د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء
يسود العالمين العربي والإسلامي عشية إلقاء الرئيس باراك اوباما لخطابه الموجه الى العالم الإسلامي تفا ولا كبيرا لا يخلو من حذر. فهناك إعجاب بالرئيس الجديد وبالتوجهات الصادقة التي أعلنها واتبعها بالعديد من الخطوات الإيجابية. فقد قدم اوباما نفسه للعالم كنقيض لسلفه وخصوصا في إعلانه توجهات مثل التخلي عن دبلوماسية راعي البقر الذي يقسم العالم إلى أصدقاء وأعداء، إحلال الجهد الجماعي المتعدد الأطراف محل العمل الأحادي، بناء العلاقات مع الدول الأخرى على أساس الشراكة، تحديد جدول زمني لسحب القوات الأمريكية من العراق، إغلاق معتقل جوانتنامو سيء الذكر، إلغاء أساليب التعذيب التي يتم إتباعها في التحقيق مع المعتقلين المتهمين بالإرهاب، وانتهاج أسلوب الحوار في التعاطي مع إيران. كل تلك الخطوات والتوجهات تبعث الآمال في قطاعات واسعة في العالم بان هناك تغيير ايجابي في السياسة الأمريكية يمكن ان يخلق مناخا للشراكة بين الأمم.
وهناك في المقابل حالة من الحذر عند الناس. فالنوايا الحسنة والتوجهات الصادقة التي يعبر عنها اوباما قد لا تكون كافية بحد ذاتها لتحقيق التقدم المنشود على جبهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي بات يمثل أهم محدد لعلاقات العرب والمسلمين بالولايات المتحدة وأهم مغذ لحركات الإرهاب والتطرف في المنطقة ولحالة العداء المفتعلة بين الغرب والعالم الإسلامي. ورغم ان السلام الشامل والعادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يخدم مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل والعالمين العربي والإسلامي الإ ان التشدد الذي تبديه بعض الأطراف وخصوصا في إسرائيل والولايات المتحدة قد يفوت الفرصة التاريخية الماثلة لقيام حل شامل ودائم. وغني عن القول ان فوات هذه الفرصة يجعل مستقبل هذه المنطقة من العالم ومستقبل العلاقات الأمريكية والغربية عموما مع العالم الإسلامي مفتوحة على كل الخيارات التي لا تخدم مصلحة أي طرف. ولا شك ان العرب والمسلمين يعطون أوباما فائدة الشك ويأملون ان يتمكن بمهاراته السياسية وكارزميته الاستثنائية من تجاوز كل العوائق وقيادة المنطقة والعالم إلى عصر جديد من التعايش بسلام.
وسيكون ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمثابة الاختبار الحقيقي لما يمكن لأوباما انجازه على صعيد الحرب على الإرهاب والعراق و ايران وبناء الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية وغيرها من الملفات المتصلة بهذا الجزء الهام من العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق