الاثنين، 11 فبراير 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 6)



في الـ 14 من يوليو 2015، تحققت المعجزة التي لطالما انتظرها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعدها أهم انجازاته على صعيد السياسة الخارجية، حيث وقعت إيران والدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي مضافا إليها ألمانيا (تعرف أيضا بدول الـ5+1) في فينا بعد مفاوضات امتدت لـحوالي عامين، اتفاقا نهائيا بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ونص الاتفاق في خطوطه العريضة، التي كان قد تم التوصل إليها في نهاية الجولة الأولى من مفاوضات المرحلة النهائية، على وضع قيود على الأنشطة النووية لإيران من جهة، والتفتيش الدوري عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من التزام إيران ببنود الاتفاق، من جهة ثانية. وفي المقابل، وافقت الدول الست على رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران بالتدريج بدءا من مطلع عام 2016، بما في ذلك الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، والتي كان الإفراج عنها هو أكثر ما يثير معارضي الاتفاق.         

واعتبر الرئيس باراك اوباما الاتفاق خطوة نحو عالم مفعم بالأمل، وأكد انه  "يقطع أي طريق أمام إيران للحصول على أسلحة نووية"، و"يضمن استقرار دول الخليج وإسرائيل"، مشيرا إلى أن الاتفاق يقوم على "التحقق" وليس على "الثقة." وأضاف أوباما أن امن ومصالح الولايات المتحدة "تقتضي منع إيران من الحصول على سلاح نووي" وان عدم التزام إيران سيجعلها عرضة لفرض العقوبات من جديد.   



ورأى الرئيس الإيراني حسن روحاني في الاتفاق دليلا على أن "الالتزام البناء يؤتي ثمارا"، مؤكدا بأن الاتفاق يفتح فصلا جديدا بين بلاده والعالم. أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فقد أشار إلى أن الصفقة "ليست مثالية للجميع" لكنها كانت "أفضل إنجاز يمكن التوصل إليه." وعدت صحيفة طهران تايمز الاتفاق واحدا من أهم أحداث القرن الواحد والعشرين. ووصف الرئيس السوري بشار الأسد ، في رسالة بعث بها إلى القيادة الإيرانية، الاتفاق بأنه يمثل "نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم واعترافا لا لبس فيه من دول العالم بسلمية البرنامج النووي الإيراني."

وبينما لقي الاتفاق ترحيبا واسعا من قبل الدول في جميع القارات ومن قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد تركزت المعارضة للاتفاق على المستوى الدولي في دولتين شرق أوسطيتين هما إسرائيل والسعودية. بالنسبة لإسرائيل، فقد عد رئيس الوزراء الإسرائيلي عن حزب الليكود اليميني بنيامين نتنياهو الاتفاق "خطأ سيئا"، وغير ملزم لإسرائيل التي ستعمل، حسب تعبيره "بكل وسيلة ممكنة لوقف التصديق على الاتفاق."  أما تسيبي هوتوفلي، نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، فقد ذهبت في تغريدة لها على تويتر إلى أن الاتفاق يمثل "استسلام تاريخي من جانب الغرب لمحور الشر وعلى رأسه إيران.." ولوحت مقتفية آثار نتنياهو أن بلادها ستعمل "بكل وسيلة ممكنة لوقف التصديق على الاتفاق.."

وعلى عكس المعارضة الإسرائيلية القوية والشرسة للاتفاق، فإن السعوديين وكنتيجة للضغوط الشديدة التي مارسها اوباما عليهم، أكتفوا بالإعراب عن شكوكهم في كفاية الاتفاق، التزام إيران بالتنفيذ، وفي مقدرة المجتمع الدولي على إعادة فرض العقوبات، في حال ثبت عدم التزام إيران. كما لجئوا إلى التعبير عن معارضتهم للاتفاق من خلال تصريحات لمصادر مجهولة أو شخصيات لا تتولى مواقع رسمية، أو من خلال اتخاذ سياسات وخطوات تعبر بشكل مباشر عن عدم الرضا عن الاتفاق. لكنهم لم يتخذوا موقفا رسميا معارضا للاتفاق أو مؤيد له.

وتمثل أول رد فعل للرياض، وقد نسبته وكالة الأنباء السعودية إلى مصدر مسئول لكنه مجهول، في دعوة إيران إلى استخدام مواردها في التنمية الداخلية وتحسين أوضاع الإيرانيين بدلا من توظيفها في "إثارة الاضطرابات والقلاقل في المنطقة." وتبدو الدعوة وجيهة ولا يضعفها سوى أن السعوديين أنفسهم لا يأخذون  بالنصائح التي يوجهونها إلى الآخرين. 

وفيما يخص الاتفاق، فقد ذكر المصدر المجهول أن السعودية كانت دوما مع أي اتفاق "يضمن منع إيران من الحصول على السلاح النووي  (...) ويشمل في الوقت ذاته على آلية تفتيش محددة ودائمة لكل المواقع، بما فيها المواقع العسكرية، مع وجود آلية لإعادة فرض العقوبات على نحو سريع وفعال في حال انتهاك إيران للاتفاق." ويفهم من تصريحات السعودية أن الاتفاق في نظر المملكة لا يفي بالغرض.


أما على صعيد الداخل الأمريكي، فقد وصف السيناتور الجمهوري لينزي جراهام الاتفاق بأنه "حكم محتمل بالإعدام على إسرائيل" وأنه "سيجعل كل شيء أسوأ.." وأضاف بأن الرئيس الأمريكي باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري "يتسمان" بالسذاجة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط. 

ولم يكن أوباما يشعر بالقلق كثيرا من أي معارضة في الكونجرس للاتفاق النهائي مع إيران كما سبق الإشارة في موضع آخر بقدر قلقه من الجهود التي يمكن أن تقوم بها السعودية وإسرائيل واذرعهما الأمريكية (السياسيون المناصرون  وشركات الدعاية والعلاقات العامة)  في إقناع أعضاء الكونجرس بالتصويت ضد الاتفاق من جهة، وبخلق رأي عام أمريكي معاد للاتفاق وضاغط على أعضاء الكونجرس للتصويت ضد الاتفاق، من جهة ثانية.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق