تثير المبادرة الخليجية بشأن ما يجري في اليمن الكثير من الجدل وتجابه بالكثير من الاعتراضات من قبل الشباب وبعض القوى السياسية. ويمكن ارجاع جزء كبير من هذا الجدل حول المبادرة والرفض القوي لها الى طبيعة الاستراتيجية التفاوضية التي يوظفها الوسطاء الإقليميون والدوليون والتي تعرف باستراتيجية "الاتفاق من حيث المبدأ." ويعمل الوسطاء وفقا لهذه الاستراتيجية على التوصل الى اتفاق مبدئي عام بين الأطراف المختلفة في وقت مبكر من التفاوض مع ترك التفاوض حول التفاصيل حيث يكمن الخلاف الى المراحل اللاحقة وعادة ما تتسم الاتفاقيات الناتجة عن توظيف هذه الاستراتيجية بالعمومية الشديدة مما لا يلزم الأطراف الموقعة بالكثير من التنازلات.
وفي حين تعطي هذه الاستراتيجية دفعة ايجابية للتفاوض منذ البداية وتظهر للأطراف امكانية التعاون فإن من نقاط ضعفها ان الاتفاق المبدئي الذي يتم التوصل اليه يمكن ان يكون نهاية التفاوض نظرا لان كل طرف يفسر الاتفاقية بطريقته ويبني الكثير من الآمال والتطلعات غير الواقعية على ما تم التوصل اليه. وفي حين ان الأطراف قد تعتقد انها حققت تقدما وتوصلت الى شيئا ما فإنها في الحقيقة لم تحقق الكثير من التقدم.
واسهاما في اثراء النقاش الدائر حول المبادرة الخليجية بشأن اليمن ولبيان عدم قابليتها للتطبيق على ارض الواقع يقدم الكاتب هنا قراءة لسيناريو محتمل للتنفيذ قد يكون بمثابة السيناريو الأوحد الذي يستجيب لمخاوف جميع الأطراف (السلطة، المعارضة، وشباب التغيير) ويمنع اي تلاعب او تحايل على الاتفاق ويتوقع ان يحظى بتأييد جميع الأطراف لو تم تنفيذه، ولكن تطبيق هذا السيناريو، في ظل تشبث صالح بالسلطة وسعيه من خلال المبادرة الخليجية لكسب الوقت واجهاض الثورة، لا يبدوا ممكنا كما سيتم توضيحه. ويتكون السيناريو المحتمل للتنفيذ وفقا للاتفاقية مع مراعاة الترتيب من الخطوات المبدئية التالية.
اختيار رئيس الوزراء
ستكون المعارضة جاهزة يوم التوقيع على الاتفاق بمرشحها لرئاسة الحكومة الذي سيقوم علي عبد الله صالح ب"تكليفه" بتشكيل الحكومة والمقصود بكلمة "تكليف" في سياق الاتفاقية ان صالح لن يكون لديه اي سلطة في اختيار شخص رئيس الوزراء أو الاعتراض عليه. لكن صالح عندما يوقع بصفته رئيسا للحزب الحاكم كما يطالب الان سيتمكن من الاعتراض على شخص رئيس الوزراء ليس بصفته رئيسا للجمهورية وانما بصفته الحزبية. وعلى افتراض ان صالح وقع بصفته رئيسا للجمهورية فقط فإن بإمكانه ان يظل ممسكا بالسلطة من خلال اعضاء حزبه وسيتمكن من خلال سيطرته على الحزب وان من خلف الستار من التأثير ليس فقط في اختيار شخص رئيس الوزراء ولكن ايضا في اختيار الوزراء وفي الحكومة ككل. والحلقة المفقودة هنا هي موقف الحزب الحاكم من الرئيس وطبيعة العلاقة بين الاثنين خلال مرحلة الشهر التي تنص عليها الاتفاقية. والواضح ان صالح لا يريد ان يغرق وحده فقط بل يريد اغراق كل قيادات حزبه.
تشكيل الحكومة
على افتراض خروج صالح من المشهد سيتم خلال اسبوع تشكيل الحكومة بالتفاوض بين الحزب الحاكم واحزاب اللقاء المشترك وبنسبة 50% لكل طرف. ومن المتوقع ان يدخل في الحكومة اطراف سياسية عديدة تتجاوز المؤتمر واللقاء المشترك وقد تحصل تلك الأطراف على 20% من المقاعد. والأرجح كما يفهم من نص الاتفاق ان يتم اسناد وزارتي الدفاع والداخلية الى المعارضة في حين سيحصل المؤتمر على المالية والخارجية وستوكل حقيبة الإعلام الى شخصية مستقلة. ويلاحظ ان الحكومة التي سيتم تشكيلها ستقوم شرعيتها على التوافق الوطني وكذلك الحال بالنسبة لمجلس النواب الذي انتهت شرعيته عمليا والذي سيستمر في اداء وظائفه على اساس التوافق وليس على اساس الأغلبية لأي طرف، ومن المتوقع ان يرتفع عدد مقاعد قوى التغيير في المجلس الى اكثر من النصف في حين ستنقص مقاعد المؤتمر الى اقل من النصف بقليل لكن عدد المقاعد في ظل حكومة ومجلس توافقي لن يكون ذا اهمية.
لكن توقيع صالح على المبادرة بصفته رئيسا للجمهورية ورئيسا للحزب الحاكم سيعني أنه لن يخرج من المشهد وانه سيعين بمفرده 50% من الوزراء وسيتمكن من الاعتراض على وزراء المعارضة بصفته شريكا لها وقد يدخل في مفاوضات مع المعارضة تستغرق سنوات تماما مثلما فعل في اعقاب عام انتخابات 2006.
ازالة عناصر التوتر
سيتم ازالة عناصر التوتر وتطبيع الحياة العامة كما يفهم من نصوص المبادرة ومن خلال قراءة الواقع من خلال ثلاث خطوات:
1. خروج صالح من المشهد السياسي باعتباره العنصر الأول من عناصر التوتر في الحياة السياسية ورحيله عن السلطة هو مطلب الثورة الشعبية الذي لا يمكن الالتفاف عليه باي شكل كان.
2. سيقدم قادة المناطق والوحدات العسكرية والأمنية والمصالح والمؤسسات العامة استقالاتهم عقب تشكيل الحكومة مباشرة وستقوم الحكومة (رئيس مجلس الوزراء مضافا اليه الوزراء) بناء على مقترح من وزير الدفاع بالنسبة للجيش ووزير الداخلية بالنسبة للأمن ووفق معايير وطنية ومهنية بتعيين قيادات جديدة للجيش والأمن. وسيحتفظ الرئيس المخلوع بالحرس الخاص قيادة وافراد حتى نهاية الشهر. وسيشكل هذا الجانب الشق الثاني من بنود ازالة عناصر التوتر. لكن تنفيذ هذا البند الهام لإزالة التوتر سيكون مستحيلا في ظل تمسك صالح بالسلطة بصفته رئيس للحزب الحاكم.
3. سيقوم الشباب بعد ذلك برفع الاعتصامات من كافة الساحات وهو العنصر الثالث في بند ازالة التوتر وفقا لما يفهم من نصوص الاتفاق. والملاحظ ان صالح ينظر الى المبادرة الخليجية التي تحظى بإجماع دولي غير مسبوق شمل حتى الصين وروسيا على انها مجرد حيلة لإنقاذ نظامه الذي مات بالسكتة القلبية ولم يعد بإمكان اي قوة في الأرض انقاذه.
الحصانات والضمانات
على افتراض خروج صالح من المشهد السياسي وبعد تنفيذ الخطوات الواردة بعاليه ستقترح الحكومة بالتوافق مشروع قانون بالحصانات والضمانات للرئيس وبعض اركان حكمه ممن يعتزلون العمل السياسي وسيتم اقرار القانون في اليوم التاسع والعشرين من الاتفاق. وسيكون نطاق الضمانات محدود جدا وفي اطار الضوابط الدستورية والقانونية. لكن بقاء صالح في الحياة السياسية، بل وفي اليمن، سيجعل من الصعب بل والمستحيل الحديث عن ضمانات او حصانات. ومشكلة صالح أنه لا يدرك ان تمسكه بالشرعية الدستورية لن يقوده سوى الى حبل المشنقة في جرائم عظمى ارتكبها في حق الدستور وابناء الشعب اليمني ولن يستطع احد اعفائه منها ولن تكون اي نصوص قانونية قابلة للتطبيق حتى لو تم تمريرها.
استقالة صالح
تنص المبادرة على ان يقدم صالح استقالته في اليوم الثلاثين من تاريخ توقيع الاتفاق وان يصبح نائب الرئيس رئيسا مؤقتا للجمهورية ويلاحظ ان النص يفرض النائب الحالي وليس اي نائب آخر كرئيس مؤقت للجمهورية ذلك لان الرئيس لم يعد يملك من وجهة نظر المجتمع الدولي اي شرعية يمكن له بموجبها تعيين نائب رئيس جديد.
المسائل الأخرى
من خلال التمحيص في الإلية التنفيذية الممكنة يلاحظ ان المشكلة الكبرى تتمثل في الخطوات من الأولى وحتى الخامسة وتحديدا في شخص علي عبد الله صالح الذي يبدو من خلال تصريحاته وتصريحات معاونيه انه يتشبث بالسلطة باستماته وان التعامل معه من خلال الوساطات والمبادرات لن يجدي. فهو مثلا لا يدرك ان وضع الجيش والأمن بأيدي اسرته هو اهم عامل من عوامل التوتر على الساحة السياسية وان رفع الاعتصامات لن يكون سوى خطوة تالية واذا كان بالفعل يهتم باليمن فانه سيمضي في تطبيق البند وخصوصا وانه يحقق مطالبه في ازالة ما يسميه بالتمرد في الجيش. لكن الواضح ان صالح المتمرد على ارادة شعبه والغارق في وهم الزعامة الفذة يريد نزع سلاح خصومه الكثيرون لينقض عليهم بعد ذلك وربما ليعدمهم بيده كما فعل من قبل مع بعض خصومه.
وبالنسبة للمسائل الأخرى الواردة في المبادرة الخليجية فلا أهمية لها في الوقت الحالي ولا يوجد اختلاف أو اتفاق حولها. فمطلب الثوار في الساحات العامة في اللحظة الراهنة هو "رأس صالح" الذي عاث في البلاد فسادا وخان الأمة والتراب الوطني وفرط بدماء اليمنيين وكرامتهم
اسدال الستار على المبادرة
يمكن القول ان صالح قد أسدل الستار على المبادرة الخليجية او لا من خلال افتعال أزمة في العلاقات مع قطر بهدف ضرب الوحدة الخليجية المساندة للشعب اليمني في مطالبه العادلة وثانيا من خلال رفضه التوقيع على المبادرة وثالثا من خلال رفضه استقبال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بعد ان كان قد وافق على استقباله والتوقيع على المبادرة الخليجية. لقد اتاحت المبادرة لصالح فرصا عديدة للمراوغة ومحاولة استعادة الأنفاس. ومن الغريب ان صالح كان هو من وضع مسودة المبادرة ليعود بعد ذلك وينقلب على نفسه كما انقلب من قبل على شركائه واخوانه واقاربه. والواضح ان تصرفات صالح ومناوراته لم تحقق اهدافها فقد قوبل هجومه على دولة قطر واتهاماته لها برفض واستهجان كبير تم التعبير عنه في بيان صدر عن اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة الرياض في الأول من مايو.
