د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاءكشفت الثورة اليمنية خلال الأشهر القليلة الماضية غموضا كبيرا فيما يتصل بمشروع اسلامي اليمن لمرحلة ما بعد صالح. وبدا المشروع الإسلامي في اليمن والذي يحمله بشكل اساسي حزب التجمع اليمني للإصلاح للكثيرين شبيه الى حد كبير بمشروع الملا عمر في افغانستان. فرئيس الهيئة العليا للإصلاح الأستاذ محمد اليدومي لم يظهر حتى في مقابلة تلفزيونية او صحفية واحدة خلال فترة الثورة ولم يدلي حتى بتصريح واحد لأي وسيلة اعلامية كانت. ولم يرى الناس صورته الا عندما نشر خبر حول ما قيل انه محاولة اغتيال تعرض لها.
ولم يختلف الوضع بالنسبة لأمين عام الإصلاح الأستاذ عبد الوهاب الانسي على الأقل خلال مرحلة الثورة.
وبينما انتظر الكثيرون ان يوضح الإصلاحيون مواقفهم السياسية ورؤيتهم لمرحلة ما بعد صالح ولدورهم في المرحلة القادمة فإن الإصلاحيين التزموا الصمت بطريقة مثيرة للغرابة دفعت الكثيرين في الداخل والخارج الى الاعتقاد بان مشروع الإصلاحيين لا يختلف كثيرا عن مشروع سيئ الذكر علي عبد الله صالح وان الثورة بالنسبة لهم تعني وضع اليدومي مكان صالح والصحفي علي الجرادي مكان حسن اللوزي والجرادي بالمناسبة اشد حجبا للآراء من حسن اللوزي ويحرص فقط على تغطية آرائه أو اراء اصدقائه تماما مثلما يفعل اللوزي. ولذلك لا يفكر احدا بان الصحوة نت او الصحوة او اي وسيلة اعلامية اصلاحية او حتى موقع الجزيرة نت ستنشر هذا الراي.
والمتابع المدقق لمواقف الإصلاح خلال مرحلة الثورة سيجد ان هناك 3 مشروعات داخل الإصلاح اولها مشروع الدولة الإسلامية الذي يتزعمه الشيخ عبد المجيد الزندني ويحسب لانصار هذا المشروع انهم واضحين في طرحهم وان كان وضوحهم في الطرح قد استغل من قبل المزايدين من اعداء الثورة سواء داخل اليمن او خارجه ووظف ذلك الطرح ضد ذلك التيار وضد الثورة ذاتها. ومع ان الجدل الدائر في اليمن حول الدولتين الدينية والمدنية هو جدل معلب تم استيراده من الخارج ولا علاقة له بأوضاع اليمن ولا بأزماته والتحديات التي يواجهها، الا ان الطريقة التي يبادر بها الشيخ الزنداني الى طرح آرائه وطريقة طرحه لتلك الآراء تثير الريبة وخصوصا عندما يتحدث وكان لديه "فيتو" من الله سبحانه وتعالى لتحديد ما هو حلال وما هو حرام في اليمن وما هو شرعي وغير شرعي. وبدون مبالغة فان طريقة الشيخ الزنداني في عرض وجهة نظره وتوقيت ذلك العرض وتقديمه لوجهة نظره وكأنها الحقيقة المطلقة الوحيدة على كوكب اليمن هو وحده الذي يعطي مشروعية للجدل الدائر حول الدولة الدينية في مقابل الدولة المدنية في اليمن.
وهناك تيار ثاني داخل الإصلاح يفترض انه اكثر اعتدالا واكثر تسيسا من التيار الأول وانه تيار الغالبية داخل الحزب. ومشكلة هذا التيار انه لم يظهر له اي صوت خلال مرحلة الثورة مما جعل الكثيرين يعتقدون ان ما يقوله الزنداني يعبر عن وجهة نظر الإصلاحيين جميعا وقد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون وخصوصا وان الزنداني لا يتحدث بصفته الحزبية ولكنه يتحدث كعالم دين او كرئيس لجامعة الإيمان.
اما التيار الثالث فتيار شيوخ القبائل داخل الإصلاح وهو التيار الأكثر مرونة وبرجماتية . لكن تيار المشايخ ليس له رؤية مستقلة عن رؤية التيارين السابقين في المسائل العقدية رغم انه يمكن ان يساعد في الكثير من الأحيان في تليين المواقف المتشددة والتوفيق بين وجهات النظر المتباينة. ويحسب لهذا التيار انه اعلن مواقف واضحة بخصوص العديد من المسائل السياسية الهامة.
وبغض النظر عن التيارات الموجودة داخل الإصلاح وعن رؤية كل تيار وعن طبيعة العلاقة فيما بينها فإن ما ينتظره الناس في الداخل والخارج هو سماع رؤية الإصلاحيين بشكل عام وواضح حول مسائل هامة وجوهرية وذات علاقة ببناء الدولة والمجتمع والعلاقة فيما بينهما في مرحلة ما بعد صالح وفي مقدمة تلك المسائل اعادة بناء الدولة على اساس اللامركزية، تغيير شكل النظام السياسي من دكتاتوري الى برلماني، تبني النظام الانتخابي النسبي، الثنائية البرلمانية، قيام نظام حزبي تعددي، وادارة التنوع المذهبي داخل حدود الدولة وغير ذلك من المسائل التي لا تندرج بالضرورة ضمن الجدل البيزنطي حول الدولة المدنية في مقابل الدولة الدينية.
كما ان على الإصلاحيين كحزب ذو توجه اسلامي ان يحددوا للمجتمع الدولي ولجيران اليمن خطتهم للمرحلة القادمة تماما مثلما فعل نظرائهم المصريين. وتحديدا فان على الإصلاحيين ان يحددوا بوضوح كيف ينظرون الى دورهم خلال المرحلة القادمة وهل ينظرون الى انفسهم كورثة لنظام صالح البائد أم كشركاء للطيف السياسي في بناء الدولة اليمنية الحديثة. وهل يسعون الى اغلبيات اصلاحية عرمرمية تضرب الاستقرار في الجزيرة العربية والعالم أم يسعون الى شراكة سياسية وطنية تساعد على بناء الاستقرار؟
كما ان على الإصلاحيين كحزب ذو توجه اسلامي ان يحددوا للمجتمع الدولي ولجيران اليمن خطتهم للمرحلة القادمة تماما مثلما فعل نظرائهم المصريين. وتحديدا فان على الإصلاحيين ان يحددوا بوضوح كيف ينظرون الى دورهم خلال المرحلة القادمة وهل ينظرون الى انفسهم كورثة لنظام صالح البائد أم كشركاء للطيف السياسي في بناء الدولة اليمنية الحديثة. وهل يسعون الى اغلبيات اصلاحية عرمرمية تضرب الاستقرار في الجزيرة العربية والعالم أم يسعون الى شراكة سياسية وطنية تساعد على بناء الاستقرار؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق