د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
- لطالما تحدث الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح عن عدد الأشطار التي سينقسم اليها اليمن اذا ما غادر السلطة لكنه اغفل دائما الحديث عن عدد الأشطار التي سوف يتشظى اليها اليمن فيما لو اصر على البقاء في السلطة. واذا كان اليمنيون قد اختاروا النضال السلمي في مواجهة فساد وانانية صالح ودكتاتوريته فانهم بالتأكيد يكونون قد وافقوا ضمنا وحتى دون ان يدروا على احترام حق اخوانهم الجنوبيين في تقرير مصيرهم. صحيح ان الشماليين قد ثاروا على صالح واسرته للحفاظ على وحدة اليمن لكن الصحيح ايضا انهم ربما تأخروا كثيرا في الثورة ثم تأخروا اكثر في حسمها وهو ما سمح لسرطان صالح ان يفتك بنسيج الوحدة الوطنية ويجفف المشاعر الجارفة التي قادت اليمنيون الى التوحد في عام 1990 وجعل مستقبل الوحدة اليمنية محل شك كبير.
- اكبر الخسارات التي لحقت بالشعب اليمني ليس الشهداء الذين سقطوا والذين سيظلون احياء في موتهم ولكن الخسارة الكبرى هي في الذين ظلوا احياء وان كانوا قد ماتوا في ضمير الشعب عندما فجع بحقيقة انهم ليسوا في صفه وانما في صف عدوه. وتطول قائمة الصحفيين والكتاب والإعلاميين والناشطين والفنانين والأكاديميين الذين عادوا الثورة وقد كان اليمنيون يظنون انهم سيكونون في صفها. وعلى سبيل المثال فقط: نائف حسان رئيس تحرير صحيفتي الشارع والأولى، محمد عائش مدير تحرير صحيفة الأولى، محمد العلائي-صحفي، اروى عثمان-ناشطة، رحمة حجيرة-ناشطة، فكري قاسم رئيس تحرير صحيفة حديث المدينة، احمد شوقي احمد مدير تحرير صحيفة حديث المدينة، نبيل الصوفي رئيس تحرير موقع نيوز يمن، ياسر العواضي عضو اللجنة العامة في الحزب الحاكم، فؤاد الكبسي-فنان، عبد الله هاشم الكبسي-شاعر، صادق ناشر-صحفي، محمد الأسعدي-صحفي، ود. عادل الشجاع اكاديمي.
- العزاء الوحيد للشعب اليمني في خسارته لإقلام واصوات وشخصيات مؤثرة هو ان الكثيرين من اركان النظام وكتابه انحازوا الى الثورة وقد كان يظن انهم في صف اعدائه والقائمة بالتأكيد اطول بكثير وتشمل قادة عسكريون..شيوخ قبائل..مسئولون حكوميون ..صحفيون وكتاب..اعضاء مجلس نواب..قياديون في الحزب الحاكم.
- بقاء الشباب في ساحات وميادين الحرية في اليمن كل هذا الوقت هو الوحيد الذي يمنع اليمن من الانزلاق الى الحرب الأهلية الشاملة. وسيكون اليمن في خطر كبير عندما يقرر شبابه ترك ميادين التغيير وساحات الحرية.
- لم تكن ثورة 1962 في شمال اليمن ضد الهاشميين ولن تكون ثورة فبراير 2011 ضد قبيلة حاشد التي ينتمي اليها صالح ففي الحالتين ثار الناس على اسرة حاكمة وعلى نظام متخلف وليس على طائفة أو قبيلة ..
- اكبر دليل على الفشل الشامل لعلي عبد الله صالح هو ان 87 من مصابي جامع النهدين في 3 يونيو 2011 نقلوا بما فيهم صالح نفسه الى السعودية للعلاج من الحروق والجروح التي اصيبوا بها لإنه ليس هناك في اليمن حتى مستشفى واحد قادر على معالجتهم. لقد بدد صالح موارد اليمن على التسلح والتجنيد وترك الشعب اليمني فريسة للجهل والفقر والمرض وربما انه لم يخطر على باله قط ان شعبه يمكن ان يصنع من ضعفه قوة وان يخترع سلاحا لا يستطيع صالح وقواته مواجهته الا وهو سلاح الثورة السلمية.
- لقد طالت فترة الثورة في اليمن وكان وما زال لذلك الطول الكثير من الآثار السلبية على الوحدة الوطنية وعلى الاقتصاد الوطني لكن ذلك الطول يمكن ان يكون له آثاره الإيجابية ايضا ويمكن ان يشكل مفتاح استقرار اليمن في المستقبل.
- بدأ صعود علي عبد الله صالح الى السلطة في اليمن من مدينة تعز ومنها بدأت نهاية نظامه حيث خرجت المحافظة كما لم تخرج اي محافظة اخرى ولذلك قرر صالح اعلان الحرب عليها واحرق يومي 29 و30 مايو ساحة الاعتصام فيها ولم تزد المأساة ابناء المحافظة الثائرة سوى المزيد من العزم والتصميم
- لطالما حاولت عناصر الثورة المضادة في اليمن تبرير عدائها للثورة بالقول انهم انما يكرهون فيها وجود هذا الشخص او ذاك أو هذه القوة أو تلك، لكن لثوار الحقيقيون وهم يسعون الى اسقاط الطاغية لا يجدون اي حرج في القبول باي طرف على قاعدة الهدف المشترك وهو اسقاط النظام وعلى ان تتولى مؤسسات الدولة المحايدة والقوانين المنظمة محاسبة كل شخص.
- اسقاط نظام علي عبد الله صالح هو مهمة الثورة اما توزيع السلطة في مرحلة ما بعد صالح فمهمة يقوم بها الشعب من خلال آلية ديمقراطية حقيقية. اما الذين يحاولون تحويل الثورة الى مؤتمر لتوزيع الغنائم فانهم يسيئون الى انفسهم والى الثورة.
- قد لا يكون خروج صالح من السلطة في اليمن كافيا لحل المشاكل التي تواجه البلاد كما يذهب الكثيرون، لكن خروج صالح بحد ذاته سيزيل أهم عقبة في طريق حل تلك المشاكل.
- الذين يراهنون على ملل المعتصمين اليمنيين وضجرهم وعودتهم في النهاية الى بيوتهم خائبين يجهلون بالتأكيد نفسية اليمني وطبيعته الاجتماعية وكيف يتمسك بحقوقه عندما تتاح له الفرصة..
- يتحدث صالح عن صناديق الاقتراع وعن حق اليمنيين في التغيير من خلال الآلية الديمقراطية وكانه جورج واشنطن او ملكة هولندا والحقيقة المرة هي ان ديمقراطية صالح اللفظية أسوأ من الكثير من الديكتاتوريات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق