عاصفة الخلافات تهب على السعودية...(15)

اتسمت الجلسة التي عقدها مجلس الشئون الأمنية في 21 ابريل 2015 لمناقشة مشاركة قوات الحرس الوطني في عمليات "عاصفة الحزم"، بالتوتر الشديد. ورغم أن الجلسة لم تستمر طويلا، إلا أن جهود الأعضاء في التوفيق بين وجهات النظر ظلت مستمرة على مدار الساعة. وتركزت مآخذ رئيس الحرس الوطني على الحرب الدائرة أنها أولا أعلنت دون مشاركته في اتخاذ القرار وتلك نقطة مهمة لو أن القرار تم تبنيه في ظل نظام تتخذ فيه القرارات بآلية معينة معروفة ومتفق عليها. أما النقطة الثانية، وهي متصلة بالأولى، فرات أن إطلاق اسم "عاصفة الحزم"  على العمليات العسكرية الدائرة، تصرف يتسم بالعجرفة، وكان قائد الحرس الوطني ربما بدون وعي يستهدف بنقده للتسمية الهدف الجوهري للحرب الدائرة.

كان المنطق الذي يقف خلف الحرب وخصوصا في بعده الأمريكي أقوى من أن يسمح لأي طرف بإفساد ما يجري حتى ولو كان الأمير متعب الذي احتفظ الأمريكيون معه بعلاقات أكثر من جيده خلال فترة رئاسة اوباما. وإذا كان الملك سلمان ونجله قد اتخذا من الحرب على اليمن وفي اليمن طريقا ومنهجا لإدارة النخب السياسية والتشكيلات المسلحة والشعب السعودي عامة، فإن الأمريكيين كانوا بدورهم قد وجدوا في حرب سلمان ونجله على اليمن، كما ستكشف الأحداث، أنسب المداخل لإدارة سلمان ونجله.     

وللتغلب على الخلافات بين وزير الدفاع ووزير الحرس الوطني، عمل أعضاء مجلس الشئون الأمنية ووسطاء أمريكيين طوال اليوم والليل على التقريب بين وجهات النظر، وركزوا على إقناع بن سلمان بالإعلان عن انتهاء عمليات "عاصفة الحزم"، وعلى أن تبدأ حرب جديدة أكثر نعومة  ورومنسية، هذه المرة بمشاركة قوات الحرس الوطني،  على أن تسمى الحرب الجديدة  بعد أن وصل اليمنيون كما يمكن أن يفهم إلى حالة من اليأس في ظل "عاصفة الحزم، باسم "إعادة الأمل."  ولم تخلو التسمية الجديدة من اهانة لضحايا الحرب من اليمنيين الذين كانوا يتساقطون خلال فصل الربيع كما تتساقط أوراق الشجر في فصل الخريف.

وأعلنت وسائل إعلامية نهار الـ21 من ابريل 2015 عن خطاب مرتقب وهام للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مقر إقامته في الرياض مع تكهنات بأنه سيطلب من "التحالف العربي" إيقاف الحرب مشيرة، كحاطب ليل، إلى حلول وصفقات غامضة تم التوصل إليها بين أطراف الحرب في الداخل والخارج.   وانتظر المتابعون والمهتمون مع حلول المساء المؤتمر الصحفي للناطق باسم التحالف، لكنه لم يكن هناك مؤتمر صحفي تلك الليلة. وعند قرابة الساعة الثامنة مساء أصدرت وزارة الدفاع السعودية بشكل مفاجىء بيانا جاء فيه ما يلي:

"تعلن وزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية أنه على إثر انطلاق عملية ( عاصفة الحزم ) والتي شاركت فيها القوات المسلحة السعودية بكل كفاءة واقتدار وأدت ولله الحمد إلى فرض السيطرة الجوية لمنع أي اعتداء ضد ( المملكة ) ودول المنطقة ، فقد تمكنت – بفضل الله – الطلعات الجوية التي شارك فيها صقورنا البواسل مع أشقائهم في دول التحالف بنجاح من إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة من خلال تدمير الاسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية ل ( علي عبدالله صالح ) من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني. ووزارة الدفاع إذ تعلن عن ذلك لتدعو الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – القائد الاعلى لكافة القوات العسكرية وأن يديم على المملكة العربية السعودية أمنها واستقرارها إنه ولي ذلك والقادر عليه."