هناك بين قادة الحراك الجنوبي في الداخل وفي الخارج من يعتقد ان الظروف ملائمة اليوم، وستكون اكثر ملائمة غدا، لحمل السلاح واعلان الإستقلال من طرف واحد. ولا يعرف كاتب هذا المقال حجم الفئة التي تحمل هذا الراي ولا مدى القبول الذي تلقاه اليوم، أو ستلقاه غدا في الشارع الجنوبي اليمني، لكن الشيىء الأكيد ان طريق فرض الإنفصال بالقوة لن يكتب له النجاح وسيكون مكلفا جدا للجميع في الوقت الذي لا يحتاج فيه الجنوبيون الذين قادوا منذ عام 2007 اول واعظم حراك سلمي في العالم العربي ضد الفساد والإستبداد الى العنف لتحقيق اهدافهم ايا كانت تلك الأهداف، وما يحتاجونه هو التقارب فيما بينهم وتوحيد مطالبهم.
ومع اني اتفق مع الكثير من الجنوبيين في ان المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية لم تعطي القضية الجنوبية حقها الإ انني لا اعتقد ابدا ان القضية الجنوبية كانت او ستكون غائبة عن اي ترتيبات او اتفاقات بما في ذلك تشكيل الحكومة القادمة. فقد كانت القضية الجنوبية هي احد العوامل التي شكلت توجهات اليمنيين الشماليين منهم والجنوبيين نحو نظام صالح واوصلتهم في فبراير الماضي الى الثورة عليه.
وفي تصوري فان القضية الجنوبية هي اول واهم تحدي سيواجه الإدارة الجديدة للجمهورية اليمنية على الصعيد السياسي. ولعله لم يكن من المصادفة ان تضم الإدارة الجديدة للبلاد الأستاذ عبد ربه منصور هادي على راس الدولة والأستاذ محمد سالم باسندوة كرئيس للحكومة وكلاهما ينتمي الى الجنوب وان كان الأخير قد قضى الكثير من سنوات عمره في الشمال.
وصحيح ان الجنوبيين لم يختاروا هذين الشخصين الإ ان الصحيح ايضا ان الشماليين لم يختاروهما ايضا. وهذا يعني ان الإثنين سيمتلكان مساحة واسعة للحركة والقيام بما ينبغي القيام به بما يكفل تجنيب اليمن واليمنيين الدخول في دورة جديدة من دورات العنف سواء بين الشماليين والجنوبيين او بين الجنوبيين انفسهم.
وتبدأ معالجة القضية الجنوبية اولا وقبل كشيىء، ومن وجهة نظر كاتب هذه السطور، وخلال الأشهر الثلاثة القادمة باعادة الإعتبار للجنوب كشريك في السلطة والثروة وعلى نفس الروح التي قامت عليها دولة الوحدة في عام 1990. اما بعد انقضاء الأشهر الثلاثة فسيتم الدخول في حوار وطني بين اليمنيين كما تقضي بذلك احكام المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وسيتمكن الجنوبيون من خلال ذلك الحوار من وضع تصوراتهم لما ينبغي ان يكون عليه مستقبل الجمهورية اليمنية، وفي كل الأحوال فان جميع اليمنيين سيدعمون خيارات اخوانهم الجنوبيين مهما كانت تلك الخيارات طالما: 1. عبرت عن الأرادة الجنوبية وليس عن اراء هذا الفريق او ذاك وهذه الإرادة يمكن قياسها عن طريق الإستفتاء؛ 2. قامت على قاعدة لا ضرر ولا ضرار وهذه ان تم الإختلاف عليها يمكن ان يعالجها وسطاء ومحكمون؛ 3. راعت اسس الإستقرار الإقليمي والدولي وهذه يمكن ان يعبر عنها الفاعلون الإقليميون والدوليون بانفسهم.
لقد خلق النظام الأسري الإناني المتخلف الذي قاده علي عبد الله صالح الكثير من الجروح الغائرة في نفوس اليمنيين وستكون المرحلة القادمة آخر فرصة امام اليمنيين للحفاظ على الوحدة، ولن يتم الحفاظ على الوحدة من وجهة نظر كاتب هذه السطور الإ بتحقيق رضا اليمنيين الجنوبيين عنها لإن ذلك هو التبرير الوحيد الذي يمكن قبوله لبقائها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق