الاثنين، 4 مارس 2019

عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(غير مسلسل 9)



في 22 مايو 2015 ، وهو اليوم الذي فجر فيه انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه في مسجد للشيعة ببلدة القديح في محافظة القطيف السعودية مخلفا 22 قتيلا وعشرات الجرحى،  أعلن "الجيش اليمني الإلكتروني"، كما نقل موقع العربي الجديد، أنه اخترق كمبيوترات/موقع وزارة الخارجية السعودية وبريد سفاراتها  وقنصلياتها في العالم وأنه حصل على مئات الوثائق الإلكترونية بالغة الحساسية بالإضافة إلى مراسلات بين مسئولين سعوديين كبار.  ورد رئيس الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية السعودية عند السؤال عن الموضوع، كما نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية، أن عملية القرصنة كانت محدودة، وأن الوزارة باشرت، بالتعاون مع الجهات المختصة، التحقيق في ظروف وملابسات الهجوم.
 
وفي 19 يونيو، وبالتزامن مع انتهاء مشاورات جنيف اليمنية-اليمنية بالفشل، ومع انتهاء زيارة قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي-وزير الدفاع إلى موسكو وأجرى خلالها مباحثات مع المسئولين الروس ومن ضمنهم الرئيس بوتين، نشر موقع ويكيليكس المتخصص بالتسريبات أكثر من 60 ألف وثيقة قال أنها تخص وزارة الخارجية السعودية. وقال جوليان اسانج، ناشر الموقع، في تصريح صحفي، أنه حصل على نصف مليون وثيقة دون تسمية مصدر تلك الوثائق، وأن ما تم نشره ليس سوى "الدفعة الأولى"، وخلص اسانج إلى أن "البرقيات السعودية" كما اسماها "تميط اللثام عن دكتاتورية تتسم على نحو متزايد بالغموض والتشويش لم تكتفي فقط بالاحتفال بقطع رأس 100 شخص في هذا العام، بل أصبحت أيضا خطرا على نفسها وعلى جيرانها.."
  
ودعت وزارة الخارجية السعودية في ذات الليلة السعوديين إلى تجنب تصفح أي موقع الكتروني بحثا عن وثائق ومعلومات مسربة، مشيرة إلى أن تلك الوثائق والمعلومات قد تكون غير صحيحة، ونشرت بقصد الإضرار بالوطن.   



وفي مساء 20 يونيو، أي في اليوم التالي لتسريبات ويكيليكس، ألقت السلطات الأمنية الألمانية القبض علي الصحفي المصري، الذي يعمل  في قناة الجزيرة القطرية، احمد منصور بينما كان يغادر مطار برلين متوجها إلى الدوحة بعد أن قدم من المانيا عددا من حلقات برنامج "بلا حدود" الذي تبثه قناة الجزيرة استضاف خلالها عددا من الباحثين في المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية (غيدو شتاينبرج).  وقبض على منصور، الذي ينتمي إلى حركة الإخوان المسلمين، كما ذكرت وسائل إعلامية، بناء على مذكرة تلقتها السلطات الألمانية من نظيرتها المصرية تتهم منصور "بنشر أكاذيب هددت الأمن الداخلي للبلاد."

وشغلت حادثة القبض على صحفي الجزيرة احمد منصور الكثير من رواد الشبكات الاجتماعية والمتابعين لوسائل الإعلام غير أنها لم تنجح كلية في صرف انتباههم عن الوثائق السعودية المسربة مع أن الكثير من تلك الوثائق لم يكن يحمل في مضمونه أي قيمة موضوعية.  فما الفائدة التي يمكن أن يجنيها القارئ إذا عرف أن أمير سعودي وجه مذكرة إلى وزير خارجية بلاده يطلب فيها  منح فيزا دخول إلى السعودية للمغنية الشهيرة نانسي عجرم كي تقوم بالغناء في حفل زفاف احد أقاربه أو قريباته.

بالنسبة للوثائق التي حملت بعض الأهمية للقارئ، فقد تركز اغلبها في الممارسات السعودية المتصلة بشراء الصحفيين والسياسيين والصحف ووسائل الإعلام الأخرى، وهي أمور لم تكن مجهولة بالنسبة للكثير من المشتغلين بالشأن السياسي والإعلامي في المنطقة، وكل ما فعلته تلك الوثائق هو أنها حولت المعرفة الظنية غير المحددة إلى معرفة يقينية.
   
وربط محللون بين تسريب الوثائق السعودية والاتفاق الوشيك بين إيران والغرب حول البرنامج النووي الإيراني والذي يعارضه السعوديون بقوة، وذهب أولئك المحللين إلى أن التسريب يربك التحركات السعودية لإحباط الاتفاق. ولا يعتقد أن ذلك عكس حقيقة ما يحدث خصوصا وأن السعوديين، ورغم معارضتهم للاتفاق، لم يكونوا يقوموا بأي تحركات مهمة تستدعي الإرباك. فقد كانت إدارة اوباما تمسك بخناق السعوديين وتحصي حركاتهم وتعد أنفاسهم عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات الجارية حول البرنامج النووي لإيران.

وينطبق ذلك على الزيارة ذات الأهمية الرمزية التي قام بها ولي-ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى موسكو، وعلى الزيارة التي كان يتهيأ للقيام بها إلى فرنسا، والدولتان كانتا تشاركان في مفاوضات الـ5+1 مع إيران. وعلى الأرجح، فإن التسريب كان يكافئ الإيرانيين أو يحفزهم على تقديم تنازلات على مائدة المفاوضات، ويعاقب في ذات الوقت "ظاهريا فقط" السعوديين بسبب ما آلت إليه مشاورات جنيف اليمنية-اليمنية من فشل. 

بالنسبة لصحفي قناة الجزيرة احمد منصور، فقد أطلقت السلطات الألمانية سراحه في 22 يونيو، أي بعد قضاء ليلتين في السجن، وذكرت وكالة الأنباء الألمانية في تبرير قرار الإفراج بأن المدعي العام الألماني في برلين قرر عدم الاستجابة لطلب السلطات المصرية بتسليمه إليها.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق