اذا كانت مذبحة 18 مارس قد وضعت نهاية لشرعية نظام صالح في الداخل ودفعت بالكثيرين للإنفضاض من حوله، فإن احداث الـ22 من مايو 2011 لا بد قد قضت عليه اقليميا ودوليا وسيسمع صالح في الأيام القليلة القادمة الكثير من الأخبار السيئة؛ أسوأ بكثير مما يمكن لسياسي ان يتوقع. لقد قال صالح يوم 21 مايو انه لن يدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي لكن الواضح انه قرر الدخول في تلك المواجهة غير المتكافئة مبرهنا على كل النظريات السيئة السائدة عنه لدى جيرانه والعالم.
وبينت احداث 22 مايو بان جيران صالح واصدقائه الألداء في المجتمع الدولي والقوى الثائرة ضده باتوا جميعهم يفكرون بطريقة يسبقونه فيها بمراحل، ولم تعد حيله ومراوغاته تجدي. اختار صالح 22 مايو كتاريخ يوقع فيه على المبادرة الخليجية وهو التاريخ الذي صادف عقد اجتماع لمجلس وزراء دول الخليج لمناقشة رفض صالح السابق التوقيع على المبادرة وصادف كذلك الذكرى الواحدة والعشرين لقيام الثورة اليمنية. اراد صالح افشال اجتماع مجلس التعاون الخليجي لبعض الوقت والهاء المعارضة عن التصعيد. وخسر صالح على الجبهتين. فقد حشدت المعارضة الملايين للإحتفاء بعيد الوحدة اليمنية وعقد وزراء التعاون الخليجي اجتماعهم كما كان مخططا.
كان صالح قد احتفل على عجل بعيد الوحدة يوم 21 مايو واعد الخطة للتملص من التوقيع على المبادرة الخليجية. وكما يبدو فان الخطة المعدة باحكام قد وصلت الى العديد من العواصم قبل ان يبدأ في تنفيذها..مكر صالح ومكروا له وكان مكرهم اشد نفاذا..
سحب صالح قوات الأمن من الشوارع وحشد البلاطجة لقطع الطرقات ووجههم بمنع قادة المعارضة من الوصول الى القصر للتوقيع وهو ما يعني كما يقول احد المراقبين ان صالح وجه بقتل قادة المعارضة لمنعهم من الوصول الى القصر الجمهوري للتوقيع فهم خونة ومتآمرين كما يصفهم دائما وقتلهم يعتبر عملا وطنيا حتى وان لم يوجه به الرئيس صراحة.
لكن الخطأ الفادح لصدام الصغير كما وصفه دبلوماسي خليجي قد تمثل في العمل الإرهابي الذي نفذه ضد مجموعة من السفراء ومعهم عبد اللطيف الزياني امين عام مجلس التعاون الخليجي فقد حشد صالح مجموعة من البلاطجة المسلحين وكلفهم بمحاصرة المجتمعين لمنعهم من الوصول الى الرئاسة..كأن صالح كان يقول لهم ان بلاطجته مجموعة من الإرهابيين يمكن ان يقتحموا السفارات ويقتلوا السفراء وقادة المعارضة وينشرون الرعب في ارجاء العاصمة. وبعد مرور الوقت المفترض لعقد مجلس وزراء خارجية دول الخليج اجتماعه، قرر صالح حمل الدبلوماسيين الى القصر الجمهوري ليعاملهم بجلافة افتقرت الى ادنى قدر من الدبلوماسية.
الحادثة تعيد الى الإذهان ما تعرض له سفير دولة عظمى من محاولة اغتيال بتفجير ارهابي بعد ساعات فقط من اجتماعه بقيادات اللقاء المشترك. كما تعيد الى الإذهان الهجوم الإرهابي ضد وفد كوري داخل العاصمة صنعاء. ومثلما تساءل الناس حينها عن الطريقة التي عرف بها الإرهابيون تحركات السفير والوفد الكوري تساءلوا امس عن الكيفية التي عرف بها بلاطجة صالح بتحركات الزياني واماكن تواجده.
ومع نهاية اليوم كانت الأحزاب اليمنية بما في ذلك الحزب الذي يرأسه صالح قد وقعت على اتفاق نقل السلطة بينما ضبط الإمبراطور متلبسا بتهديد شعبه ودول الجوار بالإرهاب والحرب الأهلية. لقد جاء بيان وزراء دول مجلس التعاون الخليجي دبلوماسيا جدا ..اعلنوا تعليق المبادرة وشكروا من قاموا بالتوقيع والذين سيمثلون شركاء المستقبل وتركوا المجال مفتوحا لصالح ان يوقع ان اراد. وما لم يقله البيان هو ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق