الاثنين، 12 يناير 2009

الأمن القومي يثير جدلا..!



د. عبد الله الفقيه

اثار مشروعان بحثيان، تم تقديمهما من قبل اثنين من طلاب برنامج الماجستير الى حلقة السمنار في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء لإقرارهما، الكثير من الجدل بين اساتذة وطلاب العلوم السياسية. ويحمل المشروع الأول عنوان "العوامل المؤثرة على الأمن القومي اليمني" في حين حمل المشروع الثاني عنوان "البعد الإقليمي للامن القومي للجمهورية اليمنية." وقد اعترض بعض اعضاء هيئة التدريس على تعبير "الأمن القومي" بحجة انه يثير مسألة اخلاقية تتعلق بالإلتزام القومي لليمنيين الذين ينظرون لأنفسهم على انهم جزء من الأمة العربية وبالتالي لا يملكون امنا قوميا بمعزل عن "الأمن القومي العربي" مؤكدين بان أمن الدولة القطرية هو امن "وطني" أو "امن دولة" وليس امنا قوميا.
وفي حين راى البعض ان الموضوع يبدو وكما لو كان محاولة لإخضاع العلم للايديولوجيا (اي اخضاعه للمعتقدات السياسية) وذلك على اعتبار ان "الأمن القومي العربي" ليس اكثر من مجرد وهم اثبتت التجارب التاريخية زيفه، رأى آخرون بأن الإلتزام الوطني والقومي لأي باحث لا يمكن ان ينظر اليه على انه محاولة لأدلجة العلم لإن العلم ينبغي ان يخضع ايضا للقواعد الأخلاقية وان لا يتعارض مع معتقدات المجتمع. وربما كان لأحداث غزة دورها في احتدام الجدل وسخونته حول المشروعين. فالقول بوجود امن قومي لمصر وامن قومي لليمن وامن قومي للعراق يغلب الجانب القطري ويجعل حماية امن اي دولة عربية مسئولية تلك الدولة فقط. وفي ظل نظرية "الأمن القومي" للدولة القطرية يصبح التضامن مع ضحايا المحرقة الصهيونية الأمريكية ضد النازيين الجدد في تل ابيب وواشنطن مسالة انسانية او في احسن الأحوال مسالة تتعلق بالقانون الدولي بدل ان تكون مسالة تندرج تحت مفهوم الدفاع عن النفس وحماية الأرض والعرض وفلذات الأكباد.
الجدير بالذكر هو ان المادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية تنص على ان "الشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية" وهو ما ينفي وجود الأمة اليمنية وبالتالي وجود الأمن القومي لها، ويؤكد بالتالي ان الشعب اليمني جزء من الأمة العربية وان امنه جزء من امنها. وينبع الجدل في السياق اليمني من انه قد تم—ورغم النص الدستوري الواضح—اطلاق اسم "الأمن القومي" على مؤسسة أمنية يمنية وبالمخالفة الواضحة لنصوص الدستور. وفي حين يرى البعض ان الهدف من تلك التسمية هو تجفيف منابع القومية العربية وتثبيت الهوية القطرية، يرى آخرون ان المسألة ربما كانت مجرد خطأ في ترجمة مصطلح National Security عن الإنجليزية وذلك في اشارة الى ان جهاز "الأمن القومي" قد أنشأ نتيجة لضغوط امريكية على النظام اليمني في اعقاب احداث سبتمبر 2001.
وما لا يعرفه الكثيرون هو ان وثيقة العهد والإتفاق التي توصلت اليها القوى السياسية في عام 1994 كانت قد نصت على ان "يشكل مجلس اعلى للامن القومي بالجمهورية اليمنية تحدد مهامه في اجراء الأبحاث والدراسات واعداد التوصيات لرئاسة الدولة والحكومة بهدف حماية السيادة الوطنية وتوطيد علاقة بلادنا بالوطن العربي والعالم على ضوء الوضع العالمي الجديد..."...الخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق