الثلاثاء، 24 مارس 2009

دراسة وتحليل النظام السياسي

يعرف النظام System بأنه مجموعة من العناصر Elements المرتبطة مع بعضها البعض بعلاقة تفاعل Interactionوالتي تؤدي مجتمعة وظيفة ما Function . ويلاحظ أن التعريف يؤكد على ثلاثة أشياء أجزاء تعتبر مجتمعة بمثابة الماهية للنظام، وهي: 1- توفر مجموعة من العناصر، 2- وجود علاقة تفاعل، 3- تأدية وظيفة ما. النظام الشمسي مثلا يتكون من 1- مجموعة من الكواكب يمكن اعتبارها بمثابة عناصر النظام، 2- علاقة تفاعل (الجاذبية في هذه الحالة) بين هذه الكواكب،3- تأدية تلك العناصر مجتمعة لوظيفة ما. ويمكن الحديث عن الجسد الإنساني أو الجهاز العصبي (مجموعة من الأعضاء التي تعمل معا لتأدية وظيفة مشتركة) وعن جهاز التلفزيون أو التلفون أو عن الكليات المكونة لجامعة صنعاء أو عن كلية التجارة والاقتصاد، فكل تلك أمثلة لأنظمة تتوفر فيها الشروط الثلاثة آنفة الذكر. ويلاحظ أن للنظام أربعة عناصر رئيسية كما يوضح الشكل التالي: مدخلات، عمليات، مخرجات، وتغذية رجعية
1- مدخلات النظام Inputs
وتتمثل في الموارد الأولية التي يستخدمها النظام لأداء وظائفه وفي المؤثرات البيئية وغير ذلك من العوامل. ويلاحظ أن بيئة النظام تؤثر على كل من البني Structures التي يتكون منها النظام أو ما يمكن أن يطلق عليه مؤسسات النظام وعلى العمليات Processes (الطريقة التي يؤدي بها وظائفه).
2- البني (المؤسسات) والعمليات Structures & Processes
والمقصود بالبني والعمليات الأجزاء المختلفة التي يتكون منها النظام والحركات أو الخطوات المختلفة التي يقوم بها النظام عندما يتولى معالجة المدخلات وتحويلها إلى مخرجات. ويمثل الصندوق بالنسبة لأي نظام المنطقة التي تتم فيها التفاعلات المختلفة بين أجزاء النظام
3- المخرجات Outputs (السلع والخدمات)
تتصل المخرجات بالوظيفة أو الوظائف التي يقوم النظام بتأديتها حيث أن لكل نظام وظيفة أو مجموعة من الوظائف يقوم بتأديتها فان المخرجات هي عبارة عن تلك الوظائف. وقد تكون المخرجات سلعا أو خدمات.
4- التغذية الرجعية Feedback
ويقصد بالتغذية الرجعية النتائج المترتبة على تأدية النظام لوظائفه والتي تتحول إلى مدخلات.

ويمكن تعريف النظام السياسي عن طريق الاستفادة من المعرفة المتكونة حول النظام بشكل عام بأنه مجموعة من العناصر (المدخلات، البني والعمليات، والمخرجات، والتغذية الرجعية) التي تتفاعل مع بعضها البعض وتؤدي مجتمعة الوظائف السياسية للنظام. وكأي نظام آخر فأن النظام السياسي يشتمل على الآتي:

1- مدخلات النظام السياسي
تتمثل مدخلات النظام السياسي في عدد لانهائي من العوامل التي تتشابك وتتقاطع أحيانا وتفترق أحيانا أخرى والتي في تقاطعها واشتباكها وفي افتراقها تمثل البيئة التي يوجد فيها النظام والقوى التي تؤثر على:
أ- الشكل الذي تتخذه البني (المؤسسات) السياسية
ب- الطريقة التي يعمل بها النظام (بما في ذلك سلوك الأفراد)
ت- مخرجات النظام
على انه ينبغي الإشارة إلى أن النظام السياسي بجانبيه المؤسسيٍStructures والسلوكي Behavior لا يمثل نتاجا لتأثير عنصر سياقي معين أو مجموعة من العناصر رغم أن بعض العناصر قد تكون أكثر تأثيرا من غيرها.
أ- العوامل التاريخية
تؤثر الظروف والتجارب التاريخية على حاضر ومستقبل الشعوب بدرجات متفاوتة تبعا لطبيعة التجربة التاريخية وللطريقة التي أتبعت في فهم تلك التجربة. ويكفي أن نتذكر أن الدولة كائن اصطناعي وليست طبيعي، أي أنها تشكلت في تاريخ معين وبطريقة معينة. تلك الطريقة التي تشكلت بها الدولة قد تشكل عاملا من عوامل التأثير على الحياة السياسية. فإذا كان تشكيل الدولة قد انطوى على الغزو لبعض الأجزاء وإخضاعها بالقوة فان سكان تلك الأجزاء قد يستمرون ولقرون ربما في التعبير عن سخطهم بطرق سياسية معينة.
ولعل أعظم تأثير للتاريخ على الحاضر والمستقبل يتمثل في كونه المصدر الرئيسي للمؤسسات السياسيةPolitical Institutions وللسلوك السياسي Political Behavior . وبرغم أن الأفراد قد يرفضون التاريخ والنماذج المؤسسية التي يقدمها بطرق عدة منها الثورةRevolution والانقلابات العسكرية Coup detatوالحركات الراديكالية Radical Movements وحركات التصحيح والإصلاحReform Movements ، الا أن التاريخ يتمتع بقدرة غير عادية على النفاذ عبر الأبواب المغلقة وعلى التنكر في ثياب الحاضر والمستقبل. وتلجأ بعض الشعوب إلى استيعاب التاريخ في حركتها نحو المستقبل بدلا من الدخول في حرب لا يمكن الانتصار فيها ضده. فقد احتفظ البريطانيون مثلا بالملكية كمؤسسة في حين قاموا بنقل اختصاصاتها إلى البرلمان أخرى.
وتختلف قدرة التاريخ على التأثير على الحاضر والمستقبل من بلد إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى فالأمم ذات التأريخ الطويل قد تكون أكثر عرضة لتأثير التاريخ وهو تأثير قد يكون ايجابيا أو سلبيا. فإذا اكتفت الشعوب بالتفاخر بماضيها ولم تحاول الاستفادة من الماضي في صياغة حاضرها ومستقبلها فإنها قد تضيع الماضي والحاضر معا.
ب- العوامل الثقافية
تعرف الثقافة السياسية بأنها "المعتقدات، والقيم، والاتجاهات، والتصورات المثالية، والمشاعر والأحاسيس، والتقييمات السائدة للنظام السياسي ولدور النفس في ذلك النظام." ويميز علماء الثقافة السياسية بين ثلاثة أنواع من الثقافة:
1- الثقافة المتعلقة بالنظامSystem Culture: وتتكون من اتجاهات الأفراد تجاه الأمة، النظام، والأشخاص الماسكين بزمام السلطة في وقت معين. وتتصل هذه الثقافة بالهوية الوطنية، الشرعية السياسية، شرعية المؤسسات، وكفاءة وفاعلية قيادات الدولة. فإذا كان المواطنون في دولة معينة يرون أن الحكومة القائمة غير شرعية (لا تملك الحق في الحكم) أو أنها لا تتصرف بالشكل المناسب فان ذلك قد يكون علامة على أزمة شرعية. وفي حالة مثل هذه فان الحكام:
1-1 يستمرون في الحكم باستخدام القوة
1-2 سقوط النظام بسبب أزمة الشرعية كما حدث لنظام الشاه في إيران في عام 1979، ونظام ماركوس في الفلبين في عام 1986.
2- الثقافة المتعلقة بالعمليات والإجراءاتProcess culture وتتكون من الاتجاهات نحو الدور الذي يلعبه الفرد نفسه والأفراد الآخرون.
3- الثقافة المتعلقة بعملية صنع السياسة Policy Culture ويتم التركيز هنا على مخرجات النظام السياسي
ج- العوامل الجغرافية:
يلعب حجم الدولة ومساحتها وما إذا كانت متصلة أم منقطعة عن بعضها وغير ذلك من العوامل الجغرافية دورا كبيرا في تشكيل المؤسسات السياسية والسلوك السياسي للأفراد.
د- العوامل السكانية:
هناك العديد من العوامل السكانية التي تؤثر على أداء النظام السياسي في أي مجتمع. فحجم السكان مثلا مقارنة بالموارد يؤدي إلى نتائج سياسية معينة. فزيادة عدد السكان عن الموارد قد تجعل النظام السياسي غير قادر على إشباع حاجات الناس وتوقعاتهم. وعلى العكس من ذلك فان نقص عدد السكان عن الموارد المتاحة قد يضطر النظام إلى استقدام العمالة وتوطينها. وفي الحالتين قد يترتب على ذلك نتائج سياسية معينة.
كما أن شكل الهرم السكاني بدوره شكل الهرم السكاني له أيضا معاني سياسية عديدة. فوقوع أغلبية السكان تحت سن الخامسة عشر مثلا يخلق ضغوط كبيرة على النظام بالنسبة لخدمات الصحة والتعليم.
ه- العوامل الاقتصادية
يودي ضعف المخرجات الاقتصادية للنظام السياسي إلى إضعاف شرعيته. وفي الدول الديمقراطية تؤدي المشاكل الاقتصادية (البطالة، التضخم، انخفاض النمو الاقتصادي، ...الخ) إلى تصويت الناخبين ضدها وتغييرها كما حدث لحكومة اليمين الفرنسي المعتدل في عام 1997.
و- العوامل الاجتماعية
ويتم التركيز في هذا الجانب على الانقسامات المختلفة في المجتمعات وبالتحديد الانقسامات الدينية والعرقية والطبقية والجغرافية. فالانقسامات الاجتماعية المختلفة تؤدي إلى نتائج سياسية معينة
ز- العوامل الإقليمية والدولية

هناك تعليقان (2):