السبت، 20 أبريل 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 12)



أصدر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وهو المؤمن الصادق في عدائه للإخوان المسلمين، في 7 مارس 2014، قرارا صنف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية في خطوة يمكن إرجاعها جزئيا إلى الضغوط التي مارستها إدارة اوباما على السعوديين في هذا الشأن، وجزئيا إلى الصراع الذي كان يخوضه الملك مع تيار إخوانه السديرين على السلطة داخل المملكة، وكان الأخيرون يرتكزون إلى حد كبير في شرعيتهم السياسية على دعم الوهابية والإخوان، وإن كانت علاقاتهم بالتيارين قد اتصفت بالاضطراب على نحو مستمر.

وعندما انتقلت السلطة إلى سلمان الذي ينتمي إلى التيار السديري المحافظ ، بعد رحيل الملك عبد الله في يناير 2015، تابع الملك الجديد تنفيذ السياسة السابقة للسديرين الذين يسيطرون على الدولة السعودية العميقة منذ عقود مع التحديثات التي طرأت عليها بعد ثورات الربيع العربي، والثورات المضادة. وتمثلت سياسة سلمان بعد صعوده إلى السلطة في الآتي:

أولا، الإبقاء، وعينه على "إخوان" الداخل السعودي، على تصنيف "الإخوان المسلمين" كجماعة إرهابية، ليحافظ على السيف مسلطا على رقابهم.  

ثانيا، العمل في ذات الوقت على إبقاء شعرة معاوية ممدودة بينه  وبين الإخوان، وخصوصا إخوان اليمن، طالما أظهروا المرونة الكافية وبادلوه الولاء مقابل الدينار.

ثالثا، استخدام الإخوان كفزاعة للأمريكيين، والغرب عموما، كلما تدهورت علاقة المملكة معهم، لأي سبب كان.  



وقد لوحظ أن السعودية، بعد توصل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي مضافا إليها ألمانيا  إلى اتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي للأخيرة في 14 يوليو 2015، بدأت ودون أي مواربة بالعمل على تمكين حلفائها التاريخيين في اليمن وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين، رغم المعارضة الشديدة لتلك السياسة من قبل أطراف يمنية وسعودية وإقليمية ودولية، وهو ما كان يعني تبلور واحتدام الصراع السياسي بين معسكرين هما:

- "معسكر العلمنة" ويضم بشكل أساسي أطراف التفاهم الثلاثي الذي تم تناوله في حلقة سابقة وهم: الرئيس اليمني السابق وأفراد أسرته وأنصاره؛ الإمارات؛ وإدارة اوباما. وتتمثل الامتدادات الإقليمية لهذا التيار في: نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر؛ وأنصار النظام القديم في السعودية (نظام الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز).

- "معسكر القوى المحافظة" ويضم: حزب التجمع اليمني للإصلاح (والذي تنتظم داخله حركة الإخوان المسلمين) وأنصاره؛ رجال العهد الجديد في السعودية والذين اسقطوا صراحة تحفظاتهم على تمكين الإخوان في اليمن بعد توقيع دول الست اتفاقا مع إيران؛ ودولة قطر.  

وفي إطار التحول في الموقف السعودي من الإخوان، وبالتزامن مع إقرار مجلس الأمن الدولي بالإجماع لقرار يضفي الشرعية الأممية على الاتفاق مع إيران، أصدرت حكومة المنفى اليمنية في 20 يوليو 2015 قرارا عينت بموجبه نايف صالح عبد القادر البكري، القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، محافظا لمحافظة عدن. كان البكري، الذي وصفه موقع مقرب من حزب الإصلاح بأنه "رئيس مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في المحافظة" يشغل قبل ذلك منصب وكيل محافظة عدن لشئون المديريات. كما تم في ذات اليوم تعيين احمد سالم ربيع علي (نجل الرئيس الجنوبي الراحل سالم ربيع علي)، والذي ينتمي إلى النخبة الأبينية المهيمنة تاريخيا في الجنوب،   وكيلا أول لمحافظة عدن.

وذكر موقع الخليج الجديد أنه على الرغم من أن البكري كان مرشح الإجماع في محافظة عدن، إلا أن الإمارات وبسبب انتماء البكري إلى "الإخوان المسلمين" رفضت تعيينه وحاولت الضغط لمنع صدور القرار. وفيما بدا على أنه محاولة لإرضاء الإمارات، ذكرت تقارير إعلامية أنه طلب من البكري قبل تعيينه الاستقالة من حزب الإصلاح، وأنه استجاب لذلك الطلب، ولم يكذب البكري في حينه تلك التقارير.    

وفي اليوم التالي لصدور قرار تعيين البكري، أي في 21 يوليو 2015، أصدر العميد ثابت قائد جواس، القيادي في المقاومة الجنوبية الموالية للسعودية،  بيانا دعا فيه إلى تغيير اسم قاعدة العند، وهي أكبر قاعدة عسكرية في اليمن،  ليصبح "قاعدة الملك سلمان." كان السوفييت قد بنوا القاعدة خلال الحرب الباردة، لتكون واحدة من أهم قواعدهم في الشرق الأوسط. وفي مرحلة ما قبل التدخل العسكري في اليمن، احتفظ الأمريكيون بعدد صغير من الجنود والطائرات في القاعدة بهدف معلن هو جمع المعلومات وشن الغارات على عناصر الجماعات الإرهابية.

وفيما بدا على أنه رد من قبل أطراف التفاهم الثلاثي على مقترح العميد جواس، قامت الطائرات الأمريكية التي تعمل تحت غطاء التحالف في 27 يوليو، بقصف قوات الجيش والمقاومة الشعبية التي يقودها العميد جواس في المواقع التي انتشرت فيها جوار قاعدة العند، وهو ما أدى إلى سقوط  12 قتيلا على الأقل، بالإضافة إلى عدد من الجرحى.

وفي 28 يوليو، اصدر الرئيس هادي قرارا تنفيذيا بدمج أفراد المقاومة الشعبية الجنوبية ولجانها وغيرها من كيانات في ما سمي بـ"الجيش الوطني" درءا، كما قيل، للاحتراب الأهلي في مرحلة ما بعد خروج الحوثيين من المحافظات الجنوبية. وكانت الخطوة، التي تعني فيما تعني دمج عناصر حزب الإصلاح في الجيش الوطني تتعارض تماما مع توجهات أطراف التفاهم الثلاثي. 

وفي 29 يوليو 2015، عينت حكومة المنفى اليمنية عبد الله العليمي باوزير،  القيادي في حزب الإصلاح بمحافظة شبوة،  نائبا لمدير مكتب رئاسة الجمهورية، بما يعنيه ذلك من أن الإخوان أصبحوا ممثلين في الدائرة الضيقة التي تتحكم بقرارات التعيين  التي يصدرها الرئيس هادي سواء بمبادرة منه أو استجابة لمبادرات التحالف، وبالسياسات المختلفة التي يتبناها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق