسبت تصريحات لبحاح قيل أنه أدلى بها مساء اليوم الذي غادر فيه مصر (13 يوليو) لإذاعة البي بي سي أكد فيها أنه على "توافق" مع الرئيس هادي ولا يسعى لأن يكون رئيسا للبلاد.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق