في 22 أكتوبر 2011، توفي ولي العهد السعودي وزير الدفاع
والطيران والمفتش العام الأمير سلطان بن عبد العزيز، وبعدها بأقل من ثمانية أشهر،
وفي 16 يونيو 2012 ، توفي ولي العهد الجديد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد
العزيز. وأصيب الملك عبد الله، الذي لم تكن صحته بأفضل من صحة اخويه، بارتباك شديد
وهو يشاهد أخوانه الأصغر منه سنا يموتون قبله.
ومع أن أعضاء الأسرة الحاكمة وكبار المسئولين توقعوا أن
يدعو الملك عبد الله هيئة البيعة التي كان قد وضع نظامها في عام 2006 ثم شكلها في عام 2007 لتنظر في اختيار ولي عهد
جديد بدلا عن الراحل، إلا أن الملك قرر في
اليوم الثالث من العزاء (يوم 18 يونيو) وضع هيئة البيعة جانبا، واصدر أمرا ملكيا
عين بموجبه الأمير سلمان وليا للعهد وزيرا للدفاع.
كان الملك عبد الله مقتنعا تماما في ظل حالة من عدم
الاستقرار السياسي الذي تعيشه بلاده بأن الأمير سلمان يمثل آخر العنقود من رجال
الدولة من أبناء عبد العزيز (الجيل الثاني في الأسرة)، وأن بعض أعضاء هيئة البيعة
من أبناء عبد العزيز ممن هم اكبر سنا من سلمان سيعترضون على تعيينه كما اعترضوا على تعيين نايف من قبله، في حين لا
يصلح أي منهم من وجهة نظره لتولي منصب ولي
العهد.
وبينما كان الأمير متعب بن عبد الله وزير الدولة قائد
الحرس الوطني، عند وفاة عمه نايف، يقضي إجازته في الخارج، فقد قرر، كما فعل غيره من الأمراء وكبار
المسئولين، قطع إجازته مؤقتا والعودة إلى الوطن لتقديم واجب العزاء، على أن يعود
بعد ذلك إلى المصيف لمواصلة إجازته.
لكن نجل الملك، وقد فاجأه قرار أبيه بتعيين عمه سلمان وليا
للعهد، أصيب هو الأخر بارتباك شديد. وربما كان الأمير متعب يفكر، وقد أصبح منذ عام
2010 أول حفيد للملك عبد العزيز يقود قوة رئيسية هي قوات "الحرس الوطني"،
أن والده سيدعو هيئة البيعة ويقترح عليها 3 أسماء من أحفاد عبد العزيز وان اختيار
أعضاء الهيئة سيقع عليه حتما، وهو الأمر الذي لم يحدث.
وقرر متعب وقد أصبح عمه سلمان وليا للعهد بدلا عن العودة
إلى الخارج لإكمال إجازته البقاء مع أخيه عبد العزيز وخالد التويجري رئيس الديوان
الملكي في حالة استعداد تام، وأنشئوا غرفة
عمليات خاصة لمتابعة تحركات وسكنات ولي العهد الجديد واتصالاته والشخصيات التي
تزوره أو يقوم بزيارتها.
كانت الترويكا (متعب، عبد العزيز، والتويجري) تكره سلمان بشدة، وكان أبناء الملك (متعب، عبد
العزيز) يعدون سلمان اخطر على أبيهم من سابقيه من أولياء العهد (سلطان، ونايف).
فقد كان سلمان هو الوحيد، الذي عارض عزل الملك فهد رغم وصوله إلى حالة من العجز
الكامل بعد سلسلة من النوبات القلبية التي بدأت في عام 1995، في حين كان كل من
سلطان ونايف قد وافقا على العزل، وقد فعل سلمان ذلك من ذلك من وجهة نظر أبناء عبد الله بهدف كسب الوقت وتأخير تولي والدهم الملك. وكانوا
يشعرون أن سلمان، وكان والدهم ما زال وليا للعهد، يعمل على الحد من أي نفوذ يمكنهم
بنائه، وأنه وقد أصبح متعب قائدا للحرس الوطني سيعمل ما استطاع لتغيير الوضع.
وكان الثلاثة (متعب، عبد العزيز،
والتويجري) يخشون أكثر من أي شيء آخر أن يقوم سلمان، الذي "يخطط بخبث" كما
تذكر المصادر، بالكيد لأبيهم بعد أن أصبح وليا للعهد، وأن يتمكن من الحجر عليه، أو
عزله عن الحكم بدعوى العجز عن ممارسة مهام الملك. كانوا يشعرون بأن مثل ذلك
السيناريو يمكن أن يحدث مع عبد الله رغم أنه لم يحدث مع فهد لأن نفوذ عبد الله
داخل الدولة كان وما زال محدودا ولأن حالته الصحية متدهورة بالفعل وإن كانت لم تصل
إلى ما وصلت إليه حالة فهد الصحية.
وشكل كره سلمان قاسما مشتركا بين عدد من أحفاد عبد العزيز الطامحين للعب
دور مستقبلي هام في قيادة السعودية، وان اختلفت الأسباب. فبالإضافة إلى متعب وعبد
العزيز ابني الملك عبد الله، كان هناك على سبيل المثال لا الحصر عبد العزيز بن فهد
(نجل الملك فهد)، والأمير بندر بن سلطان سفير السعودية السابق في واشنطن، وهو نجل
ولي العهد الراحل الأمير سلطان، والملياردير السعودي الوليد بن طلال، نجل الأمير
طلال بن عبد العزيز.
أما التويجري، فقد كان يكره سلمان
لأنه يعامله بشكل سيء، ويوظف ألفاظا بذيئة، ويدقق فيما يقول ويفعل، ولا يتعامل
بدبلوماسية كما كان سلطان ونايف يفعلان حتى عندما يمسكان عليه سلوكا أو تصرفا
خاطئا، وأنه لا يطيق النفوذ المتنامي
للتويجري، أو محاولات التويجري إعاقة أو عرقلة مصالحه في الديوان الملكي.
وقد عمل نجلا الملك، بالتعاون مع التويجري، على مواجهة المكائد المحتملة
لولي العهد ضد الملك عن طريق الشائعات والدعاية التي ركزت على إصابة ولي العهد بمرض
الزهايمر ومرض في الظهر وشلل في اليد اليمنى. ومع أن جهود أبناء الملك، ومعهم
التويجري، ربما كانت دفاعية بحتة وتهدف إلى شل قدرة سلمان على تدبير مكيدة للملك
عبد الله بتصويره بأنه في حالة صحية ليست بأفضل من حال الملك، إلا أنهما ربما
بالغا في حربهما ضد سلمان بشكل كبير.
ومع أن خصوم سلمان، وخصوصا أبناء الملك عبد الله والتويجري، كانوا يدركون
أن سلمان سيوجه سهام انتقامه نحوهم في حال وفاة الملك قبل ولي عهده، وحاولوا تجنبا
لذلك المصير، السعي لعزل ولي العهد قبل وفاة الملك، إلا أن ذلك المشروع كان أكبر مما
يتوفر للملك والمحيطين به من نفوذ سواء داخل الأسرة المالكة أو داخل الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق