الاثنين، 27 ديسمبر 2010

في الذكرى الواحدة والعشرين لسقوطه نيقولاي تشاوشيسكو: نهاية متوقعة لصعود غير متوقع!

د. عبد الله الفقيه، عن صحيفة اليقين
المكان: غرفة شبه خالية من الأثاث في القاعدة العسكرية في تيرجوفيستا، رومانيا.
الزمان: الخامس والعشرين من ديسمبر 1989 (يوم عيد ميلاد المسيح عليه السلام).
أما المناسبة فمحاكمة سريعة لزوجين اعتبرا من أشد طغاة القرن العشرين، وهما الينا ونيقولاي تشاوشيسكو. كان السؤال الأكثر تكرارا خلال المحاكمة هو ’’من أمر بإطلاق النار؟’’ وكانت الجرائم المتهم بها الزوجين كثيرة..إعطاء أوامر بقتل المتظاهرين..موت النساء والأطفال والشيوخ بسبب الجوع....تبديد ثروات البلاد في مشروعات عكست جنون العظمة بينما لم يجد أطفال رومانيا الدواء ولم يجد الناس الكهرباء. ’’لماذا خربت البلد بهذا الشكل؟ لماذا أمرت بتصدير كل شي؟ لماذا جوّعت الفلاحين؟ لماذا أمرتهم بتصدير ما يحصدون في حين أنهم لا يجدون ما يقتاتون به؟’’ كانت الأسئلة كثيرة. ولم يكن هناك أجوبة. كان ملاذ تشاوشيسكو في كل مرة يواجهه فيها محاكموه بسؤال إدانة هو أنه لا يعترف بشرعية المحكمة ويطالب بمحاكمته أمام البرلمان الروماني مردداً ’’أنا رئيس رومانيا...أنا القائد العام للجيش.’’ وخلص المحققون إلى أنه وبنفس الطريقة التي رفضت بها أسرة تشاوشيسكو الحوار مع الشعب فإنها رفضت التعاون مع المحكمة.
لم يبدو على الزوجين، كما وصفهما أحد الكتاب، أنهما كانا يقدران الوضع الحرج الذي وصلا إليه. وكانا كما وصف ذلك الكاتب حالهما في المحكمة، يرتديان المعاطف الشتوية ويتحدثان كما لو أن التاكسي الذي سيقلهما إلى دار ’’الأوبرا’’ ينتظرهما عند الباب وعداد الأجرة يعمل، وكما لو أن مجموعة من قطاع الطرق أفسدت عليهما الرحلة. كان نجم ألينا، المساعد الهام لتشاوشيسكو والشخص الثاني في الدولة ورئيس المجلس الوطني للبحث العلمي، قد سطع بسرعة وعلى العكس من زوجها كعلم من أعلام ’’الكيمياء’’ على المستوى الدولي. فقد انتخبت عضوة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في عام 1972، ثم عضواً في المكتب السياسي للحزب في عام 1973. وقد تمكنت خلال السنوات الأخيرة من حكم زوجها من السيطرة التامة عليه وعلى شئون الدولة والحزب وخصوصا بعد أن اعتلّت صحته واعتمد عليها في كل شي. وتمكنت (إلينا) كما فعل زوجها من قبلها من بناء هالة حول شخصيتها.
وكانت إلينا كما قيل الأكثر جفافا خلال المحاكمة. ’’لا ينبغي أن تسأل امرأة عن عمرها.’’ هكذا صرخت في وجه المحقق عندما سألها عن عمرها. ورفضت وضع القيود على يديها وهي تخرج من الغرفة شبه الخالية من الأثاث التي تم محاكمة الزوجين فيها. كان المحققون قد حاولوا الفصل بين الزوجين بعد قراءة حكم الإعدام الصادر ضدهما بعد إدانتهما بجرائم القتل الجماعي، لكن أيلينا رفضت فصلها عن الرجل الذي تزوجته دون افتراق لمدة خمسين عاما..’’نذهب معا...’’ قالت إلينا بإصرار وحزم، ثم سحبت حقيبتها اليدوية وأحكمت إغلاق المعطف الشتوي الذي ترتديه. وما إن خرج الزوجان من الغرفة حتى انهالت عليهما زخات الرصاص وأسقطتهما في بركة من الدم.
كان شاعر تشاوشيسكو الرسمي ادريان باونيسو قد قال في قصيدة يمدح فيها تشاوشيسكو:


يا أبناء رومانيا...
إذا سألكم شخصا ما..
لماذا اجتمعتم هنا
وبمن تحتفون
ولماذا تحملون هذا الرجل في قلوبكم وأفكاركم وكلماتكم
ولماذا تحبونه كل هذا الحب
فأجيبوا ..
نحن نحبه لنضاله وإنسانيته


لكن باونيسو كتب بعد سقوط تشاوشيسكو يهجو نفسه قائلا:


ككل ضعيفي القيم والأخلاق، مدحته بلا فائدة
المهرج الكبير—القائد الذي ولد من جديد
وبنصف انحناءة...لحست مؤخرته
عش طويلا محبوبنا نيقولاي..


الخطبة الأخيرة
المكان، ميدان الجمهورية في العاصمة الرومانية بوخارست.
الزمان: 21 ديسمبر 1989.
المناسبة، خطبة أخرى لتشاوشيسكو لم يكن حتى ليخطر على باله بأنها ستكون خطبته الأخيرة. كان حوالي 100 ألف شخص قد تجمعوا لتأييد الرئيس. وكانت المناسبة هي خروج مظاهرة مناهضة لتشاوشيسكو يوم 16 ديسمبر 1989 في مدينة ’’تمسوارا’’ احتجاجا على اعتقال الأب (لازلو توكس) . وقد أمر تشاوشيسكو يومها وفي الأيام التالية قوات الجيش والأمن بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وسقط الكثير من الضحايا نتيجة لذلك. وكان الحشد قد جاء إلى ميدان ’’الجمهورية’’ ليعبر عن دعمه للرئيس في مواجهة معارضيه.
وأطل تشاوشيسكو على الحشد من بلكونة اللجنة المركزية لحزب العمال الروماني. وبدأ في إلقاء كلمته..ومضت ثمان دقائق فقط على بدء الكلمة التي وصف فيها تشاوشيسكو المشاركين في مظاهرة الـ16 من ديسمبر 1989 بالخونة. وفجأة بدأ صوت خافت وسط الحشد يردد ’’تمسوارا...يسقط القتلة’’ ومعه بدأ لون وجه تشاوشيسكو يتغير. ومع ازدياد حدة الصوت ’’تمسوارا... تمسوارا..يسقط القتلة’’ ازداد وجه تشاوشيسكو تلوناً ليعكس وقع الصدمة التي أصابته. وأوقفت المحطات التلفزيونية والإذاعية البث الحي للكلمة. وسرعان ما انسحب تشاوشيسكو إلى داخل المبنى خائفا مذعورا من شعبه الذي لم يعد يخاف من الرصاص. وبدلا من أن يفر تشاوشيسكو في ساعتها ولحظتها، ارتكب آخر أخطائه وقرر الانتظار حتى اليوم التالي.
وعندما قرر الزوجان تشاوشيسكو الفرار في اليوم التالي كان الوقت قد أصبح متأخراً جداً. ففي الـ22 من ديسمبر 1989 قرر الجيش الانحياز إلى الشعب. وعندما فرّ الزوجان تشاوشيسكو على طائرة هيلوكبتر خاصة أقلعت من على سطح اللجنة المركزية للحزب تمكن الجيش، الذي بدأ يخوض حرب شوارع مع شرطة تشاوشيسكو السرية، من إلقاء القبض عليهما. وبعدها بيومين تم عقد محاكمة سرية سريعة وضعت النهاية لحياتهما. أما الثورة التي امتدت إلى سائر أنحاء رومانيا فقد استمرت من الـ21 وحتى الـ24 من ديسمبر.
كان عدد سكان رومانيا حوالي 23 مليون شخص حينها، وكان تشاوشيسكو خلال 25 عاما في السلطة قد تمكن من تحويل ربع سكان البلاد إلى مخبرين، ومن تبديد ثروات البلاد في بناء انفاق تحت الأرض في العاصمة الرومانية بوخارست حتى تتمكن أجهزته الأمنية باستخدامها من التجسس على المواطنين وحتى تتمكن قواته من الانتشار السريع عند الحاجة. كان تشاوشيسكو يخاف من الاغتيال لكنه كما يبدو لم يكن يخاف وبعد 25 عاما من الكذب، والفساد والإرهاب من سقوط نظامه حتى بعد أن بلغت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية ذروتها. وفي ديسمبر 1989 كان الرومانيون بعد سبع سنوات عجاف قد وصلوا إلى مرحلة باتوا يفضلون معها الموت على القبول بحكم تشاوشيسكو.
نجاح غير متوقع
أنتخب تشاوشيسكو في 22 مارس 1965 سكرتيرا أول للحزب الشيوعي الروماني بعد ثلاثة أيام من وفاة جورجو ديجي الذي كان بمثابة الأب السياسي له. على الصعيد الخارجي، أنهى تشاوشيسكو المشاركة النشطة لرومانيا في حلف وارسو الذي ضم دول المعسكر الشرقي. وعندما غزت قوات الحلف تشيكوسلوفاكيا في عام 1969 أدان تشاوشيسكو ذلك الغزو. وأدان كذلك الغزو السوفييتي لأفغانستان في عام 1979. و حظي تشاوشيسكو بشعبية كبيرة بين الناس بسبب تبنيه لخط سياسي مستقل عن الخط السوفييتي في السياسة الخارجية لبلاده.
أما على الصعيد الداخلي فقد تمكن خلال فترة قصيرة من تركيز السلطة داخل الدولة وداخل الحزب في يده ويد أسرته التي قادتها (الينا) زوجته والتي أسند إليها المناصب الهامة في الحزب والدولة. لم يكن تعليم الينا التي ولدت لأسرة فقيرة يتجاوز الصف الرابع الابتدائي. ومع ذلك فقد حصلت فيما يعد على الدكتوراه في الكيمياء الصناعية ليس بفضل قدراتها العقلية ولكن بفضل نفوذها ونفوذ زوجها. فقبل أسبوع واحد من منح الينا الدكتوراه تم تغيير القانون الذي ينص على أن يدافع المتقدم للدكتوراه عن أطروحته في جلسة استماع علنية، وتم الاكتفاء بتقديم أطروحة مكتوبة. وبدأت أبحاث الينا التي يكتبها لها معاونوها تنشر في الدوريات العلمية في الداخل والخارج وتناقش في المؤتمرات. وكان يلاحظ أن الينا، عندما تحضر مناقشة الأوراق والأبحاث التي تحمل أسمها، سرعان ما تبدأ في النعاس.
وبدأت في رومانيا وفي العالم واحدة من أسوأ ديكتاتوريات القرن العشرين. وعملت عائلة تشاوشيسكو على التلاعب بالاقتصاد الوطني ونشر الانحلال القيمي وعزل البلاد عن المجتمع الدولي. واستخدم تشاوشيسكو الشرطة السرية للتحكم بالشعب وأسرته للسيطرة على الحكومة، ولم يقبل بأي معارضة لنظامه. وبدد الطاغية ثروات البلاد في مشروعات لا جدوى اقتصادية منها عكست جنون العظمة الذي أصابه. ومن أمثلة تلك المشروعات قراره بهدم قرابة 7000 آلاف من أصل 13000 قرية رومانية ونقل 11 مليون روماني من منازل الأسرة الواحدة إلى شقق في عمارات سكنية حديثة.
وتراكمت الديون الخارجية على رومانيا بسبب قروض السبعينيات. وفي محاولة منه لسداد الديون الخارجية أمر تشاوشيسكو في عام 1982 بتصدير المنتجات الزراعية والصناعية وكل ما يمكن تصديره إلى الخارج. كان تشاوشيسكو يحاول تفادي ظهور عجز بلاده في سداد ديونها وهو ما سيعني أن ’’عبقري رومانيا، ودانوب الأفكار—نسبة إلى نهر الدانوب— ومصدر الضوء’’ كما كان يلقب، قد فشل في إدارة اقتصاد بلاده وخذل الطبقة العاملة التي يتحدث باسمها واخضع البلاد للمؤسسات النقدية الدولية.
وقد أدت سياسات التقشف التي تم تبريرها بالحفاظ على سيادة رومانيا إلى حدوث عجز في الغذاء والطاقة والسلع الأساسية. واقترب الرومانيون كثيرا من المجاعة. وقد قدر أحد معارضي تشاوشيسكو معدل الوفيات السنوي بسبب الجوع والبرد وعجز المواد الأخرى بحوالي 15 ألف نسمة. وبحلول منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، كما ورد في إحدى المؤلفات، استعاضت فاترينات محلات بيع الأطعمة عن الأطعمة بصورها، وتجمدت أنابيب التدفئة ثم انفجرت في المباني، وتجمدت أنابيب المياه وتوقف الماء عن التدفق فيها.
ومما زاد من سخط الرومانيين هو حقيقة ان تشاوشيسكو لم يوزع أعباء سياسات التقشف بالتساوي. فقد عاش آل تشاوشيسكو والمقربين منهم كما لو كانوا أباطرة العصر الحديث. استوردوا الأغذية والملابس الفاخرة من الخارج، ونظموا الحفلات الباذخة في كل المناسبات، وأكلوا طعامهم في أطباق من الذهب. وفي الوقت الذي سكن فيه الرومانيون في شقق صغيرة ضيقة وعجزوا عن شراء الحلوى لأطفالهم كان آل تشاوشيسكو يعيشون في قصور فارهة. وكان لدى تشاوشيسكو وحده 40 قصرا. وفي الوقت الذي لم يكره فيه تشاوشيسكو شيئا كما كره الكنائس والصلوات والصليب فإنه لم يحب في حياته شيئا كما أحب رؤية نصب تذكاري لشخصه.
وكان من أغرب السياسات التي تبناها العبقري تشاوشيسكو هي سياسة الحمل الإجباري رغبة منه في زيادة سكان رومانيا إلى 30 مليون نسمة بحلول العام 2000. وقد أصدر لذلك الغرض قرارا اعتبر بموجبه ’’الحمل’’ إلزاميا والجنين ملكاً للمجتمع. وتم حظر التعليم والتوعية المتصلة بالجوانب الجنسية وحظر تداول الكتب التي تتحدث عن تخطيط الأسرة، وحظر الإجهاض ووضع الكثير من القيود على الطلاق. وبين الحين والآخر كان يتم تطويق النساء في سن الإنجاب في مواقع العمل وأخذهن إلى العيادات لعمل اختبار حمل بحضور ممثلي الدولة أو ’’شرطة العادة الشهرية’’ كما اسماها بعض الرومانيين من باب التندر. وتم فرض ضرائب على النساء اللاتي ليس لديهن أطفالا حتى وان كنا غير قادرات على الحمل. وكان شبيبة الحزب الشيوعي الروماني يجرون استطلاعات بين الناس ويسألونهم ’’كم مرة تمارس الجنس في الأسبوع’’ ويسألون النساء ’’لماذا فشلت في الإنجاب؟’’
طفولة معذبة
ولد تشاوشيسكو في 26 يناير 1918 بقرية سكروناستي جنوب غرب رومانيا. أما الينا بترسكيو فولدت في 7 يناير 1919 في جنوب رومانيا. انتقل تشاوشيسكو في عام 1929 وكان حينها في الـ11 من عمره إلى بوخارست، وهناك عمل في محل لصنع الأحذية. وفي عام 1932 التحق الصبي بحزب العمال الروماني وبدأ نشاطه المعادي للفاشية والمناصر للشيوعية. وقد ألقي عليه القبض وسجن المرة بعد الأخرى بسبب أنشطته السياسية. ففي عام 1936 مثلا حكم عليه بالسجن لحوالي ثلاث سنوات. أما إلينا ابنة المزارع البسيط والتي سيتحول يوم ميلادها فيما بعد إلى عيد وطني وإجازة رسمية فقد وجدت صعوبة بالغة في متابعة دراستها بعد أن رسبت في جميع المواد عدا التطريز والموسيقى والرياضة. وقد اضطرت لترك المدرسة في وقت مبكر والعمل في الأرض التي استأجرها والدها. ثم بعد ذلك انتقلت إلى بوخارست. والتقى تشاوشيسكو بالينا في إحدى الخلايا السرية للشيوعيين، وتزوجها في عام 1939 ثم عمل الاثنان معا كفريق واحد طيلة حياتهما.
وتعرف تشاوشيسكو وهو في السجن في عام 1943 بالسياسي الشيوعي جورجي جيرودجي والذي سيصبح في المستقبل بمثابة الأب السياسي له. وقد فر من السجن في عام 1944 قبل الاحتلال السوفييتي لرومانيا بقليل. ومع وصول الشيوعيين في رومانيا إلى السلطة في عام 1948 عين تشاوشيسكو في نفس العام وزيرا للزراعة وهو الموقع الذي ظل فيه حتى عام 1950. وخلال الفترة 1950-1954 شغل موقع وكيل وزارة الدفاع. وتدرج تشاوشيسكو في المواقع الحزبية شيئا فشيء. وبصعود رفيقه في السجن جورجي ديجي إلى منصب السكرتير العام للحزب الشيوعي أصبح تشاوشيسكو الرجل الثاني في الحزب.

*استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء

السبت، 25 ديسمبر 2010

بوادر الوعي السياسي في قطر

الدكتور علي خليفه الكواري
عن موقع صحيفة ايلاف اليمنية
بدأ الوعي السياسي الحديث في قطر مع بداية عصر النفط فيها, عندما تحولت ألإدارة التقليدية إلى نمط من الإدارة الحديث, بعد تصدير النفط عام 1949 وتغيير الحاكم وتعيين مستشاراً بريطانياً على رأس الإدارة العامة.
انشأ المستشار إدارات حكومية ووضع ميزانية عامة للدولة (1). وقد صاحب هذه الفترة بروز مطالبات أهلية متفرقة بالمشاركة بشكل عام, وفي نصيب من دخل النفط و حسن استخدام عائداته بشكل خاص. وذلك بعد أن تم تخصيص ربعه للحاكم قبل دخول عائدات النفط إلى خزينة الحكومة, كما خصص لأسرة الحاكم استجابة لمطالباتهم, رواتب شهرية ومخصصات عالية من ميزانية الدولة ناهزت ربع عائدات النفط أيضا.
وفي ضوء ذلك كان لقبائل وعائلات قطرية مطالبات بالمشاركة و في نصيب من دخل النفط, لم تسفر عن أكثر من رواتب متواضعة لبعض الشخصيات والعائلات ومخصصات سنوية تتراوح بين 500-1000 ربيه لكل إفراد القبائل والعائلات القطرية, سميت "جواعد أو قواعد" سنوية, وانشأ لها ديوان خاص وحسابات منتظمة لا تزال قائمة بالرغم من استنكاف الأغلبية العظمى من أهل قطر أخذها.
وقد عبر شعراء مثل سلطان العلي وسعيد البديد وحسن نعمه (أيام زمان) وغيرهم, إضافة إلى العرائض والمناشدات التي قدمت للحاكم, عن تذمر أهل قطر ومطالبتهم بالعدل والمشاركة.
ولعل تناولي في رسالة الدكتوراه عام 1974موضوع تخصيص عائدات النفط وانعكاساتها على التنمية كان ضمن البحث عن حقيقة ما حصل لعائدات النفط وكيف تم تخصيصها. وقد بينت الرسالة أن ما خصص للحاكم وأسرته من عائدات الدولة من النفط حتى عام 1970,,بلغ 64,7% في قطر, و42,7 في أبوظبي, و42% في البحرين, و5,5 في الكويت (2)
وجدير بالذكر أن معظم أهل قطر منذ عام 1946 قد توجهوا للعمل في شركة نفط قطر وفي الحكومة وكونوا منذ عام 1950طبقة عاملة لها مطالبات نقابية ووطنية موحدة. كما توجه اهتمام الفئات الأكثر وعياً من أهل قطر والعاملين في شركات النفط إلى المطالبة بالمشاركة في الشأن العام, وذلك في ضوء حالة من تفاعل الرأي العام القطري مع الدعوات القومية التي انطلقت في أرجاء الوطن العربي وكانت مصر وسوريا مركزها(3).
وفي هذه الفترة ظهرت لجان العمال في دخان وأم سعيد ورأس أبو عبود وكانت هناك مطالبة بلجنة تمثل العاملين في الحكومة. كما سبق ذلك حولي عام 1955 تأسيس الجمعية الإسلامية التي منعتها الحكومة من النشاط بحجة حصول القائمين عليها على مساعدات من حاكم البحرين, بلغت عشرين إلف ربية حسب رواية جاسم جمال. واستمر تأثير هذه الجمعية عبر شخصيات منهم عبدالله حسين نعمة (مكتبة العروبة ومكتبة التلميذ) وعبدالله خليفة المطاوعة واحمد بن ناصر عبيدان. كما ظهرت أيضاً تجمعات وشخصيات أخرى من مختلف القبائل و العائلات القطرية بما فيهم افراد من آل ثاني من الحمد والأحمد خاصة.
والتحق طلاب قطر في الداخل والخارج بتيار المطالبة إلى جانب العمال والوجهاء. وقد تجسد ذلك الشعور الوطني والقومي في مظاهرات 1956 أثناء العدوان الثلاثي على مصر وفي جهود مساندة ثورة الجزائر, وتجلى في حركة 1963 وما سبقها وصاحبها من إضرابات العمال وتجمعاتهم الجماهيرية.
وكان حمد العطية وآخرون قد قد أنشؤا منظمة التكسي التي ضمت مالكي سيارات النقل والاجرة وكلهم قطريون, من اجل حماية مصالحهم في مواجهة كبار التجار والمقاولين الذين بداو يحتكرون نشاطات النقل. وكان مدير المكتب هو الصديق أحمد خليفه السويدي وزير خارجية الامارات لاحقا.
وفي عام 1959 أسس نادي الطليعة وزاول نشاطا ثقافيا استقطب الجمهور القطري بما طرحه من نقد من خلال مسرحه ومجلته الشهرية حتى أغلق وزج ببعض أعضاءه في السجن وحظر انتساب أعضاءه إلى الأندية منذ عام 1961.
وتلا ذلك نادي الجزيرة الاجتماعي الذي استقطب عدد من الطلاب إلى جانب العاملين في شركات النفط, وكذلك أسست فرقة الأضواء بقيادة عبد العزيز ناصر وعبد الرحمن المناعي.
وفي هذه الفترة أيضا نشأت امتدادات للأحزاب والحركات القومية في قطر وانتشرت بين الطلاب والعمال وبعض أبناء التجار, كما قامت تنظيمات وطنية أخرى بين العمال خاصة.
وفي ضوء هذا الحراك المتنوع الذي برز في خمسينيات القرن العشرين, كانت مسألة المشاركة في إدارة الشأن العام مطروحة, وقد استجابت الحكومة برئاسة المستشار الانجليزي لتلك المطالب بفكرة إنشاء مجلس بلدي ينتخب ثلثي أعضاءها وفق وثيقة أطلق عليها دستور مجلس بلدية الدوحة. وهذا الدستور الذي يقر بحق أهل قطر في انتخاب ثلثي أعضاء مجلس بلدي مكون من 24 عضو هو أول استجابة لمطالب المشاركة في الشأن العام بشكل حداثي وخارج الأطر التقليدية. ولكن هذا المجلس الذي كان من المفترض انتخاب ثلثي أعضائه لم يرى النور ولم يجري انتخابه, وإنما عين أعضاءه من قبل الحاكم. كما أنشئت سكرتارية له يذكر من العاملين فيها عبد الرحمن بوحميد وعبدالله خليفه المطاوعه وعلي السعد, وبذلك أزيح دستور مجلس بلدية الدوحة دون إلغاءه, وعطلت المواد الخاصة بانتخاب ثلثي أعضاءه.
واستمرت حكومة قطر من عام 1957-1960 تتجنب الاقتراب من تلبية الطلب الشعبي بالمشاركة في الشأن العام والدعوة للاستفادة من عائدات النفط في التنمية وإعادة توزيعها بشكل عادل من خلال تقديم خدمات ورعاية اجتماعية أسوة بالكويت.
وبالرغم من قوة المطالبة الشعبية بالعدل والمساواة والمشاركة بشكل عام, فان الاصلاح الاداري الذي شهدته حكومة قطر اعتبارا من 1962 على اثر تفاهمات 1960 و انتقال الحكم للشيخ أحمد بن علي وتولي الشيخ خليفه بن حمد ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء ووزير المالية, لم تطرح فكرة المشاركة على مستوى مجلس بلدي أو مستوى أعلى منه حتى تاريخ تقديم عريضة الحركة الوطنية ذات المطالب الاجتماعية والسياسية الشاملة, في مارس عام 1963 والتي ترتب عليها اعتقال العشرات من أهل قطر وإبعاد بعضهم من البلاد. وعندما تمت الاعتقالات وأجهضت الحركة العمالية خاصة والحركة الوطنية عامة, أصدر حاكم قطر بيان إيضاحي لمنهاج العمل الشامل لتقدم البلاد, نشر في الجريدة الرسمية في 3/6/1963(3).
وفي هذا البيان الإيضاحي والذي يعتبر بمثابة إعلان دستوري, نجد حكومة قطر تستجيب بشكل غير مباشر لأغلب المطالب التي اعتقل وابعد من اجلها عدد من أهل قطر الممثلين والمتعاطفين مع الحركة الوطنية والعمالية. ومن بين تلك الاستجابات ما ورد في ختام البيان حول صدور المرسوم رقم ( 4 ) لسنة 1963 الذي ينظم انتخاب وتعيين أعضاء مجلس بلدي. ويعد البيان الإيضاحي أيضا بإنشاء مجلس استشاري أعلى يمثل أهل الرأي في البلاد.
ومما يؤسف له حقاً أن المجلس البلدي هذا أيضا, لم ينتخب بالرغم من تحديد الدوائر ألانتخابية ومواعيد انتخابات متكررة , أجل منها الواحد تلو الآخر. وكذلك فان مجلس الشورى الذي أعلن بعد عدة سنوات أصبح مجلس لأسرة الحاكم, ومع ذلك فانه لم يفعل (4). فربما لوتم انتخاب تلك المجالس أو مجلس 1955, لكانت بشائر للمشاركة السياسية التي نطالب بها اليوم.
وفي ختام هذه المقال الذي اظهر حراكا وطنيا في قطر يجهله البعض, اذكر أن سكان قطر في أخر الفترة المدروسة عام 1970 كان 111 ألف نسمه فقط , المواطنون منهم 42% (حوالي 47 الف نسمه) من السكان و20% من قوة العمل, أما المقيمون العرب فقد كانوا يناهزون نصف المقيمين(5).
الدوحه 24-12-2010

* الملاحظات
1-علي خليفه الكواري, تنمية للضياع أم ضياع لفرص التنمية , مركز دراسات الوحدة العربية,بيروت ,1996, ص 159-170

2- علي خليفه الكواري,"النفط وعائداته:خيار بين الاستهلاك والاستثمار" في: هموم النفط وقضايا التنمية في الخليج العربي, كاظمة,الكويت 1985. ص162.

3- علي خليفه الكواري, تنمية للضياع أم ضياع لفرص التنمية , مركز دراسات الوحدة العربية,بيروت ,1996, ص 209-228.

4-إدارة الشئون القانونية, مجموعة قوانين قطر حتى 1966, د.ت, ص 614-619.

5-المصدر السابق ص 561-567ز قانون رقم (6)لسنة1964 بإنشاء مجلس الشورى ومرسوم بتعيين أعضاء مجلس الشورى.

6-علي الكواري, نحو فهم أفضل لأسباب الخلل السكاني,مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية,جامعة الكويت, الكويت 1983.ص 12.


