الجمعة، 15 نوفمبر 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 19)


بحاح يعود إلى عدن

فشلت المحاولة الأولى لخالد بحاح نائب الرئيس اليمني المنفي-رئيس الوزراء في العودة مع بعض أعضاء حكومة المنفى إلى مدينة عدن في مطلع أغسطس 2015  بسبب الأوضاع التي تعيشها المدينة. وبينما ظلت حكومة المنفى تعلن باستمرار نيتها العودة إلى عدن واتخاذها عاصمة مؤقتة للبلاد، فإن المحاولة الثانية لبحاح للعودة إلى عدن قد جاءت في 16 سبتمبر 2015، أي بعد يومين فقط من التعديلات الوزارية التي ادخلها هادي على تشكيلة مجلس الوزراء. وقد عاد بحاح هذه المرة  مع 7 وزراء.

وقد وصفت خطوة بحاح بالعودة إلى عدن ومعه بعض الوزراء بـ"الشجاعة" من قبل بعض المراقبين" بالنظر إلى الوضع الأمني الهش في المدينة، كما قيل.  وفسر البعض عودة بحاح، ربما مغرضا، برغبة بحاح في الدخول في مفاوضات مع الحوثيين والرئيس السابق من منطلق قوة ووجود على الأرض، بينما ذهب آخرون بأنه عاد نتيجة لضغوط إقليمية عليه، ربما في إشارة للسعودية. وإذا صح القول الأخير، فإن المقصود به جناح معين في الأسرة السعودية الحاكمة وليس المملكة بمعنى الكلمة. وقال فريق ثالث أن قرار العودة ربما كان له علاقة بالخلافات المتصاعدة مع الرئيس هادي.  




ورحبت أطراف إقليمية ودولية بما أسمته عودة حكومة بحاح إلى عدن، ومنها فرنسا واحمد الهروان رئيس البرلمان العربي، والأخير مؤسسة جد شكلية وخاضعة للنفوذ السعودي الإماراتي. لكن الترحيب الظاهري بعودة بحاح وتصويره كانتصار للتحالف السعودي الإماراتي لم  يشمل الجميع.

ففي اليوم الذي وصل فيه بحاح  إلى عدن قيل أن "مسلحون مجهولون" يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة  أضرموا النار في كنيسة "القديس يوسف" التي تقع في منطقة البادري بمديرية كريتر، مما أدى إلى نشوب حريق كبير داخل الكنيسة.
  
وفي 18 سبتمبر 2015، أي بعد يومين فقط من عودة بحاح إلى مدينة عدن، قتلت طائرات تعمل باسم التحالف  14 جنديا على الأقل من اليمنيين الذين يقاتلون في صف التحالف في غارات نفذتها على مواقع في مديرية حريب بمحافظة مآرب. وقد وصفت العملية لاحقا بـ"الخطأ" بينما بدت في توقيتها وكأن طرفا ما في التحالف الذي تقوده السعودية ظاهريا غير راض عن عودة بحاح إلى عدن.

وفي 20 سبتمبر، ذكرت أنباء أن مسلحين من الحراك الجنوبي حاصروا بحاح في مقر إقامته في عدن، وطالبوا بمغادرته للمدينة، لأن حكومته همشت الفصائل التي ينتمي إليها المسلحون.

غياب الرؤية

نقلت وسائل إعلامية يوم عودة بحاح تصريحات قيل أنه نشرها على حسابه في فيس بوك، وقد جاء في تلك التصريحات، التي لم ينفها بحاح  التالي:

-"اليوم وبعد عدة شهور قضيناها بين أهلنا فى السعودية وبعد تحرير عدن وغيرها من المناطق التى دمرتها مليشيات الحوثى وحليفهم صالح ها هى الدولة بحكومتها تعود إلى عدن لممارسة مهامها الوطنية فى مرحلة استثنائية من عمر وطن يحلم بالدولة المدنية."
-"الحكومة تعى حجم المعاناة الكبيرة، التى يعيشها المواطن فى المدن المحررة، وكل التحديات القائمة، غير أنها تدرك بأن لا مناص من تولى المسؤولية والاستجابة لنداء الوطن فكما كان عملها فى الخارج من أجل استعادة الدولة والانتصار على قوى الشر فإن عملها فى الداخل لن يألو جهدًا لإكمال النصر وتطبيع الحياة وإعادة البناء والتأهيل لكل جميل تم تدميره."
- ""لا شك بأن ملف الإغاثة وإعادة الأعمار والبناء يشكل أولوية حكومية لتعود الحياة إلى طبيعتها وبناء مدن تتمتع بروح المدنية وطابعها الحقيقى بعد سنوات عجاف مضت عليها."
- "لن ننسى المقاومة الوطنية البطلة والعمل على دمجها في الحياة المدنية والأمنية والعسكرية بروح مسئولة فهم الحماة لهذا الانتصار وهذا الوطن."
- "سنعمل بكل ما أوتينا من قوة لأجل وطن يسوده الأمن والاستقرار ويعيش أهله في كنف التعليم والتطور والتنمية."
- "كفى الإنسان احترابا فقد حان وقت البناء، ولتكن عدن أنموذجا للتعايش والتسامح والمدنية."

ورغم التصريحات الرومنسية جدا التي ترفع التوقعات، فإنه لم يكن لدى خالد بحاح أي رؤية محددة للكيفية التي يمكن أن يبدأ بها في عدن بدون أي موازنة أو مخصصات للنفقات التشغيلية أو لإعادة البناء. وربما أن سبب محاصرة مسلحي الحراك الجنوبي لبحاح هو التصريحات التي كان قد أطلقها يوم عودته حول نية حكومته دمج "قوات المقاومة البطلة" في الحياة المدنية والأمنية العسكرية.

 وقد جاءت اللقاءات التي عقدها في عدن جد شكلية ولا هدف لها سوى التقاط الصور ومقاطع الفيديو التي يمكن لحكومته وللتحالف توظيفها إعلاميا للضحك على الناس بأن هناك شيئا ما يحدث على الأرض.

فقد التقى بحاح في يوم 20 سبتمبر وفد هيئة الهلال الأحمر الإماراتي برئاسة الأمين العام للهيئة محمد عتيق الفلاحي. ونقل إليه الوفد الإماراتي، كما ذكرت وسائل إعلامية بالحرف، "تحيات القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، وممثل الحاكم في المنطقة الغربية رئيس هيئة الهلال الأحمر الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، إلى خالد بحاح"، وأبلغه بأن الهلال الأحمر الإماراتي يقوم بتنفيذ  13 من المشاريع التنموية والتعليمية والصحية والاجتماعية في عدن و"ستظهر نتائجها الطيبة على الشعب اليمني عما قريب."

أما حقيقة تلك المشاريع فلم تكن تزيد عن طلاء جدران المدارس بالرنج ورسم صور علم الإمارات العربية المتحدة عليها باعتبارها قوة استعمارية ناشئة، وطمس علم الجمهورية اليمنية، أو في أحسن الأحوال ترميم مبنى مركز صحي. وللإنصاف، فلابد أن دخول الإمارات إلى عدن قد شهد ازدهارا ملحوظا لتجارة الرنج والحناء، وإن كان قليلون قد لمسوا اثر ذلك في حياتهم.

وفي مساء ذات اليوم، 20 سبتمبر، التقى بحاح مدراء قطاع التربية والتعليم، والتعليم المهني بمحافظة عدن،  وأكد لهم أن الحكومة تعمل على توفير الاحتياجات الأساسية لبدء العام الدراسي غير أنه لم يطرح أي إجراءات محددة أو جدول زمني. وكان يكفي فقط أن يقول أن الحكومة مهتمة، ثم ينتظر أن يقوم التحالف أو فاعلوا الخير.   





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق