الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(29)



مع دخول شهر مايو 2015، كان السعوديون والخليجيون عموما يتطلعون إلى عقد قمتين هامتين خلال اسبوعين: الأولى خليجية، وهي اللقاء ألتشاوري الخامس عشر لقادة دول مجلس التعاون، وقد حدد لها الـ5 من مايو؛  والثانية دولية، وهي القمة الخليجية الأمريكية في "كامب ديفيد"، وقد حدد لعقدها يومي الـ13، والـ14 من مايو. وكان الموضوع الأساسي والجوهري للقمتين هو المفاوضات التي تجريها دول الـ5+1 بشأن البرنامج النووي الإيراني.   

وقد عانى السعوديون كثيرا، على غير توقع، خلال الثلث الأول من شهر مايو 2015. فبعد خمسة أسابيع من قصف الطائرات الأمريكية المكثف للقوات الموالية للحوثيين والرئيس اليمني السابق، والذين تتهمهم السعودية بالعمل كوكلاء لإيران، ولليمن واليمنيين عموما، وجد السعوديون أنفسهم مع دخول شهر مايو يخوضون حربا مختلفة. ففي اليوم الأول من مايو، شن "رجال القبائل اليمنية"، وهو الاسم الحركي الذي اتخذته قوات الحوثيين والرئيس السابق في بداية المواجهات المباشرة مع السعوديين، أول هجوم رئيسي لهم على حدود السعودية. واقر السعوديون بوقوع الهجوم، وأعلنوا أنهم قتلوا العشرات من المهاجمين دون أن يذكروا شيئا عن خسائرهم البشرية والمادية. 

وفي 5 مايو، يوم انعقاد اللقاء التشاوري، هاجم "رجال القبائل اليمنية" نجران وجيزان بقذائف المورتارز وصواريخ الكاتيوشا مما أدى بحسب السعوديين إلى مقتل 5 أشخاص، فيما ذكرت وكالات أنباء أن 5 جنود سعوديين اسروا.  وتمكن الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق في اليوم ذاته من السيطرة على مديرية التواهي بعدن، والتي تعد واحدة من أهم المديريات التي كانت ما زالت تحت سيطرة القوات الموالية "اسميا" لهادي، ويقع في نطاقها القصر الرئاسي، قناة عدن التلفزيونية الرسمية، فرع وكالة سبأ للأنباء، والمنطقة العسكرية الرابعة.   كما تمكن قناص في اليوم ذاته من قتل قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء علي ناصر هادي، والذي كان يحارب في صفوف الشرعية.

وقد فهم السعوديون كل تلك التطورات التي بدأت في الحدوث مع مطلع شهر مايو، وبلغت ذروتها في يوم 5 مايو على أنها رسالة تحد من إيران  للسعودية ذات علاقة بموقف الأخيرة من المفاوضات الجارية حول نووي إيران.

وجاء رد السعوديين كالعادة مرتبكا. ففي وقت مبكر من مساء الـ5 من مايو، ظهر رياض ياسين (عبدالله) القائم بأعمال وزير خارجية هادي (يعمل الآن سفيرا في فرنسا) في مؤتمر صحفي على الهواء مع عز الدين الأصبحي وزير حقوق الإنسان (يعمل الآن سفيرا في المغرب).  وعرض ياسين، خلال المؤتمر الصحفي، عددا من الصور لضحايا كوارث مختلفة حدثت حول العالم، مؤكدا أنها لأبناء مدينة عدن الذين تم استهدافهم من قبل قوات الحوثيين والرئيس السابق، أثناء فرارهم من المدينة على قوارب صيد، مما أدى إلى سقوط العشرات منهم بين قتيل وجريح. وبكى ياسين بحرقة، وهو يطالب مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لإنقاذ مدينة عدن، ويتوسل دول التحالف القيام بعملية إنزال لقوات برية في المدينة.  أما الأصبحي، فقد ذهب أبعد من ذلك بكثير، وإن كان قد اخفق في ذرف الدموع، حيث طالب المجتمع الدولي بإنقاذ النساء في عدن مما يتعرضن له من اغتصاب.

وفي 6 مايو، قصفت الطائرات المحسوبة على التحالف، المحافظات اليمنية الواقعة على الحدود مع السعودية مما أدى، وفق تقديرات اعلامية، إلى مقتل 43 مدنيا. كما شنت غارات على مركز لتدريب الشرطة في مدينة ذمار مما أدى إلى مقتل 11 وجرح 18. وفي 8 مايو، أعلن التحالف، بكل غرور وغطرسة، وفي انتهاك لمبادئ القانون الإنساني الدولي، محافظة صعدة التي ينحدر منها الحوثيون وتقيم فيها قيادة الحركة، بكاملها منطقة حرب، ودعا جميع المدنيين في ذروة أزمة المشتقات النفطية إلى مغادرة المحافظة قبل السابعة مساء بالتوقيت المحلي.  وفي 9 مايو شنت طائرات تعمل تحت غطاء التحالف أكثر من 100 غارة على محافظات صعدة وحجة  مركزة بشكل أساسي على مديريات حرض، ميدي، وبكيل المير.

وفي  10 مايو 2015 ذكرت منظمات اغاثية دولية، كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)،   أن 70 الف من سكان محافظة صعدة بينهم 28 ألف طفل نزحوا من المحافظة بعد قصف مكثف للمحافظة خلال ليلتين متتاليتين. ودانت 17 منظمة اغاثة، من بينها "اوكسفام"، "الإغاثة الإسلامية"، "أنقذوا الأطفال"، و"كير انترناشونال"، تصاعد حدة القصف.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق