الجمعة، 25 مايو 2012

اولوية بسط نفوذ الدولة اليمنية


تخوض القوات المسلحة اليمنية وابناء الشعب اليمني في محافظة ابين معركة شرسة مع تنظيم القاعدة بكل فلوله وانصاره وداعميه والمتعاطفين معه والمتخفين خلفه، ويمكن النظر الى المعركة الجارية هناك بانها معركة "كسب الثقة" مع الداخل اليمني ومع الخارج وهي بالنسبة للشعب اليمني معركة "نكون او لا نكون."

ومهما كان حجم التضحيات فإنه لا مجال للعودة الى الخلف او الركون الى اساليب الماضي في التعاطي مع الجماعات العابثة بأمن اليمنيين واستقرارهم. فما كان يمكن ان تكون التضحيات بهذه الجسامة لو ان هذا الداء الخبيث تم التعامل معه بحزم منذ البداية ولم يتم تحويله الى ورقة مساومة في التعاطي مع الداخل والخارج.

وتكمن أهمية معركة ابين ليس فقط في كونها معركة ضد تنظيم ارهابي بات يشكل خطرا على كل المستويات ولكن ايضا، وهو الأكثر أهمية، في كونها تدشن معركة بسط نفوذ الدولة ليدها على كامل التراب الوطني وهي المعركة التي كان ينبغي خوضها منذ وقت طويل. واذا كانت معركة بسط نفوذ الدولة اليمنية قد تأخرت كثيرا ، فانه يبدو واضحا اليوم بان هناك قناعات داخلية واقليمية ودولية على ان بسط الدولة اليمنية لنفوذها على كامل التراب الوطني يمثل اولوية لا رجعة عنها ، وان المعركة وان كانت قد بدأت في ابين فإنها لن تتوقف هناك.

ومن المؤكد ان المحطة القادمة لمعركة بسط نفوذ الدولة هي الإمارة الشيعية التي اسسها عبد الملك الحوثي في محافظة صعدة وما حولها من المناطق مستغلا الفوضى الهدامة التي حكم بها علي عبد الله صالح عفاش الدم. لقد كان لتلك الإمارة مبرراتها في عهد المخلوع. اما اليوم فإن استمرارها يعتبر ضربا من فرض نتائج الحوار الوطني قبل الدخول في ذلك الحوار.

وما ينطبق على الحوثيين ينطبق على سائر القبائل اليمنية. فلقد آن الأوان لنزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الحوثيين ومن المشايخ وجعل تلك الأسلحة حكرا على الدولة وحدها على ان يصاحب خطوة نزع الأسلحة كذلك انشاء لأجهزة الدولة وايصال لمختلف المشاريع الخدمية بما في ذلك اجهزة الأمن والقضاء والوحدات الصحية والمدارس والطرق.

وتبدو معركة بسط نفوذ الدولة ذات اولوية لا يمكن تجاوزها سواء بالنسبة لقوى الداخل أو لقوى الإقليم او حتى بالنسبة للمجتمع الدولي. فهي سابقة على اي حوار وطني وهي سابقة ايضا على اي مشروع تنموي لان التنمية لا يمكن ان تتحقق بدون بسط الدولة لنفوذها وسيادتها وتحملها لمسئولياتها. ومن غير المتصور ان يتمكن اليمن من تحقيق اي تقدم يذكر على صعيد التنمية أو حتى على صعيد اجتثاث الإرهاب دون ان تتمكن الدولة من السيطرة على كامل اراضيها واخضاع اي جماعة تنازع الدولة تلك السيادة بقوة القانون.

كما انه من غير المتصور ان يبدأ المانحون بضخ الملايين الى اليمن لدعم التنمية في ظل بقاء معركة بسط نفوذ الدولة غير محسومة. واقصى ما يمكن ان تأمله الحكومة اليمنية خلا المرحلة القادمة هو ان يركز المانحون جهودهم على دعم الدولة اليمنية في سعيها لبسط نفوذها على كامل التراب الوطني على انه ينبغي ان يكون واضحا ان بسط الدولة لنفوذها لا يعني باي حال من الأحوال اقصاء ابناء اي منطقة من حقهم في ادارة شئونهم والمشاركة الفعالة على كل المستويات وفي كافة والمجالات. كما لا يعني ايضا تحويل البلاد الى مزعة يملكها شخص او اسرة او مجموعة من الأشخاص كما كان عليها الحال في عهد المخلوع. كما لا يعني ايضا مصادرة حق اليمنيين في تقرير شكل الدولة الذي يرغبون به من خلال الحوار الوطني.