الأحد، 19 ديسمبر 2010

قال أنه سيطلب حق اللجوء السياسي إلى "الجنوب" في حال تفرد الحاكم بالانتخابات... د.عبد الله الفقيه لـ" اليقين":

د.عبدالله الفقيه - أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء – يجيب عن أسئلة قراء (اليقين):
نقابة أعضاء هيئة التدريس ضعيفة جدا وأسوأ نقابة في تاريخ جامعة صنعاء
الانتخابات القادمة هي انتخابات التمديد والتوريث، وهدفها تعبئة مجلس النواب بهياكل بشرية تدار بالريموت كنترول 


- هشام المسوري : كيف تقرأ طبيعة المشهد السياسي الراهن في بلادنا؟
لقد كنا هنا من قبل، والواضح أن أسلوب إدارة البلاد بالأزمات ليس جديدا؛ فحكامنا يصنعون الأزمات في كل بقعة لا يجدون أزمة فيها، وينفخون الكير على نار كل أزمة صغيرة حتى تتحول إلى حريق كبير يصعب على الجميع السيطرة عليه. لقد انتهى عام 2009 بأزمة مشابهة بين السلطة والمعارضة- مثلا، وهاهو عام 2010 يتم إنهاؤه بنفس الطريقة.
- أبو محمد العمري : ما مستقبل اليمن في ظل ثالوث التخلف والتوريث والفساد والإفساد وأجندة الخارج؟وهل آن الأوان لثورة برتقالية بعد تعطيل أدوات نجاح أي ثورة بنفسجية؟
سيرتبط مستقبل البلاد خلال الفترة القادمة بما سيقوم به الحراك والحوثي ومعارضة الخارج والقاعدة والمجتمع الدولي. ولا أعتقد في ظل تعدد الفاعلين وتناقض الأجندات أن يكون هناك- يا معمري- ثورة برتقالية؛ لأن اليمن أقرب إلى الصومال منها إلى أوكرانيا. أما الثورة البنفسجية فلم تفشل فقط ولكنها أعادتنا أيضا إلى الخلف بشكل متكرر، وستقودنا هذه المرة إلى عصر ’’أحمد يا جناه’’.
- عبدالمعز محسن (إب) : بعد تصويت البرلمان على تعديلات قانون الانتخابات من طرف واحد. هل أنت مع أن تُجرى أو مع المقاطعة؟ وماذا يجب على المعارضة أن تفعل؟
لا أحد يستطيع أن يقاطع أو يشارك أو يجري انتخابات في هذه المرحلة. ونصيحتي للمعارضة أن تبقي كل خياراتها مفتوحة إلى أن يعقد مؤتمر الحوار الوطني ويحدد التوجهات العامة لما ينبغي أن يعمله الجميع، هذا على افتراض أنه عقد قبل أن تنزلق البلاد إلى المزيد من التدهور. لم يعد ممكنا حل مشاكل اليمن بالطريقة التي يريدها النظام.
- محمد زبارة (أمانة العاصمة) : ما موقف المعارضة في حال نجاح السلطة بإقامة الانتخابات قياساً بما حصل من نجاح تنظيم أمني وجماهيري في خليجي 20؟
من الخطأ أن نقارن بين منافسة في كرة القدم وبين انتخابات عامة، ومن المبالغة أن يسمى ما حدث في خليجي 20 نجاحا بل هو خسارة كبيرة وهدر لموارد البلاد المحدودة على ’’مغامرة’’ لم تستفد منها اليمن سوى الملاعب التي نتمنى أن لا تتحول إلى زرائب للكلاب أو مقالب للنفايات. وبالنسبة للانتخابات فإني أسأل كل من لديه بقايا من ضمير أو وطنية: كيف يمكن للفشل أن يتحول إلى نجاح؟ وكيف يمكن لانقلاب دستوري أن يقود إلى شرعية؟ وكيف يمكن للجنة انتخابات يقودها قضاة تخرجوا من الجهاز المركزي للأمن السياسي أن تدير انتخابات؟ وكيف يمكن أن تجري انتخابات خلال 4 أشهر ؟ لكني سأجيب يا محمد على سبيل الجدل؛ فإذا نجحت السلطة فهذا يعني أنه ليس هناك في اليمن أي مشاكل أو أزمات، وأن التمرد الحوثي والحراك الجنوبي والقاعدة ومعارضة الخارج هي فزاعات خلقتها السلطة، كما يقول الكثيرون في الداخل والخارج، للابتزاز. وإذا نجحت السلطة في تنظيم انتخابات بهذه الطريقة فمعنى ذلك أننا خرجنا من الحكم الفردي الدكتاتوري ودخلنا في عصر الحكم الفاشي.
-ناصر سعيد (الضالع) : كيف تنظر إلى كل من: الانتخابات النيابية ..القاعدة..الحراك الجنوبي..الحوثية؟
بالنسبة للانتخابات النيابية فستعني، إن عقدت بالفعل، عودة الكهنوت من بوابة الثورة وعودة التمزق من بوابة الوحدة. ستلغي كل الأحزاب، حاكمة ومعارضة، وسيبدأ الناس يتذكرون العصر الذهبي لعبده الجندي ويترحمون عليه كما يترحمون اليوم على آل حميد الدين. أما القاعدة والحراك والحوثي ومن في حكمهم فسنعرفهم في المرحلة القادمة كما لم نعرفهم من قبل.
- مطهر الشرفي (تعز) : لماذا يسعى حزب الحاكم إلى دخول الانتخابات بمفرده؟ وما الأرباح التي سيحققها المشترك بدخوله الانتخابات؟ وما هي الخسائر في حال المقاطعة؟
الانتخابات القادمة هي انتخابات التمديد والتوريث، وهدفها تعبئة مجلس النواب بهياكل بشرية تدار بالريموت كنترول وتعمل أي شيء في سبيل تجنب الفتنة بما في ذلك ترديد نشيد :’’اليمن تفديك’’ يا بو حمد. أما بالنسبة للحزب الحاكم فهو لا يسعى إلى شيء وليس بيده شيء.. هناك تيار حاشد وتيار بكيل وتيار الجنوب وتيار الحوثي، وكل تيار يعتقد أنه إذا دخل وحده سينال أكبر نصيب من الكعكة، وفي نهاية اليوم سيخرج الكل بخفي حنين. وبالنسبة للمشترك لن يستطيع المقاطعة او المشاركة، فأنت في اليمن وليس في أي دولة أخرى، وهو سيفعل كل ما يستطيع فعله، والدعم الشعبي هو الذي سيحدد ما سيفعله بالضبط.
- إبراهيم الخطيب (أمانة العاصمة) : برأيك ماذا تملك المعارضة من أوراق تجبر الحزب الحاكم على عدم الانفراد بالانتخابات البرلمانية في ظل إصرار الأخير على ذلك؟
الأوراق القوية يملكها الحراك والحوثي ومعارضة الخارج والقاعدة وحاشد وبكيل وأمريكا وبريطانيا والرياض. أما أحزاب اللقاء المشترك فليس لديها سوى كرت الدستور والشرعية الدستورية والمواطن المسحوق بفساد السلطة وجرعها وما تبقى من الجمهورية ومؤتمر الحوار الوطني المنتظر. وهذا لا يعني ضعف المشترك لكن أدواته مختلفة؛ فإذا كان الفيل يغتر بقوته فإن النملة ستركن إلى الخديعة حتى تصل بالفيل إلى الهاوية..
- عبد الحميد الصحاف (الضالع) : هل تعتقد أن تمرير قانون الانتخابات وسيلة ضغط على المشترك؟ أم المؤتمر ماضٍ في الانتخابات؟
ليس لدى المشترك ما يستطيع تقديمه حتى يتم الضغط. عليه أما أن المؤتمر ماض في الانتخابات فلا أعتقد ذلك، لأنه لا أحد يمكن أن يسعى إلى حتفه.. ربما كان هناك من يسعى إلى الانتخابات منفردا، لكني أستبعد تماما أن يكون المؤتمر؛ لأن الخطة هي إحلال 90 في المائة من الأعضاء الحاليين للمؤتمر في مجلس النواب بضباط من الجيش والأمن ينفذون ولا يسألون.
- محمد الفتاحي (الضالع): هل الانتخابات المقبلة إذا انفرد بها الحزب الحاكم ستكون بمثابة استفتاء على الوحدة إذا قاطعها أبناء الجنوب، ويكون ثمنها انفصال الجنوب كالسودان؟
هناك من يريد تقليد تجربة مصر.. لكن أين مصر من اليمن وأين اليمن من مصر! وكما تعرف- يا فتاحي- فاليمن أقرب إلى السودان منه إلى مصر. وانفصال الجنوب في ظل السياسات الحالية هو مسألة وقت فقط ويمكن أن يتحقق خلال الأربعة الأشهر القادمة إذا مضى الحاكم بنفس الوتيرة من النشاط، فالمجتمع الدولي يعرف نقطة ضعف الحاكم العربي؛ وبما أن له موقف واضح ومعلن من أي انتخابات انفرادية في اليمن عبر عنه في أكثر من مناسبة فإن التراجع عن ذلك الموقف لن يكون دون ثمن وثمن باهض. والذي تنازل عن ثلث مساحة اليمن للجيران وأعطى الأصدقاء تصريحا مطلقا بالقتل لن يهمه في سبيل البقاء في الكرسي أن تتجزأ اليمن إلى الف دويلة . فإحدى وثائق ويكيليكس تقول أن النظام في اليمن عرض على الأمريكيين أن يقوم بتعديل الدستور حتى يتمكن من تسليمهم من يطالبون بهم ويتهمونهم بالإرهاب.
شخصيا، إذا مضى الحاكم منفردا في الانتخابات فسأملأ ثلاث طلبات لجوء سياسي، وسأرسل الأول إلى الأستاذ على سالم البيض إلى المانيا أو النمسا، وسأرسل الثاني إلى الرئيس علي ناصر محمد في دمشق، والثالث إلى المهندس حيدر أبو بكر العطاس إلى الرياض.. وسأرجو الثلاثة إعطائي حق اللجوء السياسي في الجنوب.
- ناصر حمود أحمد (تعز) : ما قراءتك للحالة السياسية اليمنية وأضرار الانفراد بالانتخابات القادمة؟
الحالة السياسية مليئة بالجنون الذي لا لزوم له، وللأسف أن هناك أيادي تعبث بالبلاد بطريقة مخجلة وتهدم جدران المعبد على نفسها وعلى الجميع في حالة من الطيش وفقدان العقل تثير الحيرة والارتياب. وبالنسبة للانتخابات فإن من يسعى إلى عقدها أشبه ما يكون بالطالب الذي يشتري له شهادة بفلوس دون أن يدرس؛ فهو يخسر نفسه مبالغ طائلة ويصر على أيهام الآخرين على أنه حامل شهادة بينما الكل يعرف أنها مزورة، ثم يصدق نفسه أنه أصبح حامل شهادة رغم أنها مزورة ثم يجد نفسه مدان بالتزوير ثم يتعرض للابتزاز ويصبح مرغما على تنفيذ ما يطلبه منه الآخرون أو يفضحوه.
- فيصل الشراعي (الضالع) : إلى أين تتجه اليمن في ظل دخول المؤتمر الانتخابات منفرداً؟
علينا أن نتفاءل؛ فكثرة المتآمرين والصفقات السرية والدور الكبير للخارج وتدفق ملايين الدولارات إلى داخل البلاد، كلها تعني أن مفاجاءات كبيرة تنتظر الجميع وأن المسرحية قد تنتهي برحيل المخرج والممثلين وصعود الكومبارس وكتاب السيناريو إلى الواجهة. وبالنسبة للقوى السياسية فأعتقد أن المستهدف الرئيس هو حزب الإصلاح وسيكون أمامه خلال المرحلة القادمة إحدى خيارين: الاندماج في السلطة أو الانحياز كليا للشعب وخياراته والاستعداد لتحمل أي تكلفة كانت.
- معين الخليدي : ما هي الوسائل المشروعة والديمقراطية المتاحة أمام الشعب لرفض نتائج الانتخابات إذا ما خاضها الحزب الحاكم منفرداً وقاطعها المشترك؟
عندما يخرج الحاكم عن الشرعية فلا تتوقع من الحفاة العراة الجائعين أن يبحثوا عن الوسائل المشروعة والديمقراطية. بالنسبة لهم لن يكون هناك أكثر مشروعية وديمقراطية من تنظيم القاعدة والتمرد الحوثي والحراك الجنوبي. ولا أبالغ أن قلت أن عنصرية النظام القائم وفساده واستهانته بأبناء شعبه لن تدع خلال قادم الأيام الكثير من الخيارات أمام اليمنيين وأنا واحد منهم.
- القاضي أبو مروان (المنار) : أولاً نشكرك وكل صوت حر يصدع بالحق دون خوف، وثانياً برأيك ما الفرق بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الوطني المصري؟ وهل ستكون أساليب الأخير نموذجاً للأول؟ وإن حصل، هل ستمر الأمور على خير؟
أولا: نرجو أن نكون عند حسن ظن شعبنا ونعتذر عن كل تقصير. ثانيا، بالنسبة للفرق بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الوطني المصري فهو كالفرق بين اليمن ومصر وبين مبارك وصالح. لا يوجد في اليمن ما يمكن تسميته حزب حاكم أو حتى حزب الحاكم ولكن يوجد جماعات من الأجراء والنهابين الذين يعملون موسميا ..يوجد اصطفافات قبلية ومناطقية وطائفية وعشائرية تمكن المصريون من التحرر من الكثير منها منذ وقت طويل.
- مالك العودي (إب) : برأيك هل أحزاب المعارضة تؤدي الدور المطلوب وبالأخص الدور الاجتماعي والاقتصادي ، وهل بينها وبين الحزب الحاكم فرق في أداء هذا الدور؟
الصراع في اليمن ليس بين سلطة ومعارضة فتلك مجرد مسميات ..الصراع الحقيقي هو بين حاشديين وبكيليين وهاشميين وجنوبيين وشوافع ، وليس هناك من هو أفضل من الآخر على الصعيد السياسي، وكل مجموعة تريد الوصول الى الكرسي المتفجر والسيطرة على البنك المركزي وبناء جيش يدافع عن مكتسباتها..دعونا لا نكذب على بعضنا بالحديث عن مسميات كبيرة كالأحزاب والمجتمع المدني التي ليست أكثر من ديكور أو أقنعة يتخفى خلفها المتصارعون حول السلطة، فما زلنا في الواقع مجتمع يفوق في بدائيته بعض القبائل التي تسكن في جزر في أعماق المحيطات.. وفي هذا الإطار فإن السلطة والمعارضة يؤديان دورهما على أكمل وجه، لكن المشكلة أن الأقنعة والديكورات بدأت في التآكل ليظهر ما خلفها
- علي هادي (ريمة): هل توافقني- يا دكتور- أن المؤتمر أهلك الحرث والنسل، والمشترك مزايد ولا يهمه معاناة الناس وأوجاعهم قدر همه المكايدة والتشفي بالحاكم؟
طريقة طرحك للسؤال- يا علي- غير محايدة. نحن لن نستطيع الحكم على المعارضة إلا إذا أتيح لها فرصة الحكم، ولا نقول لفترة 32 سنة ولكن لأربع سنوات فقط وبعد ذلك يقرر الناس. أعتقد أن كل جماعة يمنية تريد الوصول إلى الحكم، وإذا تحقق لها ذلك مارست نفس سلوكيات الجماعة التي قبلها وذلك لسبب بسيط وهو عدم وجود دولة نظام وقانون.
- أنيس خالد (الشعيب): هل سيكون مؤتمر الرياض بداية النهاية للنظام؟ أم نهاية البداية للحراك الجنوبي وقوى التغيير في اليمن؟
يعتمد الوضع على ما سيحدث خلال الفترة القادمة، ولن أستبعد أن يتحول مؤتمر الرياض إلى مؤتمر لتقسيم اليمن. كل شيء جائز وممكن ومحتمل طالما والبلاد تدار بالطريقة التي تدار بها اليوم؛ فاليمن بالنسبة للسعودية تمثل مشكلة ودولة فاشلة- كما يقولون- وما يحدث اليوم سيزيد من درجة الفشل بالتأكيد.
- مطهر الشرفي (تعز) : هل أنت مع الكونفدرالية؟
أنا مع التخلص من العنصرية والتمييز بين المواطنين سواء تم ممارستها من قبل ’’عيال الله’’ أو من قبل ’’عيال الشيخ’’ أو من قبل’’ ذو الخُمس’’. وأنا ضد الاستقواء بالعصبية سواء مارسته حاشد أو بكيل أو الهاشميين أو أبناء العم سام. وأنا مع المواطنة المتساوية وسيادة القانون. ومنذ أن هبت إحدى القبائل لعزل رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة صنعاء من موقعه لأنه رفض منح أحد أبنائها المفصول من القسم شهادة ماجستير، أيقنت أن اليمنيين لا خلاص لهم إلا بتوزيع السلطة والثروة بطريقة أو بأخرى حتى لا يتحولوا إلى أجراء لدى حاشد وبكيل والهاشميين.
- هشام المسوري (ريمة) : ما هو تفسيرك من وجهة نظر سياسية لما نشره ويكيليكس عن تزويد المخابرات اليمنية بإحداثيات لمقر اللواء علي محسن الأحمر؟ وما الأهداف الحقيقية من وراء الاستهداف الذي سبق وأن تحدث عنه حميد الأحمر عن معلومات مشابهة لوثائق ويكليكس؟
الوثائق التي تقول الخارجية الأمريكية أنه تم تسريبها من إرشيفها تحتوي على الكثير من الأسرار والتفاصيل، وأعتقد أنه سيكون لها أثرا عميقا على الدبلوماسية وعلى الطريقة التي تدير بها الدول سياساتها الخارجية. نحن أمام حدث تاريخي هام.. ويبدو أن فترة رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة ستكون مليئة بالإثارة والتشويق والتسلية والمآسي أيضا.
بالنسبة للمحضر الذي جاء فيه أن السعوديين أبلغوا الولايات المتحدة بأن السلطات اليمنية قدمت لهم إحداثيات موقع اللواء الركن علي محسن الأحمر لقصفه بالطيران على أنه موقع لعبد الملك الحوثي، فإنه في الحقيقة مخيف؛ لأنه يؤكد ما كان يتحدث عنه اليمنيون من وجود صراع على السلطة بين الأسرة الحاكمة والأسر المنافسة لها أو بين بيت حميد الدين وبيت الوزير. والمعلومات التي تم الكشف عنها- إن صحت- لا تمثل انقطاعا عن التاريخ اليمني المليء بالمذابح التي ترتكب في إطار الصراع على السلطة.. وما مذابح عام 1948 وعام 1955 ببعيدة علينا!نتمنى من السلطة أن توضح الموقف للرأي العام..
- فؤاد الحساني (الضالع): دكتور عبدالله، أشكرك على شجاعتك.. الجميع يعرف أن الحاكم وعماله في الوزارات يكذبون، لكن بعد تسريبات ويكيليكس، ونظامنا يتفاخر بكذبه على النواب والشعب! فهل المشترك يصدق المؤتمر بأنه صادق في الحوار وأنه مستعد أن يغادر من كرسي الحكم عبر الصندوق؟
بالنسبة للحوار فقد أثبت الحاكم بنفسه بأنه كذاب ولم يدع للمعارضة أي مجال للتشكيك في احتمال كذبه؛ ومشكلة النظام اليمني أنه أفلس حتى في الكذب وليس فقط في النزاهة والإدارة والعدالة. أما بالنسبة لقول المؤتمر بأنه سيغادر كرسي الحكم عبر الصناديق فلم يعد ينطق بمثل هذا الكلام منذ عام 2006.. ويعرف الكل في اليمن أن ’’هم ’’لن يغادروا السلطة إلا بصناديق الأموات وليس بصناديق الانتخابات، وما يبحث عنه الشعب اليمني ليس ترحيل الأئمة الجدد عن السلطة بل الشراكة معهم في خيارات وخيرات البلاد التي يحتكرونها لأنفسهم.
- العثماني (إب) : أين وصلت قضية الغاز المسال ؟
لقد شكل الحاكم تحالفا مدنيا لمناهضة صفقة الغاز بنفس الطريقة التي شكلت بها بريطانيا جامعة الدول العربية. والغريب أن بعض أعضاء مجلس النواب وبعض أعضاء الهيئة العليا لمكافحة الفساد، وحتى شيخ مشايخ بكيل الجديد نفسه، أصبحوا جميعا أعضاء في التحالف الجديد الذي حَّول القضية إلى شكل بلا مضمون! ولن أستغرب إذا ما تحول التحالف المدني الجديد إلى حزب سياسي!! نأمل أن نرى التحالف المدني الجديد يرفع قضية ضد رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو حتى ضد هيئة مكافحة الفساد أو ضد الإمام يحيى أو ضد رئيس تحرير صحيفة اليقين..المهم أن يفعلوا شيئا حتى لا يصبحوا جزءا من الفساد.
- مروان النقيب (إب) : لماذا بالغالب أكاديميو السياسة يلعنون الظلام دون إشعال الأمل؟
أعتقد أنك لا تتابع البروفسور أحمد الكبسي أو الدكتور جلال إبراهيم فقيرة أو غيرهم من أساتذة السياسة، وأنك تركز في قراءاتك على الدكاترة المحسوبين على المعارضة..أنصحك بحضور محاضرات أو متابعة مقابلات وتصريحات الدكتور عبد العزيز الشعيبي- رئيس جامعة إب، أو محاضرات الدكتورة بلقيس أبو إصبع- نائب رئيس هيئة مكافحة الفساد، وستسمع ما يسرك وما يعيد لك الثقة بالأكاديميين. فغير صحيح أن غالبية الأكاديميين المتخصصين في السياسة يلعنون الظلام.
- يلاحظ في الفترة الأخيرة أن الدكتور عبدالله الفقيه بدأ يشن هجوماً غريباً على كثير من وسائل الإعلام، لماذا؟
وسائل الإعلام أصبحت أداة هامة من أدوات تثبيت أو زعزعة الاستقرار. وفي ظل الانفتاح الإعلامي الكبير الذي نعيشه بدأ وعينا يتفتح على ممارسات في غاية الخطورة، ويندرج بعضها تحت إطار ممارسة الحرب النفسية ضد المجتمع. والوضع الإعلامي الذي تعيشه اليمن اليوم شبيه إلى حد كبير بالوضع الإعلامي الذي عاشته لبنان قبل انفجار الحرب الأهلية فيها في عام 1975. والصحافيون اليمنيون معذورون إلى حد ما؛ فالجوع كافر، والجماعات المتصارعة على السلطة كثيرة وكل جماعة مستعدة لفعل أي شيء في سبيل البقاء في السلطة أو الحصول على نصيب منها وهي لذلك توظف الإعلام دون أي ضوابط.
بدأنا نرى صحفاً لا تغطي في أخبارها أو مقابلاتها سوى المنتمين إلى قبيلة معينة، وبدأنا نرى مواقع تابعة لمشايخ أو لمستقلين لا عمل لها سوى زرع الشائعات وإثارة الصراع القبلي والعرقي، وبدأنا نرى صحفيين يعملون ليل نهار لإشعال الحرب في صعدة أو استهداف دول شقيقة لليمن مثل السعودية أو صديقة مثل إيران. ووصل الأمر إلى درجة أن أحد الصحافيين كتب يبرر إحدى الهجمات الأمريكية في محافظة أبين والتي أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين الأبرياء قبل يوم واحد فقط من وقوع الهجمة.
صحيح، الإعلامي اليمني معذور إذا استلم من السلطة أو حصل على دعم خارجي في ظل الوضع المعيشي الصعب وفي ظل عنصرية النظام القائم، ومن حق الصحفي أن يتبنى أي قضية أو موقف سياسي، لكن الذي ليس من حق ايٍّ كان ولأي مبرر كان هو أن يعمل خارج القيم وأن يؤلف أخبارا كاذبة لحساب أي جهة داخلية أو خارجية إذا كان يعرف مسبقا أن هدفها الإضرار بالمجتمع وزعزعة الاستقرار فيه وإثارة الصراعات داخله وإراقة دماء الأبرياء.
أعتقد أنه من المهم أن نعمل جميعا على فضح أي إعلامي يساهم أو يشارك أو يقوم بتوزيع رسائل إعلامية وأخبار مفبركة بهدف الإضرار بالسلم الاجتماعي، وعلينا جميعا أن نساند الصحافة المهنية التي تنشر الحقائق بغض النظر عن ما يترتب على تلك الحقائق من آثار. ما تحتاجه اليمن هو الشفافية حول كل شيء وما لا تحتاجه هو الدعاية السوداء والحرب النفسية ضد اليمنيين سواء أكانت تلك الحرب ضد الشعب اليمني أو ضد النظام أو ضد معارضيه أو ضد الدول الأخرى.
- ما هو موقفك من تحالف مناهضة صفقة الغاز المسال؟
كنت طرحت فكرة التحالف قبل تشكله بعدة أشهر خلال جلسة لمنتدى الشيخ الأحمر وبحضور الأستاذ صخر الوجيه، الذي حاضر يومها حول الصفقة المشبوهة، وعدد كبير من الأعضاء الحاليين للتحالف. وكنت أتمنى أن يكون مثل هذا التحالف أداة شعبية لممارسة ضغوط على النظام وعلى الشركات الأجنبية المستفيدة من صفقات الغاز. لكن التحالف- للأسف- ولد ميتا؛ وبقدر ما ضم العديد من الشخصيات التي لها مكانتها في البلد، فإنه لم يكن أكثر من مجرد شكل، ولم يختلف كثيرا عن لجنة الأستاذ سالم صالح محمد.. ونتمنى أن يتغير الوضع في قادم الأيام.
- ما الجديد في مسألة ترقيتك في الجامعة؟
لا أستطيع أن أصبح حاشديا أو بكيليا حتى ترضي عني القبائل، وإذا لم أحظ بدعم من حاشد أو بكيل فلن أحظى بدعم من السعودية أو أمريكا، كما لا أستطيع أن أغير مذهبي حتى يرضي عني رئيس جامعة صنعاء ونائبه للشئون الأكاديمية.هناك معاملة خاصة لشوافع اليمن داخل الجامعة، وقد رقى رئيس جامعة صنعاء عددا من الأساتذة في نفس الفترة التي قدمت فيها للترقية، دون العودة إلى الكبسي أو المجلس الأكاديمي، رقاهم بالمخالفة للقانون..ففقيه صنعاء غير فقيه إب! وعندما تقدمت له بمذكرة أطلب فيها منه ممارسة اختصاصاته في مواجهة عنصرية نائبه، أحالها إلى النائب الذي اشتكيت به، وما زلت أحتفظ بها لدي وعليها توقيعه. نقابة أعضاء هيئة التدريس ضعيفة جدا بل هي أسوأ نقابة في تاريخ جامعة صنعاء ولا يستطيعون أن ينصفوا زميلا لهم فما بالك بالقضايا الأخرى.
ولا أعتقد أن مشكلتي ومشاكل غيري من شوافع اليمن يمكن حلها دون أن يكون لشوافع اليمن هبتهم ضد التمييز والعنصرية التي تمارس ضدهم في كل جهة حكومية بما في ذلك جامعة صنعاء ومجلس النواب. وما أشكو منه- كشافعي- من تمييز يشكي منه الدكتور عبد الكريم الإرياني والأستاذ عبد العزيز عبد الغني وسلطان السامعي وكل من أعرف. فشخص مثل يحيى الراعي رئيس مجلس النواب لا يجرؤ أبداً كما قال الأستاذ أحمد سيف حاشد على رفض شيء لشخص من حاشد، وشخص مثل أحمد الكبسي- نائب رئيس جامعة صنعاء، كما أعرف أنا، لا يمكن أن يتجرأ على رفض ترقية شخص من بكيل. ومن سوء حظنا كشوافع أن الروابط القبلية والعصبية التي ننتمي إليها ضعفت بشكل كبير، وأصبحنا ضيوفا غير مرغوب فيهم على موائد بعض اللئام، وليس مواطنين بحقوق متساوية مع غيرنا، بل فريسة سهلة لنظام عنصري في بنيته وفلسفته.
وما يحدث لنا اليوم هو أن التركيز الطائفي والمناطقي للسلطة بيد القبائل الزيدية يجعلنا، كما يؤكد الكثير من الشوافع بشكل خافت، مواطنين من الدرجة الرابعة، يحرمون من أبسط الحقوق ويتجرأ عليهم أرذل خلق الله.. وحتى ممثلونا في هيئة الفساد أو مجلس النواب أو الحكومة هم من المنتمون إلى المراكز المقدسة للسلطة. وعلينا من وجهة نظري في ظل تصاعد التمييز والعنصرية ضدنا -كشوافع المناطق الوسطى- أن لا نخجل من المطالبة بحقوقنا كلما أتيحت لنا الفرصة وأن نعبر عن انتمائنا الديني بصراحة وصوت عال؛ فالذي يجب أن يخجل- كما قال النعمان ذات مرة- هم الأشخاص الذين يمارسون العنصرية والمناطقية. أنا على ثقة تامة أن شوافع اليمن لن يسكتوا أبد الدهر وأنهم وإن تأخروا في الحركة فإنهم سيتحركون بقوة حين يفعلون. لكني أخشى أن ينفجروا بنفس الطريقة التي انفجر فيها الجنوب والشمال أو كما حدث في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهذا له عواقبه، وسيرفع تكلفة الانعتاق من حالة التمييز الذي نعيشه. إنني أدعو كل رموز شوافع اليمن أو المناطق الوسطى إلى توحيد الجهود للمطالبة بحقنا من السلطة والثروة ومن المعاملة المتساوية كغيرنا فنحن القوة التي سترجح كفة الميزان. فمن حق شبابنا أن يكون لهم مستقبل وأن لا يدفع بهم النظام القائم إلى براثن القاعدة أو أن يحوِّلهم إلى وقود لحروبه في الشمال والجنوب والشرق والغرب.
- سليمان الحملي (الوازعية): باعتبارك أستاذ جامعي، تدرك حدود العلاقة بين الأستاذ والطالب، ولكن هناك من أعضاء هيئة التدريس من اعتدى على بعض قيادة الاتحاد العام لطلاب اليمن –كلية الهندسة- فكيف تنظر لمثل هذا التصرف؟
لا أعرف تفاصيل القضية وقد قرأتها في الصحف مثل غيري. هناك طلاب يعتدون على الأساتذة وهناك أساتذة قد يدافعون عن أنفسهم وهناك احتكاكات هنا وهناك، لكن اعتداء أستاذ على طالب هو عمل مدان وهو أخطر من اعتداء الطالب على الأستاذ، وإذا صح فإن الأستاذ ينبغي أن يحال إلى التحقيق وأن يتم فصله في حال ثبوت الاعتداء. إن مثل هذه التصرفات الرعناء التي تنتهك كرامات الناس هي التي تحول الشباب إلى إرهابيين وتسبب المذابح. وهناك في الجامعة اليوم من الممارسات ما يندى له الجبين ويستحي الواحد منا الحديث فيه.
- ونحن في نهاية العام 2010م، ما تقييمك لأبرز الأحداث السياسية التي شهدتها بلادنا في هذا العام؟ وما مدى تأثيرها في العام القادم؟
انتهى عام 2009 بالتفريط بسيادة اليمن والسماح للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بتوجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي اليمنية قادت إلى قتل الكثير من اليمنيين الأبرياء سواء في صعدة أو أبين أو شبوة. ويعتبر عام 2010 الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الجمهورية اليمنية، وقد برزت فيه القاعدة من خلال الكثير من العمليات الإرهابية الصغيرة والموجهة ضد الجيش والأمن. وشهد العام من جديد تفريط النظام بسيادة البلاد ومقتل جابر الشبواني في حادثة كادت تؤدي إلى انهيار الدولة في اليمن وخصوصا بعد استهداف قبيلة الشبواني لمحطة الكهرباء في مآرب. وشهد العام وضع اليمن تحت الوصاية الدولية من خلال مؤتمرات لندن وأبو ظبي وبرلين ونيويورك، واستمرار التدهور الاقتصادي والأمني. وباختصار فان عام 2010 هو عام القاعدة والتجريع والتدخل الدولي.
وما يتهدد اليمن في عام 2011 هو تجدد الحرب في صعدة وإمكانية تحولها إلى حرب طائفية شاملة، غزو خارجي تم التهيئة له بشكل كبير من خلال حادثة الطرود وتسريبات ويكيليكس، خطر الانهيار الاقتصادي، ونشوء أزمة كبيرة في العلاقات اليمنية السعودية بسبب الحدود.

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

وثائق اليمن من ويكيليكس

يمكن الحصول على القائمة الخاصة بوثائق اليمن من ويكيليكس من الرابط التالي الذي يضم 22 وثيقة:

http://213.251.145.96/origin/30_0.html

وبامكان المتصفح اضافة الصفحة الى المفضلة والعودة اليها بين الحين والآخر لتفقد الإضافات

كما يمكن الحصول على الوثائق الخاصة باليمن  ايضا من الرابط التالي:

http://git.tetalab.org/index.php/p/cablegate/source/tree/master/origin/Embassy%20Sanaa

ويعتبر موقع المصدر اون لاين الموقع اليمني الوحيد الذي يوفر ترجمات كاملة لبعض  الوثائق ويفضل ان يحصل طلاب الدبلوماسية على نحو خاص على اعداد صحيفة المصدر ليوم 30 نوفمبر و7 ديسمبر والأعداد اللاحقة التي يمكن ان تحتوي على ترجمات.
وبالنسبة للوثائق المتوفرة على موقع المصدر اون لاين فتتمثل في الاتي:
http://www.almasdaronline.com/index.php?page=news&news_id=13680
http://www.almasdaronline.com/index.php?page=news&article-section=36&news_id=13924
http://www.almasdaronline.com/index.php?page=news&article-section=36&news_id=13933
http://almasdaronline.com/index.php?page=news&news_id=13949
http://almasdaronline.com/index.php?page=news&news_id=13977


السبت، 11 ديسمبر 2010

صالح يسخر من برينان والأخير ينسحب

قد يعتقد البعض أن الرئيس علي عبد الله صالح لن يتجرأ على السخرية من مسئول أمريكي رفيع المستوى بحجم جون برينان مستشار الرئيس باراك أوباما لشئون مكافحة الإرهاب. لكن إحدى وثائق ويكيليكس تؤكد أن ذلك هو ما حدث بالضبط في 16 مارس 2009 حين جاء برينان لإقناع صالح بالموافقة على تحويل معتقلي جوانتناموا من اليمنيين إلى برنامج إعادة تأهيل في السعودية.
وقد اقترح برينان على صالح ان يتم، في ظل غياب أي برنامج داخلي لإعادة تأهيل المعتقلين اليمنيين الذين يتم إطلاق سراحهم من جوانتنامو، تحويلهم  إلى السعودية على ان يتم تأسيس برنامج تأهيل في منطقة ابها تديره السعودية واليمن بشكل مشترك. لكن صالح رفض مناقشة المقترح مؤكدا بان اليمن تريد مركز تأهيل خاص بها يتم بنائه في مدينة عدن "نحن نقدم الأرض وانتم والسعودية تقدمون التمويل" وأكد صالح بان المركز سيكون جاهزا خلال 90 يوما اذا ما وفر السعوديون والأمريكيون التمويل المطلوب وهو 11 مليون دولار.
وبعد الحاح من قبل برينان قال صالح بأنه لا يمانع شخصيا في إرسال المعتقلين اليمنيين في جوانتناموا الى السعودية لكن أحزاب المعارضة لن تسمح بذلك وستتسبب بالكثير من المشاكل وعندها قال برينان لصالح ان قائدا يملك خبرة عميقة مثل خبرته لن يعجز عن ايجاد طريقة لإقناع المعارضة. وعندها عاد صالح من جديد للتساؤل لماذا لا تبقي أمريكا على المعتقلين في جوانتناموا او ترسلهم الى السجن الذي يعتقل فيه الشيخ محمد المؤيد الذي كان حينها معتقلا في سجن في كلورادو. وهكذا انتهى اجتماع صالح وبرينان خلال الصباح بلا نتيجة.
مفأجاة كبيرة لبرينان
بعد ساعة من خروج برينان من الرئاسة كان هناك اتصال من مراسيم القصر تطالب برينان والوفد المرافق له الالتقاء بعمار صالح وكيل جهاز الأمن القومي. ولعل برينان والوفد المرافق له قد شعروا ببعض الانفراج متوقعين ان التفاوض حول تحويل اليمنين المعتقلين في جوانتناموا الى السعودية سيستمر مع عمار صالح. وكانت المفاجأة لبرينان هي انه عندما بدأ النقاش مع عمار صالح ابلغه الأخير ان لديه توجيها من الرئيس صالح لإعطاء الأمريكيين معلومات استخباراتية هامة جدا . وقد ذكر عمار أن لدى الأمن القومي معلومات من مصادر موثوقة في العراق وهي ان حزب البعث يعيد تنظيم نفسه وسيعيد الاستيلاء على السلطة في حال انسحاب الأمريكيين. وعندما انتهى عمار من قوله قرر برينان وقد ادرك بالتأكيد إن صالح يسخر منه إنهاء الاجتماع مبلغا عمار بانه سيبلغ الرئيس اوباما خيبة أمله من تشدد حكومة الجمهورية اليمنية.
لقاء في المطار
تلقى برينان اتصالا آخر من الرئاسة يبلغه بان عمار صالح سيلتقيه في المطار قبل مغادرته ومن جديد ظن برينان ان الرئيس غير رأيه لكنه فوجأ بعدها بمكالمة تقول ان عمار دعي إلى اجتماع آخر ولن يتمكن من مقابلته في المطار.

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

صالح لتاونسند: خذوا فارس مناع الى جوانتناموا

ما من شك في أن  التسريب الكبير للوثائق الدبلوماسية الأمريكية سيشغل العالم خلال القرن الواحد والعشرين  كله. وكله كوم كما يقولون واللقاءات الدبلوماسية بين صالح والأمريكيين كوم ثاني، وهي بالتأكيد تصلح لفلم كوميدي  يمكن ان يحتل المركز الأول في شبابيك المبيعات لفترة طويلة أو لألف حلقة من المسلسل السياسي الأمريكي الشهير وست وينج.
خذوا على سبيل المثال محضر اللقاء الذي تم بين الرئيس صالح ومساعدة الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب السيدة  فرانسيس تاونسند في مدينة عدن في 22 أكتوبر 2007 لمناقشة التعاون بين البلدين في مجال الحرب على الإرهاب. وقد عقد جزء من اللقاء الذي كتب محضره السفير ستفن سش  الذي ربما كسب الملايين من الدولارات ان الف كتابا عن تجربته في اليمن، على مائدة الغذاء.
تحت ميكرسكوب الرئيس
طلبت تاونسند من الرئيس صالح اطلاعها على تطورات قضية جمال البدوي المدان في الهجوم على المدمرة الأمريكية يو اس اس كول، فاكد لها صالح ان الحكومة اليمنية اطلقت سراح البدوي  وانه تحت الإقامة الجبرية حيث يعمل ويقيم في مزرعة يملكها قرب مدينة عدن وان الحكومة اليمنية تراقب تحركاته.   وأوضح صالح  لتاونسند انه بينما كانت الحكومة اليمنية تلاحق البدوي فإنها أوصلت إليه رسائل بان وضعه سيكون أفضل أن هو سلم نفسه. وقال صالح لتاونسند بانه شخصيا قابل البدوي قبل أسبوعين وكان له نقاش صريح وواضح  معه وان البدوي وعد صالح بالتخلي عن الإرهاب وبدأ يتفهم اثر أعماله على اليمن وصورتها في الخارج.   وقد اعربت تاونسند عن استيائها من اطلاق البدوي وطلبت من الحكومة اليمنية السماح للحكومة الأمريكية بالتحقيق معه الإ ان صالح طمأنها قائلا "لا تقلقي انه تحت ميكرسكوبي" ولم يعترض صالح على طلب تاونسند السماح للحكومة الأمريكية التحقيق مع البدوي مؤكدا لها بشكل متكرر ان أي وكالة امريكية راغبة في التحقيق مع البدوي  يمكنها القيام بذلك بالتنسيق مع جهاز الأمن السياسي.
خذوا فارس مناع
عندما بدأت تاونسند تسأل الرئيس صالح عن جهوده في مكافحة تهريب السلاح  قاطعها صالح ليستدعي كما جاء في المحضر،  واحدا من أشهر ثلاثة مهربين للسلاح في اليمن وهو فارس مناع للانضمام الى مائدة الغداء. وعندما دخل مناع  قال صالح للملحق القانوني في السفارة منكتا "يمكن لمكتب التحقيقات الفدرالي أخذه إذا لم يسلك بالشكل المطلوب إلى واشنطن في طائرة تاونسند أو الى  جوانتنامو." وقد رد الملحق القانوني في السفارة "لدينا متسع في الطائرة لمناع والبدوي" الإ ان المترجم كما يقول المحضر لم ينقل تلك العبارة لصالح. وبينما كان موظفو الرئاسة يعدون كرسيا لمناع حول المائدة قال صالح لتاونسند ان الحكومة اليمنية صادرت على مناع باخرة محملة  بالمسدسات وقامت بتوزيعهم على الجيش. وقد ردت تاونسند باريحية ما دام ان مناع قد تبرع باسلحة للجيش فيمكن اعتباره وطنيا  وقد رد عليها صالح ضاحكا "لا، بل هو عميل مزدوج ..فهو يعطي اسلحة للحوثيين ايضا."
ويعلق السفير سش على هامش المحضر  بان ما قاله الرئيس صالح وحضور مناع على مائدة الغذاء يشير أسئلة خطيرة بخصوص التزام الرئيس صالح بمكافحة تهريب السلاح وعلاقته بمناع الذي يدير شركة مقاولات وخدمات نفطية ولها أعمال في العراق مرجحا بان علاقة صالح بمناع قد تتجاوز الشراكة في الأموال  التي يتم جنيها من تهريب السلاح.  
شيخوخة القمش
امتدحت تاونسند عمل جهاز الأمن القومي رغم شبابيته واشتكت من عدم تعاون جهاز الأمن السياسي مع الحكومة الأمريكية فرد صالح بان التعديلات الدستورية التي اقترحها تمثل الخطوة الأولى في معالجة تلك المشكلة. وعندما الح القربي الذي حضر اللقاء في طلب جواب أكد صالح انه اعطى للأمن السياسي اوامر واضحة بالتعاون لولا ان العاملين فيه دخلوا في مرحلة الشيخوخة  في إشارة كما قال كاتب المحضر الى شيخوخة غالب القمش.
دول الخليج تحسد اليمن
اكد صالح لتاونسند ان دول الخليج المجاورة  تعمل على زعزعة الاستقرار في اليمن عن طريق دعم الحركة الإنفصالية في الجنوب ليس لإن لديها شيىء ضد اليمن ولكن لإن اليمن تتبع النموذج الديمقراطي الأمريكي  ودول الخليج لا تريد ديمقراطية في المنطقة.
ويشير محضر الإجتماع الى ان صالح حمل تاونسند رسالة شفوية للرئيس بوش  بخصوص إيران تقول "يجب تربية وترويض الطفل قبل ان يكبر." كما حذر صالح الأمريكيين من علاقة قطر بإيران. وهذا مجرد غيض من فيض مما ورد في المحضر..  


الأحد، 5 ديسمبر 2010

صحيفة الرشد والهم اليمني

د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء

تحتفل "الرشد" هذا الأسبوع بصدور عددها الـ100 وهي مناسبة تستحق التوقف عندها ، وبداية فانا من اشد المعجبين بفكرة أن تصدر الرشد من محافظة تبلغ مساحتها أكثر من ثلث مساحة الجمهورية اليمنية ولها حضورها التاريخي القوي في الذاكرة الإنسانية وان تحاول صحيفة الرشد دمج المضمون الوطني بالمضمون المحلي وتقدم مادة متنوعة ومعتدلة وهادفة وان تعمل على بناء الجسور العابرة للخنادق التي حفرها المناطقيون والعنصريون.لكن الطريق أمام صحيفة الرشد التي تمثل نموذجا لصحافة المستقبل ما زال مليء بالمطبات الاصطناعية.
لقد أتيح لي لقاء خاطف مع الأستاذ طه بافضل رئيس تحرير الرشد قبل حوالي شهرين وقد هالني ما سمعت منه يومها حول معاناته مع نقابة الصحفيين اليمنيين بشأن الحصول على البطاقة الصحفية إلى الحد الذي منحت النقابة الشخص الذي يتابع معاملة الأستاذ طه البطاقة الصحافية في حين أنها ما زالت تبحث في كل مرة عن عذر جديد لعدم إعطاء الأستاذ طه بطاقة صحفي.
ولن استغرب أن يكون هناك في نقابة الصحافيين من يعتقد أن البطاقة الصحافية كثيرة على شخص من حضرموت حتى وان كان رئيس تحرير صحيفة. فهناك معيد في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء مضي عليه عشر سنوات وهو ينتظر درجته الوظيفية ومع انه كان من المفترض أن ينال تلك الدرجة العام الماضي الا أن رئيس قسم العلوم السياسية ونائب رئيس جامعة صنعاء تآمرا على درجته وحولاها لمعيدة من صنعاء ومشكلة المعيد الذي ما زال بدون درجة حتى اليوم هي أن اسمه "احمد الحضرمي" مع انه لا علاقة له بحضرموت. أما الدكتور عمر العمودي الذي ليس لديه مشكلة في اللقب ولكن في الانتماء، فقد تآمر عليه نفس الشخصين وجعلاه يعمل بالأجر بالساعة لمدة عشر سنوات وكأنه قادم من بنجلادش، ولم يعيد للعمودي اعتباره سوى الدكتور صالح باصرة عندما عمل رئيسا لجامعة صنعاء.
وما يحدث للأستاذ طه هو سيف مسلط على رقبة كل يمني. فكلنا في الهم شرق كما يقولون. فقد ترقى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة صنعاء إلى أستاذ مشارك برسالة الماجتسير التي ظل يعيد كتابتها كل مرة بطريقة مختلفة وآخر نسخة منها صدرت على شكل كتاب عن مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية تحت عنوان لا علاقة له بالمضمون. أما نائب رئيس جامعة صنعاء المشار اليه فقد ترقى إلى الأستاذية بمقالات كتبها للصحف وتقارير كتبها لأجهزة الأمن حول زملائه. أما كاتب هذه السطور، ورغم ان لقبه ليس الحضرمي ولا ينتمي الى حضرموت، فقد عومل عندما تقدم لنيل حقه في الترقية كما لو كان يهودي قادم من إسرائيل.
وللأمانة فإن هناك بعض التنوع العرقي والمناطقي في مجلس نقابة الصحافيين يفوق الموجود في المجلس الأكاديمي في جامعة صنعاء لكن لا احد يدري أن كانت بطاقة النقابة تصدر عن مجلسها أم عن أجهزة الأمن، وما يعانيه رئيس تحرير صحيفة الرشد من نقابة الصحافيين هو ما أعانيه أنا والكثيرون غيري من نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء. لقد غزت الأجهزة الأمنية النقابات الطليعية وفرغتها من أي مضمون نضالي وحولتها إلى هياكل محنطة تحركها أصابع الأجهزة الأمنية ذات اليمين وذات اليسار. واذكر أنني شكيت أكثر من مرة لنقيب المدرسين في جامعة صنعاء التمييز الذي تمارسه الجامعة في موضوع ترقيتي فرد علي آخر مرة بان مرتبه موقف من قبل رئاسة الجامعة ومن يومها نسيت موضوع ترقيتي وبدأت أفكر بمرتب النقيب الموقوف. وعزاؤنا الوحيد في وطن هذا حاله أن نتذكر دائما أن البطاقة الصحافية لا تصنع الصحافي ولا الترقية تصنع أستاذ الجامعة وان اللص قد يسرق من الإنسان عشر سنوات من عمره أو درجته الوظيفية لكنه لا يستطيع أن يسرق منه الرغبة في الحياة أو التصميم على النجاح.