كما انه من الواضح ان الاتصالات التي قام بها صالح ورئيس مجلس نوابه مع ملوك ورؤساء الدول الخليجية لم تحقق الأهداف التي كان يرمي اليها وأهمها الحصول على الدعم السياسي لنظامه من قبل دول الخليج وهو ما ادى به الى طلب تأجيل رحلة كان يفترض ان يقوم بها امين عام التعاون الخليجي الى صنعاء في الثاني من مايو لإستكمال جهوده في اقناع صالح بالتوقيع على المبادرة كما وردت ودون ادخال اي تعديل عليها.
وفي حين تعطي هذه الاستراتيجية دفعة ايجابية للتفاوض منذ البداية وتظهر للأطراف امكانية التعاون فإن من نقاط ضعفها ان الاتفاق المبدئي الذي يتم التوصل اليه يمكن ان يكون نهاية التفاوض نظرا لان كل طرف يفسر الاتفاقية بطريقته ويبني الكثير من الآمال والتطلعات غير الواقعية على ما تم التوصل اليه. وفي حين ان الأطراف قد تعتقد انها حققت تقدما وتوصلت الى شيئا ما فإنها في الحقيقة لم تحقق الكثير من التقدم.
واسهاما في اثراء النقاش الدائر حول المبادرة الخليجية بشأن اليمن ولبيان عدم قابليتها للتطبيق على ارض الواقع يقدم الكاتب هنا قراءة لسيناريو محتمل للتنفيذ قد يكون بمثابة السيناريو الأوحد الذي يستجيب لمخاوف جميع الأطراف (السلطة، المعارضة، وشباب التغيير) ويمنع اي تلاعب او تحايل على الاتفاق ويتوقع ان يحظى بتأييد جميع الأطراف لو تم تنفيذه، ولكن تطبيق هذا السيناريو، في ظل تشبث صالح بالسلطة وسعيه من خلال المبادرة الخليجية لكسب الوقت واجهاض الثورة، لا يبدوا ممكنا كما سيتم توضيحه. ويتكون السيناريو المحتمل للتنفيذ وفقا للاتفاقية مع مراعاة الترتيب من الخطوات المبدئية التالية.
اختيار رئيس الوزراء
ستكون المعارضة جاهزة يوم التوقيع على الاتفاق بمرشحها لرئاسة الحكومة الذي سيقوم علي عبد الله صالح ب"تكليفه" بتشكيل الحكومة والمقصود بكلمة "تكليف" في سياق الاتفاقية ان صالح لن يكون لديه اي سلطة في اختيار شخص رئيس الوزراء أو الاعتراض عليه. لكن صالح عندما يوقع بصفته رئيسا للحزب الحاكم كما يطالب الان سيتمكن من الاعتراض على شخص رئيس الوزراء ليس بصفته رئيسا للجمهورية وانما بصفته الحزبية. وعلى افتراض ان صالح وقع بصفته رئيسا للجمهورية فقط فإن بإمكانه ان يظل ممسكا بالسلطة من خلال اعضاء حزبه وسيتمكن من خلال سيطرته على الحزب وان من خلف الستار من التأثير ليس فقط في اختيار شخص رئيس الوزراء ولكن ايضا في اختيار الوزراء وفي الحكومة ككل. والحلقة المفقودة هنا هي موقف الحزب الحاكم من الرئيس وطبيعة العلاقة بين الاثنين خلال مرحلة الشهر التي تنص عليها الاتفاقية. والواضح ان صالح لا يريد ان يغرق وحده فقط بل يريد اغراق كل قيادات حزبه.
تشكيل الحكومة
على افتراض خروج صالح من المشهد سيتم خلال اسبوع تشكيل الحكومة بالتفاوض بين الحزب الحاكم واحزاب اللقاء المشترك وبنسبة 50% لكل طرف. ومن المتوقع ان يدخل في الحكومة اطراف سياسية عديدة تتجاوز المؤتمر واللقاء المشترك وقد تحصل تلك الأطراف على 20% من المقاعد. والأرجح كما يفهم من نص الاتفاق ان يتم اسناد وزارتي الدفاع والداخلية الى المعارضة في حين سيحصل المؤتمر على المالية والخارجية وستوكل حقيبة الإعلام الى شخصية مستقلة. ويلاحظ ان الحكومة التي سيتم تشكيلها ستقوم شرعيتها على التوافق الوطني وكذلك الحال بالنسبة لمجلس النواب الذي انتهت شرعيته عمليا والذي سيستمر في اداء وظائفه على اساس التوافق وليس على اساس الأغلبية لأي طرف، ومن المتوقع ان يرتفع عدد مقاعد قوى التغيير في المجلس الى اكثر من النصف في حين ستنقص مقاعد المؤتمر الى اقل من النصف بقليل لكن عدد المقاعد في ظل حكومة ومجلس توافقي لن يكون ذا اهمية.
لكن توقيع صالح على المبادرة بصفته رئيسا للجمهورية ورئيسا للحزب الحاكم سيعني أنه لن يخرج من المشهد وانه سيعين بمفرده 50% من الوزراء وسيتمكن من الاعتراض على وزراء المعارضة بصفته شريكا لها وقد يدخل في مفاوضات مع المعارضة تستغرق سنوات تماما مثلما فعل في اعقاب عام انتخابات 2006.
ازالة عناصر التوتر
سيتم ازالة عناصر التوتر وتطبيع الحياة العامة كما يفهم من نصوص المبادرة ومن خلال قراءة الواقع من خلال ثلاث خطوات:
1. خروج صالح من المشهد السياسي باعتباره العنصر الأول من عناصر التوتر في الحياة السياسية ورحيله عن السلطة هو مطلب الثورة الشعبية الذي لا يمكن الالتفاف عليه باي شكل كان.
2. سيقدم قادة المناطق والوحدات العسكرية والأمنية والمصالح والمؤسسات العامة استقالاتهم عقب تشكيل الحكومة مباشرة وستقوم الحكومة (رئيس مجلس الوزراء مضافا اليه الوزراء) بناء على مقترح من وزير الدفاع بالنسبة للجيش ووزير الداخلية بالنسبة للأمن ووفق معايير وطنية ومهنية بتعيين قيادات جديدة للجيش والأمن. وسيحتفظ الرئيس المخلوع بالحرس الخاص قيادة وافراد حتى نهاية الشهر. وسيشكل هذا الجانب الشق الثاني من بنود ازالة عناصر التوتر. لكن تنفيذ هذا البند الهام لإزالة التوتر سيكون مستحيلا في ظل تمسك صالح بالسلطة بصفته رئيس للحزب الحاكم.
3. سيقوم الشباب بعد ذلك برفع الاعتصامات من كافة الساحات وهو العنصر الثالث في بند ازالة التوتر وفقا لما يفهم من نصوص الاتفاق. والملاحظ ان صالح ينظر الى المبادرة الخليجية التي تحظى بإجماع دولي غير مسبوق شمل حتى الصين وروسيا على انها مجرد حيلة لإنقاذ نظامه الذي مات بالسكتة القلبية ولم يعد بإمكان اي قوة في الأرض انقاذه.
الحصانات والضمانات
على افتراض خروج صالح من المشهد السياسي وبعد تنفيذ الخطوات الواردة بعاليه ستقترح الحكومة بالتوافق مشروع قانون بالحصانات والضمانات للرئيس وبعض اركان حكمه ممن يعتزلون العمل السياسي وسيتم اقرار القانون في اليوم التاسع والعشرين من الاتفاق. وسيكون نطاق الضمانات محدود جدا وفي اطار الضوابط الدستورية والقانونية. لكن بقاء صالح في الحياة السياسية، بل وفي اليمن، سيجعل من الصعب بل والمستحيل الحديث عن ضمانات او حصانات. ومشكلة صالح أنه لا يدرك ان تمسكه بالشرعية الدستورية لن يقوده سوى الى حبل المشنقة في جرائم عظمى ارتكبها في حق الدستور وابناء الشعب اليمني ولن يستطع احد اعفائه منها ولن تكون اي نصوص قانونية قابلة للتطبيق حتى لو تم تمريرها.
استقالة صالح
تنص المبادرة على ان يقدم صالح استقالته في اليوم الثلاثين من تاريخ توقيع الاتفاق وان يصبح نائب الرئيس رئيسا مؤقتا للجمهورية ويلاحظ ان النص يفرض النائب الحالي وليس اي نائب آخر كرئيس مؤقت للجمهورية ذلك لان الرئيس لم يعد يملك من وجهة نظر المجتمع الدولي اي شرعية يمكن له بموجبها تعيين نائب رئيس جديد.
المسائل الأخرى
من خلال التمحيص في الإلية التنفيذية الممكنة يلاحظ ان المشكلة الكبرى تتمثل في الخطوات من الأولى وحتى الخامسة وتحديدا في شخص علي عبد الله صالح الذي يبدو من خلال تصريحاته وتصريحات معاونيه انه يتشبث بالسلطة باستماته وان التعامل معه من خلال الوساطات والمبادرات لن يجدي. فهو مثلا لا يدرك ان وضع الجيش والأمن بأيدي اسرته هو اهم عامل من عوامل التوتر على الساحة السياسية وان رفع الاعتصامات لن يكون سوى خطوة تالية واذا كان بالفعل يهتم باليمن فانه سيمضي في تطبيق البند وخصوصا وانه يحقق مطالبه في ازالة ما يسميه بالتمرد في الجيش. لكن الواضح ان صالح المتمرد على ارادة شعبه والغارق في وهم الزعامة الفذة يريد نزع سلاح خصومه الكثيرون لينقض عليهم بعد ذلك وربما ليعدمهم بيده كما فعل من قبل مع بعض خصومه.
وبالنسبة للمسائل الأخرى الواردة في المبادرة الخليجية فلا أهمية لها في الوقت الحالي ولا يوجد اختلاف أو اتفاق حولها. فمطلب الثوار في الساحات العامة في اللحظة الراهنة هو "رأس صالح" الذي عاث في البلاد فسادا وخان الأمة والتراب الوطني وفرط بدماء اليمنيين وكرامتهم
اسدال الستار على المبادرة
يمكن القول ان صالح قد أسدل الستار على المبادرة الخليجية او لا من خلال افتعال أزمة في العلاقات مع قطر بهدف ضرب الوحدة الخليجية المساندة للشعب اليمني في مطالبه العادلة وثانيا من خلال رفضه التوقيع على المبادرة وثالثا من خلال رفضه استقبال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بعد ان كان قد وافق على استقباله والتوقيع على المبادرة الخليجية. لقد اتاحت المبادرة لصالح فرصا عديدة للمراوغة ومحاولة استعادة الأنفاس. ومن الغريب ان صالح كان هو من وضع مسودة المبادرة ليعود بعد ذلك وينقلب على نفسه كما انقلب من قبل على شركائه واخوانه واقاربه. والواضح ان تصرفات صالح ومناوراته لم تحقق اهدافها فقد قوبل هجومه على دولة قطر واتهاماته لها برفض واستهجان كبير تم التعبير عنه في بيان صدر عن اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة الرياض في الأول من مايو.
كما انه من الواضح ان الاتصالات التي قام بها صالح ورئيس مجلس نوابه مع ملوك ورؤساء الدول الخليجية لم تحقق الأهداف التي كان يرمي اليها وأهمها الحصول على الدعم السياسي لنظامه من قبل دول الخليج وهو ما ادى به الى طلب تأجيل رحلة كان يفترض ان يقوم بها امين عام التعاون الخليجي الى صنعاء في الثاني من مايو لإستكمال جهوده في اقناع صالح بالتوقيع على المبادرة كما وردت ودون ادخال اي تعديل عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق