الاثنين، 19 ديسمبر 2016

سلاح التجويع في حروب الحضارات



عبد الله الفقيه

تخوض الحضارات صراعات فيما بينها تختلف مددها الزمنية، ووسائلها، باختلاف مستويات القوة بأبعادها المختلفة. وعندما يكون الهدف النهائي هو إخضاع أمة أو حضارة لإرادة أمة أخرى، بما يتضمنه ذلك الإخضاع من أبعاد سياسية واقتصادية وثقافية وعقائدية، فإن اخطر الأسلحة وأشدها فتكا قد لا يجدي..فقتل أمة، لا يعني النجاح في إخضاعها، وهزيمة شعب عسكريا، أو وضعه في السجون، أو تشريده خارج حدود أرضه، أو إخضاعه بالقوة والعنف قد لا تحقق كلها  الهدف النهائي المرجو تحقيقه، وهو الإخضاع والإذلال. 


ولذلك، تلجأ الأمم القوية الساعية إلى السيطرة إلى توظيف سلاح التجويع على الأمم الضعيفة التي يصعب إذلالها وإخضاعها، نظرا لما يملكه سلاح التجويع من قدرة،  ليس فقط على القتل المادي، ولكن وهو الأهم،  على القتل المعنوي،  قتل فعل المقاومة في الإنسان حتى في بعده النفسي والرمزي.



يصوب سلاح الجوع طلقاته، التي لا تتوقف، نحو روح الإنسان بما تنطوي عليه تلك الروح من قيم ومبادئ ومعتقدات ومهارات وطرق العيش، فيعمل هذا السلاح الفتاك على  الحط من كرامة الإنسان ومكانته وتقديره لنفسه ويجعله مستعدا لعمل أي شيء في سبيل الإبقاء على ذاته في مواجهة التهديد بالفناء.  

ولا يمكن لسلاح التجويع أن ينجح سوى بتحقيق الأمم المعتدية لاختراقات هامة للنخب الفاعلة،  بما يمكنها من العمل المستمر على عزل تلك النخب عن قواعدها وعن بعضها البعض، وزرع العداء والفرقة فيما بينها، ثم  تقحمها في حروب بالوكالة توفر الغطاء لتوظيف سلاح التجويع. 

ولا تستطيع النخب السياسية  مهما بلغت من الوعي والوطنية، ومهما تعلمت من مجريات تلك الحروب، ومهما رأته من أدلة أن تتملص من  الأدوار المرسومة لها، ويبقى الخيار الوحيد المتاح أمامها، لأسباب كثيرة، هو المضي في الطريق إلى النهاية. 

ويبدأ توظيف سلاح التجويع  فجأة، وبين عشية وضحاها. تستيقظ بعض الشعوب المنتجة للنفط ذات صباح فيقال لها أن النفط اختفى بسبب عجز الحكومة عن الاستيراد، أو يقال لها عند المساء أن الكهرباء طافية لأنه لا يوجد مشتقات نفطية لتشغيلها، وإذا اكتشف الشعب أن محطاته تعمل بالغاز وليس بالكهرباء قالوا له أن عصابة تخريبية قامت بالاعتداء على خطوط نقل الطاقة. وتبلغ المهزلة قمتها عندما يستيقظ الناس فيقال لهم أن الحكومات، العصابات الموالية للخارج، غير قادرة على دفع المرتبات لانعدام السيولة.   

هامش
بعد تشكيل الانقلابيين الجدد لحكومتهم أم 42 وجد الكثيرون صعوبة في التفريق بين حكومة الانقلابيين الجدد وحكومة الانقلابيين القدامى، فالتشابه  بين الحكومتين يجعل المراقب يجزم   أنهما خلقتا  من ذات الرحم، وأن اختلف الآباء... ويبقى السؤال، لماذا الحرب اذا؟
 

هناك تعليقان (2):

  1. سلاح الامم الذي لا تعتبر وعي الإنسان وسلية لبلوغ غاية السلطة بل تعتبر أن وعي الإنسان هو الغاية بحد ذاته وتفكيره هو الشئ الذي يجب أن لا يستخدم من قبله.
    سلاح الجوع يسيطر على قوى الإنسان العقلية مثله مثل الخوف الاذع كيف لي أن أفكر على إنطاق أبعد من معدتي وأنا جاوع.
    ينشغل الناس وتلقى الدولة مخبئ لمصائبها تحت ما تتصنعه من خزعبلات الفقر والأزمة الإقتصادية .

    دمت بخير

    416

    ردحذف
  2. سلاح التجويع من اخطر الاسلحة التي يتم استخدامها لتركيع الشعوب لتكون تابعة وغير مستقلة في قراراتها حيث يتم استخدام هذا السلاح نحو الشعوب العربية والإسلامية على وجه الخصوص والتحديد كي ترضخ لما يملى عليها وهذا ما هو حاصل في اليمن ويتم من خلال هذا استخدام هذا السلاح استهداف الطبقة الوسطى والقضاء عليها تماما
    ويأتي استخدام هذا السلاح اتساقا مع المقولة الشعبية الشهيرة
    (جوع كلبك يتبعك)

    ٨٤٤

    ردحذف