الخميس، 27 سبتمبر 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية... (30)



اكتسب اللقاء ألتشاوري الخامس عشر لدول مجلس التعاون الخليجي والذي عقد في مدينة الرياض في 5 مايو 2015 أهمية استثنائية مقارنة بالقمم واللقاءات التشاورية السابقة عليه وذلك للأسباب التالية:

أولا، أنه أول قمة تعقد منذ قررت خمس من دول مجلس التعاون لدول الخليج، بالتحالف مع دول عربية أخرى،  التدخل العسكري في اليمن لصالح ما سمي بـ"الشرعية."

ثانيا، أنه  عقد في ظل دخول المفاوضات بين إيران والـ5+1  بشأن البرنامج النووي للأولى مراحلها الأخيرة بعد أن كانت الأطراف قد توصلت إلى الاتفاق الإطاري في الـ2 من ابريل 2015.

ثالثا، أن  اللقاء عقد قبل أسبوع واحد فقط من القمة الخليجية الأمريكية المرتقبة التي دعا إليها الرئيس أوباما في "كامب ديفيد"، وقبل أسبوع واحد فقط كذلك من إقرار المشرعين الأمريكيين لقانون يعطي الكونجرس بمجلسيه حق مراجعة أي اتفاق تعقده إدارة أوباما مع إيران عبر آلية الـ5+1.

رابعا، أن ما ستبلوره القمة من مواقف كان يحظى بترقب كبير من طرفي المعادلة الأمريكية (الرئيس والكونجرس) ومن المجتمع الدولي نظرا لتأثيراته المحتملة على مستقبل المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي.

خامسا، أن اللقاء عد أول قمة خليجية تعقد بحضور رئيس غربي هو الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والذي من المؤكد أنه ما كان ليحضر لولا الأهمية الكبيرة والحساسية البالغة للموضوعات محل النقاش. 



وتجلت تلك الأهمية الاستثنائية للقمة من خلال الضغوط العسكرية التي مارسها الحوثيون والرئيس السابق المتهمون بموالاة إيران على السعودية خلال الثلث الأول من شهر مايو بشكل عام، وفي يوم عقد القمة، بشكل خاص، كما سبق الإشارة.       
 
وعقد  اللقاء التشاوري في الرياض، وبحضور الرئيس الفرنسي، كما كان مخططا،  وخرج ببيان ختامي مطول جاء فيه، بالنسبة لحضور الرئيس الفرنسي والقمة الخليجية الأمريكية المرتقبة، ما يلي:

"(...) رحب أصحاب الجلالة والسمو بمشاركة فخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في هذا اللقاء التشاوري، مشيدين بالتنسيق والتعاون القائم مع الجمهورية الفرنسية وتطابق الرؤى في القضايا المهمة في المنطقة والعالم. وعبر أصحاب الجلالة والسمو عن تطلعهم للقاء فخامة الرئيس الأميركي باراك أوباما في 13و14 من الشهر الجاري في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن تسهم المباحثات في تعزيز العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية في ظل التطورات والأحداث الجارية وبما يعزز أمن واستقرار المنطقة."

وفيما يتصل بموضوع الساعة وهو المفاوضات الجارية بين إيران والـ5+1، بشأن البرنامج النووي الإيراني، أورد البيان ما يلي:

"وأكد أصحاب الجلالة والسمو حرص دول مجلس التعاون على بناء علاقات متوازنة مع جمهورية إيران الإسلامية تسهم في تعزيز أمن المنطقة واستقرارها وعبروا عن تطلعهم إلى تأسيس علاقات طبيعية معها قوامها احترام أسس ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول واتخاذ خطوات جادة من شأنها إعادة بناء الثقة والتمسك بمبادئ القانون الدولي والأمم المتحدة التي تقوم على حسن الجوار وتمنع التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها.
وعبر أصحاب الجلالة والسمو عن أملهم في أن يؤدي الاتفاق الإطاري المبدئي الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة 5+1 إلى اتفاق نهائي شامل يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني، وطالبوا بأن يضمن الاتفاق انسجام هذا البرنامج مع جميع المعايير الدولية بما في ذلك المعايير المتعلقة بأمن وسلامة المنشآت النووية والإشراف الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية عليها ومعالجة جميع المشاغل والتداعيات البيئية للبرنامج النووي الإيراني."

ورغم أن الجزء الأكبر من البيان الختامي خصص لما اسمي بـ"قضية اليمن" إلا أنه لوحظ أن هذا الجزء لم يتضمن أي إشارة إلى إيران خيرا أو شرا ، وهو ما يعني أن قادة الخليج كانوا يمشون على الحبل المشدود الذي وضعه لهم اوباما، وكلف الرئيس الفرنسي هولند بمراقبته، دون أن يحيدوا عنه قيد أنملة.

ويمكن اعتبار  البيان الصادر عن اللقاء التشاوري الخامس عشر للقادة الخليجيين انتصارا كبيرا لإدارة اوباما. فقد حصل الرئيس الأمريكي، بفضل الدور الفرنسي والضغوط العسكرية لليمنيين المدعومين من ايران، على ما أراده من تأييد خليجي خالص لا تشوبه شائبة، وحرم في الوقت ذاته خصومه في الكونجرس من الحصول على أي مادة يمكنهم استخدامها ضده أو ضد إيران، أو ضد المفاوضات الجارية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق