تمكن سلمان، ومن موقعه كولي للعهد خلال 30 شهرا، من القيام بما لم يتمكن
احد من أبناء عبد العزيز القيام به في مجابهة معضلة انتقال السلطة من الجيل الثاني
إلى الجيل الثالث من أسرة الملك عبد العزيز. فبخلاف غيره، فانه لم يقف مكتوف
الأيدي في مواجهة القلاقل والشائعات بشأن مستقبل السعودية في ظل حكم المعمرين وصراع
الأحفاد.
فقد استغل سلمان علاقاته الطيبة بالملك عبد الله، واتفقا، رغم اختلاف توجهاتهما السياسية بين
ليبرالي ومحافظ، وسديري وغير سديري، على أن
قاعدة نقل السلطة بالوراثة من الأخ الأكبر للأخ الذي يليه لم تعد عملية بعد أن
أصبح من تبقى من أبناء عبد العزيز (الجيل الثاني) كبار السن أو يفتقرون إلى ما
يتطلبه الموقع الأول في المملكة، وأن الوقت قد حان لأن تنتقل السلطة إلى أحفاد
الملك عبد العزيز (الجيل الثالث).
وفي إطار ذلك الاتفاق، تم في 5 نوفمبر 2012 إبعاد الأمير احمد عبد العزيز من موقعه كوزير
للداخلية والذي عين فيه في 18 يونيو 2012، أي بعد وفاة الأمير نايف ، ليكون على خط وراثة العرش بعد سلمان، وعين بدلا عنه الأمير محمد بن نايف (من الجيل
الثالث) وزيرا للداخلية. كانت الداخلية ثاني قوة رئيسية تسلم للجيل الثاني بعد "الحرس
الوطني.
وكانت الخطوة الأهم هي اتفاق الملك وولي عهده، بمبادرة من الأخير الذي "يخطط
بخبث"، على أمر ملكي صدر في الأول من
فبراير عام 2013 نص على تعيين صاحب
السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ال سعود المستشار والمبعوث الخاص لخادم
الحرمين الشريفين نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء. وقد أثار تعيين مقرن آخر أبناء عبد العزيز (من
مواليد عام 1945) بعض الجدل لعدة أسباب أهمها:
أولا، أنه كان هناك من يتوقع أن
يشرع الملك عبد الله من خلال التعيين في هذا الموقع بنقل السلطة إلى الجيل
الثالث من ال سعود، وهو ما لم يحدث.
ثانيا، أن من يشغل موقع النائب الثاني، وفقا لما جرت عليه الأمور منذ
استحدث الملك فيصل هذا الموقع، يصبح بوفاة الملك وليا للعهد ثم ملكا، بينما الأمير مقرن لا ينظر إليه كمرشح لتولي
الموقع الأول لأسباب كثيرة منها وجود من هو اكبر منه في السن من أبناء عبد العزيز
، ووجود الكثير من اللغط حول والدته التي تنتمي إلى المناطق الجنوبية من السعودية،
وسكان تلك المناطق يصنفون ضمن الطبقة الأدنى في المجتمع السعودي ذو الطابع الفئوي، ولأن مقرن أيضا يفتقر إلى النفوذ الذي
تمتع به سابقوه ومعاصروه سواء داخل الأسرة
أو داخل المجتمع.
وكان من الواضح أن الملك عبد الله وولي عهده سلمان قد وجدا في مقرن ما
يبحثان عنه لإقصاء من تبقى من إخوانهم على قيد الحياة من جهة، ولنقل السلطة إلى
أبنائهم على حساب أبناء عمومتهم من جهة ثانية. راهن عبد الله على أنه سيدفن سلمان
كما دفن اثنين من أولياء العهد قبله، وراهن سلمان على أنه سيدفن أخاه الأكبر وسيكون
الوارث لتركة الملك عبد العزيز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق